الرئيسية / من / الكلمات القصار – الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين

الكلمات القصار – الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين

الولاية

* إنّ من دان بولاية إمام جائر فعقد قلبه على ولايته، كان كمن عناهم الله تعالى بقوله سبحانه: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾1 وقوله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾2. أمّا من دان بولاية إمام عادل، فعقد قلبه على ذلك، فهو ممّن عناهم الله تعالى بقوله: ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ3. 4

 

1- سورة المائدة، الآية: 51.

2- سورة الممتحنة، الآية: 9.

3- سورة المائدة، الآية: 56.

4- الموسوعة، ج4، أجوبة مسائل موسى جار الله، تسلسل ص 1715.

 


الشيعة

* إنّ الشيعة إنّما جروا على منهاج العترة الطاهرة، واتّسموا بسماتها، وإنّهم لا يطبعون إلّا على غرارها، ولا يضربون إلّا على قالبها، فلا نظير لمن اعتمدوا عليه من رجالهم في الصدق والأمانة، ولا قرين لمن احتجّوا به من أبطالهم في الورع والاحتياط، ولا شبيه لمن ركنوا إليه من أبدالهم في الزهد والعبادة وكرم الأخلاق، وتهذيب النفس ومجاهدتها ومحاسبتها بكلّ دقّةٍ آناء الليل وأطراف النهار1.

 

* لا يُبارون في الحفظ والضبط والإتقان، ولا يجارون في تمحيص الحقائق والبحث عنها بكلّ دقّة واعتدال، فلو تجلّت للمعترض حقيقتهم – بما هي في الواقع ونفس الأمر – لَناط بهم ثقته، وألقى إليهم مقاليده2.

 

1- الموسوعة، ج1، المراجعات، تسلسل ص 77.

2- الموسوعة، ج1، المراجعات، تسلسل ص 77.
* من وقف على شؤونهم (أي الشيعة) يعلم أنّهم مثال الصدق والأمانة، والورع والزهد والعبادة والإخلاص في النصح لله تعالى، ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكتابه عزّ وجلّ، ولأئمّة المسلمين ولعامّتهم، نفعنا الله ببركاتهم وبركاتكم، إنّه أرحم الراحمين3.

 

* إنّ أولي الألباب ليعلمون بالضرورة انقطاع الشيعة الإماميّة خلفاً عن سلف في أًصول الدّين وفروعه إلى العترة الطاهرة، فرأيهم تبع لرأي الأئمّة من العترة في الفروع والأصول وسائر ما يؤخذ من الكتاب والسنّة، أو يتعلّق بهما من جميع العلوم، لا يعوّلون في شيء من ذلك إلّا عليهم، ولا يرجعون فيه إلّا إليهم4.

 

* هم يدينون الله تعالى، ويتقرّبون إليه سبحانه بمذهب أئمّة أهل البيت، لا يجدون عنه حولاً ولا يرتضون بدلاً، على ذلك مضى سلفهم الصالح من عهد أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمّة التسعة من ذرّيّة الحسين عليهم السلام إلى زماننا هذا5.

 

* إنّ الشيعة من أوّل نشأتها لا تبيح الرجوع في الدّين إلى غير أئمّتها، ولذلك عكفت هذا العكوف عليهم،

 

3- الموسوعة، ج1، المراجعات، تسلسل ص 184.

4- الموسوعة، ج1، المراجعات، تسلسل ص 464.

5- الموسوعة، ج1، المراجعات، تسلسل ص 464.
وانقطعت في أخذ معالم الدّين إليهم، وقد بذلت الوسع والطاقة في تدوين كلّ ما شافهوها به، واستفرغت الهمم والعزائم في ذلك بما لا مزيد عليه, حفظاً للعلم الّذي لا يصحّ – على رأيها – عند الله سواه6.

 

* لا يخفى أنّ شيعة عليّ وأهل البيت عليهم السلام هم أتباعهم في الدّين وأشياعهم من المسلمين، ونحن – والحمد لله – قد انقطعنا إليهم في فروع الدّين وعقائده، وأصول الفقه وقواعده، وعلوم السنّة والكتاب، وفنون الأخلاق والسلوك والآداب, بخوعاً لإمامتهم، وإقراراً بولايتهم. وقد والينا أولياءهم وجانبنا أعداءهم, عملاً بقواعد المحبّة، وطبقاً لأصول الأخلاق في المودّة، فكنّا بذلك لهم شيعة، وكانوا لنا وسيلة وذريعة7.

