الرئيسية / تقاريـــر / بين معجزة الانتظار ، وانتظار المعجزة سالم الصباغ

بين معجزة الانتظار ، وانتظار المعجزة سالم الصباغ

  الانتظار قضية أشار إليها القرآن  الكريم في عدة مواضع وهي في مدرسة أهل البيت عليهم السلام عقيدة مهمة مرتبطة بتحقيق الوعد الإلهي بنصرة المستضعفين وإقامة دولة العدل الإلهي  على يد المهدي الموعود عليه السلام, وهي عند مدرسة أهل البيت عليهم السلام قضية واضحة المعالم ، ولها فلسفتها ، ولها أدلتها من القرآن  ومن السنة النبوية المطهرة ومن أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام

ومن الآيات التي ذكرت الانتظار ، قوله تعالى :

(يَوْمَ يَأْتي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ).

 (وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرينَ).

 (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرينَ)

 (وَ قُلْ لِلَّذينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ * وَ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ * وَ لِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)

 (وَ يَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذينَ كَفَرُوا إيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ * فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ).

 والناس في مقابل قضية ( الانتظار ) في زمن غيبة الإمام المهدي عليه السلام ينقسمون قسمين :

 ـ القسم الأول :

ينتظر حدوث معجزة إلهية في زمن الانتظار على يد منقذ إلهي ، هذه المعجزة هي التي سوف تغير أحوال العالم ، وبها تقام دولة العدل الإلهي ,  وهم لا يفعلون بالتالى شيئاَ حقيقياَ يجعل هذا الأمل حقيقة يمكن تحقيقها في أرض الواقع ، وكأنما المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف سوف يأتي بعصا سحرية ليقضي على الاستكبار الأمريكي ، و الظلم الصهيوني ، وما ينتج عن مؤامراتهما من فساد في الأرض ، ومن انحراف أخلاقي ، و لذلك فلا يمثل لهم العدو الصهيوني الأمريكي والحكومات العميلة حيزا كبيرا وربما حتى صغيرا في نشاطهم أو أفكارهم وأدبياتهم ، ولكن للأسف فإن بعضهم معظم نشاطه في مهاجمة ( القسم الثاني ) من المنتظرين .

  فما القسم الثاني من المنتظرين ؟

  ـ القسم الثاني :

هذا القسم لا ينتظر فقط حدوث معجزة الانتظار (وهو ظهور المنقذ العالمي) ولكنه يصنع الظروف الموضوعية لإمكانية حدوث هذه المعجزة الإلهية .. أقصد التمهيد العملي على الأرض لظهور الإمام المهدي عليه السلام .. بحيث لا يصبح الحديث عن ظهور الإمام المهدي عليه السلام ، وقيام دولة العدل الإلهي  على الأرض مجرد أحلام سعيده ، أو أمنيات طيبة ، وفي بعض الحالات خيال ناتج عن إحباطات مواجهة الظلم والطغيان ..فهو يصنع المعجزة ولا ينتظرها فقط..ومن أمثلة هذه المعجزات :

 

معجزة الانتظار الأولى

قيام دولة إيران الإسلامية

 ومن أكبر النماذج التي صنعت معجزة الانتظار في هذا العصر هو الإمام الخميني رضوان الله عليه، حينما أقام دولة الإسلام المحمدي الأصيل في أرض الواقع في زمن لم يكن لأحد أن يتخيل قيام مثل هذه الدولة في زمن سيطرت فيه الحضارة المادية الغربية والشرقية على مقدرات العالم العربي والإسلامي ، ونصَبت لها عملاء يحكمون شعوبهم بالحديد والنار لصالح هذه الدول ..

فكيف نقيم دولة إسلامية حضارية في مثل هذه الظروف ؟!!!

