الرئيسية / الاسلام والحياة / الأسرة في الإسلام – حسن السلوك

الأسرة في الإسلام – حسن السلوك

سبق أن أشرنا أن الإيثار والفداء والتضحية من الوظائف الكبرى للرجل والمرأة في المنزل.

وإذا فقدت هذه الصفات في محيط الأسرة فقدت معناها.

وقلنا: يجب أن يحسن الزوجان التعامل فيما بينهما، فإنه يقوي أواصر المحبة والألفة، وييسر للأبناء التربية الصالحة، فضلاً عن ثوابه في الآخرة.

 الصغار الكبار

في علم النفس بحث عنوانه “الصغار الكبار”، القصد منه أن الإنسان ينظر أحياناً إلى مسألة يعدها صغيرة وحقيرة وهي كبيرة جداً من منظار معنوي وواقعي.

فقد يرى أحدهم أنه لا مانع من مواجهة الناس بلباس النوم أو لباس غير نظيف ولا مرتب.

هذا رأي شنيع لما يترتب عليه من سخرية من المؤمنين وتقليل شأنهم وابتعاد الناس عنهم وعدم السماع لهم.

وهكذا تنشأ كبار الأمور من صغارها.

 تخصيص وقت معين للزوجة

قد ينظر الإنسان إلى قول أو فعل في أسرته على أنه تافه ولا يؤثر فيمن يسمعه أو يراه، فيرتكبه في كل وقت ومكان غير دار إنه يعمل في نفوس متعلقيه كما يفعل السوس في الطعام.

فتخصيص ساعة من وقته بملاطفة زوجته وإكرامها بالتسرية عنها ومحادثتها في مختلف الشؤون يزيدها نشاطاً ومحبة وسروراً يضيء البيت ويؤلف القلوب، ويكشف عنها أعباء الحياة وأكدارها.

 مطالب الزوجة

على الرجل في البيت أن يستمع إلى زوجته بصدر رحب وذهن منفتح ملتفتاً إلى مطالبها المادية والمعنوية.

وإذا لم تعجبه طريقة حديثها أو تحدثت الزوجة بكلام غير معقول، فمن وظائفه أن يستمع لحديثها ابتداءً، ويصغي لما تقول إرضاءً لله تعالى واحتراماً لشخصها كزوجة، فإن له عند الله بذلك ثواباً عظيماً، لأنه تخلق بأخلاق الله استحق الأجر والثواب.

 مشورة الزوجة والأبناء

يجب على الرجل أن يخصص مقداراً من وقته لزوجته وأولاده، يجلس معهم ويتحدث إليهم، ويتحاور معهم في حل المعضلات والمشاكل، ويشاورهم في ذلك.

(وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل) سورة آل عمران، الآية: 159.

وإنما أمر بالمشاورة لأنها تكسب الآخرين ثقة بأنفسهم. والاستبداد بالرأي، وعدم الحساب لذهنية الزوجة يدخل في نطاق الاشتباه، الذي يؤدي إلى مخاطر تأتي على مصير الأسرة، وكما قلنا حتى إذا كان حديث الزوجة طفولياً وغير معقول يجب الإنصات له.

يعتقد بعض علماء النفس أن الأبناء كذلك ينبغي مشاورتهم، والقصد من ذلك هو احترام أفكارهم وعقائدهم وإدخالهم ضمن الحسابات.

وبقول آخر، المنزل بلد صغير يجب أن تصوب أعماله بالاستشارة، وطرح مشكلات هذا البلد الصغير على أهله وإعلامهم اطلاعاً على هذه المشكلات.

 إيجابية الاستشارة

إذا تمكن الأبناء والزوجة فتح صدورهم بعضهم لبعض يتحدثون ويتحاورون فيما ألم ويلم بهم، لن يصابوا بالعقد النفسية والأمراض العصبية، ووظيفة رب الأسرة في هذا الأمر أن يجيب عن أسئلتهم ومشاكلهم بأخلاق حسنة ولسان ذلق. لأن الاستبداد بالرأي وتحميل أفكاره بالقوة وفرضها على الزوجة والأولاد خطأ فاحش تتبعه آثار سيئة.

