الرئيسية / القرآن الكريم / القرآن في الاسلام – الأستاذ العلامة السيد الطباطبائي

القرآن في الاسلام – الأستاذ العلامة السيد الطباطبائي

ويقول تعالى في ربط الاعتقاد بالعمل : ( ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى أن كذبوا
بآيات الله وكانوا بها يستهزئون ) ( 2 ) .
ونتيجة القول : ان القرآن الكريم يحتوي على منابع أصول الاسلام الثلاثة كما يلي :
1 أصول العقائد ، وهي تنقسم إلى أصول الدين الثلاثة التوحيد والنبوة والمعاد ،
وعقائد متفرعة عنها كاللوح والقلم والقضاء والقدر والملائكة والعرش والكرسي وخلق
السماوات والأرضين وأشباهها .
2 الأخلاق المرضية .
3 الأحكام الشرعية والقوانين العملية التي بين القرآن أسسها وأوكل بيان تفاصيلها
إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وجعل النبي بيان أهل بيته عليهم السلام بمنزلة
بيانه كا يعرف ذلك من حديث الثقلين المتواتر نقله عن السنة والشيعة ( 1 ) .
القرآن سند النبوة :
يصرح القرآن الكريم في عدة مواضع أن كلام الله المجيد يعني أنه صادر من الله تعالى
بهذه الألفاظ التي نقرأها ، وقد تلقاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الألفاظ
بواسطة الوحي .
وللاثبات بأنه من كلام الله تعالى وليس مما أبدعه البشر تحدى القرآن في آيات منه
كافة الناس في أن يأتوا ولو بآية من مثله ، وهذا يدل على أنه معجز لا يمكن أن يأتي
بمثله أي واحد من الناس .
قال تعالى : ( أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون . فليأتوا بحديث مثله ان كانوا صادقين ) ( 2 ) .
وقال : ( قل لئن اجتمعت الجن والإنس على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو
كان بعضهم لبعض ظهيرا ) ( 1 ) .
وقال : ( أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات ) ( 2 ) .
وقال : ( أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله ) ( 3 ) .
وقال : ( وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله ) ( 4 ) .
وتحديا لهم بخلو القرآن من الاختلاف قال : ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير
الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) ( 5 ) .
القرآن الكريم الذي يثبت بهذه التحديات أنه كلام الله تعالى يصرح في كثير من آياته
بأن محمدا رسول مرسل ونبي من الله ، وبهذا يكون القرآن سندا للنبوة .
ومن هنا أمر النبي صلى الله عليه وآله في بعض الآيات بأن
يستند لاثبات نبوته بشهادة الله عز شأنه له بذلك ، ويعني بها تصريح القرآن بنبوته ،
فيقول : ( قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ) ( 1 ) .
وفي موضع آخر يزيد على شهادة الله شهادة الملائكة بذلك فيقول : ( لكن الله يشهد بما
أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا ) ( 2 ) .
الفصل الثاني كيف يعلم القرآن الكريم
القرآن كتاب عالمي :
لا يختص القرآن الكريم في موضوعاته بأمة من الأمم كالأمة العربية مثلا ، كما لا يختص
بطائفة من الطوائف كالمسلمين بل يوجه خطابه إلى غير المسلمين كما يتكلم مع
المسلمين . ودليلنا على هذا الخطابات ( 1 ) الكثيرة الموجهة في القرآن إلى الكفار
والمشركين وأهل الكتاب واليهود وبني إسرائيل والنصارى . . احتج مع كل طائفة من هذه
الطوائف ودعاهم إلى معارفه الحقة .
القرآن احتج مع كل هذه الطوائف ودعاهم إلى الدين من دون أن يقيد الخطاب بالعرب ،
فقال لعباد الأصنام : ( فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في
الدين ) ( 2 ) .
وقال لأهل الكتاب : ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد
الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ) ( 1 ) .
كما نرى لم يقل القرآن فان تاب مشركو العرب أو يا أهل الكتاب من العرب وأمثال
هذه الخطابات .
نعم في بدء الاسلام حيث لم تنتشر بعد الدعوة الاسلامية ولم تخرج من اطار الجزيرة
العربية كانت الخطابات موجهة إلى العرب ، أما من السنة السادسة من الهجرة حيث انتشرت
الدعوة وتجاوزت الجزيرة فلم يبق مجال لتوجيه الخطاب إلى أمة خاصة .
وبالإضافة إلى الآيات السابقة هناك آيات أخرى تدل على عموم الدعوة ، كقوله تعالى :
( وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ) ( 2 ) .
وقوله : ( وما هو الا ذكر للعالمين ) ( 3 ) .
وقوله : ( ان هو الا ذكر للعالمين ) ( 4 )
وقوله : ( انها لإحدى الكبر . نذيرا للبشر ) ( 5 ) .
ومن الوجهة التاريخية نرى أن كثيرا من عبدة الأصنام
واليهود والنصارى أسلموا ، كما أسلم أيضا جماعة من قوميات غير عربية كسلمان الفارسي
وصهيب الرومي وبلال الحبشي وأحزابهم .
القرآن كتاب كامل :
القرآن الكريم يحتوي على الغاية الأسمى التي يهدف إليها الانسانية ويبينها بأتم
الوجوه ، لأن الوصول إلى الغاية الأسمى لا يمكن الا بالنظرات الواقعية للكون والعمل
بالأصول الأخلاقية والقوانين العملية ، وهذا ما يتولى شرحه القرآن بصورة كاملة حيث
يقول : ( يهدي إلى الحق والى طريق مستقيم ) ( 1 ) .
ويقول في موضع آخر بعد ذكر التوراة والإنجيل : ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما
بين يديه من الكتاب ومهيمنا ) ( 2 ) .
وبيانا لاشتماله على حقيقة شرائع الأنبياء يقول : ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا
والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى ) ( 3 ) .
وفي احتوائه على سائر الأشياء يقول : ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ) ( 4 ) .
ومختصر ما في الآيات السابقة : ان القرآن يحتوي على الحقائق المبينة في الكتب
السماوية وزيادة ، وفيه كل ما يحتاج اليه البشر في سيره التكاملي نحو السعادة من أسس
العقائد والأصول العملية .

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...