الرئيسية / بحوث اسلامية / الحسين في الفكر المسيحي – انطوان بارا

الحسين في الفكر المسيحي – انطوان بارا

الصفحة (195)

الأسبابُ البعيدة للثورة

بواعث الثورة لدى الحسين لم تبدأ في عصره وعصر خصمه يزيد ، بل كان لها جذور تاريخيّة بدأت منذ عهد قروم عبد مناف ، ثمّ إلى قريش . فالهاشميّون والاُمويّون من اُرومة واحدة ، إلاّ أنّهم يختلفون عن بعضهم بالأخلاق والمُثُل ؛ إذ كان بنو هاشم أخلاقيّين أريحيّين ، بينما بنو اُميّة نفعيّون دهاة سيّما مَن كان منهم في أصل عبد شمس من الآباء .

ولعلّ خير وصف للأُسْرَتَين ذلك الذي قاله نفيل بن عدي لمّا تنافر له عبد المطّلب وحرب بن اُميّة ، فقال لحرب :

أبوك مُعاهرٌ وأبوه عفٌّ         وذادَ الفيلَ عن بلدٍ حرامِ

وكان نفيل يشير إلى فيل أبرهة الذي أغار به على مكّة ، ويعني عن اُميّة بـ( معاهر ) لِما عُرف عنه من تعرّضه للنساء ، وما أشيع من أنّه ضُرب مرّة بالسيف لتعرّضه لامرأة من بني زهرة .

الصفحة (196)

ولعلّ اختلاف الأمزجة والأخلاق هو الذي حدّد مسار أجيال أبناء هاشم وأبناء عبد شمس ، فقد عُرف عن بني هاشم تعلّقهم وعملهم في القيادة الدينيّة ، وعُرف عن عبد شمس عملهم في التجارة والسياسة .

وإذا اختلفت الأمزجة والطبائع بين البشر فلا بدّ من اختلاف النظرة إلى الاُمور ، وإلى كيفيّة أخذها تبعاً لذلك ؛ لذا كان من المحتّم أن تقوم المواجهة السافرة حيناً ، والمبطّنة حيناً آخر بين فروع العائلتَين المنحدرتَين من عبد مناف .

وطبيعي إذا ما تفجّرت مثل هذه المواجهة وتفاقم بين الأُسْرَتَين الخلاف أن يعرف المطّلع ـ وقد خَبُر فارق الطبائع والأمزجة ـ مَن سيكون المعتدي ، ومَن سيكون المعتدى عليه ، ومَن يأخذ جانب الباطل ، ومَن يأخذ جانب الحقّ .

ولو عرضنا هذا الأمر على مطلق إنسان لأجاب : بأنّ النفعي هو ممثّل الباطل ، والأريحي هو ممثّل الحقّ . وعلى نفس المقياس يجيب أيضاً : بأنّ التاجر والسياسي هو مشعل فتيل الخلاف ، على القائد الديني وداعية الأخلاق .

وإذا كان من غير المناسب أن نخوض في الأسباب التاريخيّة لخلاف بني هاشم وبني اُميّة في متن كتابنا التحليلي هذا ، تاركين هذه المهمّة لكتب التاريخ الصرفة التي تهتمّ بسرد الحوادث دونما تحليلها وإبداء الرأي حولها ، فإنّ ذلك لن يمنعنا من تقديم نبذة بسيطة عن هذا الخلاف مذ تفجّر حتّى وصلت نتائجه إلى عهد الحسين ويزيد ، وما كان من الحوادث التي تلت .

وما دمنا لا نبغي التركيز على تلك الفترات التاريخيّة إلاّ فيما ينفعنا لمادّة هذا الكتاب الذي نتوجّه به للفكر المسيحي العربي والغربي أوّلاً ، وللفكر الإسلامي ثانياً ، فإنّ في تعريجنا السريع على تلك الفترة من شأنه إكمال الصورة المجزّأة لملحمة كربلاء ، وما سبقها من أسباب وبواعث وأحداث ، ما دمنا قد أكملنا الأجزاء التي تلتها ، فصار

الصفحة (197)

لزاماً علينا وضع الأجزاء التي سبقتها لإكمال صورتها النهائيّة .