ومن المصاديق الأخرى لحسن التعامل في محيط الأسرة حينما يرى الرجل من زوجته قصوراً أو إهمالاً أو تثاقلاً فلا يصرخ بوجهها ولا يكيل لها الشتائم والسباب ولا ينتقدها بل يعظها ويسدي لها النصح بلسان طيب حسن فستكون سماعة دوماً لنصحه.

 الوقت المناسب للنصحية

يجب انتخاب الوقت المناسب لإسداء النصح، فمثلاً لا ينبغي نصيحة الزوجة وانتقادها بعد عمل من الصباح حتى المساء أتعبها، لأن الموعظة لا تؤثر أبداً بها وهي على هذه الحالة، بل قد تثمر نتائج معكوسة، فالموعظة لا تتطلب الراحة فقط، بل تتطلب كذلك حسن المعاملة والانسجام والتودد في الحديث وتتطلب أيضاً مكاناً مخصوصاً لها.

شيئان هما أساس العقل، السكوت والإنصات حين يتحدثون إليك، والحديث حين يسكتون.

الشكاية، الإنتقاد، النصحية، الهموم، و… كلها تحتاج إلى وقت مناسب، فمثلاً عندما تواجه الزوجة مشكلة تكون معها فاقدة السيطرة على أحاسيسها، لا يمكن إسداء النصح لها.

ولكن مع الأسف لا تراعي هذه المسائل المهمة وهذا بسبب التكبر الذي غالباً ما نكون مبتلين به، نريد أن نفرض أعمالنا وأحاديثنا على الآخرين، وهذا العمل غير محمود ونتائجه كذلك غير محمودة ولا نحصل منه إلا على إخراج المحبة والمودة من قلب الزوجة.

 آثار الصغار الكبار

إذا شوهد في بداية الحياة المشتركة حرارة خاصة بين الزوجين فذلك مرجعه إلى علاقة كل منهما بالطرف الآخر، ولكن بمرور الزمان تخفت شدة هذه الحرارة لعدم رعاية القضايا الصغيرة.

 تحتاج الموعظة إلى حسن السلوك

على سبيل المثال، وحين رجوعك إلى المنزل، وابنك مشغول في الخارج باللعب، لا ينبغي لك أن تصرخ في وجهه وتحقر زوجتك لعدم حضانتها وممارسة عملها كحاضنة للأبناء، حينها لا يجلب عليك هذا السلوك إلا الأثر المعاكس. وإذا أردت أن تسدي النصح لزوجتك، فعليك أن تكون في كامل الهدوء لتتحدث معها بشكل طبيعي مباشر أو غير مباشر وتجلب سمعها إليك بالمودة والمحبة وحسن الأخلاق لتلفتها إلى خطئها. ولا يوجد سلاح أحسن وأفضل من المعاملة الحسنة وحسن الخلق يوصلك إلى الأهداف المعنوية والمادية(1).

 مصداق آخر: مساعدة الزوجة في الأمور المنزلية

من المصاديق الأخرى لحسن المعاملة والخلق قولاً وعملاً هو إفهام الزوجة بذلك من خلال مساعدتها في الأعمال المنزلية. ولا يجدر بالرجل أن يكون كالضيف في البيت، والمرأة تبسط له مائدة الطعام وتأتي له بالماء، وتدير له الشاي، وتجمع المائدة و… ينبغي للرجل أن يساهم في أعمال المنزل لأنه شريكها ورفيقها؛ فقد كان الرسول (ص) يقسم العمل في البيت وفي السفر، وفي الحروب ويساهم هو أيضاً في إبداء المساعدة(2).

فمثلاً، وفي إحدى الحروب وفي أثناء تهيئة الطعام للنبي (ص)، أمر بتقسيم العمل وكانت حصته جمع الحطب لإشعال النار.

فأصر أصحابه على أن يجلس الرسول (ص) وأن يقوموا هم بإنجاز الأعمال، ولكن رسول الله (ص) قال: أنا شريككم في الطعام، ويجب أن أكون شريكاً لكم في العمل؛ فعلينا نحن أن نكون شركاء لأهلنا في الأمور المنزلية.

