شمعون الصفا وصي المسيح (ع) وجد الإمام المهدي (ع) لأمه
21 أبريل,2022
بحوث اسلامية
1,214 زيارة
جواهرمن سيرة المسيح (ع)
بعض ما روي في مولده (ع)
في كتاب: من لايحضره الفقيه (2/89): (عن الحسن بن علي الوشاء قال: كنت مع أبي وأنا غلام فتعشينا عند الرضا (ع) ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة فقال له: ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم (ع) ، وولد فيها عيسى بن مريم (ع) ، وفيها دحيت الأرض من تحت الكعبة ، فمن صام ذلك اليوم كان كمن صام ستين شهراً ) .
وفي كامل الزيارات/123، عن الإمام الصادق (ع) قال: (لم يولد مولود لستة أشهر إلا عيسى بن مريم ، والحسين بن علي (ع) ).
وفي الكافي (1/133): ( سألت أبا عبد الله (ع) عن الروح التي في آدم (ع) في قوله: فَإِذَا سَوَيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي؟ قال: هذه روح مخلوقة ، والروحالتي في عيسى مخلوقة . وعن حمران قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قوله الله عز وجل: وَرُوحٌ مِنْهُ ؟ قال: هي روح الله ، مخلوقة خلقها الله في آدموعيسى ) .
وفي التوحيد للصدوق/236: (عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (ع) قال: لما ولد عيسى بن مريم (ع) كان ابن يوم كأنه ابن شهرين ، فلما كان ابن سبعة أشهر أخذت والدته بيده وجاءت به إلى الكتاب وأقعدته بين يدي المؤدب ، فقال له المؤدب: قل بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال عيسى (ع) : بسم الله الرحمن الرحيم. فقال له المؤدب: قل: أبجد ، فرفع عيسى (ع) رأسه فقال: هل تدري ما أبجد؟ فعلاه بالدرة ليضربه فقال: يا مؤدب لا تضـربني ، إن كنت تدري وإلا فاسألني حتى أفسر لك ! قال: فسره لي ، فقال عيسى (ع) : الألف آلاء الله ، والباء بهجة الله ، والجيم جمال الله ، والدال دين الله . هوز:الهاء هول جهنم ، والواو ويل لأهل النار ، والزاي زفير جنهم . حطي: حطت الخطايا عن المستغفرين . كلمن: كلام الله لا مبدل لكلماته . سعفص: صاع بصاع والجزاء بالجزاء . قرشت: قرشهم فحشرهم . فقال المؤدب: أيتها المرأة خذي بيد ابنك ، فقد علم ولا حاجة له في المؤدب ).
أقول: يظهر من أحاديث النبي (ص) والأئمة (ع) أن جدول الأبجدية (أبجد هوز..) جدول قديم ، ولعله من اللغة السـريانية ، ومنها انتقل الى العربية وغيرها . وقد يكون تفسير عيسى (ع) له باللغة السريانية أو العبرية،وتُرجم في الرواية الى العربية.
صلى النبي (ص) في بيت لحم مولد عيسى (ع)
في تفسير القمي(2/4) في حديث المعراج ، قال رسول الله (ص) : (ثم قال لي: إنزل وصلِّ ، فنزلت وصليت ، فقال لي: أتدري أين صليت؟فقلت لا، فقالصليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى تكليماً ، ثم ركبت فمضينا ما شاء الله ، ثم قال لي: إنزل فصل ، فنزلت وصليت فقال لي: أتدري أين صليت؟فقلت: لا ، قال: صليت في بيت لحم بناحية بيت المقدس حيث ولد عيسى بن مريم (ع) ).
