الوقت_ في ظل الإجرام الإسرائيليّ المتصاعد واستمرار قوات الاحتلال العسكريّ بارتكاب أشنع الجنايات بحق الفلسطينيين، بات على هذا الشعب البحث بأي طريقة عن وسيلة ما لمغادرة زاوية الموت بسبب استمرار الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية ومحاولاتهم إبادة كل من هو فلسطيني وعربي،
حيث تتحدث مصادر إعلاميّة عربيّة عن وجود تعاون بين قادة الفصائل الفلسطينية تحت عنوان “الاستعداد لمواجهة عنيفة قادمة” في الطريق وقد تكون مبكرة مع الاحتلال بحلته الجديدة مع طاقم الحكومة الحالية التي توصف بـ “الفاشيّة”، في وقت يترقب فيه الجميع وعد انفجار “انتفاضة عارمة” ستغير الواقع الحاليّ على التراب الفلسطيني،
باعتباره يرزح تحت الاعتداءات الإسرائيليّة الممنهجة والمتصاعدة منذ عام 1948، في ظل مواصلة سياسة الاستيطان والقتل المروعين التي تنتهجهما الحكومة الإسرائيليّة بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، ما يشي وفقاً لمراقبين باحتماليّة أن تفتح أبواب جهنم على تل أبيب التي اختارت تسخين الأحداث ورفع مستوى الإجرام، حيث يتوقع جلُ المحللين أن تنفجر الأوضاع في أي لحظة بسبب العدوان الإسرائيليّ على هذا الشعب.
سياسة العين بالعين
في الساعات الماضيّة، انتشر هذا الخبر كالنار في الهشيم، حيث إنّ تلك المبادرة الخاصة التي وُصفت بأنّها في غاية الأهمية سياسيا وأمنيا وفصائليا اقترحتها حركة “الجهاد الإسلاميّ” في الضفة الغربية تسير وفق سياسة “العين بالعين”،
وتأتي عقب يوم واحد من قرار وزارة الأمن الداخلي “الشاباك” التابعة للعدو توسيع سياسة منح رخص الأسلحة لعصابات المستوطنين،
وارتفاع حدة المقاومة والمواجهة في المنطقة التي تمادت فيها قوات المحتل الباغي ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، فيما تؤكّد تلك الأنباء أنّ حسابات تل أبيب كانت خاطئة بامتياز، حيث بات الفلسطينيون يشعرون بأنّهم “جمر تحت الرماد”،
مع إقدام الكيان الغاصب على خطوات تصعيديّة كثيرة ستؤدي بلا محالة إلى انفجار “انتفاضة عارمة” ستغير الواقع الحالي ويمكن أن تكون أكثر مما يتخيل الإسرائيليون، مع تلك الحرب المباشرة التي أعلنتها حكومة العدو، ورد الجهاد الإسلاميّ عليها.
وتشير المعلومات إلى أنّ حركة الجهاد الإسلامي ودون حركة المقاومة الإسلاميّة حماس مستعدة تماما لتوفير بنية لوجستية تساعد في تسليح المواطنين الفلسطينيين بمعنى تسليح الشعب الفلسطيني حتى يتمكّن من الدفاع عن نفسه إزاء هجمات متوقعة ودموية وقاتلة قريبا على البلدات والتجمعات السكانية المحاذية لمناطق سي،
وهذا ما كان متوقعاً منذ اللحظة الأولى التي تحدث فيها المكتب الوطني أنّ وزير أمن الاحتلال الداخلي، جلعاد أردان، قد صادق على إجراء تعديلات بشأن حمل السلاح، تسمح لمليون مستوطن بالحصول على رخصة سلاح، حيث تبيّن لأبنا فلسطين أنّ العدو الصهيونيّ غير مستعد لأدنى تغيير في منهجه الإباديّ ضدهم،
وخاصة مع قدوم حكومة نتنياهو الفاشيّة التي بدأت تمارس العنف المفرط وتؤيّد ارتكاب المستوطنين اليهود جرائم الإعدام بحق الفلسطينيين، فيما تبدو الأجهزة الأمنية الفلسطينية حائرة من جهتها في إقرار أيّ خطة من أيّ صنف ومقيدة ومحبوسة بسلسلة من الاعتبارات ذات الصلة بمواقف الرئيس محمود عباس والسلطة الرسميّة والمواقف الفتحاوية الداخليّة.