 

* سلوا أيّها المسلمون كتب الإماميّة، متونها وشروحها، قديمها وحديثها تخبركم – وصاحب البيت أدرى بالّذي فيه – أنّهم أبعد الناس عن المحرّمات وأحوط العالمين على الحُرمات8.

 

* كانت الشيعة بعد صفّين والطفّ أعداء السياسة الأمويّة،

6- الموسوعة، ج1، المراجعات، تسلسل ص 465.

7- الموسوعة، ج3، الفصول المهمّة، تسلسل ص 1013.

8- الموسوعة، ج3، الفصول المهمّة، تسلسل ص 1129.
وأضداد الدولة العَبْشَمِيّة9، يجتهدون في رَفْضها ويعملون على نقضها، ففتكت بهم الحكّام وقتلتهم تحت كلّ حجر ومدر، ووازرهم على ذلك القرّاء المراؤون والعلماء الدجّالون، فبلغوا في تسويد صحائف الشيعة كلّ مبلغ، وألصقوا بهم كلّ عائبة، تهجيناً لمذهبهم، وتقبيحاً لمشربهم، وتصحيحاً لما كان يرتكبه بنو أميّة من تقتيل أبنائهم واستحياء نسائهم10.

 

* وقد علم الباحثون المتتبّعون أنّا لم ننفرد عن الجمهور – في مذهبنا كلّه – برأيٍ إلّا ولنا عليه دليل من طريقهم قاطع11.

 

* إنّ الطواغيت من الحكومات وقُضاتها عند الشيعة إنّما هم الظالمون الغاشمون المستحلّون من آل محمّد ما حرّم الله ورسوله، الباذلون كلّ ما لديهم من سطوة وجبروت في أن يبيدوا العترة الطاهرة من جديد الأرض. وقد وازرهم على هذا قُضاة الرشوة، وعلماء التزلّف المراؤون الدجّالون، فبلغوا في تسويد صحائف الشيعة كلّ مبلغ، وألصقوا بهم كلّ عائبة, إرجافاً بهم، وافتراءً عليهم، وجرأة على الله تعالى، واستخفافاً بحرماته عزّ وجلّ، وتهجيناً لمذهب أهل البيت عليهم السلام، وتشويهاً لوجه

9- يعني: بني عبد شمس.

10- الموسوعة، ج3، الفصول المهمّة، تسلسل ص 1145 – 1146.

11- الموسوعة، ج4، فلسفة الميثاق والولاية، تسلسل ص 1592.
الحقّ، وتصحيحاً لما كان يرتكبه الغاشمون من النهب والسلب، والشتم والضرب، وتحريق البيوت، وتقطيع النخيل، وقتل الرجال، واصطفاء الأموال12.

 

* إنّ الشيعة الإماميّة لم يغلو ولم يقلوا، بل كانوا أُمّة وسطاً بين الغالية والقالية، وهذا ما تثبته كتبهم الكلاميّة بأدلّتها القاطعة وحججها البالغة، فليراجعها من يبتغي الحقّ جليّاً13.

 

* إنّ التشيّع من أوّل أيّامه إلى يوم القيامة ليس إلّا التمسّك بالثقلين: كتاب الله عزّ وجلّ، وأئمّة العترة الطاهرة، والانقطاع إليهما في أُصول الدّين وفروعه وفي كلّ ما يتّصل به، أو يكون حوله مع موالاة وليّهم في الله، ومعاداة عدوّهم في الله عزّ وجلّ14. هذا هو التشيّع الّذي كان عليه السلف الصالح منّا، والخلف البارّ من عهد عليّ وفاطمة بعد رسول الله حتّى يقوم الناس لربّ العالمين15.

 

* يجب أن يُعلم أنّ عُصاة المؤمنين يعذّبون يوم القيامة

12- الموسوعة، ج4، أجوبة مسائل موسى جار الله، تسلسل ص 1631.

