مسؤوليات الشيعة تجاه قضية عاشوراء
30 يوليو,2022
كلامكم نور
454 زيارة
الأمّة الإسلاميّة مَدينة لعاشوراء، ومن المعلوم أنّ أداء الدّين يرتّب عليها عدداً من المسؤوليّات. فمن سبق من الشيعة كان عليهم مسؤوليّات وفوا بها في عصرهم وزمانهم، وفي هذا العصر أيضاً هناك عدد من المسؤوليّات والوظائف الملقاة على عاتقنا، والتي توجب علينا السعي للمحافظة على قضيّة عاشوراء، وتخليد ذكرى شهدائها، ونشر مبادئهم وأهدافهم.
ويمكن تلخيص مسؤوليّات الشيعة اليوم تجاه قضيّة عاشوراء ضمن النقاط الآتية:
1- الشكر على نعمة الولاية، وعلى كون الإنسان قد تربّى على منهج أهل البيت عليهم السلام، وعلى التوفيق الربّانيّ للمشاركة في مجالس أهل البيت عليهم السلام، وطلب دوام هذه النعمة واستمرارها.
2- شكر الوالدين والدعاء لهما ولكلّ المربّين الذين أوصلونا إلى هذه الحالة من الأنس بمجالس الإمام الحسين عليه السلام، وتقدير الأشخاص الدائبين على إقامة المجالس الحسينيّة وتكريمهم.
3- إنّ أقلّ ما يُطلب ممّن يدّعون أنّهم من أتباع الإمام الحسين عليه السلام المخلصين والصادقين، هو التعرّف بشكلٍ كامل على فلسفة ثورته عليه السلام وأبعادها، والسعي الدؤوب لنشر ثقافة عاشوراء وخطاباتها، واستسهال التضحية بالغالي والنفيس، وبكلّ ما أُوتي من إمكانات، مادّيّة أو غير مادّيّة، في سبيل شلّ وتعطيل المؤامرات التي يحيكها أعداء عاشوراء، وصولاً إلى حدّ الإيثار والتضحية بالنفس.
4- أُولى مراتب العزاء هي الهمّ والحزن القلبيّان، بحيث يرى المعزّون بالإمام الحسين عليه السلام مصابه ومصاب أهل بيته أكبر بكثيرٍ من مصائبهم الشخصيّة أو مصائب عائلاتهم.
5- ويأتي إظهار الحزن والغمّ في أيّام حزن آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ليشكّل المرتبة الثانية من مراتب العزاء.
يقول الريّان بن شبيب: دخلت على الرضا عليه السلام في أوّل يوم من المحرّم، فقال لي: “يا بن شبيب، إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا، وافرح لفرحنا، وعليك بولايتنا، فلو أنّ رجلاً تولّى حجراً لحشره الله عزَّ وجلّ معه يوم القيامة”[1].
6- لِبس السواد، ووضعه على المنازل والجدران، وفي الحسينيّات وحيث تُقام المآتم ومجالس العزاء، إذ ذلك من الأمور الكاشفة عن الحزن والغمّ، والتي تحكي عن تأجّج مشاعر العشق والحبّ والتعلّق في قلوب الشيعة تجاه مقام الإمامة والولاية.
7- إقامة مجالس العزاء، والمشاركة فيها، ودعمها، وتقويتها، وتحسينها، للوصول من خلالها إلى تحقيق الهدف، وهو التعرّف على الوظائف والأحكام الشرعيّة، ومعرفة سيرة أبي الأحرار عليه السلام وخطّه ومنهجه.
8- تشجيع الآخرين على إقامة مجالس أسبوعيّة أو شهريّة، داخل أسرهم وعائلاتهم، لأنّ الأفراد قد لا تسنح لهم الفرصة للمشاركة في المجالس العامّة، وأمّا المجالس التي تقيمها عائلاتهم فهم- في العادة- يشاركون فيها ولا يتركونها. وقد ورد في الخبر عن الإمام الصادق عليه السلام مخاطباً الفضيل ابن يسار بخطابٍ تفوح منه نفحات التشجيع والتشويق، يقول عليه السلام: “تجلسون وتتحدّثون؟” فقال: نعم، فقال: “إنّ تلك المجالس أحبّها، فأحيوا أمرنا، فرحم الله من أحيا أمرنا”[2].
9- الحرص على الاستفادة المثلى من الأمكنة التي تُقام فيها المجالس، بحيث تُراعى حرمة الآخرين، ولا يُعتدى على حقوقهم، ولا يتعرّضون إلى أيّ شكلٍ من أشكال الإيذاء أو الإزعاج، وعدم التضييق عليهم. كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا﴾[3].
