الوقت- ولطالما لعبت الإمارات، بعد السعودية، دورًا سلبيًا ومدمرًا في زعزعة استقرار دول مختلفة في المنطقة. وقد أصبح هذا الدور السلبي والمدمّر أكثر وضوحًا، خاصة بعد اندلاع الحرب اليمنية عام 2015. إن الدور التدميري للإمارات في اليمن واضح تماما، ولا يخفي أحد عن تدخل أبو ظبي في اليمن وأهدافها للهيمنة في هذا البلد. لقد لعبت الإمارات دورًا مدمرًا في اليمن وتدمير بنيته التحتية، واستشهد آلاف الأبرياء في هذا البلد بسبب ضرباتها، ولا تزال مستمرة في نهب الثروات اليمنية.
كان الهدف الأساسي لتشكيل الإمارات العربية المتحدة من قبل أجهزة المخابرات الأمريكية والصهيونية والغربية في السبعينيات هو أن تكون قاعدة للتآمر والتجسس ضد الدول العربية وجنوب شرق آسيا وأفريقيا. ولعب هذا البلد الصغير منذ تشكيله الدور الذي صورته المخابرات الغربية والصهيونية وأجهزة الاستعمار. يخطط جهاز المخابرات الأمريكية والنظام الصهيوني في الإمارات براحة كاملة لانقلابات واغتيالات لشخصيات ويقدمان الدعم المالي للجماعات التخريبية في المنطقة. ويدل على هذا الادعاء اغتيال محمود المبحوح القيادي في حماس في دبي على يد الموساد، بالإضافة إلى دعم المعارضة السورية. وبسبب هذه الميزة قررت الإمارات تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، تلاها وجود الصهاينة في دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى وجود علاقات حميمة بين تل أبيب وأبو ظبي.
لماذا قررت الإمارات فجأة تكثيف تحركاتها في اليمن؟
قبل بضع سنوات، سعت الإمارات لوقف عملياتها في اليمن، وأعطت حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية فرصة للإمارات وأوقفت الهجوم على العمق الإماراتي، لكن الوضع تغير بعد أن وسعت الإمارات أنشطتها بموجب اتفاق مع السعودية. وبحسب الاتفاق، ستسلم السعودية جميع محافظات اليمن الجنوبية، بما في ذلك شبوة، للإمارات، مقابل استخدام الإمارات كافة قدراتها العسكرية في اليمن كما في السابق. هذه الصفقة والفخ الذي نصبته الولايات المتحدة للإمارات، وسوء تقدير سلطات أبو ظبي ونسيان عواقب هذه المغامرة الجديدة، تسببت في اتخاذ التطورات منحى مختلفاً. لقد نسيت الإمارات أن اقتصادها النفطي والغازي هش وتجاهلت تحذيرات أنصار الله اليمنيين. كان كعب أخيل الإماراتي خلال الحرب التي استمرت سبع سنوات مع اليمن هو الهجمات الصاروخية اليمنية على عاصمة التجارة العالمية ومقرها الإمارات. كانت الرسالة التحذيرية الأولى لأنصار الله لليمن هي إيقاف السفينة الإماراتية، الأمر الذي صدم أبو ظبي حيث كانوا يجهلون قدرات الجيش اليمني واللجان الشعبية. وكتب رئيس الفريق التفاوضي لحكومة الإنقاذ الوطني اليمنية، محمد عبد السلام، على تويتر: “دولة صغيرة في المنطقة تخدم الولايات المتحدة وإسرائيل ادعت أنها انسحبت من الحرب اليمنية، لكنها أثبتت مؤخرًا خلاف ذلك، فلتتوقف الإمارات فوراً عن التدخل في اليمن وإلا قطعنا يدها ويد الآخرين بعون الله”. عندما لم تستجب أبو ظبي لتحذيرات أنصار الله، تحركت الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية، وأرسلت ضربات قاتلة إلى الإمارات. كانت الهجمات على عمق الإمارات متوقعاً، ويرجع ذلك إلى دورها الواضح في إثارة الفتنة في المنطقة، لا سيما تورطها مع السعودية في حرب اليمن. وصرح مسؤولون من حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية في وقت لاحق أن الاقتصاد والاستثمار في الإمارات سيواجهان مخاطر جسيمة في المستقبل إذا استمر العدوان والجرائم وتواصلت جهودها لاحتلال اليمن.
