أعلنت روسيا استعدادها للتفاوض مع أوكرانيا ووقف الحرب وفق شروط صعبة وضعتها، في حين حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من خطر التهديد النووي، معتبرا أنه وصل لأعلى مستوى له منذ نصف قرن.
فيما أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الدعم الأوروبي لكييف سيستمر، مشيرا إلى أن بلاده تدرس إرسال مدافع قيصر إضافية إلى أوكرانيا.
اقرأ أيضا
هل تعاني روسيا إشكالا حقيقيا في إدارة المعارك على الأرض؟
هل يمكن هزيمة روسيا النووية بأوكرانيا؟.. خطوة واحدة قبل الهاوية
وقالت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو أمس الخميس إنه لم يبق لدى الغرب من الأدوات للإساءة لسمعة روسيا سوى ترويج ما وصفتها بالأكاذيب عن إمكانية استخدام روسيا السلاح النووي.
وأبدت فالنتينا ماتفيينكو استعداد بلادها لوقف عملياتها العسكرية، والتفاوض مع أوكرانيا، لكن وفق الشروط الروسية.
وشددت رئيسة مجلس الاتحاد الروسي على أن مناطق القرم ودونباس وزاباروجيا وخيرسون غير قابلة للتفاوض، لأنها باتت جزءا من الأراضي الروسية، وفق تعبيرها.
ووقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي قوانين لضم مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيا الأوكرانية إلى روسيا، الأمر الذي قوبل برفض من كييف وحلفائها الغربيين والأمم المتحدة.
التهديد الأعلى
وفي المعسكر المقابل، قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن خطر التهديد النووي وصل لأعلى مستوى له منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، وحذر من أن ذلك ينذر بـ”نهاية العالم”.
وأضاف بايدن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يكن يمزح عندما تحدث عن استخدام أسلحة نووية تكتيكية أو بيولوجية أو كيميائية.
وفي كلمة له في حفل لجمع التبرّعات في نيويورك، أشار بايدن إلى أن تهديد الرئيس بوتين حقيقي لأن أداء جيشه ضعيف إلى حد كبير، وفق تعبيره.
وحذر الرئيس الأميركي من أن استخدام سلاح تكتيكي منخفض القوة يمكن أن يخرج عن السيطرة بسرعة ويتسبب في دمار عالمي.
وفي خطاب ألقاه في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، لمح الرئيس الروسي لاحتمال استخدام أسلحة نووية حين قال إنه مستعد لاستخدام “كل الوسائل” في ترسانته ضد الغرب الذي اتهمه بأنه يريد تدمير روسيا.
وأكد ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، أن الوسائل التي تحدث عنها بوتين تشمل الأسلحة النووية. ولاحقا أعلن الرئيس الروسي أنه “لم يكن يخادع” بشأن استعداده لاستخدام الأسلحة النووية للدفاع عن وحدة أراضي بلاده.
يذكر أنه أزمة الصواريخ في كوبا استمرت من 14 إلى 28 أكتوبر/تشرين الأول 1962، وأثارت مخاوف من اندلاع حرب نوويّة. وكشفت وقتذاك صور التقطتها طائرة تجسّس أميركية وجود منصات إطلاق صواريخ سوفياتية في كوبا حليفة موسكو، يطال مداها الشواطئ الأميركية.
تقدم أوكراني
يأتي ذلك في الوقت الذي تواصل فيه القوات الأوكرانية تحقيق تقدم في الجبهتين الشرقية والجنوبية، إذ أعلن الجيش الأوكراني تقدم قواته بعمق 20 كيلومترا في مقاطعة خيرسون.
وأكد حاكم زاباروجيا للجزيرة أن القوات الأوكرانية باتت تسيطر على 60% من المقاطعة. في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها أفشلت هجوما أوكرانيا على محور كوبيانسك جنوبي خاركيف، وأن القوات الأوكرانية أُبعدت عن خط دفاعها في خيرسون.
وقال مصدر عسكري أوكراني لمراسل الجزيرة في خيرسون إن قوات بلاده استعادت السيطرة على بلدة تريفونيفكا.
وكانت هيئة الأركان الأوكرانية قد أعلنت في وقت سابق استعادة السيطرة على 29 قرية وبلدة في شمال مقاطعة خيرسون خلال أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
كما أفادت مصادر عسكرية في خيرسون بأن القوات الأوكرانية دمرت عددا من الآليات والدبابات الروسية خلال المعارك.
وفي لوغانسك، أعلن الجيش الأوكراني بدء ما سماها معركة تحرير المنطقة. يأتي ذلك بالتزامن مع حشد الجيش الأوكراني قواته باتجاه المقاطعة، بعد إعلانه سابقا عبور الحدود الإدارية من محور “ليسيتشانسك”.