وعقب القرار الإسرائيليّ الذي مثّل “إعلان حرب” إسرائيليّة على هذا الشعب، أوضحت حركة الجهاد الإسلامي وجود جاهزيّة تامة لديها لتسليم أسلحة فردية مع ذخائر كافية لكل المواطنين الفلسطينيين القادرين على حمل السلاح ومن مختلف الفصائل حتى يعرف العدو كما ورد في توصيفات المبادرة التي تقدم بها الجهاد الإسلامي بأن الشعب الفلسطيني اتخذ خطوة عملية في توفير الحماية لنفسه ولممتلكاته،
وذلك بعد أن وصل الإجرام والاستخفاف الصهيونيّ بأرواح الفلسطينيين حدا خطيرا للغاية لا يمكن السكوت عنه أبداً، حيث إنّ التاريخ والواقع يثبتان أنّ الصهاينة يتمادون أكثر فأكثر في عدوانهم الذي لا يمكن أن توقفه إلا القوة والوحدة والمقاومة، والدليل على ذلك هو دعم عصابات المستوطنين لقتل الفلسطينيين بشكل مباشر وبمختلف الطرق.
ومع قدوم حكومة نتنياهو ذات العنصريّة المقيتة، ترتفع احتماليّة تصعيد المواجهة مع الكيان الغاشم، في كل الأراضي المحتلة، بسبب ارتفاع حدة الإجرام والاستيطان الصهيونيّ والتهويد وسرقة الأرض الفلسطينيّة لمصلحة المستوطنين في القدس والضفة الغربيّة،
وقيام قوات الاحتلال والمستوطنين باستهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، ويبدو أن اقتراح المواجهة الشعبيّة من قبل حركة الجهاد الإسلامي خلط الأوراق بشكل كامل داخل قيادات الفصائل وخاصة الميدانية منها، لأنّه بكل بساطة ليس ناتجا عن حركة “حماس” باعتبارها الفصيل المُقاوم الأكبر والأضخم، وتبدو الفصائل الفلسطينية مضطرة للتعامل مع اقتراحات الجهاد، على الرغم من أنّ بعضها يدعو لأن تكون هذه المبادرة في سياق حوار وطنيّ أشمل.
نجدة جهاديّة سريعة
في الوقت الذي لاي يرى فيه ممثلو حركة الجهاد الإسلامي في القريب العاجل مصالحة فلسطينيّة شاملة بين الفصائل، وجدوا أنّ الوقت يمضي ويمر وقد ينتظر الشعب الفلسطيني مطولا بينما الخطر الان داهم و حركة الجهاد الإسلامي لا تريد سوى القيام بواجبها في المقاومة وتسليح أعداد كبيرة من أبناء الشعب الفلسطيني، في ظل حديثها أنّ لديها الجاهزيّة الكاملة لذلك، في ما يمكن تسميته، بخيار النجدة الجهاديّ، ودون أجندات سياسية أو خلفيات سياسية لهذا الاتجاه، وإن ما تُريده أيضا هو أن يسمح لها بتنفيذ هذه المبادرة في ظل رعاية الفصائل الفلسطينية في الميدان وعلى أساس ميدانيّ ودون اشتراطات مُسبقة من أي نوع كانت، وخاصة عقب تطور التسليح الإسرائيليّ الخطير الذي يعني السماح لأي مستوطن خضع لتدريب مشاة في مجال الأسلحة الناريّة بالتأهل للحصول على تصريح لاقتناء السلاح، والذي لا يستخدم إلا لقتل الفلسطينيين وترهيبهم في بلادهم المحكوم عسكريّاً.
