أبرز ما جاء في تقرير مجتمع الاستخبارات الأمريكية للعام 2022
يعتبر التقرير السنوي الذي يعدّه مجتمع الاستخبارات الأمريكية (IC)، من أهم التقارير السنوية الاستشرافية، التي تظهر لنا الساحات التي سيتركز فيها عمل الوكالات الاستخبارات الخارجية التابعة لواشنطن.
فهذا التقرير يستعرض ما يصفه بالتهديدات العالمية، للأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية، مركزاً على التهديدات الأكثر مباشرة وخطورة خلال العام 2022. لافتاً الانتباه الى أن جميع هذه التهديدات، يتطلب استجابة استخباراتية قوية.
وفي المقدمة، حذّر التقرير من أن أمريكا ستواجه مع حلفائها، بيئة أمنية عالمية متزايدة التعقيد والترابط، تتميز بتنافس وصراع القوى العظمى فيما بينها. مبيّناً أن هذه التحديات ستحصل وسط الاضطراب العالمي المستمر الناتج عن جائحة “كوفيد – “19، والجهات الفاعلة غير الحكومية المتزايدة بالقوة، والتكنولوجيا سريعة التطور. والكثير من العوامل والتحديات التي ستتقاطع وتتفاعل بطرق لا يمكن التنبؤ بها.
ما دفع بمجتمع الاستخبارات الى تركيز في تقريره، على التهديدات الأكثر إلحاحًا للمصالح القومية الأمريكية، خصوصاً على من وصفهم بخصوم امريكا ومنافسيها الرئيسيين: الصين، روسيا، الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وكوريا الشمالية. كما جرى التطرق لمنطقة الشرق الأوسط ولحزب الله أيضاً.
فما هي أهم النقاط التي وردت فيما يتعلق بإيران؟
_ ستظل إيران تشكل تهديدًا إقليميًا، من خلال أنشطة “التأثير الخبيث” الأوسع نطاقًا.
_ ستستمر في تهديد المصالح الأمريكية، ومحاولة تقويض نفوذ أمريكا في منطقة الشرق الأوسط. وفي المقابل “ترسيخ نفوذها واستعراض قوتها في الدول المجاورة”، وتقليل التهديدات لاستقرار النظام.
وهذا ما يؤكد أن الأمريكيين موقنون، بأن الاتفاق مع إيران فيما يخص البرنامج النووي، لن يوقف جهودها وجهود باقي قوى ودول محور المقاومة، في تحقيق الهدف المعلن بطردها من المنطقة.
_ محاولة الاستفادة من البرنامج النووي الموسّع، وقواتها بالوكالة والشريكة، والدبلوماسية، والمبيعات والاستحواذات العسكرية لتعزيز أهدافها. ويعزون ذلك الى أن الإدارة الإيرانية ترى نفسها منغمسة في صراع وجودي، مع أمريكا وحلفائها الإقليميين، وتسعى في ذات الوقت لتحقيق طموحاتها الطويلة في القيادة الإقليمية.
وهذا ما يتفق مع حرب البروباغندا الامريكية المتواصلة، التي تحاول دائماً شيطنة إيران وإثارة الذعر منها لدى جيرانها من الدول. بينما تنتهج إيران دائماً، سياسة الدعوة لأقصى درجات التنسيق والتعاون، فيما بينها وبين هذه الدول، لأجل تحقيق مصالح وأمن شعوب ودول هذه المنطقة، بعيداً عن الوجود العسكري الأمريكي المباشر.
_ أدى انتخاب الرئيس السيد إبراهيم رئيسي في العام 2021، إلى تنشيط قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي، لمحاولة إحراز تقدم نحو رؤيته طويلة الأمد، المتمثلة في تحويل إيران إلى قوة إسلامية شاملة، قادرة على الدفاع عن القضايا الإسلامية العالمية بالتزامن مع إحكام حكمها الديني في الداخل.
