الرئيسية / الاسلام والحياة / الحياة الآخرة – المحور الثاني: أحكام الميت – 19

الحياة الآخرة – المحور الثاني: أحكام الميت – 19

 

الدرس السادس:

أحكام الشهيد وغسل مسّ الميّت

 

 

أهداف الدرس:

على الطالب مع نهاية هذا الدرس أن:

1- يبيّن وجوب غسل مسّ الميّت وأحكامه الشرعية.

2- يتعرّف على أهم أحكم الشهيد الإبتلائية.

3- يبيّن المصاديق الشرعية للشهيد في الإسلام.

 

وجوب غسل المسّ

1- يجب الغسل بمسّ ميّت الإنسان بعد برد تمام جسده، وقبل تمام غسله. فلو مسّ الميت قبل برده (قبل انخفاض حرارة جسده) لا يجب الغسل بمسّه، ولو مسّ بعد تمام تغسيله لا يجب الغسل بمسّه أيضاً.

 

2- لا فرق في الميّت بين المسلم والكافر، والكبير والصغير، حتّى السقط إذا تمّ له أربعة أشهر[1].

 

3- لا فرق في المسّ بين ما تحلّه الحياة وغيره، ماسّاً وممسوساً، فيجب الغسل بمسّ ظفر الميّت بظفر الحيّ -مثلاً-، ويستثنى من ذلك الشعر، فلا يجب الغسل بمسّ الشعر من بدن الميّت بأيّ جزء من بدن الحيّ، كما لا يجب الغسل بمسّ بدن الميت بشعر الحيّ.

 

4- لا يجب الغسل بمسّ الميّت بعد غسله ولو كان غسلاً اضطراريّاً، كما إذا كانت الأغسال الثلاثة بالماء الخالص لفقد السدر[2] والكافور[3]، بل وإن غسله الكافر عند فقد المسلم المماثل.

 

5- لا يجب الغسل بمسّ الميّت لو يُمّم عند تعذّر التغسيل.

 

6- تكرار المسّ لا يوجب تكرار الغسل، حتّى ولو كان الممسوس متعدّداً.

 

أحكام غسل مسّ الميّت

1- مسّ القطعة المنفصلة من الحيّ والميّت

القطعة المبانة[4] من الحيّ إذا مُسّت ففيها ثلاث صور:

الأولى: إذا كانت مشتملة على اللحم والعظم يجب الغسل بمسّها[5].

الثانية: إذا كانت عظماً مجرداً عن اللحم، لا يجب الغسل بمسّها، وإن كان الأحوط استحباباً الغسل بمسّها.

الثالثة: إذا كانت لحماً مجرّداً عن العظم لا يجب الغسل بمسّها[6].

 

أما حكم مسّ القطعة المنفصلة من الميّت، يجب الغسل بمسّ القطعة المنفصلة من الميّت[7]، إلاّ الشعر[8].

 

2- أحكام الشكّ في وجوب الاغتسال

– لو مسّ ميّتاً، وشكّ أنّه قبل برده أو بعده، لا يجب الغسل.

– لو مسّ ميّتاً بعد برده، وشكّ في أنّه كان قبل الغسل أو بعده، يجب الغسل[9].

 

3- من لا يجب الغسل بمسّه

– الشهيد، فهو كالمغسّل فلا يوجب مسّه الغسل[10].

– من وجب قتله قصاصاً أو حداً، فأُمر بتقديم غسله ليقتل.

 

4- موت قطعة متّصلة بالحيّ

– إذا خرجت الروح من عضو من أعضاء الحيّ، فإن بقي متّصلاً ببدن الحيّ لا

 

يجب الغسل بمسّه. وإن انفصل فقد مرّ حكمه[11].

 

5- نقض المسّ للوضوء

مسّ الميّت ينقض الوضوء، فيجب الوضوء مع غسل المسّ لكلّ مشروط بالوضوء.

 

6- غايات غسل المسّ

– يجب غسل المسّ لكلّ ما يكون جوازه مشروطاً بالطهارة من الحدث الأصغر كمس كتابة القرآن الكريم ونحوه.

– هو شرط فيما يشترط في صحّته الطهارة، كالصلاة، والطواف الواجب[12].

