وصية الإمام الخميني(قده) إلى السالكين
20 ديسمبر,2022
زاد الاخرة
309 زيارة
بني:
لا يفوتني أن أكتب لك بضع جملات حول الأمور الخاصة والعائلية لأختتم بها حديثي المطنب هذا: أشدُّ ما أود أن أوصيك به ولدي العزيز، هو الإهتمام بوالدتك الوفية.
إن الحقوق الكثيرة للأمهات، أكثر من أن تُحصى، أو أن يُؤدى حقها. فليلة واحدة تسهرها الأم مع وليدها تفوق سنوات من عمر الأب المتدين. فيجسد
العطف والرحمة في عيونها النورانية بارقةً من رحمة وعطف رب العالمين. فالله تبارك وتعالى قد أشبع قلوب وأرواح الأمهات بنور رحمة ربوبيته بشكل يعجز عن وصفه الواصفون، ويعجز عن إدراكه سوى الأمهات، وإن رحمة الباري هي التي تجعلهن يقفن ويتحملن بثبات عجيب المتاعب والآلام منذ استقرار النطف في الأرحام، وطوال فترة الحمل، وحتى ساعة الولادة. ثم منذ عهد الطفولة، وحتى آخر العمر، وهي المتاعب والآلام التي يعجز الآباء عن تحملها ليلة واحدة.
فالتعبير الرقيق الوارد في الحديث الشريف “الجنة تحت أقدام الأمهات”(34- حديث شريف مروي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في كتاب كنز العمال خ 45439.) حقيقةٌ تشير إلى عظم دور الأم، وتنبه الأبناء إلى أن السعادة والجنة تحت أقدام الأمهات، فعليهم أن يبحثوا عن الجنة والسعادة تحت التراب المبارك لأقدامهن، ويعلموا أن حرمتهن تقارب حرمة الله تعالى، وأن رضا الباري جلت عظمته إنما هو في رضاهن.
إن الأمهات -رغم أنهن جميعا مثال لذلك- إلا أن بعضهن يتمتعن بخصائص أخرى تميزهن عن الأخريات، وقد أدركتُ على مدى عمري، ومن الذكريات التي أحملها عن والدتك المحترمة، وعن الليالي التي كانت تقضيها مع أطفالها -بل وحتى الأيام- أنها تحمل مثل هذه المزايا- لذا فإني أوصيك
-أنت وبقية أبنائي- أن تجهدوا بعد وفاتي في خدمتها، وتحرصوا على راحتها ونيل رضاها، وكما أراها راضية عنكم في حياتي. عليكم أن تبذلوا مساعيكم أكثر في خدمتها بعد وفاتي.
وأوصيك ياولدي أحمد: أن تحرص على معاملة أرحامك وأقربائك وخصوصا أخواتك وأبناء إخوانك بالعطف والمحبة والصفاء والسلام والإيثار، وبمراعاة السلوك الحسن. كما أوصي جميع أبنائي أن يكونوا قلبا واحدا، وأن يتحركوا نحو هدف واحد، وأن يتعاملوا مع بعضهم بالمحبة والعطف، وأن يسعوا جميعا للعمل في سبيل الله، وفي خدمة عباده المحرومين، لأن في ذلك خير وعافية الدنيا والآخرة.
وأوصي نور عيني (حسين) أن لا يغفل عن الانكباب على تحصيل العلوم ا لشرعية. وأن لا يبدد ما أنعم الله عليه من الاستعداد واللياقة وأن يعامل والدته وأخته بمنتهى العطف والصفاء، وأن يستصغر الدنيا، ويسلك في شبابه طريق العبودية المستقيم.
وآخر وصيتي إلى أحمد: أن يُحسن تربية أبنائه، وأن يعرفهم -منذ نعومة أظفارهم- على الإسلام العزيز، وأن يعتني بأمهم العطوفة، ويحرص على خدمة جميع أفراد العائلة والأقارب.
وسلام الله على جميع الصالحين
واستميح جميع أقاربي عذرا -وبالأخص أبنائي-
وأرجوهم أن يعفوا عني إن كنت قصّرت معهم، أو ظهر مني قصور ما، أو إن كنت ظلمتهم، وأن يدعو الله أن يغفر لي ويرحمني إنه أرحم الراحمين.
وأدعو الله متضرعاً إليه أن يوفق أرحامي وأقربائي إلى طريق السعادة والإستقامة، وأن يشملهم برحمته الواسعة، وأن يُعزَّ الإسلام والمسلمين، ويقطع أيدي المستكبرين والقوى الظالمة، ويكفها عن الظلم.
والصلاة والسلام على رسول الله، خاتم النبيين وعلى آله المعصومين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين الى يوم الدين.
الأربعاء 28/4/1982م-رجب 1402 هـ
روح الله الموسوي الخميني
2022-12-20