كان أمير المؤمنين علي (ع) في كل وقت فراغ، يساعد الزهراء (ع) في أمور المنزل، مصداقاً لقول الرسول الأكرم (ص).

“خدمة العيال كفارة الكبائر، وإطفاءً لغضب الرب”(3).

في أمور الحضانة، عليكم أيضاً أن تعينوا زوجاتكم بشكل لا يديم عليها النهوض ليلاً من نومها لترضع طفلها أو تسكته، عليكم أن تساهموا في هذا الأمر.

بعض العظام، قسموا فيما بينهم وبين زوجاتهم حضانة الأطفال بشكل تتعهد الزوجة فيه الحضانة في النهار، ويتعهدون هم ذلك في الليل.

 مصداق آخر: لا تذكر الكلام اللاذع

من الصاديق الأخرى لحسن السلوك هو اجتناب الحديث الحاد واللاذع. إذ يمكن أن تغيب المحبة لسنين عديدة بكلام واحد حاد ولاذع، بعض اللف والدوران والمزاح والكلام اللاذع يترتب عليه ذنب عظيم جداً لما لهذا العمل القبيح وغير المحمود من آثار سلبية على نفسية الطرف المقابل، هذا المزاح الثقيل أو الكلام اللاذع يتبدل في البرزخ إلى أفعى وعقرب يكيل الأذى، لصاحبه، علاوة على التشهير والاستهزاء بصاحبه يوم القيامة.

فقد روى الإمام السجاد (ع) عن الإمام الحسين (ع) حينما ودعه في صحراء كربلاء:

“يا بني إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله” (4).

الحرس الثوري العزيز معرضون أكثر من غيرهم لهذه المخاطر، فعليكم أن تحذروا ولو قليل الظلم بسجين وأسير، ومن هم تحت أيديكم، لا ينبغي لكم أن يكون كلامكم لاذعاً، ولا سلوككم مع عامة الناس ولا سيما أهليكم ـ مما يبعث على عدم الاحترام أو الالتفات إليهم.

 نماذج من سلوك النبي (ص) مع أزواجه

لقد طلبت بعض زوجات النبي (ص) بعد حرب بني قريظة من النبي (ص) أن يزيد في مخارج المنزل زيادة كمالية بعد أن علمن بالغنائم الكثيرة لجيش المسلمين؛ ولكن النبي (ص) رفض ذلك، وقال: “أنا كبير الإسلام والمسلمين وينبغي لي أن تكون عيشتي يسيرة لكي لا يشعر الفقراء والمحرومون بالحقارة” ولكنهن تألمت من جواب النبي (ص) هذا، مما جر في النهاية إلى الأعراض والابتعاد عنهن.

قال الرسول الأكرم (ص) لحفصة: هل تقبلين رجلاً يكون حكماً بيني وبينك؟

فأجابت: نعم…

فبعث الرسول إلى عمر، ولما جاء قال الرسول (ص) لحفصة: قولي ما عندك.

فقالت: تكلم أنت ولا تقل غير الحق. وعند سماع عمر كلامهما ضرب حفصة على أذنها(5).

فغضب الرسول (ص) وقال: أنا لم أبعث عليك لتضرب ابنتك، بل طلبتك لإصلاح ذات البين، وترك الرسول الأكرم (ص) المجلس وهو غاضب، فنزلت آيات على الرسول (ص) تقول:

(يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً) سورة الأحزاب، الآيتان: 28 ـ 29.

(يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) سورة الأحزاب، الآية: 32.

 نتيجة

يستفاد مما عرضنا ومن الآيات، إن كل مشكلة في الأسرة تستدعي أن تحل بحكمة، فالكلام اللاذع، والضرب والشتم، وسوء الخلق ليس حلاً، وإنما هو مثار للمشكلة وتعقيد.

فعلى جميع الأعزاء اجتناب ما يثير الخلاف، ويفرق النفوس اقتداءً برسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع).

(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) سورة الأحزاب، الآية: 21.