13- الموسوعة، ج4، إلى المجمع العلميّ العربيّ بدمشق، تسلسل ص 1752.

14- راجع: الجامع الصحيح 5: 663، ح 3788؛ المعجم الصغير 1: 135؛ ذخائر العقبى: 16؛ الدرّ المنثور 6: 7 و 306؛ الصواعق المحرقة: 149، الباب 11، الفصل 1؛ كنز العمّال 1: 154؛ الموسوعة ج 1، المراجعات، المراجعة 8.

15- الموسوعة، ج4، إلى المجمع العلميّ العربيّ بدمشق، تسلسل ص 1757.

 

على قدر ذنوبهم، ثمّ ينالون الكرامة في دار المُقامة، على ذلك إجماع أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم، بل هو من الضروريّات عندهم16. 17

16- راجع: بحار الأنوار 8: 351 – 374، كتاب العدل والمعاد، باب آخر من يخلد في النّار و….

17- الموسوعة، ج3، الفصول المهمّة، تسلسل ص 992.

 

 

 

المدرسة الجعفريّة

* في مصارعة هذا التيّار1 أوحى إلينا الواجب الدّينيّ أن نقوم بتأسيس المدرسة الجعفريّة على الشرط الّذي كنّا نفكّر فيه من بعيد، فأمضيت نيّتي على ذلك متوكّلاً على الله – عزّ وجلّ – فإيّاه نعبد وإيّاه نستعين2.

 

* وفتحنا أبوابها معهداً علميّاً أسميناه “المدرسة الجعفريّة”، رمزاً للعلم والدّين ووسام شرف خالد، فجاءت كما نحبّ ممّا كنّا نأمل من خدمة العلم، وترسيخ المبادئ الإسلاميّة الإماميّة، والحمد لله وليّ التوفيق3.

 

* تبرّعت يومئذ هذه المدرسة بالتربية والتعليم مجّاناً لكلّ من خضع لقانونها من فقير أو غنيّ، وساعدت الفقير بلوازمه المدرسيّة قربة إلى الله تعالى: ﴿وَمَا

 

1- أي تيّار الطلبة المتغرّبين.

2- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3345.

3- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3348 – 3349.

 

عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ4، يهيمن عليها مدير قدير معه ثلّة من الأساتذة المَهَرَة، يسلكون في تربية الناشئة أسهل الطرق الحديثة، فإذا التلامذة – وهم على الدوام يربون على الثلاث مائة – يرتشفون معسول المعارف والأخلاق، ناهلين من نمير الدّين والآداب، وهذا ما كنت من أمد بعيد أتوخّاه!5

 

* إنّ من الوفاء لهذه المؤسّسة العزيزة – المدرسة الجعفريّة – أن ننشر من جهادها الصامت صفحةً تدلّ على معناها الّذي أقامها على عنت الدهر في سنيّها المعصوبة6، وأمضاها على تكهّم7 الأيّام، وركزها على تقلقل الناس من حولها، بين جاحدين ومتقلّبين ومحاربين8.

 

* وكلّ سلاح بعد الإيمان بالله تعالى سلاح مفلول، وحجّة عوراء، لا يبلغان مأمناً، ولا يصمدان لوثبة، ولينفخ المادّيون في أبواقهم – بعدئذٍ – ما نفخوا، فهم من مغزى المدرسة الجعفريّة في سبيل يناقضها، يذهبون منه إلى شرفاتها الشامخة معانيَ من صفير الرياح الدارجة، وترسو هي في معاني الخلود الباقية، تمرُّ بها

4- سورة آل عمران، الآية: 198.

5- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3348.

6- المعصوبة: المجتمعة. راجع المعجم الوسيط: 603، “ع. ص. ب”.

7- التكهّم: الشدائد. راجع المعجم الوسيط: 803، “ك. هـ. م”.

8- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3348.

 

الأعاصير والعواصف، ثمّ تتلاشى مرّةً بعد أُخرى، وهي هي الثابتة ثبوت الحقائق لا تتبدّل9.

 

* تجتاز أشواطها والحياة ممتحنة بأشدّ المكاره، وأعوص عقد التأريخ، فتنتهي إلى كمالها الرائع.

