الرئيسية / مناسبات / 8 شوال.. ذكرى هدم قبور ائمة البقيع (ع) .. المسلمون يبنون والوهابية تهدّم + صور

8 شوال.. ذكرى هدم قبور ائمة البقيع (ع) .. المسلمون يبنون والوهابية تهدّم + صور

تصادف اليوم 8 شوال ذكرى هدم نظام آل سعود قبور ائمة البقيع بعد استيلائهم على المدينة المنورة في عام 1344 هـ بمساعدة بريطانيا، في حين يشيّد المسلمون سنة وشيعة الأضرحة على قبور الأئمة والأولياء الصالحين في مختلف بقاع العالم الاسلامي كمراقد أئمة أهل البيت عليهم السلام في العراق وايران وأئمة أهل السنة في العراق ومصر واوزبكستان و…

8 شوال.. ذكرى هدم قبور ائمة البقيع (ع) .. المسلمون يبنون والوهابية تهدّم + صور

ائمة البقيع عليهم السلام 

تقع مقبرة بقيع الغرقد في المدينة المنوّرة قرب المسجد النبوي الشريف ومرقد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وتضم مراقد الأئمّة الأربعة المعصومين من أهل بيت النبوّة والرسالة (عليهم السلام)، وهم: الإمام الحسن المجتبى، والإمام علي زين العابدين، والإمام محمّد الباقر، والإمام جعفر الصادق(عليهم السلام) وكانوا تحت قبة واحدة وضمت أيضا مدفن العباس عمّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).

وثمة قبةٌ قريبة منها عرفت ببيت الأحزان، حيث كانت الزهراء (سلام الله عليها) تخرج إلى ذلك المكان وتبكي على أبيها المصطفى (ص).

قباب مقبرة البقيع 

واشتملت مقبرة البقيع على قباب كثيرة، مثل أزواج النبي وأولاده ومرضعته (صلى الله عليه وآله وسلم) «حليمة السعدية» وكانت هناك قبة «فاطمة بنت أسد» (سلام الله عليها) والدة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقبة زوجته أم البنين (سلام الله عليها) وتقع قرب قبة عمات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقبة الصحابي «جابر بن عبد الله الأنصاري» وغيرهم مما هو مذكور في التاريخ.

قبور البقيع تعرضت للهدم مرتين الأولى 1220 للهجرة والثانية 1344 هجرية وبقيت الى يومنا هذا