بدورها، قالت القوات الروسية إنها أعادت ترتيب صفوفها شرقا، وتعزيز خطوطها الدفاعية في بلدة “ليمان” بدونيتسك التي استعادت القوات الأوكرانية السيطرة عليها قبل أيام.
الوضع في زاباروجيا
في شأن متصل، قال أولكسندر ستاروخ حاكم مقاطعة زاباروجيا في مقابلة مع الجزيرة إن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضم مناطق إلى بلاده لا قيمة له.
وأضاف ستاروخ أن القوات الأوكرانية تسيطر على نحو 60% من أراضي مقاطعة زاباروجيا، بما فيها مدينة زاباروجيا، في حين أن المواقع التي تحتلها روسيا تقع في الأطراف وتشكل نحو 20% من إجمالي مساحة المقاطعة.
في المقابل قال فلاديمير روغوف عضو مجلس إدارة مقاطعة زاباروجيا الموالي لروسيا، أمس الخميس، إن خبراء عسكريين بريطانيين يدربون قوات النخبة الأوكرانية للسيطرة على محطة زاباروجيا النووية.
وأكد روغوف أن البريطانيين يشرفون على كل تحركات وتصرفات القوات الأوكرانية في المقاطعة، وذكر أن أوكرانيا تحشد قواتها بأعداد كبيرة على خط المواجهة في زاباروجيا بشكل يفوق ما تم حشده منذ بداية الحرب.
مخاوف أوكرانية
في هذه الأثناء، قالت صحيفة “بوليتيكو” (POLITICO) الأميركية إن السلطات الأوكرانية تعيد مراجعة قائمة أولوياتها من واردات الأسلحة الغربية المتطورة، خصوصا فئة الصواريخ المضادة للصواريخ.
وعزت الصحيفة ذلك التوجه الأوكراني إلى مخاوف من تصعيد روسيا الهجمات الصاروخية على أهداف مدنية ومنشآت البنى التحتية في أوكرانيا.
ونقلت بوليتيكو عن مستشار عسكري أوكراني، رفض الكشف عن نفسه، أن منظومة “ناسامز” (NASAMS) لا تكفي للدفاع عن الأجواء الأوكرانية، وإن كييف بحاجة إلى صواريخ متوسطة وطويلة المدى لاعتراض الطائرات والصواريخ الروسية.
دعم فرنسي
في الشأن ذاته، أعلنت وزارة الخارجية الروسية استدعاء السفير الفرنسي لدى روسيا بيير ليفي على خلفية تقديم فرنسا دعما عسكريا وتقنيا لأوكرانيا.
وجاء في بيان الخارجية الروسية أن ألكسندر غروشكو مساعد وزير الخارجية الروسي قدم تقييما مبدئيا للدعم الذي تقدمه فرنسا والدول الغربية الأخرى لأوكرانيا.
وأضاف البيان أن المسؤول الروسي أشار إلى التهديدات الناشئة عن زيادة المساعدات العسكرية لكييف وزيادة برامج تدريب وإعداد العسكريين الأوكرانيين.
وأشار إلى أن هذا النهج يتعارض مع تأكيدات المسؤولين في باريس بشأن اهتمامهم بالتوصل إلى تسوية سلمية في أوكرانيا.
من جهته، أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الدعم الأوروبي لأوكرانيا ماليا وإنسانيا وعسكريا سيستمر وفقا للنهج ذاته المتّبع منذ أشهر عديدة.
وأوضح ماكرون خلال مؤتمر صحفي في العاصمة التشيكيّة براغ عقب انطلاق القمّة الأولى لقادة دول ما تعرف بـ”المجموعة السياسيّة الأوروبية”، أن ذلك سيتم بالتنسيق بين أعضاء الاتحاد الأوروبي ودول من خارج الاتحاد، مشيرا إلى أن بلاده تدرس إرسال مدافع قيصر إضافية إلى أوكرانيا.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر وصفته بالمطلع أن باريس تدرس تزويد كييف بستة إلى 12 مدفع قيصر إضافيا مستقطعة من طلبية للدانمارك. وتدرس فرنسا أيضا إمكانية منح كييف 20 مركبة مدرعة من طراز “باستيون”.
يشار إلى أن فرنسا قدمت لأوكرانيا منذ بداية النزاع 18 مدفع قيصر عيار 155 ملم بمدى يصل إلى 40 كلم، وصواريخ مضادة للدبابات والطائرات، وعربات مدرعة، ووقودا، وتجهيزات فردية ونحو 15 مدفع “تي آر إف1” عيار 155 ملم.