 

7- أشياء مباحة للماسّ

يجوز لمن عليه غسل المسّ دخول المساجد والمشاهد المشرّفة، والمكث فيها، وقراءة العزائم، ويجوز وطء الزوجة إن كانت ماسّة، فحال مسّ الميّت حال الحدث الأصغر إلاّ في إيجاب الغسل للصلاة ونحوها.

 

أحكام الشهيد

إن فضل الشهداء وثوابهم وأجرهم ومثواهم في الجنة بل وفي الدنيا أيضاً كبير جداً، بحيث إنّ الله تعالى قد اعتبرهم أحياء يرزقون وأنهم أمراء أهل الجنة وسادتهم، وقد تواترت الأخبار في هذا المعنى إلى حد كبير وهذا مما لاشك فيه.

 

ومن هنا اختص الشهيد مضافاً إلى الأجر والثواب والدرجة في الآخرة ببعض الأحكام الشرعية ميزته عن غيره من الناس الذين يقتلون أو يموتون.

 

ومن هذه الأحكام ما ورد في كيفية تجهيزه من جهة الغسل والكفن ومس بدنه.

 

وسوف نستعرض جملة من هذه الأحكام ضمن المسائل الآتية مضافاً إلى استعراض

 

بعض الموارد والحالات التي قد يحصل فيها الاشتباه والخطأ في تشخيص أن هذا المجاهد الذي قتل هل هو شهيد بالمصطلح الشرعي أم لا؟

 

وكذلك سوف نستعرض ونبيّن ما هو المراد من أرض المعركة وساحة الحرب التي هي الأساس في تشخيص المقتول فيها أنه من الشهداء أم لا.

 

وهذه الموارد نستعرضها ضمن المسائل التالية:

1- الشهيد الذي يسقط في أرض المعركة لا يغسَّل ولا يكفَّن[13]. سواء دفن في أرض المعركة أو نقل بعد شهادته إلى بلد آخر ليدفن فيه.

 

2- الشهيد الذي يسقط في أرض المعركة لا يغسل ولا يكفن بل يجب دفنه بلباسه الذي قتل فيه بعد الصلاة عليه[14].

 

3- إذا شك في أن المجاهد قتل في أرض المعركة أثناء المواجهات أو أنه قتل بعد انتهائها فإن كان هناك قرائن وأمارات تدل على استشهاده أثناء المعركة فيسقط عنه الغسل والتكفين وإلا فلا[15].

 

4- مسّ بدن الشهيد الذي سقط في أرض المعركة لا يوجب غسل مسّ الميت[16].

 

5- إذا دخل أحد المجاهدين أرض العدو أثناء المعركة وهجوم العدو لاقتضاء الأمر لذلك واستشهد هناك فتترتب عليه أحكام الشهيد. إذ لا فرق في اتصاف المجاهد بالشهادة بين قتله في أرض العدو أو أي مكان آخر حين المعركة والحرب. وبالتالي يسقط عنه الغسل والتكفين[17].

 

6- إذا لم يكن للشهيد وصية في دفنه في مكان معيّن ولم يكن دفنه في أرض المعركة موجباً للهتك فلا مانع من دفنه في أرض المعركة التي استشهد فيها

 

ولكن يجب أن يكون ذلك بإجازة وليّه الشرعي[18].

 

7- يجب أداء المهر المؤجل لزوجة الشهيد من تركته المتبقية بعد شهادته[19].

 

تحديد الشهيد[20]

1- الشهيد الذي لا يغسل ولا يكفن هو الذي يقتل في معركة قتال العدو بإذن الإمام أو نائبه الخاص أو العام في زمان الغيبة لحفظ بيضة الإسلام.

 

والمراد من بيضة الإسلام أصل الإسلام بحيث يخاف على هدمه وقلبه بضدّه ولو في منطقة من المناطق الإسلامية[21].

 

2- أحد المجاهدين العاملين في تفكيك الألغام أرسل في مهمة لمنطقة خارج أرض المعركة لنزع الألغام منها، ولسبب ما انفجر أحد الألغام فيه وقتل فهذا الشخص تجري عليه أحكام الشهيد ويسقط عنه الغسل والتكفين[22].

