رسولهم الذى لا يعرفونه … بقلم سالم الصباغ
رسولهم الذى لا يعرفونه
( أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ )
قراءة فى بعض مقامات الرسول الأعظم ( صلوات الله عليه وأله)
إن المؤامرات الخفية ضد الإسلام وضد الشعوب والدول الإسلامية التى حاكتها سراَ وجهراَ الدول الغربية منذ قرون عديدة ، وصلت فى هذا الزمن إلى مرحلة لم يسبق لها مثيل في الإستهتار واللامباله بمليار ونصف مليار مسلم يسكنون المعمورة ، وذلك بعد أن إستطاعت هذه الدول الإستعمارية أن تعيد تشكيل العقل العربى والمسلم بحضارتها المادية ، هذه الحضارة التى وصلت بشعوبها إلى طريق مسدود لتجاهلها الحاجات الروحية للإنسان .
ولكن هذه المؤامرات الغربية وصلت إلى مرحلة من الصعب أن تتجاهلها الشعوب المسلمة ، وهى مرحلة الإغتيال المعنوى لشخصية الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ـ وأنهم لن يقدروا على ذلك أبدا ـ وذلك بالإسائة إلى شخصيته المقدسة ، يقول الله عز وجل : ” يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ” (8) سورة الصف
وواضح أن العالم العربى والإسلامى لم يستطع أن يقدم للعالم الغربى ولا حتى لعالمه الإسلامى ، شخصية الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله تقديماَ صحيحاَ ..وبعد أن تكفلت المدارس المخالفة لمدرسة أهل بيت النبوة ـ وأهل البيت أدرى بصاحبه ـ تكفلت بتقديم صورة غير صحيحة للرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ، مع أن القرأن الكريم كان واضحاَ فى ذكر المقامات المعنوية للرسول الأكرم صلوات الله عليه وأله .
وفى هذا المقال سوف أتناول بعض عناوين هذه المقامات ، لأن تناوله بالتفصيل لا يسعها مداد البحر ولو كان يمده من بعده سبعة أبحر يقول تعالى :
(قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً)
المقامات المعنوية القرأنية
مثل ماورد فى سورة الأحزاب :
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا
لاحظ فى هذه الأية الكريمة عبارة ( ودع أذاهم ) أى أن المنتقم منهم هو الله عز وجل لإيذائهم حبيبه صلوات الله عليه وأله أ والذى هو إيذاء لله عز وجل .
وفى هذه الأية خمسة مقامات وهى :
شاهدا ـ مبشرا ـ نذيرا ـ داعياَ إلى الله بإذنه ـ سراجاَ منيراَ
قليل هم من بحث فى هذه المقامات المعنوية ، وأوضح للناس :
مامعنى مقام الشهادة فى الأية الكريمة ؟
ولماذا جاء هذا المقام فى أول المقامات المعنوية فى الأية المباركة ؟
وما معنى ( السراج المنير ) فى الأية الكريمة ..؟
وما معنى ( مبشرا ) … ؟
وهل هو مُبشر أم مُبشر به ؟
ففى إحدى صيغ الصلاة على النبى صلوات الله عليه وأله جاءت العبارة الأتية :
اللهم صل على إنسان عين الكل في حضرة وحدانيتك وجمع جمع احديتك من حيث احاطة قولك ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً *وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً *) فكان المبشر عين المبشر به .
وحيث جاء فى القرأن قوله تعالى على لسان المسيح عليه السلام :
وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ
فى مقام الرحمة
جاء فى القرأن الكريم وصفه صلوات الله عليه وأله بأنه رحمة للعالمين فى قوله تعالى :
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )
والعالمين هم كل ماعدا الله عز وجل ، سواء ملائكة أو بشر أو جن سماوات أو أرض ، طيور أو وحوش ، فى البر أم فى الجو أم فى البحر ، للسابقون والحاضرون واللاحقون ، للأولين وللأخرين ،هو رحمة لكل موجود فى عالم الإمكان ، فما معنى ذلك .. ؟وكيف ؟ وما دلالته ؟
أليس معنى ذلك أن رحمة الرسول صلوات الله عليه وأله ( وسعت كل شئ ) .. وهذا ماورد فى القرأن الكريم فى وصف الرحمة الألهية ، يقول الله تعالى :
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ،
ومعنى هذا أنه صلوات الله عليه وأله ظل للرحمة الألهية المطلقة ، فالله هو الرحمن الرحيم ،ورحمته وسعت كل شئ ، أى وسعت العالمين ،أى أن هذه الرحمة بكاملها تتجلى فى الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله ، حيث أن أسم الرحمن من الأسماء الألهية المحيطة بسائر الأسماء كالاسم الجامع ( الله ) ، ولكن الرحمة الإلهية على سبيل الإستقلال ، والرحمة المحمدية على سبيل الإستظلال ، أى أنها ظل للرحمة الألهية ، بل إن كل الأسماء الألهية الحسنى تتجلى فيه صلوات الله عليه وأله .
