الرئيسية / من / قصص وعبر / قصص من مركز الأبحاث العقائدية 09

قصص من مركز الأبحاث العقائدية 09

( 9 ) إسماعيل الحسني الشامي
( زيدي / اليمن )
ولد عام 1975 م في ” صنعاء ” عاصمة جمهورية اليمن ( 1 ) ، من أسرة تعتنق المذهب الزيدي ( 2 ) ، ودرس في المدارس الدينية الزيدية حتى أصبح أستاذاً في المدرسة العلمية الزيدية الرئيسية بصنعاء والتي تقام جلسات دروسها في الجامع الكبير ، له مؤلفات مخطوطة في المذهب الزيدي ، إضافة إلى نظمه الشعر وتمتعه
بصوت حسن وظفه في قراءة التواشيح التي كانت تبث من التلفزيون اليمني .
تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) عام 1994 م في سوريا .
التعرّف على التشيع :
يقول الأخ إسماعيل : ” سافرت إلى سوريا والتقيت هناك – عن طريق الصدفة – ببعض علماء الشيعة الإمامية الحجازيين ، فانعقدت بيّننا صداقة حميمة ، وكان يجمعنا حبّ أهل البيت ( عليهم السلام ) والولاء لهم ، فكان معظم كلامنا يدور حول مكانة أهل البيت ( عليهم السلام ) وفضائلهم ، حتى بلغ الحديث بنا حول عصمتهم .
وكان لا بد لنا من أن نحددّ تعريف المصطلحات التي يدور البحث حولها ، ليسعنا بعد ذلك أن ننطلق في البحث من المشتركات الموجودة بيّننا ” .
تعريف العصمة :
قال الشيخ المفيد : ” العصمة من الله تعالى لحججه هي التوفيق واللطف ، والاعتصام من الحجج بها عن الذنوب والغلط في دين الله ، والعصمة تفضّل من الله تعالى على من علم أنّه يتمسك بعصمته ، والاعتصام فعل المعتصم ، وليست العصمة مانعة من القدرة على القبيح ، ولا مضطرة للمعصوم إلى الحسن ، ولا ملجئة له إليه . . . ” ( 1 ) .
وقال السيد المرتضى : ” العصمة هي اللطف الذي يفعله تعالى ، فيختار العبد عنده الامتناع من فعل القبيح ” ( 2 ) .
وقال الشيخ الطوسي : ” العصمة : المنع من الآفة ، والمعصوم في الدين
الممنوع باللطف من فعل القبيح ، لا على وجه الحيلولة ” ( 1 ) .
وقال إبن أبي الحديد المعتزلي : ” وقال الأكثرون من أهل النظر : بل المعصوم مختار متمكن من المعصية والطاعة . . . إلى أن قال : وقال أصحابنا – يعني المعتزلة – : العصمة لطف يمتنع المكلّف – عند فعله – من القبيح اختياراً ” ( 2 ) .
وذهب أحد علماء الزيدية المعاصرين إلى أنّ العصمة هي : ” اللطف الذي تترك لأجله المعصية بلا محالة ، ولهذا لا يوصف بها إلاّ الأنبياء أو من يجري مجراهم .
وقال أيضاً : وكل رسول يوحى إليه بشريعة جديدة أو مجدّدة لما قبلها من الشرائع ، لا بد أن يكون معصوماً بتوفيق الله ولطفه عن ارتكاب الكبائر والفواحش من المعاصي قبل البعثة وبعدها ، ومعصوماً كذلك من الصغائر التي تسيء إلى مقام النبوة وتثير الشُبَه حولها ، وهذا هو رأي الزيدية ومن وافقهم ” ( 3 ) .
أسباب العصمة :
إنّ المدارس الكلامية عموماً تؤكد أنّ العصمة لا تنافي الاختيار ، والشخص المعصوم يمتنع عن القبيح بكامل إرادته واختياره ، لكن يبقى معنى العصمة ملفوفاً بنوع من الغموض لم يوضحه المتكلمون السابقون ، فهم لم يذكروا أسباب ومنشأ هذا اللطف ، ولم يفصحوا عن معنى اللطف الإلهي الموجب للعصمة .
وقد حاول العلامة الطباطبائي في تفسيره ” الميزان ” أن يسلّط الأضواء على هذه المسألة قائلا : ” ونعني بالعصمة وجود أمر في الإنسان المعصوم يصونه
عن الوقوع فيما لا يجوز من الخطأ والمعصية ” ( 1 ) .
