الرئيسية / بحوث اسلامية / بناء المجتمع في دولة أمير المؤمنين عليه السلام

بناء المجتمع في دولة أمير المؤمنين عليه السلام

بناء المجتمع في دولة امير المؤمنين عليه السلام

– الحلقة الرابع عشرة

السيد عبد الستار الجابري

المرحلة الاولى: بناء القاعدة المؤمنة

جرى امير المؤمنين (عليه السلام) في بناء القاعدة المؤمنة على النهج النبوي في بناء لبنات الدعوة الى الاسلام، فكانت جهوده (عليه السلام) موجهة في تلك الفترة الى من يتوقع فيهم الخير والصلاح من ابناء المجتمع المسلم وكان يسانده في ذلك خلص اصحابه وهم الاركان الاربعة سلمان وابو ذر والمقداد وعمار (رضوان الله عليهم)، وكانت ساحة نشاطهم الاولى الانصار، لانهم عاصروا الفترة النبوية وادركوا الخطأ الفادح الذي وقوعوا فيه نتيجة لموقفهم في سقيفة بني ساعدة وخذلانهم امير المؤمنين (عليه السلام)، وبعد الحصار الاقتصادي الخانق الذي فرضته السلطة القرشية على امير المؤمنين (عليه السلام) توجه (صلوات الله عليه) الى عملية احياء الاراضي واستعمار البساتين لتوفر مردوداً مالياً يمكنه من توفير النفقات المالية التي يحتاجها في حركته الاصلاحية،

وعمد (عليه السلام) الى العمل على بناء مجتمع جديد لا تمتد اليه يد السلطات بسهولة من خلال بنائه فكرياً وعقائدياً وتعليمه اسس الدين وقيمه بعيداً عن تشويهات السلطة فكان (صلوات الله عليه) يشتري العبيد ويعلمهم ويعتقهم بعد ان يوفر لهم من الامكانيات المالية ما يمكنهم من الحياة بكرامة وتشير الروايات الى انه (عليه السلام) اعتق الف عبد، أي انه (عليه السلام) بنى في تلك الفترة الف اسرة مؤمنة بقيم الرسالة النبوية التي تلقيت من معين نبعها الصافي، كما كان لصوت ابي ذر (رضوان الله عليه) الداعي بكل قوة الى ضرورة الاصلاح الاجتماعي والعود الى سنة النبي (صلى الله عليه واله) تأثير كبير في واقع المجتمع الذي عانى الامرين من سياسات ما بعد النبي (صلى الله عليه واله) والتي بدا تأثيرها واضحاً في مركز العاصمة فاضطرت السلطة الى نفي ابي ذر (رضوان الله عليه) الى الشام وحاول معاوية كسبه بكل طريق فلم يفلح فكتب الى عثمان يطلب منه ابعاد ابي ذر (رضوان الله عليه) عن الشام لان دعوته بدأت تؤثر في نفوس الشاميين فأعيد الى المدينة، كما كان لسلمان الفارسي (رضوان الله عليه) دور مهم في التصحيح الاجتماعي في المدائن وتبعه على ذلك حذيفة بن اليمان الانصاري صاحب سر رسول الله (صلى الله عليه واله)، وكان لعثمان بن حيف الانصاري (رضوان الله عليه) ومن معه دور مهم في التصحيح الاجتماعي في البصرة، وكان لعمار(رضوان الله عليه) وجماعة من الانصار والقبائل الشيعية اليمانية في الكوفة كمذحج والنخع دوراً مهماً في الكوفة،

ثم الدور الكبير لعمار ومحمد بن ابي بكر ومحمد بن ابي حذيفة (رضوان الله عليهم) في مصر، ففي سنوات الانفراج النسبي عن حركة المهاجرين والانصار تمكن المؤمنون بنهج امير المؤمنين (عليه السلام) من العمل على اعادة ثقافة الامة الى المنهاج الصحيح الذي يؤمن بمرجعية اهل البيت (عليه السلام) وضرورة العودة الى احكام الشريعة الحقة في جميع الشؤون الاجتماعية والسياسية والفكرية، وقد اسهم ذلك كثيراً في رفض المجتمع المسلم الانقياد الى الانحراف الاموي، ومنهجية التأسيس للامبراطورية الاموية، والتي كانت اول بوادرها العصيان المدني ضد الممارسات الظالمة لولاة عثمان من الامويين، والتي توجت ببيعة امير المؤمنين (عليه السلام) خليفة على المسلمين ليعود مسار الامور الى الاتجاه الصحيح.

فالمرحلة الاولى من مراحل الاصلاح كانت تعتمد بناء القاعدة المؤمنة، والتي تبنت التصحيح في حدود دائرة محدودة توسعت شيئاً فيشئاً حتى اصبحت واقعاً اجتماعياً يتنبى الدعوة الى مرجعية اهل البيت (عليهم السلام) والعودة الى القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ونفي مرجعية ما عدا الكتاب وعدله والسنة النبوية المطهرة، ورفض سياسية قريش في الهيمنة على مقاليد الامور، وحيث ان السلطة القاهرة كانت بيد القرشيين فإن الحركة الاصلاحية لم تتبن المواجهة المسلحة، بل تبنت الاصلاح على الصعيد الفكري والاجتماعي والسياسي، وقد اتت تلك الحركة الاصلاحية التي اتخذت من المنهج النبوي في بناء المجتمع والفرد منهجاً وحيداً لها ثمارها بوصول من نصبه الله تعالى اميناً على تطبيقات احكام الدين وبيان شريعة سيد المرسلين.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...