 

* وكلّ صعب من هذه الصعاب جند مجنّد لشدّ أزرها. فلو أنّ جهد المال والناصر، وجهد الزمان والمكان تظافرت على صنع نهايتها المصنوعة لما جاءت بأحسن منها، ولا أتمَّ غايةً, لأنّها لم تدّخر لنجاحها جهداً من تلك الجهود، وإنّما اعتمدت على جهد الصدق والإخلاص لله وحده لتنشئ جيلها المرموق من الصدق والإخلاص لله وحده10.

 

* وكأنّ “المدرسة الجعفريّة” حين عارضها المترفون – وهي في المهد – أرادت أن تكون الدليل على بطلان هذه المقاييس11 وأن تنشئ – فيما تنشئ – مقياساً أدلّ على الفضل وأولى بالاتّباع، وهذا هو القياس المنتزع من الإيمان بالله، والإخلاص لوجهه – تعالى – مع قوّة النفس، وصالح العمل12.

 

* كذلك شاء الله أن تكون فكانت واحةً لا يضرّها ما يحدق بها – في صحرائها – من الأجادب والسباخ ولا يعديها. بل كانت واحةً فيها من

9- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3449.

10- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3449.

11- مقاييس المادّيين.

12- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3450.

 

كلّ حسن معنى، ومن كلّ عطر شذى، ومن كلّ قوّة مظهر، لم تكتف بسلامتها من محيطها الوبئ حتّى خلعت عليه مطارف الحياة والصحّة13.

 

* جرت (المدرسة الجعفرية) في المنافع سلسالاً دافقاً، وفي الأجادب نماءً وارقاً. وفي السباخ14 خِصباً خَصباً15.

 

* غرست هذه المدرسة في نفوس طلّابها المبادئ اللازمة للمسلم الإماميّ العربيّ الّذي يبني حياته العامّة على حياته الفرديّة الخاصّة، ويكون من أفراده الصلحاء مجتمعاً صالحاً، فإذا هم في قابليّة لفهم الحياة على أقوم قواعدها. تربية ذوق، وتهذيب سليقة، وترهيف حسّ، وجلو نظر، وسلامة عقيدة، بطرق قويمة ينتهون منها إلى اختيار حسن، وتفكير مستقيم، وشعور حيّ، وعين يقظى، وإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر متين16.

 

13- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3350.

14- السباخ: أرض مالحة لا تكاد تنبت إلاّ بعض الأشجار، راجع مجمع البحرين 324:2.

15- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، ص 3350.

16- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، ص 3350 – 3351.

 

 

الوحدة الإسلاميّة

* قد ولَّى زمن الاعتداء وأقبل عصر الإخاء، وآن لجميع المسلمين أن يدخلوا مدينة العلم النبويّ من بابها، ويلِجوا من باب حِطّة، ويلجؤوا إلى أمان أهل الأرض بركوب سفينتهم ومقاربة شيعتهم، فقد زال سوء التفاهم من البين، وأسفر الصبح عن توثّق الروابط بين الطائفتين، والحمد لله ربّ العالمين1.

 

* فليتّق اللهَ أهلُ الشقاق، ولينهض رجال الإصلاح بأسباب الوئام والوفاق، فقد نصب الغرب لنا حبائله، ووجّه نحونا قنابله، وأظلّنا مُنطاده بكلّ صاعقة، وأقلّنا نفقه بكلّ بائقة، وأحاط بنا أُسطوله، وضربت في أطلالنا طُبوله2.

 

 

1- الموسوعة، ج2، النصّ والاجتهاد، تسلسل ص 921.

2- الموسوعة، ج3، الفصول المهمّة، تسلسل ص 984.

 

* ولئن لم يعتصم المسلمون بحبل الاجتماع، ويبرؤوا إلى الله من هذا النزاع، ليكوننّ أذلّاء، خاسئين، وأرقّاء صاغرين، ﴿أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا3. 4

 

* إنّ كلّاً من الإماميّة والسنّيّة يؤمنان بالله، ويصدّقان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويقيمان الصلاة، ويؤتيان الزكاة، ويحجّان البيت، ويصومان الشهر، ويوقنان بالبعث، ويحلّلان الحلال، ويحرّمان الحرام، كما تشهد به أقوالهما وأفعالهما، وتحكم به الضرورة من كتبهما القديمة والحديثة، مختصرة ومطوّلة5.