صراعُ موروث

جذور الخلاف الاُولى تمتدّ إلى صراع موروث وتخاصم حاد منذ عهد الجاهليّة الاُولى بشرارة بدأت بين هاشم واُميّة ، وامتدّت بين محمّد (صلّى الله عليه وآله) وأبي سفيان ، واستمرّت إلى عهد علي ومعاوية ، وانتهت بعهد الحسين ويزيد .

وقد جاءت وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) لتكشف عن استمراريّة تمكّن روح القبليّة بين المسلمين ، إذ لم تمضِ ساعات على وفاة الرسول الأعظم حتّى بدأت المداولات هنا وهناك بمعزل عن جموع اُمّة الإسلام العريضة ، وكلّها تبحث في مسألة الخلافة بعد النبي (صلّى الله عليه وآله) .

فرأى الأنصار بأنّ الخلافة من حقّهم ، ونازعهم فريق قريشي هذا المنطق . وكان عامل الذهول الذي أصاب المسلمين بوفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) قد جعلهم يتناسون عهد النبي إلى علي بن أبي طالب (عليه السّلام) . وكانت هذه الروح القبليّة التي تأجّجت يوم السقيفة هي البذرة الاُولى للفتنة التي نشبت بين المسلمين .

وحينما تولّى عمر الخلافة فرض العطاء على مبدأ التفضيل ، ففضّل السابقين على غيرهم ، وفضّل المهاجرين على الأنصار ، والعرب على العجم ، والصريح على المولى ، ومضر على ربيعة ، والأوس على الخزرج(1) .

ـــــــــــــ
(1) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد 8 / 111 ، وتاريخ اليعقوبي 2 / 106 ، وفتوح البلدان / 437 .

الصفحة (198)

ولكن عمر ما كاد يدرك أخطار مبدئه هذا ، السياسيّة منها والاجتماعيّة والدينيّة ، ويرغب في تغييره ، حتّى اغتيل(1) ، وخلفه عثمان وسار على نفس نهجه السابق .

وما عتمت الأحداث أن تطوّرت ، وانقسمت الاُمّة الإسلاميّة إلى صفَّين ؛ فكانت قريش ـ عدا بني هاشم ـ مع عثمان ، والأنصار مع علي . ولعلّ أصدق موقفَين يصوّران حالة الجدل التي تفشّت وقتذاك هذان الموقفان : فقد قال عبد الله بن سعد بن أبي سرح الاُموي : أيّها الملأ إذا أردتم ألاّ تختلف قريش فيما بينها فبايعوا عثمان(2) .

وقال عمّار بن ياسر : إن أردتم ألاّ يختلف المسلمون فيما بينهم فبايعوا عليّاً(3) . ولمّا كان علي (عليه السّلام) مرشّح الأكثريّة المسلمة ، وعثمان مرشّح الأرستقراطيّة القرشيّة ، فقد فاز عثمان بالبيعة دون علي .

ومنذ ذلك اليوم دخل الاُمويّون في الحكم ، وكان من نتيجة فوز عثمان أن صار أي مرشّح يرجو الخلافة لنفسه بعد أن رشّحه لها عمر . وقد وصف هذه النتيجة علي (عليه السّلام) بقوله : (( لأسلمن ما سلمت اُمور المسلمين , ولم يكن فيها جَور إلاّ عليَّ خاصّة ))(4) .

