النزاعات الداخلية للتجنيد الإجباري الاسرائيلي
الوقت- الخدمة العسكرية في إسرائيل إلزامية لكل ذكر أو أنثى فوق 18 سنة، وتُستثنى من الخدمة الإلزامية بعض المجموعات من بينها: العرب المسلمين والمسيحيين، وطلاب اليشيفات (المدارس اليهودية الدينية). ويعني ذلك أن أغلبية عرب ال48 وكذلك أغلبية المتشددين في الديانة اليهودية (الحارديم) معفون عن الخدمة. وقد سبب هذا الاستثناء، وبشكل خاص إعفاء اليهود المتشددين بالدين، نوعاً من الشّد والجذب داخل المجتمع الإسرائيلي لتزايد طلاب “الييشيفات“.
حتى اليوم لا يزال النزاع قائماً حول تجنيد العرب والحريديم، فيوم أمس أعلن الائتلاف الحكومي في إسرائيل أنه ينوي إعادة طرح مشروع قانون التجنيد على الكنيست خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة بعد أن أخفق في تمريره بالقراءة الأولى الليلة الماضية.
وسقط مشروع قانون التجنيد الإلزامي الذي يهدف إلى تجنيد شبان من اليهود الحريديم إلى الجيش الاسرائيلي والذي عرضه وزير الأمن الاسرائيلي بيني غانتس بالقراءه الأولى مساء الاثنين، بعد أن أيده 54 نائبا وعارضه 54 آخرون.
وتغيب النائب مازن غنايم من “القائمة العربية الموحدة” عن قاعة الكنيست، فيما صوتت النائبة غيداء ريناوي زعبي من “ميرتس” ضد مشروع القانون، خارقة بذلك الانضباط الائتلافي، مما حدا برئيس الحزب نيتسان هوروفيتس إلى استدعائها لجلسة استيضاح.
وصرحت زعبي بشأن تصويتها قائلة :الأسبوع الماضي الائتلاف الذي أنا عضو فيه تجاوز خطوطا حمراء. تصرفات الحكومة، وزارة الأمن الداخلي، وزارة الإسكان، الشرطة والصندوق القومي الإسرائيلي ضد المواطنين العرب كانت وحشية ومبهمة.. وبالأمس الحكومة أيدت عرض قانون عنصري للصهيونية الدينية بموضوع قانون القومية.
وتابعت زعبي :في الماضي قدمنا اتفاقا عادلا ومناسبا لقانون المواطنة والذي يضمن كرامة المواطنين، لكن وزيرة الداخلية آييلت شاكيد لوحت بهذه الوعود ولم تف بها، لا يمكني تجاوز جدول الأعمال، وبالتالي كخطوة احتجاجية صوتت بموجب ضميري، مع المجتمع العربي وضد قانون أرادت الحكومة دفعه، قانون التجنيد وقانون الخدمة المدنية، هذا الائتلاف تعهد بالتغيير تجاه المجتمع العربي، يجب على الحكومة اثبات هذا.
وأعلن رئيس الحكومة نفتالي بينيت ووزير الأمن بيني غانتس ووزير الخارجية يائير لابيد في بيان مشترك أنه ستتم إعادة تقديم مشروع القانون على الفور وسيطرح مجددا على الجلسة العامة في غضون أسابيع.
من جانبه، هدد رئيس حزب “شاس” المتدين آرييه درعي خلال جلسة التصويت بأنه في حال تم تمرير قانون التجنيد سيتم الاستئناف إلى المحكمة العليا لدفع قانون التجنيد للعرب.
وصوت منصور عباس وإيمان خطيب ووليد طه من “القائمة العربية الموحدة” تأييدا للقانون، وهي المرة الأولى التي يؤيد بها نواب عرب موضوع التجنيد للجيش الإسرائيلي.
وكانت المحكمة العليا قد قضت بوجوب إقرار مشروع القانون بحلول نهاية الشهر.
