عن ثابت بن أنس بن مالك قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان أزهر اللون ، كأن
لونه اللؤلؤ ، وإذا مشى تكفأ ، وما شممت رائحة مسك ولا عنبر أطيب من رائحته ،
ولا مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله ، كان أخف الناس صلاة
في تمام .
عن جرير بن عبد الله قال : لما بعث النبي أتيته لأبايعه ، فقال لي : يا جرير لأي
شئ جئت ، قال : قلت لأسلم على يديك يا رسول الله ، فألقى لي كساءه ، ثم أقبل على
أصحابه فقال : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه .
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) واعد رجلا إلى الصخرة فقال :
أنا لك هنا حتى تأتي ، قال : فاشتدت الشمس عليه ، فقال له أصحابه : يا رسول الله
لو أنك تحولت إلى الظل ، قال : وعدته ههنا وإن لم يجئ كان منه الجشر ( 2 ) .
عن عائشة قالت : قلت : ، رسول الله إنك إذا دخلت الخلاء فخرجت دخلت
في أثرك فلم أر شيئا خرج منك غير أني أجد رائحة المسك ، قال : يا عائشة إنا معشر
الأنبياء بنيت أجسادنا على أرواح أهل الجنة ، فما خرج منا من شئ ابتلعته الأرض .
عن ابن عباس قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثر
في جنبيه ، فقال : يا نبي الله لو اتخذت فراشا ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما لي وللدنيا وما مثلي
ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف ( 1 ) فاستظل تحت شجرة ساعة من
نهار ثم راح وتركها .
عن ابن عباس قال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) توفي ودرعه مرهونة عند رجل من
اليهود على ثلاثين صاعا من شعير أخذها رزقا لعياله .
عن أبي رافع قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : إذا سميتم محمدا فلا تقبحوه ،
ولا تجبهوه ( 2 ) ، ولا تضربوه ، بورك لبيت فيه محمد ، ومجلس فيه محمد ، ورفقة
فيها محمد .
[ في جلوسه صلى الله عليه وآله وأمر أصحابه في آداب الجلوس ]
وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة ، أو يسميه ،
فيأخذه فيضعه في حجره تكرمه لأهله ، فربما بال الصبي عليه فيصيح بعض من رآه
حين يبول فيقول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا تزرموا بالصبي ( 3 ) فيدعه حتى يقضي بوله ، ثم يفرغ له من
دعائه أو تسميته ويبلغ سرور أهله فيه ولا يرون أنه يتأذى ببول صبيهم فإذا انصرفوا
غسل ثوبه بعده .
ودخل عليه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجل المسجد وهو جالس وحده فتزحزح له ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال
الرجل : في المكان سعة يا رسول الله ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن حق المسلم على المسلم إذا رآه
يريد الجلوس إليه أن يتزحزح له .
وروي ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : من أحب أن يمثل له الرجال فليتبوأ مقعده
من النار . وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تقوموا كما يقوم الأعاجم بعضهم لبعض ولا بأس بأن يتخلل
عن مكانه .
روي عن أبي عبد الله من كتاب المحاسن قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا دخل
منزلا قعد في أدنى المجلس حين يدخل ، وروي عنه ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )
أكثر ما يجلس تجاه القبلة .
وروي عنه ( عليه السلام ) أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إذا أتى أحدكم مجلسا فليجلس
حيث ما انتهى مجلسه .
وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إذا قام أحدكم من مجلسه منصرفا فليسلم
فليست الأولى بأولى من الأخرى ، وروي عنه ( عليه السلام ) إنه قال : إذا قام أحدكم من
مجلسه ثم رجع فهو أولى بمكانه .
وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : أعطوا المجالس حقها قيل : وما حقها ؟ قال :
غضوا أبصاركم وردوا السلام وأرشدوا الأعمى وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ؟
عن أبي أمامة قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا جلس جلس القرفصاء ( 1 ) .
من كتاب المحاسن كان النبي صلى الله عليه وآله يجلس القرفصاء وهو أن يقيم ساقيه
ويستقلهما بيديه فيشد يده في ذراعيه وكان يجثو على ركبتيه وكان يثني رجلا واحدا
ويبسط عليها الأخرى ، ولم ير متربعا قط وكان يجثو على ركبتيه ولا يتكي ( 2 ) .