بدأت الحادثة الفاجعة حينما اتفق كل من محمد بن مسعود أمير الدرعية ومحمد بن عبد الوهاب (مؤسس مذهب الوهابية الذي خطط له البريطانيون) في عام 1185 للهجرة على العمل معا على توسعة بلادهم ونشر الوهابية باحتلال المدن المجاورة شريطة ان تكون القيادة السياسية لمحمد بن سعود والدينية لمحمد بن عبد الوهاب واحتلوا بعض المناطق المجاورة لهم وتوجهوا الى العراق ودخلوا حدود العراق وبعد مناوشات بين جيش ال سعود وأهالي المناطق الريفية العراقية اشرف الجيش على مدينة كربلاء المقدسة فهدموا القبة الموجودة على قبر الحسين عليه السلام وقيل أجزاء من بناء الضريح المقدس ونهبوا المجوهرات الثمينة وحرقوا الكتب والمصاحف وبعدها توجهوا الى النجف الاشرف لهدم ضريح الامام علي عليه السلام ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك فرجعوا الى الدرعية وتوجهوا الى احتلال المناطق الحجازية فدخلوا مكة المكرمة وتوجهوا الى مقبرة المعلى وقاموا بتهديم أثارها يقول صاحب خلاصة الكلام ( فما أصبح الصباح الا وهم سارحون بالمساحي والفؤوس لهدم القبب فبادر الوهابيون لهدم المساجد ومآثر الصالحين فهدموا ما في مقبرة المعلى من القبب ثم هدموا قبة مولد النبي صلى الله عليه وآله ( وهو اثار للبيت الذي ولد به نبي الرحمة ) وبالغوا في شتم القبور التي هدموها وفي سنة (1220 هـ 1805 م) دخل الوهابيون المدينة المنورة بعد حصار طال سنة ونصف ويروي صاحب لمع الشهاب يقول (فلما قرب الى المدينة أرسل الى أهلها بدخوله فأبوا وامتنعوا من ذلك فحمل عليهم مرارا حتى دخلها فقتل منها بعض اهلها حيث سمى أهلها بالناكثين ويوم الحادي عشر جاء هو وبعض أولاده فطلب الخدم السودان الذين يخدمون حرم النبي فقال أريد منكم الدلالة على خزائن النبي فقالوا لا نوليك عليها ولا نسلطك فأمر بضربهم وحبسهم حتى اضطروا الى الإجابة فدلوه الى بعض من ذلك فاخذ كل ما فيها من الأموال وفيها تاج كسرى ( انوشروان ) الذي حصل عليه المسلمون عند فتح المدائن وفيها سيف هارون الرشيد وعقد كان لزبيدة واخذ القناديل الذهبية وجواهر عديدة وخرج الى البقيع فأمر بتهديم كل قبة كانت هناك ومن ضمنها قبة فاطمة الزهراء عليها السلام والظاهر من قبة الزهراء ليس لقبرها لان قبرها مجهول, ولكن مقام الزهراء الذي بناه امير المؤمنين عليه السلام لها بعد وفاة ابيها وسماه بيت الاحزان وقيل ان القبة تسمى قبة الحزن وقبة الامام الحسن عليه السلام والظاهر قبة الامام الحسن عليه السلام كانت اكبر واعلى القبب الموجودة في البقيع بحسب وصف الرحالة ابن جبرين (قبة مرتفعة في الهواء يقصد بها قبة الامام الحسن عليه السلام ) وقال ابن بطوطة (( ولقبر الحسن بن علي قبة ذاهبة في الهواء بديعة الإحكام . وقبه لعلي بن الحسين عليه السلام وقبة لمحمد الباقر وقبه لجعفر الصادق عليه السلام) وقبة لعثمان بن مضعون وتركوا حطام التهديم على تلك القبور المقدسة يصفها الرحالة عبدالله بور خارت يقول (( فليس فيه متر واحد حسن البناء … انما هي أكوام من تراب أحيطت بأحجار غير ثابتة)).
وبقيت على هذا الحال ما دام ال سعود في الحكم حتى سقطت دولة ال سعود على يد دولة العثمانيين وعندما استعادت الدولة العثمانية المدينة المنورة أعادت عليها عمارتها وقامت ببناء الآثار الإسلامية التي هدمها الوهابيون وقد أعادوا بناء الكثير من القباب على صورة من الفن تتفق مع ذوق العصر وساعدهم في ذلك العلماء بالإضافة الى التبرعات السخية والأضرحة الجاهزة التي كانت تأتي من كافة إنحاء العالم الإسلامي . لكن هذا البناء لم يدم طويلا سوى مئة عام تقريبا إذ قام ابن سعود وبالتعاون مع بريطانيا بالقضاء على الدولة العثمانية والسيطرة عليها وفي الخامس عشر من شهر جمادي الأولى 1344هـ -1925م دخل المدينة المنورة وقام بمجزرة دموية قتل فيها النساء والرجال والأطفال وعدد كبير من رجال الدين وفي الثامن من شهر شوال عام (1344هـ) توجهوا مرةً أخرى الى قبور البقيع فهدموا قبابها والأضرحة والمساجد بصورة كاملة وبالوقت نفسه توجهوا الى قبر الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله محاولين هدمه لولا ردود الأفعال التي حصلت من خلال المظاهرات والاستنكارات في الدول الإسلامية والعربية .

ضريح الامام علي ابن ابي طالب عليه السلام في النجف بالعراق

ضريح الامام الحسین بن علي عليه السلام في کربلاء بالعراق

ضريح ومسجد الامام علي الرضا في مشهد بايران

ضريح ومسجد السيدة زينب بنت الامام علي بن ابي طالب (عليهما السلام) في دمشق بسوريا

جريمة آل سعود والوهابية

بعدما استولى آل سعود على مكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة وضواحيهما عام 1344ﻫ، بدأوا يبحثون عن ذريعة ودليل لهدم المراقد المقدّسة في البقيع، ومحو آثار أهل البيت(عليهم السلام) والصحابة.

وخوفاً من غضب المسلمين في الحجاز والبلاد الإسلامية، وتبريراً لعملهم الإجرامي ارغموا علماء المدينة المنوّرة على إصدار فتوى بحُرمة البناء على القبور.

فكتبوا استفتاءً ذهب به قاضي قضاة الوهابي سليمان بن بليهد الى علماء المدينة، فاجتمع بهم ، وتحت التهديد والترهيب وقّع العلماء على جواب نُوّه عنه في الاستفتاء بحُرمة البناء على القبور؛ تأييداً لرأي الجماعة التي كتبت الاستفتاء.