 

* فما بالهم – وهم في الدّين إخوة – قد انشقّت عصاهم، واختلفت مذاهبهم، فهاج بينهم قَسْطل6 الشرّ، وتعلّقت أهواؤهم بفواقر الفتن؟ ولو رجعوا إلى ما أفتى به المنصفون من علمائهم، لأيقنوا أنّ الأمر على خلاف ما زعم المرجفون7.

 

* فهلمّوا يا قومنا، للنظر في سياستنا الحاضرة، وعرّجوا

 

3- سورة الأحزاب، الآية: 61.

4- الموسوعة، ج3، الفصول المهمّة، تسلسل ص 984.

5- الموسوعة، ج3، الفصول المهمّة، تسلسل ص 995.

6- في خبر وقعة نهاوند: “لمّا التقى المسلمون والفُرس غشيهم ريحٌ قسطلانيّة” أي كثيرة الغبار وهي منسوبة إلى القسطل: الغبار. النهاية في غريب الحديث والأثر 4: 61، “ق. س. ط. ل”.

7- الموسوعة، ج3، الفصول المهمّة، تسلسل ص 997.

 

عمّا كان من شؤون السياسة الغابرة, فإنّ الأحوال حرجة، والمآزق ضيّقة لا يناسبها نبش الدفائن، ولا يليق بها إثارة الضغائن8.

 

* قد آن للمسلمين أن يلتفتوا إلى ما حلّ بهم من هذه المنابذات والمشاغبات الّتي غادرتهم طعمة الوحوش وفرائس الحشرات9.

 

* حَتّامَ هذا الإرجاف؟ وفِيمَ هذا الإجحاف؟ أليس الله – عزّ وجلّ – وحده لا شريك له ربّنا جميعاً، والإسلام ديننا، والقرآن كتابنا، وسيّد النبيّين وخاتم المرسلين محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم نبيّنا، وقوله وفعله وتقريره سنّتنا، والكعبة مطافنا وقبلتنا، والصلوات الخمس وصيام الشهر والزكاة الواجبة وحجّ البيت فرائضنا، والحلال ما أحلّه الله ورسوله، والحرام ما حرّماه، والحقّ ما حقّقاه، والباطل ما أبطلاه، وأولياء الله ورسوله أولياؤنا، وأعداء الله ورسوله أعداؤنا، ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ10، ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى11؟ أليس الشيعيّون والسنّيّون شَرعاً

 

8- الموسوعة، ج3، الفصول المهمّة، تسلسل ص 1132.

9- الموسوعة، ج3، الفصول المهمّة، تسلسل ص 1132.

10- سورة الحجّ، الآية: 7.

11- سورة النجم، الآية: 31.
في هذا كلّه سواء ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ12؟! 13

 

* إنّ الطريق الوحيد إلى الوحدة الإسلاميّة بين طوائف المسلمين، إنّما هو تحرير مذاهبهم، والاكتفاء من الجميع بالمحافظة على الشهادتين، والإيمان باليوم الآخر، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت، وصوم الشهر، والتعبّد بالكتاب والسنّة14.

 

* الاجتماع معراج الارتقاء، ومفتاح بركات الأرض والسماء15.

 

* وبعد، فإنّه لا حياة لهذه الأمّة إلّا بإجماع آرائها، وتوحيد أهدافها بجميع مذاهبها، وشتّى مشاربها على إعلاء كلمتها بإعلان وحدتها، في بنيان مرصوص، يشدّ بعضه أزر بعض، وجسم واحد إذا شكا منه عضو أنّت له سائر الأعضاء، حتّى ليكون المسلم في المشرق هو نفسه في المغرب، عينه ومرآته، دليله ومشكاته “لا يخونه ولا يخدعه، ولا يظلمه ولا يسلمه”16.

 

 

12- سورة البقرة، الآية: 285.

13- الموسوعة، ج4، أجوبة مسائل موسى جار الله، تسلسل ص 1598.