وفي علل الشرائع (1/79) عن وهب بن منبه: ( أن يهودياً سأل النبي (ص) فقال: يا محمد أكنت في أم الكتاب نبياً قبل أن تخلق؟ قال: نعم قال: وهولاء أصحابك المؤمنون مثبتون معك قبل أن يخلقوا ؟ قال: نعم. قال: فما شأنك لم تتكلم بالحكمة حين خرجت من بطن أمك كما تكلم عيسى بن مريم على زعمك ، وقد كنت قبل ذلك نبياً؟ فقال النبي (ص) : إنه ليس أمري كأمر عيسى بن مريم إن عيسى بن مريم خلقه الله عز وجل من أم ليس له أبٌ ،كما خلق آدم (ع) من غير أب ولا أم ، ولو أن عيسى حين خرج من بطن أمه لم ينطق بالحكمة ، لم يكن لأمه عذر عند الناس ، وقد أتت به من غير أب ، وكانوا يأخذونها كما يؤخذ به مثلها من المحصنات ، فجعل الله عز وجل منطقه عذراً لأمه ).
وفي عيون أخبار الرضا (ع) (2/233): (حدثني ياسر الخادم قال: سمعت أبا الحسن الرضا (ع) يقول: إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثه مواطن:يوم يولد ويخرج من بطن أمه فيرى الدنيا ، ويوم يموت فيعاين الآخرة وأهلها ، ويوم يبعث فيرى أحكاماً لم يرها في دار الدنيا . وقد سلَّمَ الله عز وجل على يحيى (ع) في هذه الثلاثه المواطن وآمن روعته ، فقال: وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً ، وقد سلَّمَ عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثه المواطن فقال: وَالسَّلامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّا ).
هربت به أمه الى بابل ومصر
في معاني الأخبار للصدوق/373: (عن سعد الإسكاف ، عن أبي جعفر (ع) قال: قال أمير المؤمنين (ع) في قول الله عزوجل: وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ، قال: الربوة: الكوفة ، والقرار: المسجد ، والمعين: الفرات ).
أقول: ذهب بعض المفسرين الى تفسير الآية بدمشق ولا يصح ذلك ،لأن مريم (س) هربت بابنها من الروم ، وكانت دمشق تحت سلطانهم ، لكن بابل كانت خارجة عن سلطانهم ، فآواهما الله اليها لسنين ، ثم آواهما الى مصر لما ناسب الظرف ، ثم أعادهما الى القدس عندما لزم ذلك .
روى الصدوق في من لايحضره الفقيه(1/232): (عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال:صلى بنا علي (ع) ببراثا بعد رجوعه من قتال الشراة(الخوارج)ونحن زهاء مائة ألف رجل ، فنزل نصراني من صومعته فقال: من عميد هذا الجيش؟ فقلنا: هذا ، فأقبل إليه فسلم عليه فقال: يا سيدي أنت نبي؟ فقال: لا ، النبي سيدي قد مات ، قال: فأنت وصي نبي؟ قال: نعم ، ثم قال له: أجلس ، كيف سألت عن هذا؟ قال: أنا بنيت هذه الصومعة من أجل هذا الموضع وهو براثا، وقرأت في الكتب المنزلة أنه لايصلي في هذا الموضع بهذا الجمع إلا نبي أو وصي نبي وقد جئت أسلم، فأسلم وخرج معنا إلى الكوفة ، فقال له علي (ع) : فمن صلى هاهنا ؟ قال: صلى عيسى بن مريم (ع) وأمه . فقال له علي (ع) : أفأخبرك من صلى هاهنا ؟ قال: نعم ، قال: الخليل (ع) ).
أقول: قد يكون إبراهيم (ع) صلى في براثا قبل هجرته من بابل . على أنا أثبتنا في سلسلة القبائل العربية ، أن إبراهيم (ع) عاد الى بابل بعد تجديده الكعبة وبعد موت نمرود ، وأسس لذريته القادسية ، والكوفة ، والسهلة ، والنخيلة ، وكربلاء .