_الجمهورية الإسلامية مترددة في الانخراط الدبلوماسي المباشر مع أمريكا، بشأن تجديد الاتفاق النووي، أو ما يصطلح عليه بخطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، بالرغم من أنها لا تزال تطمح إلى تأمين تخفيف العقوبات. فالمسؤولون الإيرانيون “المتشددون” لا يثقون بشدة بواشنطن، ولا يعتقدون بأن أمريكا يمكن أن تقدم أو تحافظ على أي فوائد قد يقدمها الاتفاق.
_ التقدير بأن إيران ستهدد الأمريكيين بشكل مباشر وعبر هجمات بالوكالة، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط. وأنها لا تزال ملتزمة أيضًا بتطوير شبكات داخل أمريكا، وهو الهدف الذي يزعمون أنها تسعى إلى تحقيقه لأكثر من عقد من الزمان.
كما والتقدير أيضاً، بأن من سمتهم بالوكلاء المدعومين منها، سيشنون هجمات ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا، وربما على دول ومناطق أخرى. لأن إيران قد هددت بالانتقام من المسؤولين الأمريكيين السابقين والحاليين، لاغتيال قائد قوة القدس في حرس الثورة الإسلامية الشهيد الفريق قاسم سليماني في تشرين الأول/يناير للعام 2020، مشيرين الى أنها حاولت سابقًا إجراء عمليات مميتة في أمريكا.
_لا تزال إيران تشكل تهديدًا لـ”إسرائيل” (الكيان المؤقت)، سواء بشكل مباشر من خلال قوتها الصاروخية، أو بشكل غير مباشر من خلال دعمها لحزب الله اللبناني و”الجماعات الإرهابية” الأخرى، وفق التقرير.
_ ستبقى إيران ما وصفوه باللاعب الإشكالي في جميع أنحاء المنطقة، من خلال دعمها للفصائل الشيعية العراقية، الذين يشكلون التهديد الأساسي للأفراد الأمريكيين في العراق. بالإضافة الى أن دعمها الاقتصادي والعسكري للدولة السورية (التي وصفوها بالنظام المارق)، ونشر عدم الاستقرار في جميع أنحاء اليمن من خلال دعمها لحركة أنصار الله – بما في ذلك مجموعة من الأنظمة العسكرية المتقدمة – يشكل أيضًا تهديدًا لشركاء ومصالح أمريكا، بما في ذلك السعودية.
الناحية العسكرية
ومن الناحية العسكرية، قدّر مجتمع الاستخبارات:
_أن نهج إيران العسكري الهجين-الذي يجمع القدرات التقليدية وغير التقليدية- سيشكل تهديدًا للمصالح الامريكية بالمنطقة في المستقبل المنظور، لا سيما عبر قوة القدس ومن وصفوهم بوكلائه.
_بالرغم من التحديات الاقتصادية التي تواجهها إيران، ستسعى طهران إلى تحسين أسلحة تقليدية جديدة والحصول عليها.
_ أن العمليات الحربية غير التقليدية، التي تقوم بها إيران وشبكة الشركاء والوكلاء، ستمكنها من تعزيز مصالحها في المنطقة والحفاظ على العمق الاستراتيجي.
_ أن برامج الصواريخ الباليستية الإيرانية التي تشمل أكبر مخزون منها في المنطقة، لاتزال تشكل تهديدًا لدول الشرق الأوسط. وأن إطلاق الجمهورية الإسلامية لمركبة إطلاق فضائية بما في ذلك صاروخ “سيمرغ”، سيختصر الجدول الزمني لصنع صاروخ باليستي عابر للقارات، لأن الصواريخ الباليستية نحو الفضاء والصواريخ الباليستية العابرة للقارات، تستخدم تقنيات مماثلة إذا ما قررت إيران تطوير واحدة.
القضايا النووية
_ التأكيد على أن إيران لا تقوم حاليًا بأنشطة تطوير الأسلحة النووية الرئيسية. وهذا ما يدحض كل مزاعم كيان الاحتلال المؤقت والدول التابعة لأمريكا.