لكن بالمقابل، إنّ هذه الضّمانات التي تُقدّمها حركة الجهاد الإسلامي في هذا السياق لا يبدو أنها كافية بالنسبة لحركة فتح ولا حتى بالنسبة لبقية فصائل المقاومة حيث الاعتقاد بأن اعتبارات سياسية قد تكون وراء هذه المبادرة، لكن ما يعلمه ممثلو الجهاد ومعهم أيضا بعض من انصار حركة المقاومة حماس أن الاعتبارات السياسية بصرف النظر عنها ليست جزءا من ترتيب من هذا النوع وأن المطلوب اتخاذ خطوات حقيقية على الأرض تثبت بان الشعب الفلسطيني قرّر الدفاع عن نفسه، وأنّه بدأ باتخاذ خطوات لن توازي قوة الاحتلال ولن تتمكن من مواجهة انتهاكات المستوطنين لكنها ستوفر الحد الادنى من حماية الأرواح وهو الأمر الذي يُربك عمليا الأجهزة الأمنية الفلسطينية ومؤسسات السلطة وبقية الفصائل بطبيعة الحال، ما يشي بارتفاع الرد الشعبيّ على هذه الجرائم التي يرتكبها العدو، وإنّ الأراضي الفلسطينية أرسلت رسائل عدّة للمحتل، أثبتت فيها أنّ ثورة الشعب الفلسطينيّ لن تتوقف إلا برحيله عن كامل الأراضي الفلسطينيّة.
وبالاستناد إلى أنّ الشعب الفلسطينيّ الذي يتعرض للإبادة في أراضيه المسلوبة ثابت في ردوده بشكل دائم أنّ المقاومة مستمرة والانتفاضة متواصلة، طغت دعوات حماية الشعب الفلسطيني بكثرة في الخطاب الرسميّ والدبلوماسيّ والسياسيّ للسلطة الفلسطينيّة، على الرغم من أن دعوات تسليح الشعب الفلسطيني وتمكينه من مواجهة جيش ميليشيات من المستوطنين قريبا يشرف عليه حرس الحدود تحديدا وفقا للخطة التي وافق عليها رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو وتم توقيعها مع موازنات مالية هي التي تملي الظروف ميدانيا على الارض، وخاصة أنّ التسهيلات تسمح للمستوطنين من صغار بالسن، ممن ينتمي أغلبيتهم لمنظمات إرهابية “كشبيبة التلال” وعصابات “تدفيع الثمن”، اقتناء أسلحة لمجرد عيشهم في مستوطنة بالقرب من جدار الفصل العنصريّ.
إذاً، ما من حلٍ في فلسطين سوى المواجهة والوقوف بوجه عصابات الإرهاب الصهيونية، في ظل قرار التسليح الإسرائيليّ الأخير الذي يمثل عدواناً متصاعداً من قبل الصهاينة على أبناء فلسطين في كل المناطق الفلسطينيّة المحتلة، وإنّ ما تقوم به حركة الجهاد يمثل صفعة تاريخيّة للكيان المتهالك باعترافه، وتهديداً استراتيجيّاً لوجودهم غير الشرعيّ في فلسطين، مرّة وسط القناعة التامة بأن الشعب الفلسطيني الذي يتعرّض لحصار خانق وأجندة اقتصادية معيشية قاتلة ويتعرّض أولاده وشبابه لإعدامات ميدانية ينبغي ألا يقف مكتوف الأيدي وهو أمر تتفهّمه الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وتُحاول توفير صيغة لمنع مثل هذا الاحتكاك على اعتبار أن الأجهزة الأمنية لو اضطرت لمقاومة حراك نضالي مسلح هذه المرة بعد هجمات لميليشيات المستوطنين ستجد نفسها لأوّل مرّة في مواجهة مخاطر الانقسام داخل حركة فتح وأجهزة السلطة إضافة إلى مخاطر مواجهة الشعب الفلسطيني نفسه في خيار إن بدأ لا أحد يعلم متى وكيف سينتهي.