الوقت- في رحلة غير معلنة ومفاجئة، أفادت وسائل إعلام بوجود وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في طهران يوم الاثنين الماضي. ولم يتم الإعلان عن أهداف هذه الرحلة القصيرة كثيرًا في وسائل الإعلام، لكنها تتزامن مع المحادثات الدبلوماسية حول خفض التصعيد بين إيران والسعودية، والتي حققت تقدمًا ملموسًا خلال الأسابيع الماضية بوساطة العراق، وكذلك التوسط لتشكيل حكومة جديدة في العراق عقب تزايد الصراع بين جماعات المقاومة والجيش، ويمكن أن يكون الأمريكيون في سوريا على قائمة موضوعات “فواد حسين” المهمة في طهران. وفي هذا الصدد، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد الصحاف، إلى أن الجانبين سيناقشان الأوضاع في المنطقة، والعلاقات بين إيران ودول الخليج الفارسي، وقضية المفاوضات النووية.
دور العراق في إحياء العلاقات الإيرانية السعودية
تأتي زيارة وزير الخارجية العراقي إلى إيران في وقت أعادت فيه الكويت والإمارات سفيريهما إلى طهران مؤخرا بعد نحو 7 سنوات. وجاء هذا الحدث بعد أن شهدت عملية لقاءات الحوار بين السعودية وإيران تطورا إيجابيا في الآونة الأخيرة، وتشير مواقف الطرفين إلى إمكانية نقل المفاوضات من وراء الكواليس إلى الإطار العام ولقاء وزراء الخارجية للبلدين. وفي غضون ذلك، لعبت الحكومة العراقية دورًا مهمًا في دفع عجلة المفاوضات من خلال التوسط واستضافة اجتماعات الحوار بين الطرفين. واستضافت بغداد منذ نيسان / أبريل 2021 خمس جولات من المفاوضات بين السعودية وإيران، عُقدت جولاتها السابقة على المستوى الأدنى من البعثة الدبلوماسية وبحضور مسؤولي الأمن والاستخبارات في البلدين.
ونظراً للموقع الجغرافي والخصائص التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية للعراق، فإن الحكومة العراقية الحالية تعتبر تأثير المنافسة الإقليمية والدولية على القوى في الوضع المضطرب في العراق في السنوات الماضية أمراً مهماً، ولهذا السبب لعبت دورا في تقليص حجم الخلافات والتوترات في المنطقة، وذلك لانها ترى في ذلك خطوة نحو تقليص الأزمات الداخلية في العراق. الآن رحلة فؤاد حسين في موقف تشير فيه الاخبار المتداولة إلى إزالة العوائق المتبقية في طريق إحياء العلاقات بين البلدين. وفي 23 تموز / يوليو، أعلن العراق استعداده لاستضافة اجتماع “علني” لوزيري خارجية إيران والسعودية بناء على طلب محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية.
وفي هذا الصدد، قال أبو الفضل عمووي المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان العراقي: “تم اتخاذ إجراءات تنفيذية لإجراء مفاوضات لإعادة العلاقات الثنائية وإعادة فتح السفارات بشكل دائم”. أن التطورات الإقليمية، وخاصة الفشل في الحرب في اليمن ومحاولة الخروج من مستنقع هذه الأزمة، وتقدم المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي وانتقال أطراف محور المقاومة في لبنان والعراق سوريا من شفا الأزمات الكبرى في السنوات الماضية، جعلت الرياض تسلك طريق التفاوض والعودة إلى الديبلوماسية، وهذه بوادر أمل بغداد في تحقيق نتائج في مسار نزع التوتر الإقليمي من أجل المصالح الوطنية واستقرار العراق الداخلي.
الصراع بين فصائل المقاومة وأمريكا في الميدان السوري
كما قيل، فإن الحديث عن التطورات الإقليمية هو أحد مواضيع محادثات فؤاد حسين في طهران. وفي غضون ذلك، فمن القضايا التي كان من الممكن أن تدفع وزير الخارجية العراقي للذهاب إلى إيران في الحال، زيادة مستوى الهجمات المتبادلة بين القوات الأمريكية وجماعات المقاومة في شرق سوريا. ولفترة طويلة مارس البيت الأبيض ضغوطا على حكومة الكاظمي من أجل حصوله على مزيد من السيطرة على حدود العراق مع سوريا، لأن هذه المنطقة ومعبر بوكمال والقائم أصبحا طريقًا سريعًا استراتيجيًا يربط محور المقاومة.
وشنت القيادة المركزية الأمريكية، خلال الأشهر الماضية، عدة غارات جوية في هذه المنطقة من أجل قطع طريق الاتصال السريع هذا وإضعاف مجموعات المقاومة المتواجدة في المناطق الحدودية بين العراق وسوريا لمحاربة الإرهاب، ولقد قوبلت هذه التحركات بردود معظم الوقت، وواجهت مجموعات المقاومة العراقية بعضها البعض.
وفي هذا الصدد، أعلن رئيس الولايات المتحدة، جو بايدن، مؤخرًا، عن شنه هجمات على منشآت عسكرية لفصائل المقاومة في سوريا في الأيام الماضية، ردًا على هجمات الطائرات المسيرة لهذه الجماعات. وقبل ذلك، غرد التحالف بقيادة الولايات المتحدة في 15 آب (أغسطس) بشأن الهجوم على القاعدة العسكرية للبلاد وقال: “أطلقت الميليشيات الموالية لإيران طائرتين دون طيار من محافظة بابل العراقية، وضربتا قرب قاعدة التنف”. لكن تم حذف هذه التغريدة لاحقًا دون أي تفسير.
ولقد أفادت وسائل إعلام سورية، نقلاً عن مصادر محلية، باستهداف قاعدتين أمريكيتين هما “القرية الخضراء” و “منشآت عسكرية في هجين” في جنوب سوريا. والقرية الخضراء هي قاعدة تم إنشاؤها لحماية حقل العمر النفطي الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، وقاعدة عسكرية أخرى تحمي حقول الغاز الطبيعي كونوكو في محافظة دير الزور. وتستضيف القاعدتان قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة وتعرضتا لهجمات متكررة بطائرات مسيرة وصواريخ مجهولة من الجانب الغربي من نهر الفرات في السنوات الأخيرة. وفي مثل هذه الحالة، كان احتمال استجابة فصائل المقاومة لهجمات القوات الأمريكية في الأيام الماضية مرتفعًا جدًا، وهذا ما أثار قلق المسؤولين في حكومة بايدن من زيادة ضغط جماعات المقاومة في العراق، وهذا الامر يؤكد أن يكون وزير الخارجية العراقي حمل برسالة الأمريكيين في يده للجانب الايراني للحيلولة دون تصعيد التوترات.