وقد تفاعلت هذه الأحداث مع سياسة عثمان الفاسدة في المال والإدارة والحكم

ـــــــــــــــ
(1) في تاريخ اليعقوبي ، وشرح نهج البلاغة قال عمر : إن عشتُ هذه السنة ساويتُ بين الناس ، فَلَم أفضّل أحمر على أسود ولا عربياً على عجمي ، وصنعتُ كما صنع رسول الله وأبو بكر .
(2) و (3) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد 9 / 59 ، وتاريخ الطبري 4 / 232 ـ 233 .
(4) نهج البلاغة 1 / 151 .

الصفحة (199)

فبدأ الانحراف الصريح في العقيدة ومبادئ الإسلام من يومها .

وقد ازداد الفساد في عهده فضرب كلّ الولايات الإسلاميّة ، ممّا ألّب جموع المسلمين عليه فتنادوا إلى الثورة ضدّه بعد أن ضيق بأعمالهم ، وبعثهم إلى أرض العدو كجنود ـ وجمّرهم ـ أي جمّدهم هناك ، وحرم أعطياتهم ليطيعوه ، ولكن هذه الأحداث انتهت بمقتل عثمان(1) .

ولايةُ علي (عليه السّلام)

بعد مقتل عثمان جاءت الجموع تطالب علياً بتولّي الحكم ، لكنّه أبى عليهم ذلك ؛ لأنّ للحكم تبعات سيّئة بعد ولاية عثمان ، لذا قال لهم : (( دَعُونِي وَالْتَمِسُوا غَيْرِي ؛ فَإِنَّا مُسْتَقْبِلُونَ أَمْراً لَهُ وُجُوهٌ وَأَلْوَانٌ , لا تَقُومُ لَهُ الْقُلُوبُ وَلا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْعُقُولُ , وَإِنَّ الآفَاقَ قَدْ أَغَامَتْ وَالْمَحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرَتْ . وَاعْلَمُوا أَنِّي إِنْ أَجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ مَا أَعْلَمُ , وَلَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَعَتْبِ الْعَاتِبِ , وَإِنْ تَرَكْتُمُونِي فَأَنَا كَأَحَدِكُمْ ، وَلَعَلِّي أَسْمَعُكُمْ وَأَطْوَعُكُمْ لِمَنْ وَلَّيْتُمُوهُ أَمْرَكُمْ ، وَأَنَا لَكُمْ وَزِيراً خَيْرٌ لَكُمْ مِنِّي أَمِيراً ))(2) .

ولكنّ المسلمين أبوا عليه هذا الرفض ، فاستجاب لهم وبويع بالحكم ، وقد بدأ (عليه السّلام) بإصلاح الإدارة التي أفسدها عثمان ، ونجح في ذلك . وقد قال بهذا الصدد :

ــــــــــــــ
(1) مروج الذهب ـ المسعودي

(2) نهج البلاغة 1 / 217 .

الصفحة (200)

(( وَلَكِنَّنِي آسَى أَنْ يَلِيَ أَمْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ سُفَهَاؤُهَا وَفُجَّارُهَا ؛ فَيَتَّخِذُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلاً , وَعِبَادَهُ خَوَلاً , وَالصَّالِحِينَ حَرْباً ، وَالْفَاسِقِينَ حِزْباً )) .

وقضى الإمام على الفروق الجاهليّة , وكان مبدؤه بهذا الصدد : (( الذليل عندي عزيز حتّى آخذ الحقّ له ، والقويّ عندي ضعيف حتّى آخذ الحقّ منه ))(1) .

ولم يمضِ بعض الوقت حتّى وضع الإمام علي الاُمور بنصابها وأحقّ الحقّ وقضى على التفاوت الطبقي ، ممّا أثار حفيظة قريش فأرسلوا له الوليد بن عقبة بن أبي معيط يفاوضه ؛ كي يضع عنهم ما أصابوه من مال أيّام عثمان على أن يبايعوه ، ولكنّ الإمام رفض ، فبدأت الدسائس والمؤامرات ، وكان أوّلها حركة تمرّد في البصرة تحت شعار ( الثأر لعثمان ) ، فقمعها الإمام ، وفرّ مَن بقي من أنصارها إلى الشام ، حيث قامت حكومة برئاسة معاوية بن أبي سفيان انضوى تحت لوائها كلّ الموتورين الذين ساءهم إصلاح حال الاُمّة الإسلاميّة على يد علي (عليه السّلام) .

