الوقت – أعلن حزب الله اللبناني، أمس، تنفيذ عملية استطلاع جوي بنجاح في عمق الأراضي المحتلة بطائرة مسيرة.
وبحسب قناة المنار، قال حزب الله في بيان: “بتاريخ اليوم الجمعة الواقع فيه 18 فبراير 2022، أطلقت المقاومة الإسلامية الطائرة المسيرة “حسّان” داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وجالت في المنطقة المستهدفة لمدة 40 دقيقة في مهمة استطلاعية امتدت على طول 70 كيلومترا شمال فلسطين المحتلة”.
وأضاف بيان حزب الله: کما “أن الطائرة، بعد تنفيذ مهمتها بنجاح، عادت بسلامة إلى أجواء لبنان رغم محاولات الجيش الإسرائيلي المتعددة لإسقاطها، وذلك دون أن تؤثر على حركتها كل إجراءات العدو الموجودة والمتبعة”.
هذه القضية التي تبين مرةً أخرى قوة حزب الله العسكرية ضد الصهاينة، أظهرت تطور قدرات المقاومة اللبنانية في الحصول على تقنيات متطورة، وهذا الأمر، إلى جانب تصريحات السيد حسن نصر الله الأخيرة حول عملية تحويل صواريخ المقاومة إلى تكنولوجيا الصواريخ الدقيقة، أصبح الآن كابوسًا للصهاينة.
قدرة حزب الله في مجال الطائرات بدون طيار منذ البداية وحتى اليوم
إن استخدام الطائرات بدون طيار في جيوش العالم للعمليات العسكرية المختلفة آخذ في التوسع اليوم، وبالتالي فهو يعتبر تقنيةً عسكريةً متقدمةً.
تستخدم الطائرات بدون طيار للاستطلاع أو الهجمات الانتحارية أو التفجير الهادف. وزيادة تسليح الطائرات الصغيرة بدون طيار بالمتفجرات الخفيفة، تجعلها تحديًا أمنيًا متزايدًا.
في هذه الأثناء، وتماشياً مع التقدم الملحوظ لمحور المقاومة في تصنيع الطائرات بدون طيار، طوَّر حزب الله والمقاومة اللبنانية قدراتهما في هذا المجال في السنوات الأخيرة، حيث ركزت الدوائر العسكرية والأمنية للکيان الصهيوني على الحصول على المعلومات، وتحليل القوة المتنامية للطائرات المسيرة للمقاومة في لبنان.
وفي هذا الصدد، في كانون الأول(ديسمبر) 2021، درس مركز الأبحاث الصهيوني ALMA في تقرير أداء وقوة طائرات حزب الله بدون طيار.
وبحسب التقرير، فإن حزب الله يستخدم الطائرات المسيرة ضد الكيان الصهيوني منذ التسعينيات. وخلال حرب 33 يومًا في عام 2006، أطلق حزب الله أيضًا عدة طائرات مسلحة بدون طيار على الکيان.
وفي عام 2004 صدر تقرير عن تنفيذ مهمة استطلاعية فوق الکيان الإسرائيلي، لكن البداية الجادة لكابوس طائرات حزب الله بدون طيار بالنسبة للکيان تعود إلی عام 2012، عندما تمكنت طائرة بدون طيار تابعة لحزب الله في أكتوبر من ذلك العام من الوصول إلى صحراء النقب، عن طريق اجتياز الأنظمة الرادارية والدفاعية للکيان الإسرائيلي.
ويظهر تقرير معهد الأبحاث الصهيونية أن لدى حزب الله نماذج متطورة من الطائرات بدون طيار، مثل مهاجر وشاهد وصامد(KAS-04) والكرار والصاعقة، والتي تستخدم في عمليات استطلاع وهجوم مختلفة.
کان حزب الله في البداية يطلق الطائرات بدون طيار من خلف الشاحنات. وفي عام 2015، زعمت مجلة “جين” الأسبوعية للدفاع التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها، أن هناك مهبطاً للطائرات بطول 600 متر وعرض 30 متراً في منطقة نائية في سهل البقاع اللبناني، والذي قالت المجلة إنه موقع إطلاق الطائرات بدون طيار.