واستناداً لهذا الجواب اعتبرت الحكومة السعودية ذلك مبرّراً مشروعاً لهدم قبور الصحابة والتابعين، وهي في الحقيقة إهانة لهم ولآل الرسول(صلى الله عليه وآله)، فتسارعت قوى الوهابية الضالة إلى هدم قبور آل الرسول(صلى الله عليه وآله) في الثامن من شوّال من نفس السنة ـ أي عام 1344ﻫ ـ فهدّموا قبور الأئمّة الأطهار والصحابة في البقيع، وسوّوها بالأرض وشوّهوا محاسنها، وتركوها عرضةً لوطئ الأقدام ودوس الهوام.

ونهبت كلّ ما كان في ذلك الحرم المقدّس، من فرش وهدايا وآثار قيّمة وغيرها، وحَوّلت ذلك المزار المقدّس إلى أرضٍ موحشة مقفرة.

وبعدما انتشر خبر هدم القبور، استنكره المسلمون في جميع بقاع العالم على أنّه عمل إجرامي يسيء إلى أولياء الله ويحطّ من قدرهم، كما يحطّ من قدر آل الرسول (صلى الله عليه وعليهم) وأصحابه.

نشرت جريدة أُمّ القرى بعددها 69 في 17 شوّال 1344ﻫ نصّ الاستفتاء وجوابه، وكأنّ الجواب قد أُعدّ تأكيداً على تهديم القبور، وحدّدت تاريخ صدور الفتوى من علماء المدينة بتاريخ 25 رمضان 1344ﻫ، امتصاصاً لنقمة المسلمين، إلّا أنّ الرأي العام لم يهدأ، لا في داخل الحجاز ولا في العالم الإسلامي، وتوالت صدور التفنيدات للفتوى ومخالفتها للشريعة الإسلامية.

وليت شعري أين كان علماء المدينة المنوّرة عن منع البناء على القبور ووجوب هدمه قبل هذا التاريخ؟! ولماذا كانوا ساكتين عن البناء طيلة هذه القرون من صدر الإسلام وما قبل الإسلام وإلى يومنا هذا؟!

ألم تكن قبور الشهداء والصحابة مبنيّ عليها؟ ألم تكن هذه الأماكن مزارات تاريخية موثّقة لأصحابها؟ مثل مكان: مولد النبي(صلى الله عليه وآله)، ومولد فاطمة(عليها السلام)، وقبر حوّاء أُمّ البشر والقبّة التي عليه، أين قبر حوّاء اليوم؟ ألم يكن وجوده تحفة نادرة يدلّ على موضع موت أوّل امرأة في البشرية؟ أين مسجد حمزة في المدينة ومزاره الذي كان؟ أين وأين… .

القرآن الكريم وبناء القبور

لو تتبعنا القرآن الكريم ـ كمسلمين ـ لرأينا أنّ القرآن الكريم يعظّم المؤمنين ويكرّمهم بالبناء على قبورهم ـ حيث كان هذا الأمر شائعاً بين الأُمم التي سبقت ظهور الإسلام ـ فيحدّثنا القرآن الكريم عن أهل الكهف حينما اكتُشف أمرهم ـ بعد ثلاثمّائة وتسع سنين ـ بعد انتشار التوحيد وتغلّبه على الكفر.

ومع ذلك نرى انقسام الناس إلى قسمين: قسم يقول:﴿ … ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا … ﴾ 1تخليداً لذكراهم ـ وهؤلاء هم الكافرون ـ بينما نرى المؤمنين ـ التي انتصرت إرادتهم فيما بعد ـ يدعون إلى بناء مسجد على الكهف، بجوار قبور أُولئك الذين رفضوا عبادة غير الله؛ كي يكون مركزاً لعبادة الله تعالى.

فلو كان بناء المسجد على قبور الصالحين أو بجوارها علامة على الشرك، فلماذا صدر هذا الاقتراح من المؤمنين؟! ولماذا ذكر القرآن اقتراحهم دون نقد أو ردّ؟! أليس ذلك دليلاً على الجواز، ﴿ … قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا ﴾.

فهذا تقرير من القرآن الكريم على صحّة هذا الاقتراح ـ بناء المسجد ـ ومن الثابت أنّ تقرير القرآن حجّة شرعية.

إنّ هذا يدلّ على أنّ سيرة المؤمنين الموحّدين في العالم كلّه كانت جارية على البناء على القبور، وكان يُعتبر عندهم نوعاً من التقدير لصاحب القبر، وتبرّكاً به لما له من منزلة عظيمة عند الله، ولذلك بني المسجد وأصبحت قبور أصحاب الكهف مركزاً للتعظيم والاحترام.

