الوقت_ قلق كبير يعيشه الكيان الصهيونيّ وأجهزة احتلاله الأمنيّة والعسكريّة، هذا ما أكّدته وسائل إعلام عبريّة كشفت عن تخوفات المنظومة الأمنية للعدو من تداعيات اغتيال الفلسطيني تامر الكيلاني في مدينة نابلس والتي تمت فجر الأمس، كما أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنّ قوات الاحتلال رفعت درجة الاستنفار في محيط العاصمة الفلسطينيّة القدس بسبب مزاعم وجود “معلومات أمنية”، فيما أوضحت إذاعة “كان” أنّ إنذارا ساخنا ومحددا حول نوايا فلسطينيّ بتنفيذ هجوم، الشيء الذي دفع جيش الاحتلال لرفع حالة التأهب، في ظل مواصلة سياسة الاعتداء الإسرائيليّة التي تنتهجها حكومة العدو بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، ما يعني أنّ القلق الإسرائيليّ هو نتيجة طبيعيّة من المقاومين في نابلس وبالتحديد مجموعة “عرين الأسود”، التي فرضت التطورات الجديدة في الضفة الغربية تشكيلها، وهي مجموعات تضم المقاومين في البلدة القديمة في نابلس ولا تنتمي لأي فصيل محدد، حيث تصاعد التوتر في الأشهر الأخيرة في الضفة الغربية، وبالأخص في منطقتي نابلس وجنين، بعد أن كثُّفت العجمات الإسرائيليّة منذ آذار/مارس الفائت.
خوفاً من إقامة خلايا المقاومة التي تنشط في جنين ونابلس، بتنفيذ عمليات داخل المدن التي تعج بالمستوطنين، خاصة في ظل اعترافات مصادر أمنية بأن المسؤولين الصهاينة لا يملكون حلولا كبيرة لمواجهة هذا التهديد الذي يتم التعامل معه كما يجري التعامل مع تهديد عمليات الطعن والدهس، وذلك عن طريق زيادة أعداد القوات في مراكز المدن في أراضي 48، بدأت قوات العدو تتخذ خطوات جديّة خوفاً من سيناريوهات أخطر الذي تخشى حدوثه خلال الفترة المقبلة، وهو انتقال العمليات الفدائية وكرة اللهب والغضب الفلسطينية إلى الداخل المحتل أو ما يعرف بـ”أراضي الـ48″، مع مواصلة قوات الاحتلال حصار مدينة نابلس الشماليّة في الضفة وإغلاق للحواجز والطرق المؤدية للمدينة، بعد أن أثبت المقاومون الجدد “عرين الأسود” أنّهم قادرون على فرض معادلاتهم على العدو القاتل والسلطة الفلسطينية الخانعة، والدليل هي الحملة الإسرائيليّة الفاشلة ضدّهم نتيجة أمرين الأول أنّهم غير منظمين بمقرات ومؤسسات محددة والثاني أنّهم منتشرون بكثرة في كل شارع ربما.
وبالتزامن مع العمليات الإجراميّة التي ينفذّها العدو، بيّنت القناة الـ 12 العبرية، أنّ تقديرات المنظومة الأمنية في كيان الاحتلال تشير إلى أن جماعة “عرين الأسود” ستحاول تنفيذ هجوم نوعي رداً على اغتيال الكيلاني، خاصة بعد أن أوصل الصهاينة وآلتهم العسكريّة رسالة لجميع الفلسطينيين بأنّهم سيسحقون كل مطالب بحقوقه، والتهم جاهزة كعادتها “إرهابيّ”، “قاتل”، “متشدد”، باعتبار أنّ المقاومين هناك من فئة الشباب الثائر، ويعتبرون بالمعنى الحرفيّ “جمراً تحت الرماد” وأحد أقوى وأبرز أساليب المقاومة والمواجهة في المنطقة المهددة لحظيّاً من قوات المحتل الباغي، والدليل على ذلك هو قيام الجيش الإسرائيلي بعمليات قتل لا عد لها خلال عملياته التي نفذها في في أكثر من مدينة في الضفة، فمنذ أواخر آذار/مارس تشن قوات الأمن الإسرائيلية عمليات شبه يومية في مدن الضفة الغربية بمزاعم شن هجمات من قبل فلسطينيين وعرب في “إسرائيل” والضفة.
