الرئيسية / تقاريـــر / هآرتس: السعودية أدركت ضعفها وتطلب من باكستان والعراق الوساطة مع إيران

هآرتس: السعودية أدركت ضعفها وتطلب من باكستان والعراق الوساطة مع إيران

الناصرة ـ “القدس العربي”: قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في تقرير نشرته السبت، أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اضطر لترجيح الخيار الدبلوماسي لوضع حد للصراع مع إيران مما يدل على الفشل الذي انتهت إليه السياسات التي اعتمدها منذ توليه منصبه.

وقالت الصحيفة، إنه لم يعد أمام السعودية إلا الخيار الدبلوماسي  لمواجهة التحديات التي تمثلها إيران، وأن بن سلمان أدرك أن ضعف بلاده وعدم مقدرتها على مواجهة طهران عسكريا يقلصان من هامش المناورة أمامها.

وأضافت “هآرتس” أن بن سلمان طلب وساطة عدد من الجهات، بهدف التوصل لتفاهمات تضع حدا للصراع القائم مع إيران. وكان بين هذه الجهات الباكستان والعراق، حيث أكد رئيس الوزراء عمران خان أنه أحد الذين طلبت الرياض مساعدتهم، كما أن مسؤولا في ديوان رئيس الوزراء العراقي “عادل عبد المهدي” أكد أن الزيارة الأخيرة له للرياض جاءت في إطار محاولة التوسط بين السعودية وإيران.

وكانت “هآرتس” ذكّرت في مقال نشرته الجمعة بإعلان بن سلمان للمرة الأولى في مقابلة شبكة “سي بي إس” أن المشاكل مع إيران ومسألة أمن الملاحة في الخليج لا يمكن أن تحل بوسائل عسكرية، وأنه يؤيد حلاً دبلوماسياً.

وقال تسفي برئيل كاتب المقال إن هذه الأقوال التي استقبلت بالترحاب في إيران وحظيت بالثناء، ليست وحياً سماوياً هبط على بن سلمان. إن مهاجمة منشآت النفط أثبت بصورة محرجة الضعف العسكري للسعودية ودرجة هشاشتها. بعد ثلاثة أسابيع من الهجوم ليس هنالك دليل حقيقي على الطريقة التي نفذ فيها الهجوم، ومن أين خرجت ومن الجهات المباشرة التي شغلت الطائرات بدون طيار وصواريخ الكروز. نظام الدفاع ضد الصواريخ الذي اشترته السعودية بمئات الملايين من الدولارات لم يؤد دوره، والقوى البشرية السعودية غير مؤهلة بما يكفي لمواجهة هجمات من هذا النوع، وسلاح الجو السعودي اضطر للاعتماد جزئياً على طيارين باكستانيين حتى في المهام الجارية مثل حرب اليمن. خلافاً للإدارة الأمريكية التي سارعت إلى إلقاء التهمة المباشرة على إيران، فإن السعودية اقترحت الانتظار إلى أن تتضح نتائج التحقيق، وفيما بعد اتهمت إيران بمسؤولية عامة، ولكن ليس بتنفيذ الهجوم فعلياً.

وأشار المقال إلى أنه لو كان لدى السعودية شكوك فيما يتعلق باستعداد الولايات المتحدة للعمل ضد إيران، وهذه تعززت عندما أوضح وزير الخارجية الأمريكي في لقائه بن سلمان أن القرار بالرد على إيران سيكون سعودياً وليس أمريكياً، وأن واشنطن ستكون مستعدة للمساعدة وليس للمحاربة بدلاً من الرياض. وقال رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، من جانبه، إن السعودية إذا احتاجت إلى مساعدة فسيكون مستعداً بالطبع أن يمد يده، ولكن المملكة ستضطر إلى الدفع مقابل تلك المساعدة.

وأضاف: تحول المسار الدبلوماسي الآن إلى الخيار الواقعي الوحيد الذي قد يرسم خارطة الشرق الأوسط، ويبدو أن السعودية تتوجه للبحث عن الوسطاء المحتملين وصياغة شروطها للمفاوضات مع إيران. بعد وقت قصير من الاجتماع السنوي للجمعية العمومية للأمم المتحدة، قال رئيس حكومة باكستان “عمران خان” إنه تلقى طلباً من بن سلمان والرئيس ترامب لمحاولة التوسط بين السعودية وإيران. بموازاة ذلك، أورد المتحدث باسم حكومة إيران علي ربيعي أن طهران تلقت رسائل من بن سلمان بواسطة دولة ثالثة دون ذكر اسمها. في حين أن رئيس حكومة باكستان يتحدث عن مهمة الوساطة التي ألقيت عليه، وقد نشر موقع “ميدل ايست آي” الثلاثاء من هذا الأسبوع مقابلة مع عباس حسناوي الموصوف بشخصية كبيرة في مكتب رئيس حكومة العراق. وفي المقابلة كشف حسناوي عن أن (بن سلمان أعطى ضوءاً أخضر لوساطة عراقية مع إيران) وأن رئيس حكومة العراق نقل بين الطرفين شروط كل طرف لإجراء المفاوضات. قال حسناوي إن المستشار العراقي للأمن القومي فالح الفياض، مكث في الأيام الأخيرة في واشنطن من أجل تنسيق مسار المفاوضات. وأضاف بأنه نقل للعراق رسالة تقول (إذا كانت هنالك إمكانية لصفقة تشمل السعودية وإيران واليمن والعراق، فإن الولايات المتحدة لن تعارضها). في اليوم التالي من نشر المقابلة، وعلى خلفية الردود الإيرانية الإيجابية، أعلن رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني في حوار مع قناة “الجزيرة” أن حواراً مباشراً بين إيران والسعودية من شأنه أن يحل مشاكل سياسية وعسكرية عديدة في المنطقة. صحيح أنه الحديث لا يدور عن موقف إيراني جديد، فقد حاولت السنة الماضية أن تفحص إمكانية المفاوضات مع الرياض عدة مرات -بواسطة عمان وباكستان وكذلك عبر مندوبين أوروبيين- ولكن أقوال لاريجاني تكتسب أهمية خاصة إزاء الخطاب الإعلامي الذي يدور بين الدولتين.