 

3- الناس الذين يقتلون في المدن والقرى جراء قصف العدو لهم أجر الشهيد إن شاء الله تعالى ولكن لا يسقط عنهم الغسل والتكفين[23].

 

4- المجاهد الذي يجلس في البيت أو أحد المتاريس للاستراحة فأصيب المكان بقذيفة صاروخية من العدو أدّت إلى قتله، فإن كان هذا المجاهد في جبهة القتال (ساحة الحرب) فهو شهيد حتى وإن كان في حالة الاستراحة[24].

 

5- الشخص الذي يعمل على جهاز اللاسلكي أو بالتبليغ أو الإعلام الحربي إذا كان في المعركة واستشهد في أرض المعركة فحكمه حكم سائر الشهداء من جهة الغسل والكفن[25].

 

6- الذي يقتل أثناء انفجار أحد الألغام المزروعة من قبل العدو خارج أرض المعركة أو بعد انتهائها في تلك المنطقة وكان الغرض من إزالته الألغام هناك الاستفادة من الأرض للزراعة ونحوه فهذا الشخص لا تجري عليه أحكام الشهيد بل يجب أن يغسل ويكفّن وإن كان له أجر الشهيد[26].

 

7- إذا أصيب أحد المجاهدين بجروح في أرض المعركة ولكنه لم يقتل هناك بل مات في المستشفى أو في سيارة الإسعاف أثناء نقله، فإن كان ذلك في المنطقة القتالية فهو شهيد ويسقط عنه الغسل والتكفين. وأما إذا مات خارج المنطقة القتالية فلا يترتب عليه حكم الشهيد بل يغسل ويكفّن[27].

 

8- المجاهد الذي يكون بعيداً عن الخطوط الأمامية للجبهة (خط المواجهة مع العدو) ولكنه يعمل على المدفعية التي تقصف مواقع العدو أو يعمل على المضادات التي تصدّ الطائرات فإذا قصف من العدو أرضاً أو جوّاً وقتل فهو شهيد[28].

 

– الأشخاص الذين لا يقاتلون ولكنهم يوجدون في المعركة لأجل التبليغ أو إصلاح الطرقات أو خطوط الاتصال أو إيصال المؤن والمساعدات الأخرى فإذا قتلوا هناك وكانوا يعدّون جزءاً من القوى العاملة على الجبهة فحكمهم حكم الشهيد[29].

 

9- إذا قتل أحد المجاهدين خلف خطوط جبهة القتال اغتيالاً من قبل مخابرات العدو أو المتعاملين مع العدو فله ثواب الشهيد وأجره[30].

 

10- المراد من أرض المعركة – التي يترتب على من قتل فيها أحكام الشهيد – هي المكان الذي يصل إليه رصاص العدو في حدود المنطقة التي تحصل فيها

 

الحرب لا الأماكن والمدن البعيدة إلا إذا صدق عليها أيضاً أنها منطقة حربية وساحة حرب[31].

 

للمطالعة

 

تعزية أهل المصيبة وتسليتهم

من المستحبّات الأكيدة التعزية لأهل المصيبة، وتسليتهم، وتخفيف حزنهم، بذكر ما يناسب المقام، وما له دخل في هذا المرام، من ذكر مصائب الدنيا وسرعة زوالها، وأنّ كلّ نفس فانية، والآجال متقاربة، ونقل ما ورد فيما أعدّ الله – تعالى – للمصاب من الأجر، ولا سيّما مصاب الولد من أنّه شافع مشفّع لأبويه، حتّى إنّ السقط يقف وقفة الغضبان على باب الجنّة فيقول: لا أدخل حتّى يدخل أبواي، فيدخلهما الله – تعالى – الجنّة، إلى غير ذلك.

 

وتجوز التعزية قبل الدفن وبعده، والأفضل بعده، وأجرها عظيم، ولا سيّما تعزية الثكلى واليتيم، فمن عزّى مصاباً كان له مثل أجره، من غير أن ينتقص من أجر المصاب شيء.

 

“وما من مسلم يعزّي أخاه المسلم بمصيبة إلاّ كساه الله من حُلَلِ الكرامة”[32].

 

“وكان فيما ناجى به موسى عليه السلام ربّه أنّه قال: يا ربّ، ما لمن عزّى الثكلى؟ قال: أظلّه في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي”[33].

