العلوم القرآنية – مصطلحات قرآنية
25 أبريل,2017
القرآن الكريم
1,099 زيارة
ُصطلحات الاُلوهيّة والربوبيّة
الرّحمن الرّحيم
الرَّحمن:
قال سبحانه:
أ ـ في سورة طه:
(وَإنَّ رَبَّكُمُ الرَّحمنُ) (الاية 90).
ب ـ في سورة الانبياء:
(وَرَبُّنا الرَّحمن) (الاية 112).
ج ـ في سورة النبأ:
(رَبُّ السّمواتِ والارض وَما بينهما الرَّحمن) (الاية 37).
الرّحيم:
أ ـ قال سبحانه في سورة (يس):
(سَلامٌ قولاً مِنْ ربٍّ رَحيم) (الاية 85).
ب ـ في سورة الشعراء:
(وَإنَّ رَبَّكَ لَهوَ العَزيزُ الرّحيم) (الايات 9، 68، 104، 122، 140، 159، 175، 191).
ج ـ وجاء الاسمان كلاهما جميعا في سورة الفاتحة في قوله تعالى:
(… ربِّ العالَمينَ الرّحمنِ الرّحيم) (الايتان 2 و 3).
شرح الكلمات:
أ ـ العَرْش:
العرش في اللّغة: شيء مُسَقَّف، وجمعه عروش، وسمِّي مجلس السلطان: عَرشا، اعتبارا بعلوِّه، وكُنِّي به عن العِزِّ، والسُّلطانِ، والمملكة، في لسان العرب: ثلّ اللّهُ عَرْشَهُمْ أَيْ هَدَمَ مُلْكَهُمْ(16).
وفي هذا المعنى قال الشاعر:
إذا ما بنو مروان ثُلَّثْ عروشهم
وأودتْ كما أودت إيادٌ وحِمْيَر
أراد إذا ما بنو مروان هلك ملكهم وبادوا(17).
ب ـ استوى:
جاء في مادّة (سوى) بكلّ من:
أ) كتاب (التحقيق في كلمات القرآن)(18):
الاستواء يختلف باختلاف المواضع، ففي كل موضع بحسبه وعلى ما يقتضيه.
ب) مفردات الراغب:
استوى فلان على عمالته، واستوى أمر فلان، ومتى عُدِّيَ بعلى اقتضى معنى الاستيلاء كقوله:
(الرَّحمنُ عَلى العَرْشِ استَوى). (طه / 5)
ج) المعجم الوسيط:
يقال استوى على سرير المُلك، أو على العرش: تولّى المُلك.
كما قال الاخطل في مدح بشر بن مروان الامويّ:
قد استوى بِشرٌ على العراق
من غير سيفٍ أو دمٍ مهراق(19)
الكرسيّ
الكرسيُّ في اللّغة: السرير والعِلم.
روى الطبري والقرطبي وابن كثير عن ابن عباس واللّفظ من الطبري بإيجاز انّه قال: كرسيّه: عِلْمُهُ.
قال الطبري: كما أخبر عن ملائكته أنّهم قالوا في دعائهم: (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْء رَحْمَةً وَعِلْما) فأخبر تعالى ذكره أنَّ علمه وسع كل شيء، فكذلك قوله (وسع كرسيّه السّموات والارض)، قال: وأصل الكرسي العلم، ومنه قيل للصحيفة يكون فيها علم مكتوب: كراسة. ومنه يقال للعلماء الكراسي.
ومنه قول الرّاجز: (حتّى إذا ما احتازها تكرّسا) يعني: علم.
ومنه قول الشاعر:
تحف بهم بيض الوجوه وعصبة
كراسيّ بالاحداث حين تنوب
يعني بذلك علماء بحوادث الاُمور ـ انتهى ما نقلناه عن الطبري.
وحكى اللّه عن إبراهيم (ع) انّه قال لقومه:
(وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شيء عِلْما أفلا تَتَذَكَّرون). (الانعام / 80)
وعن شعيب (ع) انّه قال لقومه:
(وَسِعَ ربُّنا كُلَّ شيء عِلما). (الاعراف / 89)
وعن موسى (ع) انّه قال للسّامري:
(إنَّما إلهكُمُ اللّهُ الذي لا إله إلاّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيء عِلما). (طه / 98) وقال الامام الصادق (ع) السادس من أوصياء الرّسول (ص) في جواب من سأله عن قوله تعالى:
(وَسِعَ كُرسِيُّهُ السَّمواتِ والارض). (البقرة / 255)
قال: علمه(20).