وفي أمالي الصدوق/694: (عن ابن عباس قال: كنت مع أمير المؤمنين (ع) في خروجه إلى صفين ، فلما نزل بنينوى وهو شط الفرات ، قال بأعلى صوته: يا ابن عباس ، أتعرف هذا الموضع؟فقلت له: ما أعرفه يا أمير المؤمنين . فقال علي (ع) : لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي. قال: فبكى طويلاً حتى اخضلت لحيته وسالت الدموع على صدره ، وبكينا معاً وهو يقول: أوه أوه ، مالي ولآل أبي سفيان، مالي ولآل حرب حزب الشيطان ، وأولياء الكفر! صبراً يا أبا عبد الله فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم ، ثم دعا بماء فتوضأ وضوءه للصلاة وصلى ما شاء الله أن يصلي، ثم ذكر نحو كلامه الأول ، إلا أنه نعس عند انقضاء صلاته وكلامه ساعة ، ثم انتبه فقال: يا ابن عباس!فقلت: ها أنا ذا . فقال: ألا أحدثك بما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي؟ فقلت: نامت عيناك ورأيت خيراً يا أمير المؤمنين . قال: رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء معهم أعلام بيض ، قد تقلدوا سيوفهم وهي بيض تلمع ، وقد خطوا حول هذه الأرض خطة ، ثم رأيت كأن هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض تضطرب بدم عبيط ، وكأني بالحسين سخليوفرخي ومضغتي ومخي قد غرق فيه ، يستغيث فلا يغاث ، وكأن الرجال البيض قد نزلوا من السماء ينادونه ويقولون: صبراً آل الرسول ، فإنكم تقتلون على أيدي شرار الناس ، وهذه الجنة يا أبا عبد الله إليك مشتاقة . ثم يُعَزُّونني ويقولون: يا أبا الحسن ، أبشر ، فقد أقر الله به عينك يوم القيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين ، ثم انتبهت هكذا .
والذي نفس علي بيده ، لقد حدثني الصادق المصدَّق أبو القاسم (ص) أني سأراها في خروجي إلى أهل البغي علينا ، وهذه أرض كرب وبلاء ، يدفن فيها الحسين وسبعة عشر رجلاً من ولدي وولد فاطمة ، وإنها لفي السماوات معروفة ، تذكر أرض كرب وبلاء كما تذكر بقعة الحرمين وبقعة بيت المقدس . ثم قال: يا ابن عباس ، أطلب لي حولها بعر الظباء ، فوالله ما كذبت ولا كُذبت وهي مصفرة لونها لون الزعفران ! قال ابن عباس: فطلبتها فوجدتها مجتمعة فناديته: يا أمير المؤمنين قد أصبتها على الصفة التي وصفتها لي! فقال علي (ع) : صدق الله ورسوله ، ثم قام (ع) يهرول إليها فحملها وشمها وقال: هي هي بعينها ، أتعلم يا ابن عباس ما هذه الأبعار؟هذه قد شمها عيسى بن مريم (ع) وذلك أنه مر بها ومعه الحواريون ، فرأى هاهنا الظباء مجتمعة وهي تبكي ، فجلس عيسى (ع) وجلس الحواريون معه ، فبكى وبكى الحواريون وهم لا يدرون لم جلس ولم بكى؟ فقالوا: يا روح الله وكلمته ما يبكيك؟قال: أتعلمون أي أرض هذه ؟ قالوا: لا . قال: هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول أحمد ، وفرخ الحرة الطاهرة البتول شبيهة أمي ، ويلحد فيها ، طينةٌ أطيب من المسك لأنها طينة الفرخ المستشهد ، وهكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء (ع) ، فهذه الظباء تكلمني وتقول: إنها ترعى في هذه الأرض شوقاً إلى تربة الفرخ المبارك ، وزعمت أنها آمنة في هذه الأرض .
ثم ضرب بيده إلى هذه الصيران (صرر المسك) فشمها وقال: هذه بعر الظباء على هذا الطيب لمكان حشيشها ، اللهم فأبقها أبداً حتى يشمها أبوه فتكون له عزاء وسلوة ، قال: فبقيت إلى يوم الناس هذا ، وقد اصفرت لطول زمنها ، وهذه أرض كرب وبلاء . ثم قال بأعلى صوته: يا رب عيسى بن مريم ، لا تبارك في قتلته والمعين عليه والخاذل له ، ثم بكى بكاء طويلاً وبكينا معه ، حتى سقط لوجهه وغشي عليه طويلاً .