وقعت الهجمات اليمنية كالصاعقة على رؤوس مسؤولي أبو ظبي، وأظهرت العمليات الناجحة للجيش اليمني واللجان الشعبية أن الإمارات لا تفهم إلا لغة القوة. كانت العمليات الناجحة للجيش اليمني واللجان الشعبية اليمنية في عمق الأراضي الإماراتية رسالة عقاباً اليما، وذلك بتسببها بتعطل الرحلات الجوية وانهيار البورصة الإماراتية، عند ذلك أدرك حكام الإمارات خطأهم الاستراتيجي. القوات الأمريكية، التي كانت الإمارات قد تعاقدت معها لحمايتها من طائرات أنصار الله اليمنية بدون طيار وصواريخها، لم تفعل شيئًا بل هرعت إلى الملاجئ. وقد أصدرت السفارة والقنصلية الأمريكية في دولة الإمارات العربية المتحدة إنذارًا أمنيًا لمواطنيها المقيمين في الإمارات، وحثتهم على الحفاظ على أعلى مستوى من اليقظة الأمنية. ودعت السفارة الأمريكية مواطنيها إلى الذهاب الفوري للملاجئ عند سماعهم أي انفجار، أو التوجه إلى الطابق الأرضي والمأوى إذا كانوا في منزل أو مبنى وقت الانفجار، كما حثت السفارة الأمريكيين على متابعة الأخبار من وسائل الإعلام الرسمية.
دق أنصار الله ناقوس الخطر لحكام الإمارات
دق المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية يحيى سريع ناقوس الخطر الإماراتي بموقفه، وقال “ننصح الشركات الأجنبية في دولة الإمارات الصغيرة بالمغادرة”. وكتب مستخدما شعار “إكسبو” في إشارة إلى معرض دبي إكسبو: “معنا، قد تتأذى، نوصيك بتغيير الوجهة“. كما أعلن مركز معلومات أنصار الله اليمني: أن أطول برج في العالم لم يعد آمنًا في الإمارات العربية المتحدة. الإمارات العربية المتحدة لم تعد آمنة. من الحماقة البقاء في بلد غير آمن. المنشآت الحيوية في دولة الإمارات العربية المتحدة في خطر. استثماراتك في خطر. الاقتصاد الإماراتي على وشك الانهيار. وكتب نصر الدين عامر، نائب وزير الإعلام اليمني: “تبدو دبي أجمل. هل تشارك قواتنا في المعرض (إشارة إلى معرض دبي إكسبو)؟” خاصة وأن لديهم أشياء جيدة لعرضها.
