الدرس الثاني:
تغسيل الميت
أهداف الدرس:
على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يذكر الشروط الشرعية التي ينبغي توفرها في المغسِّل.
2- يبيّن أهم شرائط غسل الميت.
3- يبيّن بعض أحكام الغسل الأساسية والإبتلائية.
شرائط المغسّل
يشترط في المغسّل ثلاثة أمور، وهي:
الشرط الأوّل: المماثلة بين المغسّل والميّت في الذكورة والأنوثة، فلا يغسل الرجل المرأة ولا العكس، حتّى ولو كان من وراء الستر ومن دون لمس ونظر[1]. ويستثنى من ذلك ثلاث حالات:
1- الطفل الذي لا يزيد عمره عن ثلاث سنين قمريّة، فيجوز لكلّ من الرجل والمرأة تغسيله ولو مع التجرّد.
2- الزوج والزوجة، فيجوز لكلّ منهما تغسيل الآخر ولو مع وجود المماثل، ولو مع التجرّد، ويجوز لكلّ منهما النظر إلى عورة الآخر على كراهة.
- المطلّقة الرجعيّة بحكم الزوجة إذا حصل الموت قبل انقضاء عدّة الطلاق.
4- يجوز أن يغسَّل الرجل محارمه من النساء وبالعكس، مع فقد المماثل، ويجب ستر العورة. وأمّا مع وجود المماثل فالأحوط وجوباً ترك ذلك.
الشرط الثاني: الإيمان في حال الاختيار، فإن لم يتوفّر المؤمن الاثنا عشريّ يجزي تغسيل غيره من المحكومين بالإسلام. وإن لم يتوفّر المسلم بل انحصر المماثل بالكتابيّ أو الكتابيّة، أمر المسلم الكتابيّة، وأمرت المسلمة الكتابيّ أن يغتسل أوّلاً[2]، ثمّ يغسّل الميّت، والأحوط وجوباً – مع الإمكان – أن لا يمسّ الكتابيّ الماء وبدن الميّت المسلم بدون ساتر، وأن يغسله مع الإمكان في الكرّ والجاري.
الشرط الثالث: الأحوط وجوباً أن يكون المغسّل بالغاً.
كيفيّة غسل الميّت
1- يجب تغسيل الميّت ثلاثة أغسال: الأوّل: بماء السدر. الثاني: بماء الكافور. الثالث: بالماء الخالص[3].
2- كيفية كلّ غسل من الأغسال الثلاثة كغسل الجنابة.
شرائط غسل الميّت
يشترط في غسل الميّت أمور، منها:
الأوّل: يجب إزالة النجاسة عن بدن الميّت، ويكفي غسل كلّ عضو قبل تغسيله[4].
الثاني: الترتيب، بأن يبدأ بماء السدر، ثمّ بماء الكافور، ثمّ بالماء الخالص، ولو خالف الترتيب أعاد بما يحصل معه الترتيب.
الثالث: أن يكون كلّ من السدر والكافور بمقدار يصدق أنّه مخلوط بهما، مع بقاء الماء على إطلاقه.
الرابع: أن يكون كلّ غسل من الثلاثة ترتيبيّاً، ولا يكفي الارتماسيّ على الأحوط. فيبدأ بغسل الرأس والرقبة، ثمّ الطرف الأيمن، ثمّ الأيسر.
1- تعذّر الخليطين:
لو تعذّر أحد الخليطين أو كلاهما وجب تغسيله بالماء الخالص بدلاً عمّا تعذّر، مع نيّة البدلية.
2- تعذّر الماء:
لو فُقد الماء للغسل يُيمّم ثلاثة تيمّمات بدلاً عن الأغسال على الترتيب، ويكون التيمّم بيدي الميّت، والأحوط استحباباً ضمّ ثلاثة تيمّمات بيديّ الحيّ. وإن لم يمكن التيمّم بيديّ الميّت ييمّم بيديّ الحيّ.
الجسد المتضرّر
لو كان جسد الميّت محروقاً أو مجروحاً أو مجدوراً، بحيث يخاف من تناثر جلده لو غسّل ييمّم ثلاث مرّات بالترتيب، وإن لم يحصل الخوف من تناثر جلده وجب غسله[5].
تعذّر بعض الماء:
1- لو لم يكن عنده من الماء إلاّ بمقدار غسل واحد، فمع وجود السدر يغسله بماء السدر، ثمّ ييمّمه مرّتين: واحد بدلاً عن ماء الكافور، والآخر بدلاً عن الماء الخالص. وإن لم يوجد السدر يغسّله بالماء الخالص بدلاً عن ماء السدر، ثمّ ييمّمه تيمّمين، بدون فرق بين ما إذا وجد الكافور أم لا.
2- لو كان ما عنده من الماء يكفي لغسلين، فإن كان عنده السدر والكافور صرف الماء فيهما، وييمّم للثالث، ولو فقد أحد الخليطين يغسّل بالماء الخالص بدلاً عن المفقود ويُيمَّم بدلاً عن الماء الخالص، ويستعمل الخليط إن وجد، وإلاّ لو فُقِد كلا الخليطين فيغسّله بالماء الخالص بدلاً عن المفقود، وييمّمه بدلاً عن الماء الخالص.
تغسيل المُحرِم
لو كان الميّت محرماً لحجّ أو عمرة ففيها صورتان:
الأولى: إن كان موته قبل التقصير في العمرة، أو قبل السعي في الحج فيغسل ثلاثة أغسال، لكن لا يخلط الماء بالكافور في الغسل الثاني, لأنّ الكافور طيب، وهو محرّم على المحرم.