 مصداق آخر ـ التغاضي عن الخطأ

مصداق آخر لحسن السلوك “العفو عن الأعمال غير المحمودة، وأخطاء الزوجة” فمثلاً لو طرق سمعك حديث كاذب قالته زوجتك، فلا تباشرها بالحقيقة، بل انهها عن المنكر تلميحاً لا تصريحاً فكم من إشارة أبلغ من عبارة!

فالمواجهة اشتباه فادح وخطأ كبير يجر إلى ما يكدر الصفو ويبدد المودة، وقديماً قيل: “سارق الدجاجة، يصبح سارقاً للجمل” مثل جميل.

إذن، من الممكن أن يمد ابنك يده إلى جيبك ويأخذ مقداراً من النقود، فعليك أن لا تواجهه بالحقيقة، لأن المسألة سوف تكبرن ولكن حدثه أن السرقة بكل أشكالها حرام وعمل قبيح تقطع يد مرتكبه في الدنيا، وإلا فقطعها حتمي في الآخرة.

وبمثل هذا يمكن تلافي الأخطاء والاشتباهات بذكر الروايات المناسبة للمقام، فإنها تلقى أذناً صاغية ممن مارس فعلاً أو عملاً قبيحاً؛ ويمكن لك أن تقف حائلاً دون هكذا ممارسات باستعراض مسائل الليلة الأولى في القبر وما يتبعها من الأهوال، ويوم القيامة ونار جهنم، والتخويف من عذاب الله سبحانه وتعالى.

فالمشاهدات الوضعية التي تراها في بعض الأحيان صادرة عن أبنائك أو زوجتك، لا تعالجها بالصراخ والعويل والسب والشتم، لأنك لو فعلت هذا لم تحصل على أية نتيجة تطلبها، بل قد تتضاعف هذه الأعمال وتسهل على ممارسها حتى يصل الأمر إلى أن يعتادها، فلا تبقى في نظره خطأً فاحشاً.

 علاج الحد من الأخطاء

يعالج الخطأ علاجاً غير مستقيم فتقول مثلاً لزوجتك: قرأت في الكتاب الفلاني أن امرأة ذهبت يوماً إلى رسول الله (ص) وقالت له: رأيت أن أتزوج، فهل لك أن تعظني بعنوان امرأة مسلمة؟

وما هي وظائف الزوجة تجاه زوجها؟ فأجابها بأن على الزوجة:

أولاً: الطاعة لزوجها في مسألة المضاجعة.

ثانياً: عليها أن لا تعمل عملاً لا يرضاه زوجها.

ثالثاً: في حالة بروز الخلافات والنزعات عليها أن لا تنام حتى يرضى عنها زوجها.

فقالت له: وإذا كان الرجل هو المقصر في الأمر، فهل تذهب المرأة إليه طلباً للصلح؟

قال الرسول (ص): نعم، حتى إذا كان هو المخطئ.

 حسن المعاملة مع الزوجة من علامات الإيمان

عندما تعرف أن المرأة في المنزل راضية عنك، فاعلم أنك في مقام الأفضلية من المسلمين.

قال الرسول (ص) مراراً:

“خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله”(6).

“من كان طيب المعاملة مع أهله وولده محباً لهم كثيراً، كبر إسلامه وإيمانه”.

“من كان محباً لزوجه، كان محباً لنا نحن أهل البيت”(7).

وفي حديث آخر نقرأ:

“كلما زاد الفرد في محبته لزوجه، ازداد إيمانه بالله تعالى”(8).

 الوفاء

هنا، القصد من الوفاء، هو: أن الرجل والمرأة عندما يرى أحدهما من الآخر اشتباهاً أو خطأً عليه أن لا يكون ذلك موجباً لنسيان الطيبات من الأعمال الماضية.

 الإنسان وعدم الشكر

غالباً ما يكون الإنسان في روابطه مع الله والناس عديم الشكر؛ على الرغم من علم الله سبحانه وتعالى أن كل النعم التي حباها له قيمة عند الإنسان؛ ويعلم أنه لا يشكره بالشكل اللائق؛ ولكن حينما يُبتلى هذا الإنسان بمصيبة جزئية “يجزع” و”يفزع” ويكفر بالنعم، ويتناسى جميل رفيقه وصاحبه لعدة سنين لخطأ صغير صدر عنه.