يقول تعالى :
( قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى )
والله هو الإسم الجامع لكل الأسماء الألهية .
الخلق العظيم
وإن تعجب من عظمة هذه الصفات ، فعجباَ هذه الأية الجامعة لكل خلق عظيم وهى
قوله تعالى :
( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )
ومامعنى أن يصفه الله العظيم بالعظمة ..!!
أليس هذا هو ماورد فى الحديث الشريف :
( إنما بعثت لإتمم مكارم الأخلاق )
أى حصر الهدف من بعثته صلوات الله عليه وأله هو من أجل تكامل الإنسان ، وهذا يفضح الجماعات التكفيرية التى تخلت عن كل الأخلاق الإنسانية من أجل حكم البلاد والعباد ، هل هؤلاء يمثلون سنة الرسول صلوات الله عليه وأله ؟!!
إن الذي يريد أن يعرف الرسول صلوات الله عليه وأله حق المعرفة عليه أن يتخلق بأخلاق رسول الله ، أي بمكارم الأخلاق ، كالرحمة ، والرأفة ، والكرم ، والصبر ، والعدل ، والعفو …
المقام المحمود
وقوله تعالى :
وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا
وما هو هذا المقام المحمود ، فالحمد هو الثناء ، والثناء يكون على نعمة ، وهذه النعمة ستكون فى يوم القيامة بدلالة كلمة (يبعثك ) فما هى النعمة التى من أجلها يحمد الخلائق الرسول صلوات الله عليه وأله يوم القيامة عليها ؟ وما دلالة وصف الرسول صلوات الله عليه ( بالمحمود ) مع قوله تعالى :
( الحمد لله رب العالمين ) …. ؟ أى أن الحمد كله لله يتجلى فى هذا الإنسان الكامل صلوات الله عليه وأله .
مقام الشفاعة
هل هذا المقام المحمود هو مقام الشفاعة الكبرى يوم القيامة …؟ ، كما ورد فى الروايات الشريفة ، الشفاعة المطلقة لكافة الخلائق حتى الأنبياء عليهم السلام ،
هل ذكرنا للناس التفاصيل الروائية لهذا المقام ليعرفوا ويعرف العالم كم هم فى حاجة للرسول صلوات الله عليه وأله .. ؟
كما جاء فى الرواية الشريفة عن الإمام على زين العابدين عليه السلام :
( مامن أحد من الأولين والأخرين إلا وهو محتاج إلى شفاعة محمد صلوا الله عليه وأله يوم القيامة )
هل تَعلم الناس الرواية الشريفة عن الشفاعة التى يذكرها الفريقين ، وهذا مضمونها :
( عن سماعة بن مهران عن أبي إبراهيم (عليه السلام): في قول الله ﴿عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا﴾ قال:
يقوم الناس يوم القيامة مقدار أربعين يوما وتؤمر الشمس فنزلت على رءوس العباد ويلجم العرق وتؤمر الأرض لا تقبل من عرقهم شيئا فيأتون آدم فيشفعون له فيدلهم على نوح ويدلهم نوح على إبراهيم، ويدلهم إبراهيم على موسى ويدلهم موسى على عيسى، ويدلهم عيسى على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فيقول: عليكم بمحمد خاتم النبيين، فيقول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا لها فينطلق حتى يأتي باب الجنة فيدق فيقال له: من هذا؟ والله أعلم فيقول محمد: افتحوا فإذا فتح الباب استقبل ربه فخر ساجدا فلا يرفع رأسه حتى يقال له تكلم وسل تعط واشفع تشفع فيرفع رأسه فيستقبل ربه فيخر ساجدا فيقال له مثلها فيرفع رأسه حتى أنه ليشفع من قد أحرق بالنار فما أحد من الناس يوم القيامة في جميع الأمم أوجه من محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو قول الله تعالى: ﴿عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا﴾