وفي حين أن الكشف عن التقدم والإنجازات العسكرية لحزب الله، كان دائمًا مصدر مفاجأة وفشل استخباراتي للمخابرات الصهيونية والمنظمات العسكرية والبحثية لتقدير قدرات المقاومة، يقدر مركز الأبحاث الصهيوني “ألما” أن حزب الله لديه حوالي 2000 طائرة بدون طيار، وهو يستخدم هذه التكنولوجيا منذ التسعينيات.
من ناحية أخرى، لا يطور حزب الله معرفته ببناء الطائرات بدون طيار فحسب، بل ازدادت أيضًا المهارات القتالية للمقاومة اللبنانية في الاستخدام العملياتي لهذا السلاح العسكري بشكل ملحوظ على مر السنين الماضية، ومن أهم أسباب ذلك الوجود الميداني لمواجهة الإرهابيين التكفيريين في الحرب السورية.
ويمكن أن تشمل هذه التجربة تحسين مهارات العمليات الهجومية، والاستطلاع وجمع المعلومات الاستخبارية، ودعم القوات، والخدمات اللوجستية، وكيفية استخدام المعلومات والاستطلاع لتطوير العمليات الهجومية، وغير ذلك.
الهزيمة الكبرى للقبة الحديدية
على مدار الأعوام الماضية، وبعد مشاهدة تطور القدرات الصاروخية لفصائل المقاومة في لبنان وغزة، قام الکيان الصهيوني أيضًا باستثمارات ضخمة لبناء أنظمة الدفاع الصاروخي، لتعويض نقاط ضعفه ومواجهة التهديدات، وكانت النتيجة الكشف عن نظام دفاع صاروخي متعدد الطبقات مكلف للغاية يسمى القبة الحديدية.
وعلى الرغم من أن القادة السياسيين والعسكريين للکيان الصهيوني ووسائل الإعلام التابعة له يتحدثون دائمًا عن القدرات العالية لنظام القبة الحديدية الدفاعي مع الكثير من الدعاية، إلا أن فصائل المقاومة أثبتت في فترات مختلفة أنها تعرف جيدًا طريقة اجتياز هذه الأنظمة الدفاعية، والتکاليف الباهظة التي تكبدها الصهاينة للبقاء في مأمن من هجمات المقاومة بالصواريخ والطائرات المسيرة قد ذهبت سدی بالكامل.
على سبيل المثال، بينما أطلق قادة الکيان الصهيوني مناورةً عسكريةً على الحدود اللبنانية أواخر عام 2002، لطمأنة الجبهة الداخلية بشأن الاستعداد لمواجهة تهديدات الطائرات بدون طيار والحفاظ على أمن المستوطنين، بثت قناة “النهار” الإخبارية لقطات لطائرة مسيرة تابعة لحزب الله بثت صوراً عن قاعدة عسكرية في منطقة “هار دوف” في الأراضي المحتلة.
اليوم أيضًا، كشف الإعلان عن الاجتياز الناجح لطائرة حزب الله بدون طيار أنظمة القبة الحديدية، مرةً أخرى عدم كفاءة هذه الأنظمة في الدفاع عن المستوطنين في الحروب المستقبلية.
وهذا بالتأكيد عامل في زيادة الخوف والذعر لدى المستوطنين من إمكانية العيش الآمن في ظل استمرار الاحتلال، وبالتالي يعزز النزعة للهجرة المعکوسة بينهم، حيث أعلن السيد حسن نصر الله في خطاب ألقاه مؤخراً عن زيادة رغبة المستوطنين في إيجاد أماكن جديدة للعيش في أجزاء أخرى من العالم.
وهکذا، يجب القول إن تقدم حزب الله في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، قد ساهم في تطوير “الحرب النفسية” ضد الکيان الإسرائيلي.