الرئيسية / شخصيات أسلامية / رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ \ الهاشميون في الجاهلية والإسلام

رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ \ الهاشميون في الجاهلية والإسلام

والسؤال الذي يدعو للتفكير والتدبير هو : لماذا لم يدع الرسول بقية بناته
وأزواجهن ؟ ولماذا لم يدع الرسول زعامة قريش التي تصدرت قيادة الأمة ؟ ولماذا
اقتضت الحكمة أن تكون هذه الحادثة مشهودة من فئات تمثل الديانات السماوية الثلاثة
؟ وأول ما يتبادر إلى الذهن – جوابا على هذه التساؤلات – هو أن الله سبحانه وتعالى
يريد أن يميز أهل بيت النبوة عن سواهم ، وأن يعرف الناس بصفوة الصفوة ، فيحدد
النقطة المركزية لدائرة الأمة ، وللدائرة العالمية ، ويحدد العلم الذي يلتف الناس
حوله ، تبارك الله الحكيم العليم .
سادة العالم وأئمة الهدى الطاهرون ( ع ) .
الأمة الإسلامية مجمعة على أن محمدا ( ص ) هو سيد ولد آدم ورسول الله الذي اختاره ،
وهي مجمعة على أن فاطمة البتول هي ابنة النبي ، وسيدة نساء العالمين ، وأن زوجها هو
ابن عم النبي ، وفارس الإسلام الأوحد ، ورباني هذه الأمة ، ووليها ومولاها ، وسيد
العرب ، وسيد المسلمين ، بالنص الشرعي ، وقد وثقنا ذلك وسنوثقه .
وقد أمر الله نبيه أن يزوج عليا فاطمة ليخرج من هذين الزوجين ذرية النبي المباركة ،
وحصر الله تعالى ذرية النبي بمن يخرج من هذين الزوجين : لأن الأمة الإسلامية خاصة ،
والعالم عامة ، سيحتاج بالضرورة إلى قائد وحاكم ، أو إمام أو مرجع في كل زمان ، ومن
مصلحة العالم – وبكل المقاييس – أن يقوده الأفضل والأعلم والأطهر والأتقى الذي تأمن
الناس بوائقه ، وتطمئن إلى نقائه ، توفيرا على الأمة مشقة البحث والعناء والتحري عن
بغيتها التي تريد ، فأول ما ينبغي على الأمة المسلمة هو التحري إن كان في ذرية
محمد ، عمن هو أهل للقيادة أو الإمامة ، أو المرجعية : لأن ذرية محمد هي القاسم
المشترك بين الجميع ، وبالضرورة فيها المؤهل إلهيا لقيادة الأمة ، وبيان القرآن
الكريم ، والإحاطة بمعرفة السنة النبوية الشريفة ، ومعرفة الشرع معرفة قائمة على
الجزم واليقين : لأنهم ورثوا علوم النبوة من أبيهم رسول الله ( ص ) ، ونصوص الشرع
الحنيف ، وما تواتر عن النبي يثبت بما لا يدع مجا للشك ، بأن الله تعالى لم يترك
الأمر سدى ، وإنما أقام للناس في كل زمان علما يهتدون إليه ، ومرجعا يدركون
الهدى به ، والخلاصة أنه في كل زمان من الأزمان يجب أن يتوافر بالضرورة سيد من تلك
الذرية المباركة ، مؤهل من جميع الوجوه لقيادة العالم .
إن بيت عبد المطلب هو خير البيوت بنص الشرع كما وثقنا ، وهو بيت النبي المبارك ،
والبطن الهاشمي هو خير البطون بنص الشرع ، وهو بطن النبي كما هو معروف بالبداهة ،
فأهل بيت النبوة لا ينبغي بالضرورة أن يخرجوا عن هاتين الدائرتين ، فأهل البيت شرعا
هم هؤلاء أو
هم منهم ، والمؤكد وبكل الموازين وغالبا هم ذرية مختارة ومباركة ، وهب الله مسيئهم
لمحسنهم ، ووهبهم الله جميعا لرسوله ( ص ) كما وثقنا ، لكن الأحكام الشرعية يجب أن
تتسم بالوضوح ، وأن تخلو من الغموض حتى يمكن الاستفادة منها ويقوى الناس على
تطبيقها .
فالمعروف أن هاشم هو أبو الهاشميين وسيدهم بلا خلاف ، والمعروف أيضا أن عبد المطلب قد
آلت إليه السيادة على الهاشميين بالرضا وبدون إكراه ، وقبل الجميع سيادته ،
والمعروف أيضا أن عمادة البطن الهاشمي قد آلت إلى أبي طالب ، فهو عميد الهاشميين
وعميد قريش كلها ، ومن المسلم به أن رسول الله هو حبيب البطن الهاشمي ، فاختار الله
فاطمة واختار عليا : وزوجهما ، ومن هذين الزوجين المباركين ، جعل ذرية النبي وكون
صفوة الصفوة أهل بيت النبوة ، وأغدق عليهم نعمه وخصهم بفضله ، فصار مصطلح أهل البيت
كذرية للنبي ، وكمركز للقيادة والمرجعية ، وكرمز للالتصاق بالنبي يطلق بالدرجة الأولى
على الأربعة علي وفاطمة والحسن والحسين ، ونسلهم ( 1 ) . هذا حسب إعتراف أم سلمة ،
وعائشة ( 2 ) ، وطالما أشار الرسول إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين ( ع ) ، وقال في أكثر
من مناسبة اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ( 3 ) ، وعندما
نزلت آية التطهير أشار النبي إليهم ( 4 ) ، وعندما نزلت آية المودة في القربى ذكر
النبي بهم وأشار إليهم ( 5 ) ، وعندما جاء جبريل بآية أولي الأمر : ( يا أيها الذين
آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا
الرسول وأولي الأمر منكم ) ( 1 ) . بين الرسول أن أهل بيته هم أولي الأمر ( 2 ) . وعندما
نزلت آية : ( فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ( 3 ) : أشار النبي
الكريم إلى هؤلاء الأربعة ، مؤكدا بأنهم هم أهل الذكر ( 4 ) ، وهنالك مئات النصوص
الشرعية التي رواها الأجلاء من أهل الملة تصدق ذلك كله .
ما نزل من القرآن الكريم في حق أهل البيت ( ع ) .
شهد الله لأهل بيت النبوة بالأهلية والكفاءة ، وكفى بالله شهيدا ، وأنزل فيهم الكثير
من الآيات ، وأمر نبيه أن يبينها للمسلمين ، فبينها النبي بيانا واضحا لا لبس فيه
ولا غموض ، لتكون هذه الآيات معالم على الطريق ، تهدي من أراد الهدي ، وترشد من
استرشد .
( آية التطهير ) .
( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا ) ( 5 ) ، وأهل بيت النبوة كما ذكرنا ، هم عترة النبي وأقاربه ، وتاج العترة ،
والناصية ، هم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
– ، وهم أول المعنيين بآية التطهير ( 6 ) .
وقال الرسول ( ص ) مشيرا إلى علي وفاطمة والحسن والحسين ( ع ) : اللهم هؤلاء أهل بيتي ،
فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وإلى هذا المعنى أشار الرسول في مناسبات
متعددة وبصيغ متعددة ، ولكنها تفصح جميعا عن ذات المضمون ( 1 ) .
شهادة أم سلمة .
شهدت أم سلمة زوجة رسول الله واقعة إعلان الرسول بأن الخمسة هم أهل البيت الذين
عنتهم آية التطهير ، وعندما أرادت أم سلمة أن تدخل نفسها معهم ، بين لها الرسول بأنها
على خير ، ولكنها ليست منهم ( 2 ) .
شهادة عائشة بنت أبي بكر .
ذكرت عائشة أن الرسول ( ص ) قد بين بأن المراد بأهل البيت الوارد ذكرهم في آية
التطهير ،