هل عرفنا الأن لماذا قال الإمام على عليه السلام عن الأية الكريمة ( عسي أن يبعثك ربك مقاماَ محمودا ) أنها أرجى أية فى كتاب الله ؟
ثم تعال لنتأمل ونتدبر فى معنى الشفاعة :
أليست الشفاعة تحتاج لأن يكون الشافع على علم تام بصحيفة أعمال الذى سيشفع له ؟ وألا يدل ذلك على أن علمه صلوات الله عليه وأله شاملاَ لكل شئ ، كما فى قوله تعالى :
( وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ )
ومقام (العلم ) يرتبط بمقام (الشهادة) على الأعمال ، وبمقتضئ العلم والشهادة تكون ( الشفاعة ) ؟
مقام الخاتمية
وما معنى مقام الخاتمية فى قوله تعالى :
مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40) الأحزاب
مامعنى خاتم النبيين ؟
هل تعنى خاتم الأنبياء فلا نبى بعده ،كما ورد فى الروايات الشريفة الصحيحة ،
أم تعنى ختم كل الكمالات الأخلاقية ، ومقامات القرب من الله ، كما جاء فى قوله تعالى :
( ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى )
وما معنى تدلى … ؟
ألا تعنى القرب الشديد ، أو شدة الفقر والتعلق بالله عز وجل ؟
أم تعتي ختم صحائف أعمال الأنبياء بالشهادة عليهم ولهم من الرسول الأكرم صلوات الله عليه وأله بأنهم قد أدوا الرسالات الألهية ، والأمانات … ؟
رسول الله إلى الناس كافة بما فيهم الأنبياء
هل تدبرنا فى قوله تعالى :
”وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَةً لِلنَّاس” سبأ .28
وقال أيضًا: ”وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً’‘ النّساء.79
وقوله تعالى :
( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون )
أى أنه صلوات الله عليه ليس رسولاَ للعرب فقط ، ولكنه رسول للناس جميعاَ ، فهو رسول بالتالى للعالم الغربى ، ولكنهم لم يعرفوا رسولهم فأنكروه وأساءوا إليه ..
يقول تعالى :
(أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ)
هل عرف الناس أن الرسول صلوات الله عليه وأله هو رسول الأنبياء عليهم السلام ؟ وهذا هومعنى قوله تعالى :
( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا)
فالشهداء على أممهم هم الأنبياء والأوصياء ، والشاهد على الانبياء والأوصياء هو الرسول الخاتم صلوات الله عليه وأله ،فهو رسول الأنبياء والشاهد عليهم ، فلكل نبي أمة يشهد عليها ، والأنبياء هم أمته فى الحقيقة وهو الشاهد عليهم :
يقول أمير المؤمنين على عليه السلام فى تفسير الأية
( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا)
( إن الخلائق يجتمعون فى موطن يستنطق فيه جميع الخلائق فلا يتكلم فيه أحد إلا من اذن له الرحمن وقال صواباَ ، فتقام الرسل فتُسأل .. فذلك قوله لمحمد صلوات الله عليه وأله :
( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) ..
يقول أمير المؤمنين على عليه السلام :
الرسول هو الشهيد على الشهداء ، والشهداء هم الرسل يوم القيامة ( إنتهى )
وهذا ماينطبق مع ما جاء فى القرأن الكريم أن الرسل تسأل أيضا ،
يقول تعالى :
(فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ)
وطالما أنهم سيُسألون فهم فى حاجة إلى شفاعة الرسول صلوات الله عليه وأله.
أى أن الرسل هم أمة الرسول صلوات الله عليه وأله الذى يشهد عليهم ، وبهذا تختم صحيفة أعمالهم بهذه الشهادة ، وهذا أحد معانى خاتم النبيين ….