 عدم الشكر الإنساني بلسان القرآن

جاء في القرآن الكريم بهذا الصدد:

1 ـ (الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) سورة إبراهيم، الآيات: 32 إلى 34.

2 ـ (ما قدروا الله حق قدره) سورة الحج، الآية: 74.

3 ـ (قتل الإنسان ما أكفره) سورة عبس، الآية: 17.

4 ـ (إن الإنسان خلق هلوعاً إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً) سورة النور، الآية: 22.

 عدم شكر الإنسان في محيط الأسرة

من طبيعة الإنسان عدم الشكر على النعمة في الأغلب والجزع عند المصيبة.

وهذه الصفة الأخلاقية غير محمودة.

وفي المنزل أيضاً يغضب عندما يكون غذاؤه مالحاً مثلاً متناسياً خدمات الزوجة وقيامها مبكرةً وحتى الظهيرة بالأعمال المنزلية والزحمات التي تبذلها على هذا الطريق.

وهذا ما ينالها يصادرها على كل الزحمات التي تتحملها من أجل الأسرة.

والمفروض عليه أن يغض النظر عن الأخطاء والاشتباهات مقابل الأعمال الجيدة، ويغطي الأعمال السيئة بالأعمال الحسنة.

(وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) سورة النور، الآية: 22.

على الإنسان أن يفكر في ستر الله ـ سبحانه وتعالى ـ الذي إذا عدم فرّ الناس من بعضهم البعض، لأنه لو كشفت الأستار عن السيئات والخطايا التي سترها الله عن أعين الناس لسقط الناس من أعين الناس ونفر بعضهم من الآخر، وانحلت عُرى الحياة الاجتماعية.

إذن، مثلما يستر الله سبحانه وتعالى أخطاءنا وذنوبنا علينا نحن أيضاً أن نغض الطرف عن أخطاء بعضنا البعض وخاصة في محيط الأسرة ونذكر فقط ما حسن من الأعمال والنقاط الإيجابية لبعضنا الآخر.

وإذا ما مرضت زوجاتنا فعلينا أن نتحلى بالصبر الجميل ولا نتنكر للشكر ونكون أوفياء لهن.

وعلى النساء أيضاً أن يعلمن أن الحياة زيادة ونقصان، راحة واضطراب، نعمة وبلاء، وهكذا وحين السلامة والراحة ونعمة وجود الزوجات إلى جانبنا، علينا وأثناء بروز الفقر والمصيبة والمرض أن نكون أوفياء لهن مثلما في السعادة والراحة.

إن الشيء المهم في الحياة، هو أن يتكيف الزوجان مع السعادة والفقر، ويفي أحدهما للآخر على كل حال، ويعيشا باطمئنان في هذه الحياة بمرها وحلوها.

وعلى الرجل ألا يغفل عن خدمات الزوجة في البيت وما تبذله من أجل سعادته وألا يتصور أن تربية الأبناء وإدارة المنزل عمل سهل، فهو جهد شاق يستدعي الثناء عليها والنهوض معها في أدائه والتجاوز عما فاتها منه وعدم الإساءة إليها بتتبع العثرات وذكر السيئات.

 تعدد الزوجات

يمكن لنا أن نتبين مسألة تعدد الزوجات تحت عنوان “الوفاء”:

علينا أن ننظر إلى مسألة تعدد الزوجات والطلاق على أنهما من الضرورات.

فالطلاق في الإسلام آخر علاج بغيض يلجأ إليه بعد خيبة كل علاج في إصلاح التدهور الذي يصيب العلاقة الزوجية من جراء أمور مختلفة تنشأ من غفلتهما عما لكل منهما وما عليه.

كذلك “تعدد الزوجات” هو وضع استثنائي ضمن شرائط خاصة، وليس بهذا الشكل الذي يتيح لكل شخص أن يتزوج عدة زوجات إرضاءً لشهوته.

(… فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة…) سورة النساء، الآية: 3.

ولا يخفى على أحد إذا قلنا: إن العدالة السلوكية بين عدة نساء عمل صعب جداً، ولا ينجم من عدم رعاية العدالة غير المشاكل وارتكاب المعاصي.