سر انسحاب لواء العمالقة من شبوة والهزيمة الواضحة لأبو ظبي
أدت ضربات الطائرات بدون طيار والصواريخ في عمق الأراضي الإماراتية، وكذلك الهجمات على مواقع القوات التابعة للإمارات في محافظة شبوة اليمنية، إلى تغيير الوضع. وقالت مصادر يمنية مطلعة، إن القوات العسكرية المعادية لجماعة أنصار الله انسحبت من مواقعها في محافظة شبوة بعد تهديد بإعادة الهجوم على الإمارات. ويعد انسحاب القوات الإماراتية ومرتزقتها المعروفين بـ “لواء العمالقة” هزيمة واضحة لمسؤولي الإمارات. وكان المركز الاعلامي للعمالقة التابع للإمارات، قد أعلن الانسحاب في تصريحات قصيرة الجمعة. ووصف المركز الإعلامي الرسمي للمليشيات العميلة للإمارات الانسحاب بأنه “إعادة تشكيل للقوات” في محافظة شبوة، وكتب أن قوات العمالقة ستعود إلى ديارها بعد العملية. في الواقع، فإن تهديدات أنصار الله اليمنية بعمليات جديدة في عمق الأراضي الإماراتية، وتقدم الجيش اليمني واللجان الشعبية ضد القوات التابعة للإمارات، جعل أبو ظبي تفكر في مصالحها الاقتصادية والدولية، واضطرها إلى تعليق عملياتها العسكرية في اليمن. اشترت الإمارات بالفعل أمنها واستقرارها من خلال الأمر بانسحاب عناصر “العمالقة” (القوات التابعة للإمارات) من محافظتي مأرب وشبوة، وهذا الإجراء من أبو ظبي رداً على الرسالة الصاروخية والطائرات المسيرة لحركة أنصار الله وعملياتها العميقة في الإمارات. أظهرت ضربات أنصار الله الصاروخية والطائرات بدون طيار في أبو ظبي ودبي أن تكلفة دخول الإمارات ساحة المعركة في محافظتي شبوة ومأرب مرتفعة للغاية.
هناك أدلة قاطعة على أنه عندما تهدد حركة أنصار الإسلام بالرد، فإنها تأخذ زمام المبادرة على الفور لتنفيذ تهديداتها، وهذا أمر لا يبدو أن حكومة الإمارات وحلفائها قد أدركوها. الحقيقة هي أن الإمارات العربية المتحدة بلد صغير ولا يمكن أن تتساهل مع عواقب ضربات أنصار الله الصاروخية والطائرات بدون طيار. على وجه الخصوص، والأنظمة الأمريكية في الإمارات العربية المتحدة باهظة الثمن وصواريخها المتقدمة للغاية لا يمكنها مواجهة الصواريخ والطائرات بدون طيار اليمنية. يعتمد الاقتصاد الإماراتي بشكل أساسي على الأمن والاستقرار لأن الإمارات دولة اقتصادية عمودها الفقري النفط والاستثمار الأجنبي وموارد السياحة. في غضون ذلك، تدرك قوات أنصار الله هذه الحقيقة جيداً وقد وضعتها في خدمة خططها العملياتية. بالتالي، إذا واصلت عناصر العمالقة (عناصر تابعة للإمارات) عدوانهم في مأرب، فإن اليمنيين سينفذون تهديداتهم باستهداف معرض دبي إكسبو، وفي هذه الحالة ستتعطل الحركة الجوية في جميع مطارات الإمارات بشكل كامل. قد يكون ذلك بسبب أن أنصار الله أثبتت قدرتها على القيام بذلك. وفي الوقت الحالي، وبحسب البيان الرسمي لدولة الإمارات، انسحبت عناصر «العمالقة» من شبوة ومأرب وعادت إلى مواقعها غربي اليمن. لكن لا يمكن القول إن الإمارات انسحبت بالكامل من الحرب في اليمن، لكن عودتها الكاملة لهذه الحرب ليست بعيدة، وقد تكون هناك بوادر بهذا الصدد في الأسابيع والأشهر المقبلة. بعبارة أخرى، يجب أن يُنظر إلى موضوع إعلان انسحاب القوات التابعة للإمارات بعين الريبة. ويبدو أن الإماراتيين قد لجأو إلى الخداع والإعلان عن إعادة تنظيم القوات في شبوة في نفس الاتجاه.
إذا كانت الإمارات تريد أن يكون عمق أراضيها آمنًا، فعليها حقًا سحب قواتها من اليمن والتخلي عن الحرب والتوقف عن دعم عملائها والتوقف عن التآمر على دول المنطقة، يجب أن تعرف الإمارات حدودها.