14- الموسوعة، ج4، أجوبة مسائل موسى جار الله، تسلسل ص 1714.

15- الموسوعة، ج6، مقالات، تسلسل ص 2421.

16- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4510.
* بذلك يكون المسلمون أمّةً واحدةً، وبه نكون كذلك خير أمّة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتعتصم بحبل الله جميعاً ولا تتفرّق، كالذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً، واختلفوا من بعد ما جاءتهم البيّنات، وتنازعوا ففشلوا وذهب ريحهم17.

 

* فالحذر الحذر، أيّها المسلمون من هذا الخطر، وأيّ خطر أدهى من أن تبقى الفِرقة فِرَقاً، والوحدة مزقاً، والألفة أشتاتاً، والنفوس أمواتاً؟ 18

 

* وإنّ من النصح لله ولرسوله ولكتابه، ولأئمّة المسلمين وعامّتهم إفشاء السلام وإحلال الوئام… ومن النصح: توحيد المسلمين، ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً19. 20

 

* فلا تقولوا بعد اليوم: هذا شيعي، وهذا سنّي، بل قولوا: هذا مسلم، فالشيعة والسنّة فرّقتها السياسة، وتجمعهما السياسة، أمّا الإسلام فلم يفرّق ولم يمزّق، الإسلام جمعهما بـ “أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله”، بـ “إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة“، بـ “صوم الشهر، وحجّ البيت”، بـ “الإيمان باليوم الآخر“، بـ “إحياء

 

17- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4510 – 4511.

18- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4511.

19- سورة الأنبياء، الآية: 92.

20- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4511.
ما أحياه الكتاب والسنّة”. بـ “إماتة ما أماتاه”، بـ “تحقيق ما حقّقاه”. بـ “إبطال ما أبطلاه”21.

 

* ولا فرق بينهما 22 إلّا كالفرق بين مذهب ومذهب من المذاهب الأربعة، ولكلّ من هذه المذاهب مفاهيم مستقاة من كتاب الله وسنّة نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم23.

 

* ذلك هو الإسلام السمح في محجّته البيضاء، وشريعته السهلة السمحاء، فليكن المسلمون مسلمين كما أراد الإسلام، سيراً على محجّته، والتزاماً بكتابه وسنّته24.

 

* كونوا جميعاً كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً، أو كالجسد الواحد يشتكي منه العضو، فتئنّ له سائر الأعضاء، وبذلك تسيرون في مهمّاتكم على خطّة واحدة، ترمون فيها بيد واحدة، عن قوس واحد، إلى غرضٍ واحد، ويد الله حينئذٍ معكم, لأنّ يد الله مع الجماعة، فلا تخطئون ولا تغلبون, لأنّ يد الله لا تخطئ ولا تلوى25.

 

 

21- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4511 – 4512.

22- السنّة والشيعة.

23- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4512.

24- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4512.

25- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4565.

 

 

 

* أرجو من المسلمين أجمع, أن يؤثروا وحدتهم الإسلاميّة على خصائصهم المذهبيّة, فلا يتعصّب أهل مذهب منهم على أهل مذهب آخر, ليكون الجميع أحراراً فيما قادهم الدليل الشرعيّ إليه – كما كان عليه سلفهم في صدر الإسلام – فإن فعلوا ذلك, كانوا في ظلّ منعة لا تُضام, وإلّا فهم هدف السهام وموطئ الأقدام أعاذهم الله26.

 

* ورجائي إليكم أن نكون جميعاً إخوان صدق ووفاء, نتساهم الإخلاص والصفاء, ونتقاسم ضرعي الجهد والرخاء, متناصحين لله, متوازرين على ما يوجب الزلفى لديه عزَّ وجلَّ, فعسى أن يعود حملة العلوم الإلهيّة بكم إلى سيرتهم الأولى, حيث كانت لهم الجلالة تعنو لها الجباه, وتتصاغر عندها الهمم, وبهذا يعلو شأن الدّين والمسلمين وإلّا فعلى الإسلام السلام27.

 

26- الموسوعة،ج4، إلى المجمع العلميّ العربيّ بدمشق، تسلسل ص 1745.

27- الموسوعة،ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 3194.


شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...