الرئيسية / زاد الاخرة / مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية

مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية

مصباح  30

إن الأسماء والصفات الإلهية في الحضرة الواحدية، مع

كونها مظهراً لهذه الحقيقة الغيبية والخليفة الإلهية ومظهرة إياها، حجب نورية عن حقيقتها كل

حسب درجتها؛ فهي دائما محتجبة في الأسماء والصفات، مختفية تحت أستارها؛ فهى مشهودة

بعين شهودها، ظاهرة بعين ظهورها، مع اختفائها فيها وبها، لكون المطلق باطن المقيد

ومحجوباً به، كما أن النور الحسى مع كونه مظهراً للسطوح، غير مشاهد بحقيقتها ونفسها؛

وكما أنّ المرآة مع كونها مظهرة للصورة المنعكسة فيها، محجوبة بها؛ فالصورة المرآتية مع

كونها ظهور المرآة، مختفية فيها المرآة؛ وهي غير ظاهرة في موضع انعكاسها، مع كون

الصورةهي المرآة الظاهرة بتلك الصورة . فالحقيقة الغيبية أيضا مع كونها ظاهرة بنفس ظهور

الأسماء، مختفية فيها وبها اختفاء المرآة في الصورة. فالأسماء والصفات من الحجب النورية التي

وردت : [ 29 ] أن لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة. وهيهنا أسرار لا رخصة في

إظهارها . 

مصباح  31   ومما تلونا عليك في المصابيح السالفة تقدر

على الحكومة بين العرفاء الكاملين في تحقيق حقيقة “العماء” الواردة فيها الحديث النبوي حين

سئل عنه (ص) : أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق ؟ قال (ص) على ما حكى عنه (ص) : كان

في عماء . وقد اختلفت كلمة الأصحاب فيها: فقيل هي الحضرة “الأحدية”، لعدم تعلق

المعرفة بها؛ فهي في حجاب الجلال. وقيل هي “الواحدية” وحضرة الأسماء والصفات، لأن

“العماء” هي الغيم الرقيق الحائل بين السماء والأرض، وهذه الحضرة واسطة بين سماء الأحدية

وأرض الكثرة.   ونحن نقول : يشبه أن يكون حقيقة “العماء” هي حضرة “الفيض الأقدس”

والخليفة الكبرى؛ فإنها هي الحقيقة التي لا يعرفها بمقامها الغيبي أحد؛ ولها الوساطة بين الحضرة

الأحدية الغيبية والهوية الغير الظاهرة وحضرة الواحدية التي تقع فيها الكثرة كم شئت. وإنما لم

نحمل على الحقيقة الغيبية، لأن السؤال عن “الرب” وهذه الحقيقة غير موصوفة بصفة؛ كما

عرفت فيما مر عليك. ولاعلى الحضرة الواحدية، لأنها مقام اعتبار الكثرة العلمية .           قال

المحقق القونوى في مفتاح الغيب :      “العماء” الذي ذكره النبي، صلى الله عليه وأله، مقام التنزيل

الرباني، ومنبعث الجود الذاتي الرحماني من غيب الهوية وحجاب عزة الإنية. وفي هذا “العماء”

يتعين مرتبة النكاح الأول الغيبي [ 30 ] الأزلي، الفاتح لحضرات الأسماء الإلهية بالتوجهات

الذاتية الأزلية .أنتهي . وهو وإن كان منظوراً فيه من بعض الجهات، إلا أنه لايخلو من تأييد

لما ذكرنا .

مصباح 32

إذا تم ظهور عالم الأسماء والصفات ووقعت الكثرة

الأسمائية، كم شئت، بظهور الفيض الأقدس في كسوتها، فتحت أبواب صور الأسماء الإلهية،

حضرة الأعيان الثابتة في النشأة العلمية، واللوازم الأسمائية في الحضرة الواحدية؛ فتعين كل صفة

بصورة، واقتضى كل اسم لازماً، حسب مقام ذاته، من اللطف والقهر والجلال والجمال

والبساطة والتركيب الأولية والأخرية والظاهرية والباطنية .

 

 

شاهد أيضاً

قضاء حقوق المؤمنين

7 – لا يحل للمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث (1). 8 – من عارض ...