كذلك، لم تخفِ القناة الـ14 العبريّة أنّ المنظومة الأمنيّة للكيان رفعت حالة التأهب للقصوى للتصدي لموجة من الرد المتوقع من الجانب الفلسطينيّ، في أعقاب اغتيال الكيلاني الذي يبلغ 33 عاما واغتيل في مدينة نابلس، ومتهم من قبل العدو بسلسلة من العمليات الفدائيّة ضد جيش الاحتلال –وفقاً لمزاعم قناة كان العبرية-، حيث تغوص قيادات العدو يوماً بعد آخر في وحل اعتداءاتها، خاصة أنّ الشعب الفلسطينيّ مجمع على أنّ المسؤولية الوطنية تستوجب حماية بلدهم ومقاوميه في الضفة الغربية، والحفاظ على مسار المواجهة ضد الاحتلال، حيث تشهد الضفة الغربية التي احتلتها “إسرائيل” عام 1967، مواجهات بين الفلسطينيين والعصابات الصهيونية بشكل منتظم، وتنفذ قوات العدو بين الحين والآخر اقتحامات تحت مبرر “اعتقال مطلوبين”، ويعيش في الضفة المحتلة حوالى 3 ملايين فلسطينيّ، إضافة إلى نحو مليون محتل إسرائيليّ في مستوطنات يُقر المجتمع الدوليّ بأنّها “غير قانونية”، لكن أساليب المقاومة تطورت في الأشهر الأخيرة لدرجة أصابت العدو بصدمة كبيرة، بعد أن فشل العدو في احتواء الوضع في شمال الضفة (جنين، ونابلس، وطولكرم)، كما أنّ الأمر يزداد صعوبةً عليه بعد تصاعدها في أكثر من مدينة وتكرار عمليات إطلاق النار ضد جنوده ومستوطنيه خلال الأسابيع الأخيرة.
ومن الجدير بالذكر أنّ الهجمات الصهيونيّة أسفرت عن استشهاد أكثر من 115 فلسطينيا، وهو أكبر عدد من الضحايا في الضفة الغربية منذ سبع سنوات، وثاني أعلى نسبة منذ نهاية “الانتفاضة الثانية” التي اندلعت في 28 أيلول/سبتمبر 2000 بعد انتفاضة 1987-1993 التي اعقبتها اتفاقات “أوسلو”، كما أعلن قنوات عربيّة أن قوات الاحتلال اعتقلت أكثر من 11 فلسطينيا في مناطق متفرقة بالضفة الغربية والقدس المحتلة ، فيما تتصاعد المخاوف أكثر فأكثر من جهة العدو، من الاحتمالية الكبيرة لانتقال الثورة الجدية إلى داخل أراضي الـ 48 المحتلة، حيث يدعو المقاومون بشكل مستمر إلى تصعيد المواجهة ضد الكيان ومستوطنيه في عموم مدن الضفة الغربية المحتلة، والتي باتت نتيجة الإجرام الإسرائيليّ المتاصعد عنوان المرحلة القادمة التي ستغير –وفقاً لمحللين- كل المعادلات على الساحة الفلسطينيّة المستعمرة من العصابات الصهيونيّة وبعض المتخاذلين، وسط تصعيد عمليات المقاومة من إطلاق النار ومحاولات الدهس ضد قوات الاحتلال وعصابات مستوطنيه، والتي تتزايد نتيجة الطغيان الإسرائيليّ.
في الختام، ومع إعلان مجموعة “عرين الأسود” الحداد العام، يبدو جليّاً أنّ تصاعد الكفاح المسلح لمجموعات المقاومة الفلسطينية، خاصة في مدينتي نابلس وجنين، وهما أساطير المقاومة في الضفة الغربية، يثير زعر قادة الكيان الصهيوني وحيرتهم أكثر من أي وقت مضى، لأنهم كانوا قلقين من المقاومة في قطاع غزة المحاصر منذ عقود من قبل، وهذا ما أقرّت به القيادة الصهيونيّة مؤخراً مشيرة إلى “الخطر المحتمل” في الضفّة الغربيّة المُحتلّة واعترافها أنّه “أعلى من الخطر من جهة غزة”، ولكن حاليّاً أصبحت مقاومة الضفة الغربية تشكل تحديًا كبيرًا لقادة الكيان الصهيوني، الذي يواجه مرحلة التخبط السياسي في فلسطين المحتلة.