ولم تدُم الأيّام طويلاً فولدت حركة تمرّد اُخرى تحت شعار ( الثأر لعثمان ) ، وكانت بزعامة معاوية فكانت معركة صفّين وكانت خدعة التحكيم ، ثمّ النهروان ، ثمّ مقتل علي (عليه السّلام) ، ومبايعة ابنه الحسن ، واضطراره للتخلّي عن الحكم تحت ضغط الأحداث وتوالي المؤامرات والدسائس .

انتقامُ معاوية من شيعة علي

وصارت الاُمور إلى معاوية وسيطر على الاُمّة الإسلاميّة كلّها ، يسوسها

ـــــــــــــــ
(1) نهج البلاغة 1 / 218 .

      الصفحة (201)

بالإرهاب والتجويع ، والتخدير باسم الدِّين ، والتدجين باسم القبليّة والإمامة . وكان من دهائه وخبثه أن استدعى بسر بن أرطأة وقال له : لا تنزل على بلد أهله على طاعة علي إلاّ بسطت عليهم لسانك حتّى يروا أنّهم لا نجاء لهم ، وأنّك محيط بهم ، ثمّ اكفف عنهم وادعهم إلى البيعة لي ، فمَن أبى فاقتله ، واقتل شيعة علي حيث كانوا(1) .

وقد كتب نسخة إلى عمّاله بعد ما سمّاه بعام الجماعة يقول فيها : أن برئت الذمّة ممَّن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته . فقامت الخطباء فوق كلّ منبر يلعنون علياً ويبرؤون منه ، ويقعون فيه وفي أهل بيته .

وقد عالن الناس بطبيعة حكمه بكلمته الشهيرة : يأهل الكوفة أترونني قاتلكم على الصلاة والزكاة والحج ؟ وقد علمت أنّكم تصلّون وتزكّون وتحجّون ، ولكنّي قاتلتكم لأتأمّر عليكم ، وألِيَ رقابكم ، وقد آتاني الله ذلك وأنتم كارهون .

وقد سجّل له التاريخ بأنّه نكّل بشيعة علي بعد موت ابنه الحسن أيّما نكال ، واستباح دماً كثيراً ، فكانت الأعداد في خانة الاُلوف ، وكانت وسائله في ذلك زمرة من السفّاحين ، مثل زياد وسمرة بن جندب الذي قتل كلّ مَن اتّهم بدم عثمان ، وسبى نساء همدان وباعهن في الأسواق مسجّلاً بذلك سابقة خطيرة في بيع نساء المسلمين(2) .

وبلغ من شدّة دهاء معاوية أن جعل الكثيرين يعتقدون بسعة حلمه وكرمه وصبره ، وكان ذلك بفعل نشاط ( القصّاصين ) الذين كانوا يتولّون إذاعة كلّ مليح وحسن عنه مستشهدين بفلان وفلان ..

ـــــــــــــــ
(1) نهج البلاغة 2 / 6 ـ 7 .

(2) ذكرت بعض المراجع أنّ إرهاب معاوية دفع بالناس لإعلان زندقتهم وكفرهم على أن لا يقال عنهم أنّهم من شيعة علي .

الصفحة (202)

وقد نجح في سياسته بتأليب القبائل على بعضها في الشام والعراق واليمن ، وإثارة العصبيّات بينها لتشغل ببعضها عنه ، وقد وصف ـ ولها وزن ـ هذه السياسة بقوله : وأجّج الولاة نار هذه الخصومة ، ولم يكن تحت تصرّف الولاة إلاّ شرطة قليلة ، وفيما سوى ذلك كانت فرقهم من مقاتلة المصر ، حتّى إذا أحسنوا التصرّف تهيّأ لهم أن يضربوا القبائل بعضها ببعض ، وأن يثبتوا مركزهم بينهم(1) .