هم علي وفاطمة والحسن والحسين – صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين – ( 1 ) .
بيان الرسول العملي للآية الشريفة .
طوال مدة ستة أشهر كان الرسول ( ص ) يمر بباب علي وفاطمة إذا خرج إلى الصلاة ، ويقول :
الصلاة يا أهل البيت ، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا ( 2 )
( آية المودة في القربى ) .
قال تعالى : ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) ( 3 )
فالقربى المعنية بهذه الآية هي قرابة الرسول ، وعلى رأسهم علي وفاطمة والحسن والحسين
– عليهم السلام – ( 4 ) .
( آية المباهلة ) .
قال تعالى : ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ، ونساءنا ونساءكم
وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) ( 1 ) .
لقد أجمعت الأمة على أن رسول الله عندما خرج للمباهلة ، خرج ومعه علي والحسن والحسين
وخلفهم فاطمة – عليهم السلام – ، وأنه لم يشرك بهذه المباهلة أحدا من المسلمين
سواهم ( 2 ) لذلك فإن هذه الآية من الآيات النازلة في أهل بيت النبوة الكرام والخاصة
بهم .
آية الإطعام .
قال تعالى : ( إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا
يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا * يوفون بالنذر ويخافون يوما
كان شره مستطيرا ) . . . إلى قوله تعالى : ( إن هذا كان لكم جزاء وكان
سعيكم مشكورا ) ( 3 ) .
هذه الآيات نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين ( ع ) ، بمناسبة صيامهم ثلاثة أيام ،
وتصدقهم بفطورهم خلال الأيام الثلاثة على المسكين واليتيم والأسير ( 1 ) .
آية أولي الأمر .
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر
منكم ) ( 2 ) .
ولما سئل رسول الله ( ص ) من هم أولي الأمر ؟ ، أجاب ( ص ) : بأنهم أهل بيت النبوة وعلى
رأسهم الأئمة علي ، والحسن والحسين ( ع ) ( 3 ) فهذه الآية من الآيات النازلة بأهل
البيت .

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...