والظاهر أنّ قوله ” وجود أمر في الإنسان . . . ” هو تعبير آخر عن ( اللطف ) الذي كانت تعبّر به المدرسة الكلامية القديمة .
وقد أوضح كلامه هذا بقوله : ” الأمر الذي تتحقق به العصمة ، نوع من العلم يمنع صاحبه عن التلّبس بالمعصية والخطأ ، وبعبارة أخرى : علم مانع عن الضلال ” ( 2 ) .
وقال أيضاً : ” إنّ قوّة العصمة لا توجب بطلان الاختيار ، وسقوط التكاليف المبنية عليه ، فإنّها من سنخ الملكات العلمية ” ( 3 ) .
وهكذا نرى العلامة الطباطبائي ضمن تأكيده على عدم منافاة العصمة للاختيار يرى أنّ العلم سبباً للعصمة ، ذلك العلم الذي قال الله تعالى عنه : ( كَلاّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ) ( 4 ) ، فمثل هذا العلم يخلق من صاحبه إنساناً مثاليّاً ، لا يخالف قول ربّه قيد أنملة ولا يتعدى الحدود التي رسمها له في حياته قدر شعرة ، ولن تزول عنه المعصية فحسب ، بل لن يجد مجرد التفكير بالمعصية إليه سبيلاً .
أدلّة لزوم عصمة الإمام :
قالت الإمامية بوجوب عصمة الإمام من الذنب والخطأ ، لأنّ الإمامة منصب لا يليق إلاّ للمعصوم ، واستدلوا على ذلك بأدلّة عقلية ونقلية :
الأدلّة العقليّة :
قال الشيخ المفيد :
” فإن قيل : هل يشترط في الإمام أن يكون معصوماً أم لا ؟
فالجواب : يشترط العصمة في الإمام كما تشترط في النبيّ ( عليه السلام ) .
فإن قيل : ما الدليل على أنّ الإمام يجب أن يكون معصوماً ؟
فالجواب : الدليل على ذلك من وجوه :
الأوّل : أنّه لو جاز عليه الخطأ لافتقر إلى إمام آخر يسدّده ، وننقل الكلام إليه ويتسلسل ، أو يثبت المطلوب .
الثاني : إنّه لو فعل الخطيئة فأمّا أن يجب الإنكار عليه أو لا ، فإن وجب الإنكار عليه سقط محله من القلوب ولم يتّبع ، والغرض من نصبه إتّباعه ، وإن لم يجب الإنكار عليه سقط وجوب النهي عن المنكر وهو باطل .
الثالث : إنّه حافظ للشرع ، فلو لم يكن معصوماً لم يؤمن عليه الزيادة فيه والنقصان منه ” ( 1 ) .ويوضح السيد المرتضى بعض ما أجمله الشيخ المفيد قائلاً :
” فأمّا الذي يدلّ على وجوب العصمة له من طريق العقل ، فهو أنّا قد بيّنا وجوب حاجة الأمة إلى الإمام ، ووجدنا هذه الحاجة تثبت عند جواز الغلط عليهم – أي الأئمة – وانتفاء العصمة عنهم ، لما بيّناه من لزومها لكل من كان بهذه الصفة ، وينتفي جواز الغلط بدلالة أنّهم لو كانوا بأجمعهم معصومين لا يجوز الخطأ عليهم لما احتاجوا إلى إمام يكون لطفاً لهم في ارتفاع الخطأ ، وكذلك لمّا كان الأنبياء معصومين لم يحتاجوا إلى الرؤساء والأئمة ، فثبت أنّ جهة الحاجة هي
جواز الخطأ .
فإن كان الإمام مشاركاً لهم في جواز الخطأ عليه ، فيجب أن يكون مشاركاً لهم في الحاجة إلى إمام يكون ورائه ، لأنّ الاشتراك في العلّة يقتضي الاشتراك في المعلول ، والقول في الإمام الثاني كالقول في الأوّل ، وهذا يؤدي إلى اثبات ما لا يتناهى من الأئمة ، أو الوقوف إلى إمام معصوم ، وهو المطلوب ” ( 1 ) .
وفي الحقيقة أنّ مفهوم الإمامة الذي تتبناه الشيعة الإمامية ، هو القيام بوظائف الرسول من بعده ، وقد تعرفت على وظائفه الرسالية والفراغات الحاصلة بموته والتحاقه بالرفيق الأعلى .