ولا زالت هذه الحالة موجودة حتّى في وقتنا الحاضر لقبور العظماء والملوك والخالدين، فهل توجد أخلد وأطهر من ذرّية رسول الله(صلى الله عليه وآله) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرّهم تطهيراً؟

مراقد وأضرحة الأئمة والصالحين من الشيعة والسنة مشيدة الى الآن في البلدان الاسلامية وجميع المسلمين يؤمونها تكريما لهم وتعظيما لشعائر الله

ان الوهابية العمياء والسلفية الطالحة ,الذين كفروا المسلمين بمختلف طوائفهم, كل هؤلاء استعملوا العنف والارهاب في تحميل عقائدهم الفاسدة على المسلمين , فهدموا البقيع الذي يحوي قبور أهل البيت (عليهم السلام) والصحابة وأمهات المؤمنين, وأرادوا تخريب قبر النبي (صلى الله عليه وآله) لولا أن وقف المسلمون أمام فعلتهم الشنعاء هذه , وكذلك حاولوا تخريب قبور الائمة في العراق ولم يفلحوا , نسأل الله ان يكفينا شرهم. وهم يوما بعد آخر في طريقهم للسقوط في مزبلة التاريخ , وذلك لتشويههم سمعة الاسلام والمسلمين في العالم بما يقومون به من أعمال ارهابية مخالفة للشريعة المحمدية السمحاء.
وأما في مقام الاستدلال على جواز بناء القبور , فتارة يكون الدليل خاصاً , وأخرى عاماً.
ثم إن الاصل الاباحة , الا اذا ورد دليل تام يحرمه.

ضريح ومسجد امام المذهب الحنفي (أبو حنيفة النعمان بن ثابت) في بغداد

ضريح ومسجد امام المذهب الشافعي (محمد بن إدريس) في القاهرة

ضريح ومسجد راوي (صحيح البخاري) محمد بن إسماعيل البخاري في أوزبكستان

ضريح الخليفة الاموي عمر بن عبد العزيز في سوريا

زاوية سيدي إبراهيم الرياحي في مدينة تونس العتيقة بتونس

ضريح ومسجد الصحابي ابو ايوب الانصاري في اسطنبول بتركيا

وفيما نحن فيه الادلة التي أقاموها على الحرمة غير تامة , والدليل الخاص ثابت في مصادر الشيعة , والدليل العام وارد في مصادر الفريقين , وأصل الاباحة ساري المفعول عند السنة والشيعة لعدم تمامية الادلة التي أقاموها على الحرمة.
وفيما يلي التفصيل في هذه المسألة :

الأدلة على جواز بناء القبور :

1- قوله تعالى: (( قَالَ الَّذينَ غَلَبوا عَلَى أَمْرهمْ لَنَتَّخذَنَّ عَلَيْهم مَّسْجدًا )) (الكهف:21).

أخبرنا الله تعالى عن المؤمنين الذين قررّوا أن يتّخذوا من مضجع الفتية المؤمنة مسجداً يسجدون لله سبحانه فيه، ويعبدونه وهم مؤمنون وليسوا بمشركين، ولم يذمّهم الله تعالى على ذلك.
وممّا لا شك فيه أن شأن الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، أرفع من شأن أولئك الفتية، فإذا جاز بناء قبورهم, فبالأولى جواز ذلك بالنسبة إلى الأنبياء والأئمة (عليهم السلام).

2- قوله تعالى: (( قل لَّا أَسْأَلكمْ عَلَيْه أَجْرًا إلَّا الْمَوَدَّةَ في الْقرْبَى )) (الشورى:23).

تدل هذه الآية على وجوب مودّة قربى الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهو وجوب مطلق لم يقيد بزمان دون آخر, ولا مكان دون مكان, ولا كيفية دون أخرى. وممّا لا شك فيه أن تعهد قبر شخص ما بالبناء والإعمار والتجديد من جملة المصاديق العرفية لهذه المودة.

3- تعظيم شعائر الله تعالى.