وانّ الكرسيَّ جاء في القرآن الكريم ـأيضاًـ بمعنيين:
أ ـ بمعنى السّرير، كما جاء في قوله تعالى في قصّة سليمان:
(وألقينا على كرسيّه جسداً).(ص / 34)
ب ـ بمعنى العلم، كما جاء في قوله تعالى:
(يَعلمُ ما بَينَ أَيديهِم وَما خلفهم وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيء مِن عِلمِه إلاّ بِما شاء وَسِعَ كُرسِيّهُ السَّمواتِ وَالارض…). (البقرة / 255)
ومجيئه في هذه الجملة بعد علمه يدلّ على أنّ المقصود من كرسيّه، علمه تعالى. ويكون معنى الجملة عندئذ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلاّ بما شأ وسع علمه السّموات والارض.
وعلى هذا فإنّ معنى بعض الروايات انّ (كلّ شيء في الكرسي) أي إنّ كل شيء في علم اللّه.
اللّهُ (جَلَّ جَلالُهُ)
اللّهُ جلَّ جلاله، اسم للاله الخالق، والرَّبُّ المربِّي والرَّحمن الرَّحيم، والحيُّ القيّومُ إلى آخر أسماء اللّه الحسنى. وصدق اللّه العظيم حيث
يقول: (وَللّهِ الاسْمَـاء الحُسْنى). (الاعراف / 180)
وبناء على ذلك فعندما نقول: (لا إله إلاّ اللّه).
نعني:
أنّ لا خالق ولا معبود إلاّ الذي هو ربُّ ورحمنٌ ورحيمٌ وَحَيُّ وقيُّومٌ إلى آخر أسماء اللّه الحُسنى.
وأخطأ من علماء اللّغة العربيّة من زعم أنّ (اللّه) أصله (إله) الذي هو إسم جنس للالهة، ودخلت عليها الالف واللاّم للتعريف وصار (الاله) ثمّ حذفت الالف واُدغم اللاّمان فصار (اللّه)(21). وعندئذ يكون (إله) و(اللّه) مثل (رجل) و(الرجل) الاوّلان منهما إسما جنس لكلِّ الالهة ولكلّ الرِّجال، والثانيان منهما عُرِّفا بالالف واللاّم وبهما شُخِّصَ الرّجل المقصود والاله المقصود. وعليه فإنّ معنى (لا إله إلاّ اللّه) يكون: لا إله إلاّ الاله الذي أقصده وأعنيه.
لقد أخطأ القائلون بهذا القول، فإنّ لفظ (اللّه) علم مرتجل باصطلاح النحويين سمِّي به الذات الذي صفاته جميع الاسماء الحسنى، ولا يشاركه في التسمية غيره، كما لا يشاركه غيره في الاُلوهيَّة والرُّبوبيَّة.
وكذلك الامر في اللّغة العبريَّة، فإنّ (يهوه) إسم للّه وحده، و(إلْهَ) بمعنى (إله) و(إلوهيم) بمعنى الالهة(22).
وعلى ما تقدّم من بحث يكون معنى (بِسْمِ اللّهِ الْرَّحمنِ الْرَّحيم):
أ ـ (بِسْمِ) أي: بحقيقة، بصفات.
ب ـ (اللّهِ) ذاتُ البارئ المتّصف بجميع أسماء اللّه الحسنى.
ج ـ (أَلرَّحْمنِ والْرَّحيم) خُصِّصا بالذكر من صفات ربوبيَّة اللّه.
إذا، يكون المعنى: أستعين في تلاوة السورة برحمانيَّة اللّه الرَّبِّ ورحيميّته.
وفي إيراد البَسْمَلَةِ أوائل السور براعة استهلال، لانّ جميع السور القرآنيّة تشرح جوانب من ربوبيَّة اللّه الْرَّحمنِ الرَّحِيم وتبيّنها، عدا سورة براءة التي لم يُبدأ فيها بالبَسْمَلَةِ.
القيّوم
من أسماء اللّه الحسنى ولا يوصف به سوى اللّه، ومعناه: القائم الحافظ لكلِّ شيء والمعطي له ما به قوامه.
الرَّحْمنُ وَالرَّحِيم
الرّحمن من الانسان: رقَّةُ قلب وتَعَطُّفٌ على المرحوم، ومن اللّه: إنعام وإفضال عليه.
والرّحيم يدلُّ على دوام اتّصاف الرَّاحِم بالرَّحمة، ويوصفُ البارئ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بالرَّحيم لاستمرار صدور الرَّحْمَةِ منه، ويوصف بها الانسانُ الذي يرقُّ قلبه على الدوام.