ومن المعلوم أنّ سَدّ هذه الفراغات لا يتحقق إلاّ بأن يكون الإمام متمتعاً بما يتمتع به النبيّ من الكفاءات والمؤهلات ، فيكون عارفاً بالكتاب والسنة على وفق الواقع ، وعالماً بحكم الموضوعات المستجدة عرفاناً واقعياً ، وذابّاً عن الدين شبهات المشككين ، وهذه الوظيفة تستدعي كون الإمام مصوناً من الخطأ .
فما دلّ على أنّ النبيّ يجب أن يكون مصوناً في مقام إبلاغ الرسالة ، قائم في المقام نفسه ، فإنّ الإمام يقوم بنفس تلك الوظيفة ، وإن لم يكن رسولا ولا طرفاً للوحي ، ولكنه يكون عيبة لعلمه ، وحاملا لشرعه وأحكامه ، فإذا لم نجوّز الخطأ على النبيّ في مقام الابلاغ ، فليكن الأمر كذلك في مقام القيام بتلك الوظيفة بلا منصب الرسالة والنبوّة ( 2 ) .
الأدلّة النقلية :
أوّلاً : قوله تعالى : ( وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمات فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ
لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ ) ( 1 ) .
والاستدلال بهذه الآية الشريفة على عصمة الإمام يتوقف على تحديد مفهوم الإمامة ومفهوم الظالم الذي ليس له من الإمامة نصيب .
والمقصود بالإمامة الواردة في الآية غير النبوّة وغير الرسالة ، فالنبوّة هي منصب تحمّل الوحي ، والرسالة منصب إبلاغ الوحي إلى الناس .
أمّا الإمامة المعطاة للخليل ( عليه السلام ) في أواخر عمره ، فهي عبارة عن منصب القيادة الإلهية وتنفيذ الشريعة في المجتمع بقوّة وقدرة مع توفر الشروط والظروف .
وأمّا الظالم ، فهو كل من ارتكب ظلماً أو تجاوز حدّاً في يوم من أيام عمره ، أو عبد صنماً ، أو لاذ إلى وثن أو ارتكب أمراً محرماً ، فضلا عن الشرك والكفر ، وهؤلاء بأجمعهم مصداق لنداء رب العالمين : ( لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ ) من غير فرق أنّه تاب بعد ذلك أو بقي على ما كان عليه .
ولهذا ينبغي أن يكون الإمام طاهراً من الذنوب طيلة حياته ، وهذا هو ما يسمى بالعصمة .
ثانياً : قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي اْلأَمْرِ مِنْكُمْ ) ( 2 ) ، والآية الشريفة فيها دلالتان :
1 – إنّ طاعة أولي الأمر مطلقة وغير مخصصه بزمان أو مكان أو حالة أو غير ذلك .
2 – حرمة طاعة أولي الأمر إذا أمروا بالعصيان والكفر لقوله : ( وَلا يَرْضى
لِعِبادِهِ الْكُفْرَ ) ( 1 ) .
وعليه فمقتضى الجمع بين هذين الأمرين أنّ يتصف ولاة الأمر بصفة ذاتية وعناية إلهية تصدّهم عن الأمر بالمعصية ، وليس هذا إلاّ عبارة أخرى عن كونهم معصومين .
وهذه الآية والتي سبقتها تدلان على عصمة الإمام مطلقاً .
ثالثاً : قوله تعالى : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) ( 2 ) .
والمراد من الرجس هو القذارة المعنوية ، وهي كل عمل قبيح عرفاً أو شرعاً تنفر منه الطباع السليمة ، والتطهير هو التطهير من الرجس المعنوي الذي تعد المعاصي والذنوب من أظهر مصاديقه .
وتعلّق الإرادة التكوينية على إذهاب كل رجس وقذارة ، يجعل من تعلقت به هذه الإرادة إنساناً مثالياً معصوماً ، وقد تعلقت هذه الإرادة كما تشير الآية بالأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) ، فدل هذا على عصمتهم بالخصوص .
أمّا الأدلّة من السنّة :
أوّلا : حديث الثقلين : ” إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ” ( 3 ) .
ودلالته على عصمة ، هو اخبار رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأنّ عترته مع القرآن دائماً ، وكل من كان مع القرآن دائماً فمعناه أنّه مصيب دائماً ، وكل مصيب دائماً فهو
معصوم ، فأهل البيت ( عليهم السلام ) معصومون ، لأنّه لو جاز عليهم الخطأ ما كان يجب التمسك به ، ولمّا وجب التمسك بهم مطلقاً كالقرآن ، وجب أن يكونوا معصومين .