 نقطتان مهمتان في وضع هذا القانون

روعي في قانون تعدد الزوجات نقطتان هما:

1 ـ تمام وكمال جميع جوانب القوانين الإسلامية.

2 ـ رعاية مواقع الضرورة.

من المسائل التي يلتفت إليها تلك التي تقول: بعض الأوقات عنوان الحكم الثانوي الراجح يتغير إلى مرجح؛ فعلى سبيل المثال رمي ذؤابة العمامة تحت الحنك والاتكاء على عصا، ولبس الحذاء الأصفر من المستحبات، ولكن فعلاً وحدهم الروحانيون هم الذين يرمون بذؤابة العمامة تحت الحنك، ولا يذهب ولا يأتي منهم من يمسك بعصا ولا يلبس حذاء أصفر.

المرحوم “الفيض” في “الوافي” والمرحوم “صاحب الجواهر” في “جواهره” يقولان: إذا كان رمي الذؤابة تحت الحنك مستحباً ولكنه فعلاً مرجح لأنه وعلى عهدنا الحاضر يكون مثل لباس الشهرة بهذا العمل.

مسألة “تعدد الزوجات” و”الزواج المؤقت” أيضاً خاصة للحرس الثوري الذين يمتلكون حكماً ترجيحياً فزواج حارس الثورة في الوقت الحاضر زواجاً مؤقتاً عمل ترجيحي، وليس راجحاً على الرغم من استحباب الأمر وتحقق ثوابه.

فهو ذريعة تتاح للعدو في النيل من الإسلام والتشهير به.

 تحذير

عليك أن تخطو خطوات بطيئة، وتنظر بعيداً جداً وتدرس المسألة من كل الجوانب متكئاً على عصا الاحتياط في حالة التقدم خطوة في طريق “تعدد الزوجات”.

ولتعلم أنه علاوة على الأضرار التي ستحظى بها الزوجة الأولى، سيخلق لك أرضية لإعلام سوء كثير.

لا تغفل من أن تكون مسؤولاً ورب أسرة من أسر الشهداء أو أسرة فقير، كن فطناً، فمسؤولية هكذا عوائل وأسر لا ينحصر في “تعدد الزوجات” ومن أجل إنجاز هكذا أعمال شريفة سوف تفتح على نفسك طرقاً مختلفة للخير؛ كثيرون هم الذي امتنعوا عن الزواج على الرغم من أن أعمارهم تقتضي ذلك ولكنهم لم يتزوجوا؛ عليهم أن يتزوجوا من أسر الشهداء.

نصيحتي إلى الحراس الثوريين من الذين لم يرتبطوا بالزواج إلى الآن، أنصحهم بحتمية الارتباط بأسر الشهداء لما لهذا العمل ابتداءً من إدخال السرور على روح الشهيد أولاً،

وثانياًً: ستكسب رضا الله سبحانه وتعالى، وتسير مرفوع الرأس بين الناس عزيزاً.

ثالثاً: سيفرح الصديق لعدم بقاء أسرة من أسر الشهداء من غير ولي.

ويغتم العدو ويغضب بهذا العمل الشريف.

رابعاًً: ترك الآثار الإيجابية على نفسية عائلة الشهيد.

الهوامش:

(1) قال الصادق (ع): إن الصبر والصدق والحلم وحسن الخلق من أخلاق الأنبياء (سنن النبي، ص59).

(2) روى ابن شهراشوب في مناقبه أن الرسول (ص) كان يصلح نعله، ويخيط لباسه، ويحلب النعاج والنياق ويساعد خادمه، ويهيئ لنفسه ماء وضوء ليله. (مناقب ج1 ص146).

(3) بحار الأنوار ج103، كتاب النكاح.

(4) سفينة البحار ج2، ص109.

(5) مجمع البيان، ج4، ص353.

(6) من لا يحضره الفقيه: ص324، الحديث الخامس.

(7) وسائل الشيعة: ج14، ص11، باب النكاح.

(8) وسائل الشيعة: ج14، ص11، باب النكاح ـ من لا يحضره الفقيه: ص409.

 

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...