10- الحزن والبكاء عند ذكر المصيبة، وهما من أفضل أعمال العزاء، فإنّ هذين الحزن والبكاء يتحوّلان إلى حصن منيع يحول بين الإنسان وبين أهوال يوم القيامة وشدائدها.
11- التواضع والتأدّب الكامل في حضور المجالس، واليقين بأنّ الله تعالى حاضر وناظر.
12- المشاركة في المجالس التي يقيمها الخطباء من أهل الصلاح والحكمة والتحقيق والوعي والمعرفة بالمصالح والمفاسد، حرصاً على أن يكون الوقت مستغَلّاً بأفضل طريقةٍ ممكنة.
13- المشاركة في المجالس التي تتّسم بالتعمّق في جوهر قضيّة عاشوراء.
14- التشرّف بإلقاء التحيّة والسلام في كلّ يومٍ على المولى أبي عبد الله الحسين عليه السلام، سليل النور، وأبي الأحرار، ومسطّر الملاحم والبطولات، وهو من أكبر التوفيقات وأعظم النعم الإلهيّة التي يمكن أن تُعطى لإنسان.
15- إعلان البغض والبراءة من الأعداء والمجرمين والحاقدين الذين تهيّأوا وأعدّوا العدّة لقتل الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام، ومن قاتليهم وظالميهم، وهو أمر له آثار إيجابية كثيرة.
16- التوجّه بالتعزية إلى إمام العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وتعزية المؤمنين بعضهم بعضاً في أيّام الحزن والعزاء، وبخاصّةٍ: في أيّام العزاء على سيّد الشهداء عليه السلام. وقد ورد عن الإمام الباقر عليه السلام ما يدلّ على كيفيّة التعزية، وهي كالآتي: “عظّم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام، وجعلنا وإيّاكم من الطالبين بثأره مع وليّه الإمام المهديّ من آل محمّد عليهم السلام”[4]
17- الابتعاد عن كلّ سلوك يكون خارجاً عن الضوابط الإسلاميّة أو منافياً لها.
18- الاستفادة من هذه المجالس، ومن المحاضرات التي تُلقى فيها، إلى الدرجة القصوى، لجهة رفع مستوى المعرفة الدينيّة، ونشر المسائل الشرعيّة، والأسئلة العقائديّة والأخلاقيّة.
19- اكتشاف المشاكل والسلبيّات التي تعترض مجالس العزاء، ومواجهتها ثقافيّاً في ضوء من إرشادات مراجع التقليد العظام وتوجيهاتهم.
20- إقامة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فعلى الحاضرين في تلك المجالس إذا ما لاحظوا وجود بعض الأمور السلبيّة أو المنكرة أن لا ينسوا مسؤوليّة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الملقاة على عواتقهم، وينبغي أن لا يسمحوا بوجود أمور منكرة في مثل هذه المجالس المقدّسة، قال تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾[5].
21- إظهار الاحترام لكلّ من تربطه علاقة بهذه المجالس الحسينيّة، من علماء، أو خطباء، أو خدّام، وكلّ من يهيم بحبّ المولى أبي عبد الله عليه السلام، وذلك انطلاقاً من قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: “أحبّ الله من أحبّ حسيناً”[6].
22- تقديم يد العون والمساعدة في بعض الأعمال التي يتطلّبها المجلس.
23- التوجّه بالشكر إلى كلّ المؤسّسين للمجلس ومن ساهموا في إقامته.
24- تعطيل كافّة الأعمال يوم عاشوراء والتفرّغ لإقامة مجالس العزاء والحضور والمشاركة فيها، فعن الإمام الرضا عليه السلام أنّه: “من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة”[7].
25- التقدير والاحترام لكافّة العلماء والخطباء والقرّاء والمثقّفين الواعين الذين حملوا ويحملون همّ الدفاع عن ثقافة عاشوراء.
26- المراقبة الحثيثة للمسائل والأمور الشرعيّة، ولا سيّما عُقيب الخروج من مجالس العزاء.
27- المشاركة الفعّالة في بناء الحسينيّات وأماكن إقامة المجالس، لما لذلك من أهمّيّةٍ بالغة على صعيد نشر ثقافة العزاء.
نهضة عاشوراء (3)، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] أمالي الصدوق، المجلس 27, بحار الأنوار، ج44، ص285, عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج1، ص299 300.
[2] وسائل الشيعة، ج14، ص501.
[3] سورة المجادلة، الآية: 11.
[4] وسائل الشيعة، ج14، ص509.
[5] سورة المائدة، الآيتان: 78 79.
[6] كامل الزيارات، ص116، ح11.
[7] أمالي الصدوق، المجلس 27، ج4.
2022-07-30