يخدم المجندون سنتين ونصف في الجيش الإسرائيلي إذا ما تمّ فرزهم في أماكن قتالية، بينما تخدم النساء فترة سنتين إن لم يُفرزن في أماكن قتالية واقتصر عملهنُ على الأعمال المساندة. منذ سنة 2000 يسمح للنساء الخدمة في الوحدات القتالية إذا عبرن عن إرادتهن بذلك، وإذا وافقن على التجنيد لمدة 3 سنوات.
في حالات كثيرة يقضى الجنود غير الصالحين للخدمة القتالية من الناحية الصحية أو لأسباب أخرى خدماتهم في أعمال ذات طبيعة مدنية لصالح الجمهور، مثل مساعدة المعلمين في المدارس الحكومية، العمل في إذاعة “غالية تساهل” وغيرها. وهناك أيضا خدمة وطنية مدنية خارج نطاق الجيش وهي مفتوحة أمام من أعفوا من الخدمة العسكرية، وهي خدمة تطوعية، غير أن هناك اقتراحات لجعلها إلزامية لكل من يعفى من الخدمة العسكرية القتالية لأي سبب كان. ومن أشد المعارضين لهذه الاقتراحات اليهود المتشددون بالدين والعرب الإسرائيليون (عرب ال48).
وبالرغم من محاولات إسرائيل نشر معلومات مضللة وغير حقيقية عن عدد العرب المجندين في جيش الاحتلال؛ بغية زيادة عدد الراغبين بالتجنيد، إلا أن المعطيات الحقيقية تؤكد أن الأعداد هامشية، وأقل مما ينشره الإسرائيليون بكثير؛ وتؤكد فشل المخططات الإسرائيلية، وعدم تعاطي الشباب العرب معها؛ حيث نشرت وزارة الحرب الإسرائيلية على موقعها أن عدد المتطوعين من الأقليات بلغ 1200 متطوع سنويًا (وهي أرقام وهمية؛ الغرض منها تشجيع الشباب العرب في أراضي ال48 على الانخراط في جيش الاحتلال)؛ ذلك أن المعطيات التي قدمت من “خلال الاستجواب تقدم به النائب عن التجمع الوطني، د باسل غطاس للكنيست الإسرائيلي “. فقد بينت عكس ما هو منشور، ذلك أن المعطيات التي صدرت عن وزارة الأمن الإسرائيليّة، في ردّها على الاستجواب حول أعداد الّذين يخدمون في الجيش الإسرائيليّ من فئات مختلفة، أنّ عدد الخادمين في جيش الاحتلال الإسرائيليّ من المسلمين هو 970 مجنّدًا، يشمل الملتحقين البدو الّذين قامت الوزارة بفصلهم عن بقيّة الطّائفة الإسلاميّة في معطياتها، و134 مجنّدًا عربيّـًا من الطّائفة المسيحيّة.
إنّ هذه الأرقام تثبت للجميع بأنّ دُعاة التّجنيد ضلّلوا الإعلام والجمهور عبر نشر أرقام خياليّة لعدد المجندين؛ بهدف خلق أجواء مواتية لجذب المجندين وإغرائهم؛ وذلك رغم دعم مكتب رئيس الحكومة بشكل شخصيّ في الموضوع، بالإضافة إلى احتضان الجيش للمشروع ودعم مؤسّسات سّلطة الاحتلال له.
إن نجاح الحركات والحملات المناهضة للتّجنيد ساعد على إبقاء هذا العدد قليلًا، وحفز الشباب على محاربة التجنيد في جيش الاحتلال؛ ما يجعلنا نفهم أنّ المعركة هي معركة وطنيّة، ويجب العمل على مناهضة التّجنيد عند العرب المجندين طوعًا من المسلمين والمسيحيّين معًا. وهذه المواقف تدعم المساعي العربية في ال(48 أراضي ) لإسقاط التّجنيد الإجباريّ عن العرب الدروز من أبناء شعبنا الفِلَسطينيّ.