ثانياً : قال الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ” إنّما الطاعة لله عزّ وجلّ ولرسوله ولولاة الأمر ، وإنّما أمر بطاعة أولي الأمر لأنّهم معصومون مطهرون ، لا يأمرون بمعصيته ” ( 1 ) .
ثالثاً : قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ” الأنبياء وأوصياؤهم لا ذنوب لهم لأنّهم معصومون مطهرون ” ( 2 ) .
هذا إضافة إلى الكثير من الأحاديث الواردة عن أهل البيت ( عليهم السلام ) .
اشتراك الزيدية والإمامية في القول بعصمة الأئمة ( عليهم السلام ) :
ذهبت الإمامية إلى أنّ الأئمة إثنا عشر ، قد اصطفاهم الله من قبل ، فعلم منهم الوفاء بعهده فجعلهم في الأرض ذرية بعضها من بعض ليكونوا حججه على عباده ، وقد ورد النصّ في تحديد أسمائهم ، وهم معصومون كعصمة الأنبياء ، ولا يجوز منهم صغيرة إلاّ ما قدّمت ذكر جوازه على الأنبياء ، وأنّه لا يجوز منهم سهو في شي في الدين ولا ينسون شيئاً من الأحكام .
وقبلت الزيدية العصمة للأئمة في الجملة ، فقالت بعصمة الإمام عليّ وولديه الحسن والحسين ( عليهم السلام ) .
فقد قال الحسين بن محمّد بن أحمد الهادي : ” ولم تقع العصمة فيمن علمنا من ولد إبراهيم ( عليه السلام ) إلاّ في محمّد وعليّ والحسن والحسين ( عليهم السلام ) ” ( 3 ) .
تساؤل وجواب :قد يقال : انّ ما ثبت بآية التطهير وحديث الثقلين من العصمة إنّما هو للخمسة الذين ضمهم الكساء ، في حين أنّ مدعى الشيعة الإمامية عصمة الأئمة التسعة من أبناء الحسين ( عليهم السلام ) أيضاً ، فكيف يتسنى لنا اثبات عصمتهم من خلال هذين النصين والنصوص المتشابهة ؟
الجواب : إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مواقفه التي أعلن فيها عن أهل بيته ( عليهم السلام ) ، هل كان بصدد بيان حصر النصوص بهؤلاء الخمسة ، أم أنّه كان يبتغي مجرد تطبيق العصمة عليهم لكونهم أنذاك المصداق الوحيد للمعصومين ؟
والصحيح هو التطبيق ، وذلك لأننا رأينا الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد حدد أهل بيته وبيّن مقامهم من ليلة زفاف فاطمة لعليّ ( عليهما السلام ) ، حيث صرّح الرسول في تلك الليلة بطهارة أهل البيت ( عليهم السلام ) ( 1 ) ، وأعقب ذلك بوقوفه على بابهما طيلة أربعين يوماً ( 2 ) ، ولم يكن في البيت يومئذ سوى عليّ وفاطمة ( عليهما السلام ) ! فتبيّن أنّ المصداق الوحيد لأهل البيت أنذاك هو عليّ وفاطمة ( عليهما السلام ) فحسب .
وقد أعاد ( صلى الله عليه وآله ) اعلانه لمقامهم مرّة أخرى بعد ولادة الحسنين ( عليهما السلام ) ، كما ورد عن أم سلمة في جمعهم تحت الكساء ( 3 ) ، وبيّن علوّ شأنهم وطهارتهم من الرجس .
فمن هنا يكتشف بوضوح أنّ القضية كانت من باب التطبيق على الموجودين ، وتبيين مصاديق المعصومين فحسب لأحصرها بهم ، بمعنى أنّه لو
قدّر وجود آخرين من المعصومين يومذاك لأدخلهم الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تحت الكساء ، ولقال فيهم : ” اللّهم هؤلاء أهل بيتي ” .
ثم إنّنا لا نحتاج في معرفة المعصومين إلى أكثر من معصوم واحد يكون المرجع في تعيين غيره ، لأنّ العصمة تمنع صاحبها من الخطأ في التطبيق .
ويكفينا من هذه النصوص عصمة هؤلاء الخمسة الذين ضمهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهم المرجع لنا لتعيين المعصومين من بعدهم وهذا ما حدث بالفعل .
إثبات عصمة الأئمة من ذرّية الحسين :
قد وردت العشرات من النصوص المعلنة عن عصمة الأئمة من ذرّية الحسين ( عليه السلام ) بأسمائهم وصفاتهم على نحو لا يقبل الترديد والشك ، ومن هذه النصوص :
1 – أخرج البخاري – في الصحيح – عن جابر بن سمرة ، قال : سمعت النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : ” يكون اثنا عشر أميراً . فقال كلمة لم اسمعها ، فقال أبي : إنه قال : كلّهم من قريش ” ( 1 ) .
