الوقت– أعلن موقع “أكسيوس” الأمريكي أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة والهند يخططون للتفاوض بشأن مشروع بنية تحتية يسعى لربط الدول العربية في الخليج الفارسي عبر شبكة من السكك الحديدية وخطوط الشحن إلى الهند. ونقل هذا الموقع عن مصدرين أن هذا المشروع سيُناقش في جدول أعمال مستشاري الأمن القومي لهذه الدول الأربع يوم الأحد في اجتماع في السعودية.
وكان البيت الأبيض قد أعلن في وقت سابق أنه من المقرر أن يسافر جاك سوليفان، مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، إلى المملكة العربية السعودية يوم السبت لمناقشة العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية الأخرى ذات الاهتمام المشترك مع المسؤولين السعوديين.
التعامل مع النفوذ الصيني
إن محاولة أمريكا لتوسيع موطئ قدم الهند في الخليج الفارسي، تأتي ضمن تحركات واشنطن للسيطرة أكثر على الصين بتقليص وجودها في منطقة غرب آسيا وزيادة دور الولايات المتحدة في التطورات في شرق آسيا، وهو أيضاً في الواقع إجراء لمنع الدور المتزايد للصين في المنطقة الجيوستراتيجية والغنية بالنفط في الخليج الفارسي، وخاصة أن بكين، من خلال لعب دور فعال في الاتفاقية التاريخية بين إيران والمملكة العربية السعودية، وكذلك إبرام اتفاقيات تعاون استراتيجي مع لاعبين مهمين في المنطقة، قد اتخذت خطوة كبيرة لتعزيز موقعها في تطورات الخليج الفارسي.
لذلك، وفقًا للخبراء، يعد هذا المشروع أحد المبادرات الرئيسية للبيت الأبيض في غرب آسيا في تقديم بديل لخطة “الحزام والطريق” الصينية الطموحة في المنطقة. تشكلت فكرة هذا المشروع خلال المفاوضات التي دارت منذ 18 شهرًا في منتدى بعنوان “I2U2 Group” يضم الولايات المتحدة والإمارات والهند و “إسرائيل“.
تأسس المنتدى في أواخر عام 2021 ويهدف إلى مناقشة مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية في الشرق الأوسط.
جدير بالذكر أن “الحزام والطريق” مبادرة صينية بنيت على أنقاض طريق الحرير القديم، وتهدف إلى ربط الصين بالعالم من خلال استثمارات بمليارات الدولارات في البنية التحتية للدول الشريكة التي ستجعل الصين متصلة بالقارة الأوروبية. والذي يُعد أكبر مشروع للبنية التحتية في تاريخ البشرية، بما في ذلك إنشاء الموانئ والطرق والسكك الحديدية والمناطق الصناعية ومشاريع الطاقة.
وسبق أن أعلنت مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية في تقرير لها أن مبادرة الحزام والطريق “تمثل حقبة جديدة من المنافسة العالمية بين الولايات المتحدة والصين“. وحسب الخبراء يرى البيت الأبيض أن الهند لاعب طموح مناسب لمنافسة الصين.
لنيودلهي علاقات مستمرة مع واشنطن، وتعتبرها واشنطن حليفًا طبيعيًا لمواجهة تهديد الصين على خريطة العالم. كما أن للهنود علاقات اقتصادية وثيقة ومتنامية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وإضافة إلى ارتفاع الطلب على شراء الطاقة من هذين البلدين، فإنهما يتنافسان أيضًا مع الصين في مجال التعاون الاقتصادي.
قبل حرب أوكرانيا، كانت الهند مشتريةً لجزء كبير من النفط المنتج في الخليج الفارسي، على الرغم من أنها توفر الآن جزءًا من احتياجاتها من خلال النفط الروسي المخفض. ووفقًا للبيانات، تراجعت حصة منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من واردات الهند من النفط إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 46 في المئة في أبريل.