وكان من نتيجة هذه السياسة أن ظهر الشعر السياسي والحزبي والقبلي ، واشتعلت حرب الهجاء والمفاخرات القبليّة الجوفاء ، فانضمّ الأخطل إلى الاُمويّين ، ضدّ قيس عيلان شاعر التغلبيين ، ثمّ انضمّ إلى الفرزدق على جرير لسان القيسيّة على تغلب .

استفحالُ خطر التحريف

وتطوّرت هذه الروح القبليّة وصارت خطراً اتّخذ شكل تأليف الأحاديث ونسبها إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) .

واستفحلت حال المسلمين , وبدا أنّ الاُمّة في طريقها إلى الانهيار الكامل ؛ فقد بدأت ألوان جديدة من التحريف في أحاديث منسوبة إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله)(2) مثل : إنّ الله ائتمن على وحيه ثلاثاً : أنا وجبريل ومعاوية .

ـــــــــــــــــ
(1) الدولة العربية ، ولها وزن .

(2) في سلسلة دروس فقهيّة ألقاها المرجع الديني الأعلى الإمام المجاهد السيّد آية الله روح الله الخميني على طلاّب علوم الدين في النجف الأشرف ، جاء فيها : إنّ هؤلاء ليسوا بفقهاء ، وقسم منهم ألبستهم دوائر الأمن والاستخبارات العمائم لكي يدعوا الله للسلطان ، وقد ورد في الحديث في شأن هؤلاء : (( فاخشوهم على دينكم )) .

الصفحة (203)

وإنّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) ناول معاوية سهماً وقال له : خذ هذا حتّى تلقاني في الجنّة .
وأنا مدينة العلم ، وعليّ بابها ، ومعاوية حلقتها .

وتلقون من بعدي اختلافاً وفتنة ، فقال له قائل من الناس : فمَن لنا يا رسول الله ؟ قال : عليكم بالأمين وأصحابه . والأمين هنا عثمان .

ولتكون سياسة التدجين والإسكات تامّة ، فإنّ حديثاً أظهره أحدهم يقول : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): إنّكم سترون بعدي أثرة وأموراً تنكرونها ، قالوا : فماذا تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : أدّوا إليهم حقّهم ، وسلوا الله حقّهم . و مَن رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه(1) .

ولكنّ الاُمّة التي اضطُهدت وجُوّعت لم تعد تستطع الحراك وصارت في حالة ما بين وبين ، تخاف الجهر بما تعتقده وتخاف التحرّك بوحي من هذا الاعتقاد ، ولم يبقَ لها إلاّ السكوت على هذا الضيم ؛ لأنّ الكلام معناه القتل والتجويع والتشريد .

ولعلّ خير مَن صوّر هذا الموقف المتذبذب الخائف للحسين كان الفرزدق حين سأله (عليه السّلام) عن أهل الكوفة ، حيث أجابه : قلوبهم معك وسيوفهم عليك .

ولم يتأتّ لهذه الاُمّة ولو معشار ما تأتّى للجيل الذي سبقها أيّام عثمان ، فقد كانت ردّات فعل الاُمّة آنذاك قويّة استطاعت أن توقف عثمان عند حدّه ، ولكن على عهد معاوية أسقط في يد اُمّة الإسلام ، فمعاوية كان من الدهاء والغدر والثعلبيّة ما لم يكن لثعمان ، وقد نجح في سياسة البطش والإرهاب نجاحاً لم يبلغه سابق ولا لاحق له .

ــــــــــــــــ
(1) ذكر البخاري كثيراً من هذه الأحاديث المنسوبة ، كما جاء ذكرها في كثير من كتب الأحاديث .

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...