_ التذكير بأن نقض الإدارة الأمريكية للاتفاق النووي في أيار العام 2018، دفع بإيران الى استئناف بعض الأنشطة التي تتجاوز حدود الاتفاق. محذرين من أن عدم حصول إيران على اتفاق يؤدي الى تخفيف العقوبات، فمن المحتمل أن يفكر مسؤولوها في تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 90٪. خاصة وأن إيران بحسب التقرير أيضاً، لطالما وصفت استئنافها لأنشطتها النووية على أنه رد عكسي، لانسحاب الإدارة الأمريكية من الاتفاق. وأنها أرسلت رسالة تفيد بأنها ستعود إلى الامتثال الكامل إذا رفعت أمريكا العقوبات، وأوفت أيضًا بالتزامات الاتفاق.
وهذا ما يظهر، أن أجهزة أمريكا الاستخباراتية تتوافق مع الموقف الإيراني أيضاً.
التأثير السيبراني
_ تزايد خبرة إيران واستعداداتها، لتنفيذ عمليات سيبرانية وصفوه بالعدواني، ما يجعلها تهديدًا رئيسيًا لأمن أمريكا والشبكات والبيانات المتحالفة معها. ملمحين الى أن إيران تنتهج تنفيذ بعض هذه الهجمات، ضد مالكي البنية التحتية الحيوية الامريكية، لا سيما عندما تعتقد بأنه يجب عليها إثبات قدرتها على صد الإدارة الأمريكية في مجالات أخرى. كاشفين أن هناك هجمات حصلت مؤخراً، ضد أهداف إسرائيلية وأمريكية، ما يظهر إيران بأنها باتت أكثر استعدادًا من ذي قبل لاستهداف دول ذات قدرات أقوى. واتهموها بالمسؤولية عن عدة هجمات إلكترونية بين نيسان / أبريل وتموز / يوليو العام 2020، ضد منشآت المياه الإسرائيلية، ما يعكس قدرتها على التعطيل الناجح للبنية التحتية الحيوية في الكيان المؤقت (بالرغم من امتلاك الأخيرة قدرات متطورة أيضاً في هذا المجال).
وماذا عن التقديرات فيما يخص حزب الله ومنطقة الشرق الأوسط؟
_ التقدير بأن حزب الله سيواصل العمل مع إيران، لتطوير “قدرات إرهابية”، تكون مكملة للقدرات العسكرية التقليدية المتنامية لديه.
_ سعي حزب الله إلى تقليص نفوذ الولايات المتحدة في لبنان والشرق الأوسط الأوسع، والمحافظة على قدرة استهداف الأشخاص والمصالح الأمريكية في المنطقة، وفي جميع أنحاء العالم، و- بدرجة أقل- في أمريكا.
منطقة الشرق الأوسط
_ التقدير بأن يعطي تنظيم داعش الوهابي الإرهابي الأولوية في العراق وسوريا، لتنفيذ الهجمات ضد الأهداف العسكرية والمدنية المحلية، لتقويض إرادة من سموهم بخصومه في القتال، والحفاظ على الصلة بين الأعضاء والداعمين، وإذكاء التوتر الديني والعرقي والطائفي.
وبالتالي، قد يشير ذلك الى مصلحة أمريكية في تصاعد عمليات داعش في هذين البلدين في العام الحالي.
_ تبرير تباطؤ وتيرة عمليات داعش في العراق وسوريا، الى النقص اللوجيستي والمالي والموظفين والقياديين. كاشفين بأن داعش عازمة على إطلاق سراح بعض مقاتليها، البالغ عددهم 10 آلاف، والذين ما يزالوا رهن الاحتجاز في شمال شرق سوريا.
وعليه فقد نشهد في هذا العام، تكراراً لسيناريو سجن الصناعة بالحسكة، في سجون أخرى.
_ تقويض ولاية خراسان-داعش لسلطة طالبان في أفغانستان، وأنها تعد لذلك من خلال تنفيذ العديد من العمليات ضد الحركة.