وقال برئيل إنه “يفضل ألا نحبس الأنفاس. وزير الخارجية السعودي عادل الجبير سارع إلى نفي ما نشر، وأعلن أن “دول شقيقة (يقصد العراق) حاولت التوصل إلى تهدئة وأبلغناها أن السعودية تسعى دائماً للأمن والاستقرار في المنطقة”. الجبير وضع ستة شروط لاستعداد السعودية للمفاوضات من بينها “وقف تدخل إيران في شؤون دول أخرى، ووقف دعم منظمات الإرهاب، والتخلي عن سياسة التدمير وزرع النزاعات، وتجميد خطة تطوير السلاح النووي وبرنامج الصواريخ البالستية”. ولكن الجبير امتنع عن القول إذا ما كانت هذه شروط مسبقة، وعلى إيران تطبيقها قبل الحديث عن مفاوضات أو أن هذه هي المبادئ التي ستستند إليها السعودية إذا ما تطورت مفاوضات بينهما. على كل الأحوال، يبدو أن السعودية تضع شروطاً ضبابية جداً توفر لها هامشاً واسعاً للتفسيرات والتفاهمات العامة. ليس فيها رفض مطلق للمفاوضات ولا تهديدات بهجوم عسكري. ووزير الخارجية، ثانية، كان حذراً من ألا يتهم مباشرةً إيران بمهاجمة منشآت النفط و”فقط” اتهم إيران بتسليح أتباعها بصواريخ تضرب مواطني اليمن وتمس أمن المملكة.

وجاء في مقال “هآرتس”: قد تكمن المفاوضات بين السعودية وإيران بالتحديد في ملف مليء بالإخفاقات السياسية والعسكرية مسجل باسم بن سلمان: المقاطعة والحصار على قطر التي بادرت بها السعودية، والمهزلة في لبنان حيث حاول التسبب بإقالة رئيس الجكومة سعد الحريري، ثم مقتل الصحافي جمال خاشقجي، الذي أدخل السعودية إلى مستنقع الدول المنبوذة في الغرب، والفشل العسكري في اليمن وتخلي اتحاد الإمارات عن الساحة اليمنية، والآن مهاجمة منشآت النفط… كل هذه تصنف بن سلمان كزعيم فاشل، غير قادر على الدفاع عن مصالح بلاده. حوله هنالك أمراء طردوا من مراكزهم. ومليارديرات سعوديون ابتز منهم أموالهم واضطروا إلى دفع المليارات لخزينة الدولة بعد أن اعتقلوا في 2017، ينتظرون اللحظة التي يستطيعون فيها الانتقام بعد إهانتهم.

وأشار المقال إلى موت أو مقتل الحارس الشخصي للملك سلمان “عبد العزيز الفغم”، هذا الأسبوع، وحظي الخبر برواية رسمية جنائية تقول إن صديقه هو الذي قتله على خلفية خلافات شخصية في الرأي، ولكن الرواية التي نشرها المغرد المجهول (مجتهد)، التي تقول إن الفغم قتل في القصر وليس في بيت صديقه، انتشرت بشكل أكبر. حسب أقوال المغرد الذي اعتاد نشر تقارير تثير الخلاف عما يحدث في البلاط الملكي، فإن بن سلمان رأى في الفغم شخصاً غير مخلص له وسعى إلى تعيين أحد مقربيه بدلاً منه. وهكذا… فقد احتل مكان الحارس الشخصي للملك الآن سعد القحطاني، ابن عم سعود القحطاني المستشار السابق لبن سلمان الذي برز اسمه كمتهم في تخطيط قتل الخاشقجي في العام الماضي.

وخلص المقال إلى: إن إدارة جبهتين ضد خصومه وفي الساحتين الإقليمية والدولية، إضافة إلى دعم أمريكي متردد، من شأنه أن يدفع بن سلمان إلى مسار دبلوماسي جديد أمام إيران كي يقلل التهديد على المملكة ويقلص عدد الملفات القابلة للتفجر المطلوب منه معالجتها. في الوقت الذي تدفع فيه الولايات المتحدة نحو مفاوضات مباشرة مع إيران سيضطر بن سلمان إلى أن يتواءم مع ذلك حتى يكون جزءاً من العملية وكي لا يبقي السعودية خارج دائرة التأثير.

 

.

 

.

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...