الفصل الثالث
في صفة أخلاقه صلى الله عليه وآله في مطعمه
من كتاب مواليد الصادقين كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يأكل كل الأصناف من الطعام
وكان يأكل ما أحل الله له مع أهله وخدمه إذا أكلوا ، ومع من يدعوه من
المسلمين على الأرض ، وعلى ما أكلوا عليه ، ومما أكلوا إلا أن ينزل بهم ضيف فيأكل
مع ضيفه وكان أحب الطعام إليه ما كان على ضفف ( 1 ) ، ولقد قال ذات يوم وعنده
أصحابه : اللهم إنا نسألك من فضلك ورحمتك اللذين لا يملكهما غيرك ، فبينما هم كذلك
إذ أهدي إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شاة مشوية فقال : خذوا هذا من فضل الله ونحن ننتظر
رحمته ، وكان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا وضعت المائدة بين يديه قال : بسم الله اللهم اجعلها
نعمة مشكورة نصل بها نعمة الجنة . وكان كثيرا إذا جلس ليأكل يأكل ما بين يديه
ويجمع ركبتيه وقدميه كما يجلس المصلي في اثنتين إلا أن الركبة فوق الركبة والقدم على
القدم ويقول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنا عبد آكل كما يأكل العبد ، وأجلس كما يجلس العبد .
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ما أكل رسول الله متكئا منذ بعثه الله عز وجل
نبيا حتى قبضه الله إليه متواضعا لله عز وجل ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا وضع يده في الطعام
قال : بسم الله اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وعليك خلفه .
من مجموع أبي عن الصادق عن آبائه عليهم السلام : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان إذا
أفطر قال : اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا فتقبله منا ، ذهب الظمأ وابتلت
العروق وبقي الاجر .
وقال ( عليه السلام ) : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أكل عند قوم قال : أفطر عندكم
الصائمون وأكل طعامكم الأبرار .
وقال : دعوة الصائم تستجاب عند إفطاره .
وقد جاءت الرواية : أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يفطر على التمر وكان إذا وجد
السكر أفطر عليه .
عن الصادق ( عليه السلام ) أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يفطر على الحلو فإذا لم يجده يفطر
على الماء الفاتر وكان يقول إنه يبقي الكبد والمعدة ويطيب النكهة والفم ويقوي
الأضراس والحدق ويحد الناظر ويغسل الذنوب غسلا ويسكن العروق الهائجة والمرة
الغالبة ويقطع البلغم ويطفي الحرارة عن المعدة ويذهب بالصداع ( 1 ) .
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يأكل الحار حتى يبرد ويقول : إن الله لا يطعمنا نارا ، إن الطعام
الحار غير ذي بركة فأبردوه .
وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أكل سمى ويأكل بثلاث أصابع ومما يليه ولا يتناول من بين
يدي غيره ويؤتى بالطعام فيشرع قبل القوم ثم يشرعون ، وكان يأكل بأصابعه الثلاث
الابهام والتي تليها والوسطى وربما استعان بالرابعة ، وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يأكل بكفها كلها ولم
يأكل بإصبعين ويقول : إن الاكل بإصبعين هو أكلة الشيطان .
ولقد جاءه بعض أصحابه يوما بفالوذج فأكل منه وقال : مم هذا يا أبا عبد الله ؟
فقال : بأبي أنت وأمي نجعل السمن والعسل في البرمة ( 2 ) ونضعها على النار ثم نقليه
ثم نأخذ مخ الحنطة إذا طحنت فنلقيه على السمن والعسل ثم نسوطه حتى ينضج ( 3 )
فيأتي كما ترى ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إن هذا الطعام طيب .
ولقد كان يأكل الشعير غير منخول خبزا أو عصيدة في حالة كل ذلك كان
يأكله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
ومن كتاب روضة الواعظين قال العيص بن القاسم قلت للصادق ( عليه السلام ) . حديث
يروى عن أبيك أنه قال : ما شبع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من خبز بر قط أهو صحيح ؟
فقال : لا ما أكل رسول الله خبز بر قط ولا شبع من خبز شعير قط .
وقالت عائشة : ما شبع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من خبز الشعير يومين حتى مات .
وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يأكل على خوان قط حتى مات ولا أكل خبزا
مرققا ( 4 ) حتى مات .