 

“وما من عبد يمسح يده على رأس يتيم ترحّماً له إلاّ أعطاه الله – عزّ وجلّ – بكلّ شعرة نوراً يوم القيامة”[34]، إلى غير ذلك ممّا ورد في الأخبار.

 

ويكفي في تحقّق التعزية مجرّد الحضور عند المصاب لأجلها بحيث يراه؛ فإنّ له دخلاً في تسلية الخاطر وتسكين لوعة الحزن.

 

ويجوز جلوس أهل الميّت للتعزية، ولا كراهة فيه. نعم الأوْلى أن لا يزيد على ثلاثة أيّام، كما أنّه يستحبّ إرسال الطعام إليهم في تلك المدّة، بل إلى الثلاثة وإن كان مدّة جلوسهم أقلّ.

 

 

 

 

[1] الإمام الخامنئي: السقط إذا لم يتمّ له أربعة أشهر لا يجب الغسل بمسّه وإن ولجته الروح.

[2] السدر: شجر النبق. ويراد هنا الورق المطحون.

[3] الكافور: هو طيب، يكون في أجواف شجر، خشبه أبيض.

[4] المبانة: المنفصلة، المقطوعة.

[5] الإمام الخامنئي: لا يجب غسل مس الميت بمس العضو المذكور.

[6] الإمام الخامنئي: ما يخرج من أنسجة اللثّة عند قلع الأسنان لا يجب الغسل بمسّها.

[7] الإمام الخامنئي: مسّ العضو المبان من الميت بعد برده وقبل غسله حكمه حكم مسّ بدن الميّت نفسه.

[8] الإمام الخامنئي: مسّ جمجمة غير المسلم المجرّدة عن اللحم يوجب الغسل.

[9] الإمام الخامنئي: إذا لم تحرز أصل غسل الميت وكان هناك شكّ في ذلك، فمع مسّ ذلك الجسد أو أجزائه يجب غسل مسّ الميت.

[10] الإمام الخامنئي: لا يجب الغسل بمسّ الشهيد الذي سقط عنه وجوب الغسل والتكفين.

[11] في الصفحة السابقة.

[12] الطواف الواجب هو الذي يكون جزءاً من حجّ أو عمرة واجبين أو مستحبين. والطواف المستحبّ هو الذي لا يكون جزءاً لحجّ أو عمرة.

[13] استفتاءات الإمام ج3- ص46- س20. استفتاءات الإمام ج1- ص80- س164.

[14] استفتاءات الإمام ج1- ص80- س21.

[15] استفتاءات الإمام ج3- ص47- س24.

[16] استفتاءات الإمام ج3- ص47- س25.

[17] استفتاءات الإمام ج3- ص51- س38.

[18] استفتاءات الإمام ج3- ص51- س39.

[19] استفتاءات الإمام ج3- ص56- س54.

[20] أي المراد من لفظ الشهيد والمقصود به بالمصطلح الفقهي.

[21] استفتاءات الإمام ج1- رقم 43377.

[22] استفتاءات الإمام ج1- ص82- س203.

[23] استفتاءات الإمام ج3- ص47- س23.

[24] استفتاءات الإمام ج1- ص505- س43.

[25] استفتاءات الإمام ج1- ص80- س22.

[26] استفتاءات الإمام ج1- ص505- س44.

[27] استفتاءات الإمام ج1- ص505- س45.

[28] استفتاءات الإمام ج1- ص81- س195.

[29] استفتاءات الإمام ج1- ص81- س196.

[30] استفتاءات الإمام ج1- ص82- س201.

[31] استفتاءات الإمام ج1- ص504- س42.

[32] مستدرك الوسائل: الشيخ النوري، ط1، قمّ، مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، 1408هـ.ق، ج2، باب استحباب التعزية، ح2171، ص352.

[33] الكافي: الشيخ الكليني، ط1، طهران، دار الكتب الإسلاميّة، 1365هـ.ش، ج3، باب ثواب التعزية، ح1، ص227.

[34] من لا يحضره الفقيه: الشيخ الطوسيّ، ط1، قم، مؤسّسة النشر الإسلاميّ، 1413هـ.ق، ج1، 189.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...