وهذا المعنى هو مايشير إليه الحديث الأتى عن الإمام الصادق عليه السلام :
( يامفضل : إن الله تبارك وتعالى بعث رسول الله صلوات الله عليه وأله وهوروح إلى الأنبياء وهم روح قبل خلق الخلق بألفى عام ، قلت بلى … أما علمت أنه دعاهم على توحيد الله وطاعته …. )
لعلها إشارة إلى اية عالم الذر … عندما أخذ الله من النبيين ميثاقهم على الإيمان بالرسول صلوات الله عليه وأله ونصرته ، فى قوله تعالى :
(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ
والخلاصة :
مقامات الرسول الأعظم القرأنية كثيرة وعظيمة ، وهي خاتمة المقامات كلها ، وهي لا يمكن حصرها ، ( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ، والرسول الأكرم صلوات الله عليه وأله هو نعمة الله الكبرى التي ينكرونها .. يقول الله تعالى : ( يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83) النحل
وأن السبيل الوحيد لمعرفته والتعرف إليه هو التخلق بأخلاقه الشريفة ، فلأن الرسول صلوات الله عليه هو رحمة الله للعالمين ، فالذي نُزعت الرحمة من قلبه ، لايمكن أن يعرف الرسول صلوات الله عليه بقلبه ، وإن كان يعرفه بعقله ..
لكن الحقيقة التى يجب أن نعترف بها هى :
إننا لم نستطع أن نقدم الرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله إلى الأخرين وخاصة العالم الغربى وإلى شعوبنا كما ينبغى ، وكما قدمه الله لنا فى كتابه الكريم ، وقدمه أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم ،
بل لقد قدمتة بعض المدارس الإسلامية ـ غير مدرسة أهل البيت عليهم السلام ـ ، كصورة مشوهة توهموها أو تعمدوها للرسول الأكرم صلوات الله عليه وأله ، وكأنما هى صورة كاريكتيرية فهو فى زعمهم :
( لا يعلم أنه نبى إلا من رجل نصرانى هو ورقة بن نوفل ) ..!!
وهو تعلم من اليهود صيام عاشوراء …!!
وأنه حاول التردى من فوق جبل …!!
تعالى رسول الله عما يقولون علواَ كبيراَ…
بينما قدم الأخرون للعالم نبيهم المسيح عليه السلام على أنه إله فوق البشر ، وإستفادوا بما ورد فى القرأن الكريم من صفات عظيمة له ومعجزات أجراها الله عز وجل على يديه عليه السلام ، فعندما يقارنون بين الصورتين تنطبع عندهم هذه الصورة السلبية للرسول الأعظم صلوات الله عليه وأله .
يجب أن نعرف الرسول صلوات الله عليه كما عرفه الله لنا في القرأن الكريم ، وكما عرفه لنا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ، فأهل البيت أدرى بما فيه ..
ثم جاءت الكارثة الكبرى والداهية العظمى ، وهم التكفيريون والدواعش وعصاباتهم الإجرامية ، حيث جاءوا بالذبح والسبى والرق وجهاد النكاح وسرقة بيوت الناس وهدمها وتهجير أهلها ، كل هذه المصائب تحت راية التوحيد : ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) لتكتمل المأساة بهذه الصورة السلبية ، وتستخرج الاضغان التى فى قلوب قوم ، وليظهروا عداءهم للإسلام ولرسوله الكريم … فيحاولوا محاولة أخيرة بالإغتيال المعنوى لشخصية الرسول الأكرم صلوات الله عليه وأله
ما أحوج العالم اليوم للمنقذ والمصلح والمهدي لإنقاذ العالم من الظلم الذي ملأ كل أنحاء العالم ، وخاصة من العالم الغربي وأمريكا والعدو الصهيوني والأعراب .. لقد أشعلوا العالم بحروب دينية وعرقية تغطى على يأسهم وإفلاسهم الحضارى وكانوا من قبل جروا العالم إلى حربين عالميتين قتل فيهما عشرات الملايين من شعوبهم وبإيديهم ، ولكن كلا فإنهم لن يستطيعوا ذلك أبداَ ..
يقول الله تعالى :
يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ” (8) سورة الصف
ولقد لعن الله الذين يؤذون الله ورسوله ، فهم ملعنون ، وكذلك من ساعدهم على ذلك ، وإن الإنتقام الألهى من الظالمين قادم لا محالة :
إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا
وأيضا النصرالإلهي للمؤمنين قادم أيضا لا محالة :
( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ )
ويقول الله تعالى :
وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) الروم