في وقت ما في الماضي، زودت أوبك 90 في المئة من إجمالي واردات الهند من النفط الخام، لكن هذا انخفض منذ أن أصبح النفط الروسي متاحًا بسعر مخفض. ومع ذلك، ستظل الهند معتمدة بشكل كبير على منطقة الخليج الفارسي لاحتياجاتها من الطاقة في المستقبل.
ومع ذلك، دعونا لا ننسى أنه على الرغم من هذا التغيير، لا تزال الهند مصدرًا مهمًا للسلع الاستهلاكية والعمالة إلى غرب آسيا. تتمتع نيودلهي بعلاقات ودية مع كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وتتزايد الاتفاقيات الاقتصادية بين الجانبين. تجاوزت صادرات الهند إلى الإمارات العربية المتحدة بين أبريل 2022 ومارس 2023 مليار دولار، بزيادة قدرها 11.2 في المئة عن نفس الفترة من العام الماضي.
في فبراير من العام الماضي، وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة اتفاقية شراكة استراتيجية مع الهند، ما يمهد الطريق لعصر جديد من التعاون وزيادة الوصول المتبادل إلى الأسواق والفرص الاقتصادية والاستثمارية. وحسب طيران الإمارات، فإن الاتفاقية تمهد الطريق لزيادة التجارة غير النفطية إلى أكثر من 100 مليار دولار في غضون خمس سنوات. بعد الصين، تعد الهند الشريك التجاري الثاني للإمارات العربية المتحدة، حيث تستحوذ على 9٪ من التجارة الخارجية للإمارات العربية المتحدة و13٪ من صادراتها غير النفطية.
كشفت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا عن خطة مستقبلية لربط الخليج الفارسي بالهند بسرعة من خلال خط قطار فائق السرعة تحت البحر يربط إمارة الفجيرة، التي تطل على خليج عمان وبالتالي المحيط الهندي، مباشرة إلى مومباي، أكبر مدينة في الهند… إضافة إلى الإمارات العربية المتحدة، تعمل المملكة العربية السعودية أيضًا على زيادة مستوى علاقاتها مع الهند.
في العام الماضي، وقعت موانئ دبي العالمية، أحد أكبر مشغلي الموانئ في العالم، وهيئة الموانئ السعودية اتفاقية لبناء قطاع لوجستي جديد في ميناء جدة الإسلامي باستثمارات إجمالية تزيد على 133.33 مليون دولار. يربط هذا القسم الجديد بين ميناء المملكة العربية السعودية الكبير وموانئ تركيا وشبه القارة الهندية وأفريقيا والشرق الأوسط، كما تم تضمين الموانئ الهندية في كراتشي ومندرا في هذه الخطة.
مبادرة واشنطن لتنشيط التطبيع من خلال التشابكات الاقتصادية العربية الصهيونية
على الرغم من أن إسرائيل ليست جزءًا من المجموعة الجديدة، إلا أن الولايات المتحدة تحاول إعادة تشغيل قطار تطبيع العلاقات المتوقف من خلال التشابكات الاقتصادية المتزايدة لدول المنطقة مع النظام الصهيوني، وفي غضون ذلك، تعتبر الخطة الأخيرة بمثابة خيار مهم لتحقيق هذا الهدف.
وأشار أكسيوس إلى أن “إسرائيل ليست حاليًا جزءًا من الخطة، لكنها قد تنضم في المستقبل إذا تقدمت جهود تطبيع العلاقات مع دول المنطقة”. وفقًا لمسؤول إسرائيلي شارك في المحادثات، خلال اجتماعاتI2U2 العام الماضي، طرحت إسرائيل فكرة تهدف إلى استخدام تجربة الهند في مشاريع البنية التحتية الكبرى، وقبلت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الفكرة.
ألمح سوليفان إلى ذلك في خطاب ألقاه يوم الخميس في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. وقال إن أحد ركائز استراتيجية إدارة بايدن في الشرق الأوسط هو التكامل الإقليمي. وقال إن “شرق أوسط أكثر توحداً وترابطاً سيمكن حلفاءنا وشركاءنا، ويعزز السلام والازدهار في المنطقة، ويقلل الطلب طويل الأمد على الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة دون التضحية بمصالحنا الأساسية”.