ثم أفاق فأخذ البعر فصره في ردائه وأمرني أن أصرها كذلك ، ثم قال: يا ابن عباس ، إذا رأيتها تنفجر دماً عبيطاً ويسيل منها دم عبيط ، فاعلم أن أبا عبد الله قد قتل بها ودفن . قال ابن عباس:فوالله لقد كنت أحفظها أشد من حفظى لبعض ما افترض الله عز وجل عليَّ، وأنا لا أحلها من طرف كمي فبينما أنا نائم في البيت إذ انتبهت فإذا هي تسيل دماً عبيطاً ، وكان كمي قد امتلأ دماً عبيطاً ، فجلست وأنا باك ، وقلت: قد قتل والله الحسين ، والله ما كذبني عليٌّ قط في حديث حدثني ، ولا أخبرني بشئ قط أنه يكون إلا كان كذلك ، لأن رسول الله (ص) كان يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره .
ففزعت وخرجت وذلك عند الفجر ، فرأيت والله المدينة كأنها ضباب لا يستبين منها أثر عين ، ثم طلعت الشمس فرأيت كأنها منكسفة ، ورأيت كأن حيطان المدينة عليها دم عبيط ، فجلست وأنا باك ، فقلت: قد قتل والله الحسين ، وسمعت صوتاً من ناحية البيت ، وهو يقول: إصبروا آل الرسول قتل الفرخ النحول . نزل الروح الأمين ببكاء وعويل . ثم بكى بأعلى صوته وبكيت ، فأثبت عندي تلك الساعة ، وكان شهر المحرم يوم عاشوراء لعشر مضين منه ، فوجدته قتل يوم ورد علينا خبره وتاريخه كذلك ، فحدثت هذا الحديث أولئك الذين كانوا معه ، فقالوا: والله لقد سمعنا ما سمعت ، ونحن في المعركة ، ولا ندري ما هو ، فكنا نرى أنه الخضر (ع) ).
بعث الله عيسى (ع) رسولاً قبل السابعة من عمره
في الكافي (1/322): (عن الخيراني قال: كنت واقفاً بين يدي أبي الحسن (ع) بخراسان فقال له قائل: يا سيدي إن كان كون فإلى من؟ قال: إلى أبي جعفر ابني، فكأن القائل استصغر سن أبي جعفر (ع) ، فقال أبو الحسن (ع) : إن الله تبارك وتعالى بعث عيسى بن مريم (ع) رسولاً نبياً ، صاحب شريعة مبتدأة ، في أصغر من السن الذي فيه أبو جعفر ).
أقول: ستعرف في فصل وصية عيسى لشمعون الصفا (ع) أن السلطة أرادت قتله بعد نحو سنتين من ولادة عيسى وقتل يحيى (ع) ، فهربت بهما أماهما ، وقبضت السلطة على زكريا (ع) يسألونه عن يحيى فأنكر معرفته بمكانه فقتلوه .
فورثه يحيى (ع) على صغر سنة وآتاه الله الحكم صبياً كما قال تعالى: يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا. وعليه ، فلا يصح القول إن يحيى (ع) قتل في حياة أبيه ، ولا في حياة عيسى (ع) ، فلو صح ذلك لما أوتي الحكم ولا أخذ الكتاب !
ثم أرسل الله عيسى (ع) وهو صبي أيضاً وأمر يحيى بطاعته فعمل بإمرته ، ثم أوصى المسيح الى شمعون الصفا ، وعمل يحيى بإمرته ثلاثين سنة الى أن قتل شمعون فأوصى الى يحيى ، ثم قتل يحيى فأوصى الى المنذر بن شمعون الصفا (ع) .
وصف أمير المؤمنين لعيسى (ع)
قال أمير المؤمنين (ع) : (وإن شئتُ قلتُ في عيسى بن مريم (ع) ، فلقد كان يتوسد الحجر ويلبس الخشن ، وكان إدامه الجوع ، وسراجه بالليل القمر ، وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها ، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم ، ولم تكن له زوجةٌ تفتنه ، ولا ولدٌ يحزنه ، ولامالٌ يلفته ، ولا طمعٌ يذله . دابته رجلاه ، وخادمه يداه ). ( نهج البلاغة 1: 293 ).
2022-04-21