 

لقد أصبح الإسلام والإيمان هي قضايا متعلقة بالسماء وبالثريا أعلى نجومها، وليست متعلقة بالأرض، فجاء الخميني ومد يده ليأتي به إلى الأرض ، ويطبقه ، وينشئ له دولة قوية تتبنى حضارة روحية ومادية جنباَ إلى جنب .وكان شعارها لا شرقية ولا غربية . وهذا ماورد في الحديث الصحيح في البخارى ومسلم في تفسير قوله تعالى ( وآخرين منهم ) فقال :

(لو كان الإيمان عند الثريا لتناوله رجل من فارس )

 معجزة الانتظار الثانية

تطبيق نظرية ولاية الفقيه

 وحيث إن هدف الإمام المهدي الموعود هو إقامة حكومة العدل الإلهي على الأرض، وتحرير البشرية من التحاكم إلى الطاغوت، وخضوعها للحكم الإلهي، وتحريرها من العبودية للآخرين وحكوماتهم الجائرة .

يقول تعالى :

( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا.)

 وحيث إنه لا يمكن تطبيق الأحكام الإلهية على جميع مستوياتها إلا عن طريق عالم بها، عامل بها ، عارف بها ، وهذا ليس سوى الفقيه العالم العادل العارف بشئون زمانه .

وبالفعل تم إقامة نظام سياسي إسلامي جديد على أرض الواقع يعتمد على عدة مؤسسات :

الولي الفقيه ـ رئاسة الجمهورية ـ مجلس الخبراء ـ مجلس الشورى .

ويقوم على نظام الانتخابات الشعبية .. دستور إسلامي يحفظ حقوق جميع أطياف الشعب وأديانه ومذاهبه .

 إن نظام ولاية الفقيه هو روح الثورة الإسلامية في إيران ، وهو النموذج الذي يحاكي النموذج المصغر للنموذج الكبير الذي سيطبقه الإمام المهدي عليه السلام .

 وبقيام هذه الدولة القوية المقتدرة المتصدية لأعداء المشروع الإلهي (أمريكا وإسرائيل)، بقيام هذه الدولة أصبح الحديث عن ظهور الإمام المهدي عليه السلام أمراَ واقعيا ، وله ظروف موضوعية للتحقق ، وليس مجرد أحلام سعيدة أو أمنيات طيبة

 معجزة الانتظار الثالثة

حزب الله ومحور المقاومة للعدو الصهيوني

 إن ما حققه حزب الله هو ما نستطيع أن نطلق عليه بحق معجزة زمن الانتظار ، فمما لا شك فيه أن العدو الصهيوني ، والذي وصل إلى مرحلة (العلو الكبير) بانتصارة على الدول العربية مجتمعة واحتلاله للقدس الشريف عام 1967، وامتلاكه للسلاح النووي، هذا العدو لم يردعه ولم يذق طعم الهزيمة إلا على يد أبطال حزب الله ، وكما أعطتنا معجزة ولاية الفقيه دولة إسلامية قوية تمثل نموذجا مصغرا لدولة الإمام المهدي عليه السلام، فإن حزب الله أعطانا نموذج لرجال الإمام المهدي عليه السلام ، وإمكانية تحقيق قوله تعالى :

( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ)

 إن نموذج رجال حزب الله المنتصر على إسرائيل ، هو محاكاة لنموذج رجال الإمام المهدي عليه السلام الذين سيفتحون العالم بإذن الله تعالى .

 هذه نماذج ثلاثة على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر من نماذج ( معجزة الانتصار ) وهي فلسفة صناعة المعجزة وليس مجرد انتظارها .

 والغريب والمؤسف أن الفريق الأول أصحاب الانتظار السلبي للمعجزة ، لا يرون لهم أعداء إلا أصحاب مشروع صناعة المعجزة الممهدة للمنتظر ، فيوجهون كل سهامهم إلى الدولة الإسلامية في إيران ، ولحزب الله ولرجاله المقاومين الأبطال .. وهم لا يملكون إلا الكلام ، وإلا الأحلام بل الأوهام، ولا أراهم حين ظهور الإمام إلا رافضين له كما رفضوا الممهدين لدولته من قبل !!!

 وهؤلاء أسألهم ..

 إذا ظهر الإمام المهدي عليه السلام الآن فما هي الدولة التي تنتظره ، والتي سوف تنصره ، والتي سوف يحارب بها أمريكا وإسرائيل ؟!!

شاهد أيضاً

الثورة الإسلامية والغزو الثقافي

النمط من إدراك المصالح والمفاسد البشرية والأخلاق الاجتماعية على العالم أجمع، وعلى الجميع أن يذعنوا ...