الثانية: إن كان موته بعد التقصير في العمرة، أو بعد السعي في الحجّ يغسّل مع الكافور. وحكم الحنوط بالكافور نفس حكم الغسل بالكافور.
المجنب إذا مات
لو كان على الميّت غسل جنابة أو حيض أو نحوهما أجزأ عنها غسل الميّت.
المدفون بلا غسل
لو دفن بلا غسل ولو نسياناً وجب نبشه لتغسيله إن لم يكن فيه محذور من هتك حرمة الميّت لأجل فساد جثّته، أو الحرج على الأحياء بواسطة رائحته أو تجهيزه.
عدم جواز أخذ الأجرة على التغسيل
غسل الميّت من العبادات، وهو يحتاج إلى نيّة، ولا يجوز أخذ الأجرة عليه.
تنجّس بدن الميّت
لو تنجّس بدن الميّت بعد الغسل أو في أثنائه لا يجب إعادة غسله حتّى فيما لو خرج منه بول أو غائط، ويكفي تطهير موضع النجاسة.
والأحوط وجوباً إزالة الخبث ولو كان بعد وضعه في القبر، إلاّ مع التعذّر، أو مع استلزامه هتك حرمته بسبب الإخراج.
للمطالعة
البكاء على الميّت
يجوز البكاء على الميّت، بل قد يستحبّ عند اشتداد الحزن، ولكن لا يقول ما يسخط الربّ. وكذا يجوز النوح عليه بالنظم والنثر إذا لم يشتمل على الباطل من الكذب وغيره من المحرّمات. والأحوط وجوباً أن لا يشتمل على الويل والثبور.
ولا يجوز اللطم والخدش، وجزّ الشعر ونتفه، والصراخ الخارج عن حدّ الاعتدال على الأحوط وجوباً. ولا يجوز شقّ الثوب على غير الأب والأخ، بل في بعض الأمور المذكورة تجب الكفّارة، وذلك:
– في جزّ المرأة شعرها في المصيبة كفّارة شهر رمضان المبارك (كبيرة مخيّرة).
– في نتفه كفّارة اليمين، وفي خدشها لوجهها إذا أدْمت كفّارة اليمين. والأحوط وجوباً ذلك إذا لم تسبّب الإدماء.
– في شقّ الرجل ثوبه في موت زوجته أو ولده كفّارة يمين (وهي: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، وإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام).
من آداب تشييع الجنازة
الأوّل: أن يقول حامل الجنازة حين حملها: “باسم الله وبالله، وصلّى الله على محمّدٍ وآل محمّدٍ، اللهمّ اغفرْ للمؤمنين والمؤمنات”.
الثاني: أن تُحمل الجنازة على الأكتاف، لا على الدابّة ونحوها، إلاّ لعذر.
الثالث: أن يكون المشيّع خاشعاً، متفكّراً، متصوّراً أنّه هو المحمول، وقد سأل الرجوع إلى الدنيا فأجيب.
الرابع: المشي، ويكره الركوب إلاّ لعذر، نعم لا يكره الركوب في الرجوع.
الخامس: المشي خلف الجنازة أو جانبيها، والأوّل أفضل.
السادس: التربيع، بمعنى أن يحمل الشخص الواحد جوانبها الأربعة، والأفضل أن يبتدئ بمقدّم السرير من طرف يمين الميّت فيضعه على عاتقه الأيمن، ثمّ يحمل مؤخّره الأيمن على عاتقه الأيمن، ثمّ مؤخّره الأيسر على عاتقه الأيسر، ثمّ ينتقل إلى المقدّم الأيسر ويضعه على عاتقه الأيسر.
السابع: أن يكون صاحب المصيبة حافياً واضعاً رداءه، أو مغيّراً زيّه على وجه آخر مناسب للمعزّى حتّى يُعرف.
الثامن: ترك النساء تشييع الجنازة حتّى لجنازة النساء، ولا يبعد الكراهة للشابّة[6].
ويكره أمور، منها:
1- الضحك واللعب واللهو.
2- وضع الرداء لغير صاحب المصيبة، والإسراع في المشي على وجه ينافي الرفق بالميّت، ولا سيّما إذا كان بالعدْوِ، بل ينبغي الوسط في المشي.
3- إتباع الجنازة بالنار، إلاّ المصباح بل مطلق الضياء في الليل.
4- القيام عند مرورها إذا كان جالساً، إلاّ إذا كان الميّت كافراً فيقوم.
[1] الإمام الخامنئي: لو غَسَّل الميتَ غيرُ المماثل مع وجود المماثل لم يصحّ الغسل.
[2] لأنّ المفروض عدم وجود مسلم مماثل، فيأمر المسلم الموجود الكافرة المماثلة للمسلمة الميتة، والعكس.
[3] الإمام الخامنئي: ما يوجد في الأسواق من زيت مستخرج من نبات السدر خاصّة لا يكفي بدل نفس السدر.
[4] الإمام الخامنئي: يجب مع الإمكان تطهير بدن الميت قبل الغسل، وإذا أمكن الانتظار من أجل توقف النزف أو المنع منه وجب ذلك، وإلا فييمّمه.
[5] الإمام الخامنئي: يجب في الأغسال الثلاثة أن يصل الماء إلى تمام بدن الميت، وإن لم يمكن إزالة الحاجب فلا بأس بغسله مع وجود الحاجب، ولكن يضمّ إليه التيمّم بدلاً عن الأغسال المذكورة.
[6] الإمام الخامنئي: لا بأس في اشتراك النساء في تشييع الجنائز وحملها.