فإن القرآن الكريم وإن لم يصرح على بناء قبور الأنبياء والصالحين بالخصوص, لكنه صرح بتعظيم شعائر الله تعالى بقوله : (( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )) (الحج:32)، وبقوله : (( ومن يعظم حرمات الله فهو خير له )) (الحج:30)، ولا شك ولا ريب أن صون المعالم الدينية عن الإندراس ـ كالمشاهد المتضمّنة لأجساد الأنبياء والصالحين ـ وحفظها عن الخراب بناءاً وتجديداً, نحو من أنحاء التعظيم, كما أن حفظ المسجد عن الخراب تعظيم له.
ولا يخفى : أن الله تعالى جعل الصفا والمروة من الشعائر والحرمات التي يجب احترامها, فكيف بالبقاع المتضمنة لأجساد الأنبياء والأولياء, فإنها أولى بأن تكون شعاراً للدين.
كيف لا ؟ وهي من البيوت التي أذن الله أن ترفع, ويذكر فيها اسمه, فإن المراد من البيت في الآية هو : بيت الطاعة, وكل محل أعدّ للعبادة, فيعم المساجد والمشاهد المشرفة لكونها من المعابد.
ولو لم يكن في الشريعة ما يدل على تعمير المساجد وتعظيمها واحترامها، لأغنتنا الآية بعمومها عن الدلالة على وجوب تعمير المسجد وتعظيمه، وإدامة ذكر الله فيه، لكونه من البيوت التي أذن الله أن ترفع. ومثل المسجد في جهة التعمير والتعظيم والحفظ, المشاهد التي هي من مشاعر الإسلام ومعالم الدين.

4- إقرار النبي (صلى الله عليه وآله) والصحابة على البناء.

فإنه (صلى الله عليه وآله) أقرّ, وهكذا أصحابه, على بناء الحجر ولم يأمروا بهدمه, مع أنه مدفن نبي الله إسماعيل (عليه السلام) وأمّه هاجر, وهكذا إقرارهم على بناء قبر النبي إبراهيم الخليل (عليه السلام), وبقية قبور الأنبياء والمرسلين حول بيت المقدس.
ثم إقرار الصحابة على دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الحجرة التي توفّي فيها, وهي مشيّدة بالبناء, ودفن الخليفة الأول والثاني فيها من بعد النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يأمروا بهدمها, بل العكس أمروا بإعمارها, دليل قاطع على جواز البناء على القبور.

5- الروايات الواردة في كتب الفريقين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الحث على زيارة القبور, وثواب من زار قبره, وأنه (صلى الله عليه وآله) زار قبر أمّه ورمّم قبرها.

وأما بالنسبة إلى الأدلة التي تمسّك بها الوهابيون على تحريم البناء على القبور, فهي:
أولاً: إجماع العلماء قائم على عدم جواز البناء على القبور.
وفيه: أن دعوى الإجماع مرفوضة, بإعتبارها مخالفة لكلمات العلماء الدالة على جواز البناء, بل رجحانه, ومخالفة لعمل المسلمين وسيرتهم القطعية في جميع الأقطار والأمصار, على اختلاف طبقاتهم وتباين نزعاتهم, من بدء الإسلام إلى يومنا هذا, من العلماء وغيرهم, من الشيعة والسنة وغيرهم, وأي بلاد من بلاد الإسلام ليس لها جبانة, فيها القبور المشيّدة ؟!
فهؤلاء أئمة المذاهب : الشافعي في مصر, وأبو حنيفة في بغداد, ومالك بالمدينة, وتلك قبورهم من عصرهم إلى اليوم سامقة المباني شاهقة القباب, وأحمد بن حنبل كان له قبر مشيّد في بغداد, جرفه شط دجلة حتى قيل : أطبق البحر على البحر.
وكل تلك القبور قد شيّدت, وبنيت في الأزمنة التي كانت حافلة بالعلماء, وأرباب الفتوى, وزعماء المذاهب, فما أنكر منهم ناكر, بل كل منهم محبّذ وشاكر.
وليس هذا من خواص الإسلام, بل هو جار في جميع الملل والأديان, من اليهود والنصارى وغيرهم, بل هو من غرائز البشر, ومقتضيات الحضارة والعمران, وشارات التمدّن والرقي, والدين القويم المتكفّل بسعادة الدارين, إذا كان لا يؤكده ويحكمه, فما هو بالذي ينقضه ويهدمه, ألا يكفي هذا شاهداً قاطعاً, ودليلاً بيناً على فساد دعوى الإجماع الوهابية ؟

شاهد أيضاً

السياسة المحورية ونهضة المشروع القرآني لتقويض المصالح الغربية العدائية

فتحي الذاري مأخذ دهاليز سياسة الولايات المتحدة الأمريكية والمصالح الاستراتيجية في الشرق الأوسط تتضمن الأهداف ...