وفي رواية أحمد عن بن مسروق ، قال : ” كنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود وهو يقرؤنا القرآن ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، هل سألتم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كم يملك هذه الأمة من خليفة ؟ فقال عبد الله : ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ، ثم قال : نعم ، ولقد سألنا رسول الله ، فقال : اثني عشر كعدَّة نقباء بني إسرائيل ” ( 2 ) .
3 – وأخرج مسلم – في الصحيح – عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال : ” لا يزال الدين
قائماً حتى تقوم الساعة ، أو يكون عليكم إثنا عشر خليفة ، كلهم من قريش ” ( 1 ) .
4 – عن إبن عباس قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : ” أنا وعليّ والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهّرون معصومون ” ( 2 ) .
5 – عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول للحسين ( عليه السلام ) : ” أنت الإمام إبن الإمام وأخو الإمام ، تسعة من صلبك أئمة أبرار ، والتاسع قائمهم ” ( 3 ) .
6 – عن أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : ” دخلت على فاطمة ( عليها السلام ) وبين يديها لوح ( مكتوب ) فيه أسماء الأوصياء ، فعدّدت اثني عشر آخرهم القائم ، ثلاثة منهم محمّد ، وأربعة منهم عليّ ( عليهم السلام ) ” ( 4 ) .
والجدير بالذكر أنّ الكثرة العددية لهذه الروايات ليست هي الأساس الوحيد لقبولها ، بل هناك مزايا وقرائن تبرهن على صحتها ، فالبخاري الذي نقل هذا الحديث ” يكون اثنا عشر . . . ” كان معاصراً للإمام الجواد ( عليه السلام ) ، والإمامين الهادي والعسكري ( عليهما السلام ) ، وفي ذلك مغزاً كبير ! لأنّه يبرهن على أنّ هذا الحديث قد سجّل عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قبل أن يتحقق مضمونه ، وتكتمل فكرة الأئمة الإثنى عشر فعلا ، ويعني هذا أنّه لا يوجد أي مجال للشك في أن يكون نقل الحديث متأثراً بالواقع الإمامي الإثنى عشري وانعكاساً له ( 5 ) .
كما يستفاد من هذه الروايات :
1 – إنّ عدد الأمراء والخلفاء لا يتجاوز الإثنى عشر ، وكلّهم من قريش .
2 – إنّ هؤلاء الأمراء معيّنون بالنصّ ، كما هو مقتضى تشبيههم بنقباء بني إسرائيل ، لقوله تعالى : ( وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً ) ( 1 ) .
فان سؤال الصحابة للنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إنّما هو عن خلفائه لا بتأمير الناس أو بالتغلّب ، إذ لا يهم الصحابة السؤال عن ذلك ، لأنّ تأمير الناس وتغلّب السلاطين لا يبتني – عادة – على الدين ، حتى يهم الصحابة السؤال عنه ، فظهر أنّ السؤال إنّما هو عن الخلفاء بالنصّ ، وعنهم أجاب النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( 2 ) .
3 – إنّ هذه الروايات افترضت لهم البقاء ما بقي الدين الإسلامي ، أو حتى تقوم الساعة ، كما هو مقتضى رواية مسلم ، وأصرح منها الرواية الأخرى في مسلم أيضاً : ” لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان ” ( 3 ) .
وإذا صحّت هذه الاستفادة فهي لا تتلائم إلاّ مع قول الإمامية في عدد الأئمة ، وبقائهم ، وكونهم من المنصوص عليهم من قبله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( 4 ) .
الاندفاع نحو الاستبصار :
يقول الأخ إسماعيل : ” إنّ ممّا جذبني إلى مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، قوّة منهجيته في أموره العقائدية والفقهية ، فدفعني ذلك إلى إعلان انتمائي إليه عام 1994 م في سوريا ، وقرّرت بعدها دراسة العلوم الدينية في إحدى الحوزات العلمية الشيعية لأكون على علم وبصيرة من ديني ” .

شاهد أيضاً

أوائل المقالات في المذاهب والمختارات – للشيخ المفيد

أوائل المقالات في المذاهب والمختارات / الصفحات: ٢٢١ – ٢٤٠ وصرح ابن حزيمة في الناسخ ...