والْرَّحْمنُ يدلُّ على كثرة صدور الْرَّحْمَةِ من الْرَّاحِمِ ولا يطلق إلاّ على اللّه، لانّ معناه لا يصحّ إلاّ له، إذ هو الذي وسع كلّ شيء رحمة، وعمَّت رحمته في الدّنيا المؤمن والكافر وجميع الخلق، ودامت رحمته بالمؤمنين خاصَّةً يوم القيامة، فهو رحمن الدّنيا ورحيمٌ بالمؤمنين في الاخرة.
وبما أنّه ربُّ العالمين ومربِّي العالمين ومدبِّر أمرهم في الدّنيا؛ فهو رحمن الدّنيا، وبما أنّه يجزي المؤمنين بحسنات أعمالهم في الاخرة فهو رحيم بالمؤمنين في الاخرة.
إذا فإنّ الْرَّحْمنَ والْرَّحِيم هما من صفات الرَّبِّ وهما والرَّبُّ والاله من صفات اللّه جلَّ اسمه.
العِبادَةُ
في مفردات القُرآن للرّاغب: العُبُودِيَّةُ: إظهار التذلُّل، والعبادة أبلغ منها.
وفي القاموس المحيط للفيروزآبادي: عبد عبادة وعبودة وعبوديَّة: أطاع.
وفي الصِّحاح للجوهريّ: أصل العبوديّة: الخضوع والتذلُّل والعبادة والطاعة.
بناء على ما ذكروا يكون لـ ((عبد عبادةً)) معنيان:
أ ـ خضع وتذلَّل وأجرى الطقوس الدينيّة.
ب ـ أطاع.
وبالمعنى الثاني ورد في حديث الامام الصّادق (ع)، (ت: 148 هـ) في قوله:
((من أطاع رجلاً فقد عبده))(23).
وفي رواية الامام الرّضا (ع) ، (ت: 203 هـ) عن جدّه الرّسول (ص) أنّه قال:
((من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان النّاطق عن اللّه فقد عبد اللّه، وإن كان النّاطق عن إبليس فقد عبد إبليس))(24).
وعلى هذا يكون معنى:
عبادة الاله الخالق جلّ وعلا: إجراء الطّقوس الدِّينية له مثل إقامة الصَّلاة وأداء مناسك الحجِّ وصيام شهر رمضان. وعبادة الاصنام: إجراء الطّقوس الدِّينية لها.
وعبادة الرَّبِّ: إطاعة الرَّبِّ، لانّ الرَّبَّ هو المربِّي الذي يسنُّ نظام الحياة لمن يُربِّيه. فمعنى قولنا لربِّ العالمين: (إيّاكَ نَعْبُدُ): نطيع أوامرك لهدايتنا إلى الصِّراط المستقيم.
____________________________________
[17]البحار (58 / 7).
[18]كتاب ((التحقيق في كلمات القرآن)): تأليف الاُستاذ حسن المصطفوي، ط. طهران 1400 هـ.
[19]بشر بن مروان، أخو الخليفة الامويّ عبدالملك بن مروان، وواليه على العراق سنة: 74 هجرية، توفّي في البصرة. راجع ترجمته في تاريخ دمشق لابن عساكر.
وذكر شعره:
القاضي عبدالجبار في كتاب: تنزيه القرآن، ط. القاهرة 1329 هـ، ص: 157 و159.
وعبدالرحمن الايجي (ت: 756 هـ) في كتابه: المواقف، ط. القاهرة 1357 هـ، ص: 297، وفيه ورد: عمرو بدل بشر.
[20]توحيد الصدوق، ص 327، باب معنى قول اللّه عزَّ وجلَّ: (وسع كرسيّه السَّموات والارض).
[21]راجع مادّة: (أَلَه) من لسان العرب لابن منظـور (ت: 711 هـ)، و((التحقيق في ألفاظ القرآن الكريم)) لحسن المصطفوي المعاصر، وتفسير البسملة من تفسير الميزان للسيّد الطباطبائي (ت: 1404 هـ).
[22]راجع استعمالات الكلمات في التّوراة العبريَّة، ومادّة: (يهوه) في: ((قاموس كتاب مقدّس)) (فارسي).
[23]اُصول الكافي، للكليني (ت: 329 هـ)، (2 / 398).
[24]عيون أخبار الرِّضا (1 / 303)، ووسائل الشِّيعة للحرّ العاملي (ت: 1104 هـ)، (18 / 92) الحديث 13.
2017-04-25