الرئيسية / اخبار قصيرة / الاحتجاز الإداري في السجون الإسرائيلية.. أرقام صادمة وسياسة خبيثة

الاحتجاز الإداري في السجون الإسرائيلية.. أرقام صادمة وسياسة خبيثة

الاحتجاز الإداري في السجون الإسرائيلية.. أرقام صادمة وسياسة خبيثة

الوقت- أعلن حسن جبر الخبير في الشأن الفلسطيني عن زيادة عدد الأسرى الفلسطينيين المحتجزين إدارياً لدى جيش النظام الصهيوني بأكثر من 100٪.

وأضاف هذا الخبير إن عدد الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الإدارية التابعة للجيش الإسرائيلي وصل خلال العام الماضي إلى 1050 شخصًا. بينما كان هذا الرقم 450 شخصًا فقط في العام السابق.

وأعلن هذا الخبير الفلسطيني عن صدور أكثر من 1200 أمر اعتقال إداري للأسرى الفلسطينيين منذ بداية العام الجاري، وأضاف إن هذا العدد يشمل جميع الرجال والنساء والأطفال وكبار السن قيد الاعتقال الإداري.

من خلال وضع الأسرى الفلسطينيين قيد الاعتقال الإداري، يرفض النظام الصهيوني تقديم هؤلاء الأشخاص إلى المحاكم من أجل إبقاء الشخص المذكور في السجن لفترة أطول دون محاكمة.

تعرض هذا الشكل من أشكال اعتقال الفلسطينيين من قبل الجيش الصهيوني لانتقادات عدة مرات من قبل المنظمات والتجمعات الدولية لحقوق الإنسان.

ذكرت جماعة إسرائيلية لحقوق الإنسان أن إسرائيل تحتجز أكثر من 1000 معتقل فلسطيني دون تهمة أو محاكمة، وهو أعلى رقم منذ عام 2003.

وتقول إسرائيل إن التكتيك المثير للجدل، المعروف باسم الاعتقال الإداري، يساعد السلطات في إحباط الهجمات واحتجاز المسلحين الخطرين دون الكشف عن مواد تجريم لأسباب أمنية. بينما يشير فلسطينيون وجماعات حقوقية إلى أن النظام يتعرض للانتهاكات على نطاق واسع وينفي الإجراءات القانونية الواجبة، مع الطبيعة السرية للأدلة التي تجعل من المستحيل على المعتقلين الإداريين أو محاميهم إقامة دفاع.

سلطات السجون

وبينت هموكيد، وهي منظمة حقوقية إسرائيلية تجمع بانتظام أرقامًا من سلطات السجون، إنه حتى أبريل، كان هناك 1016 محتجزًا رهن الاعتقال الإداري وجميعهم تقريبًا فلسطينيون معتقلون بموجب القانون العسكري، حيث نادرًا ما يستخدم الاعتقال الإداري ضد اليهود.

وقالت منال أبو بكر البالغة من العمر 48 عامًا في مخيم الدهيشة للاجئين بالقرب من مدينة بيت لحم بالضفة الغربية: «لا يوجد إحساس بموعد انتهاء الكابوس». فقد ابنها محمد البالغ من العمر 28 عامًا سنوات دراسته الجامعية الأربع في الاعتقال الإداري. وزوجها، نضال، الصحفي ومقدم البرامج الإذاعية، لا يزال رهن الاحتجاز. وقد أمضى 17 عامًا خلف القضبان في العقود الثلاثة الماضية، أكثر من نصفها دون تهمة، وفقًا لمنظمة حقوق السجناء، نادي الأسير الفلسطيني.

محاكم عسكرية

ويقول هموكيد إن 2416 فلسطينيًا يقضون أحكامًا بعد إدانتهم في محاكم عسكرية إسرائيلية.

وهناك 1409 معتقلين إضافيين قيد الاحتجاز للاستجواب، ووجهت إليهم تهم وينتظرون المحاكمة، أو تجرى محاكمتهم في الوقت الحالي.

ويمكن إصدار أوامر الاعتقال الإداري لمدة أقصاها ستة أشهر، ولكن يمكن تجديدها إلى أجل غير مسمى.

وقالت جيسيكا مونتيل مديرة HaMoked : الأرقام صادمة، لا توجد قيود على استخدام ما ينبغي أن يكون استثناءً نادرًا. لقد أصبح من الأسهل بالنسبة لهم احتجاز الأشخاص دون تهمة أو محاكمة.

حملة واسعة

وساعدت حملة عسكرية واسعة النطاق على النشطاء الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة في زيادة الاعتقالات الإدارية بشكل حاد.

وأدت حملة المداهمات الإسرائيلية على المدن والبلدات الفلسطينية في أعقاب سلسلة من الهجمات الفلسطينية المميتة العام الماضي إلى اعتقال أكثر من 2400 فلسطيني منذ مارس 2022، وفقًا للجيش الإسرائيلي. ولم يرد جهاز الأمن العام (الشاباك) الإسرائيلي على الفور على طلبات للتعليق على أرقام الاعتقال الإداري الأخيرة. وتصف إسرائيل الغارات المكثفة بأنها محاولة لمكافحة الإرهاب لمنع المزيد من الهجمات. ويقول سكان فلسطينيون ومنتقدون إن العملية تزيد من إذكاء دوامة إراقة الدماء، حيث أشعلت التوغلات احتجاجات عنيفة ومعارك مع النشطاء الفلسطينيين.

قُتل ما يقرب من 90 فلسطينيًا في الضفة الغربية بنيران إسرائيلية هذا العام، وفقًا لإحصاءات أسوشيتد برس. وأسفرت الهجمات الفلسطينية ضد الإسرائيليين عن مقتل 15 شخصًا في الفترة نفشها، وتقول إسرائيل إن معظم القتلى من الفلسطينيين من النشطاء لكن من بين القتلى شبان رشقوا بالحجارة ومارة لم يشاركوا في أعمال عنف.

يخضع سكان المنطقة البالغ عددهم 3 ملايين فلسطيني لنظام القضاء العسكري الإسرائيلي، في حين أن ما يقرب من 500 ألف مستوطن يهودي يعيشون بجانبهم يحملون الجنسية الإسرائيلية ويخضعون لمحاكم مدنية.

دأب النظام الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي على استخدام سياسة الاعتقال الإداري كأسلوب لسجن الفلسطينيين، حيث يستطيع بموجبها أن يحتجزَ الفلسطينيين وقتما شاء وإلى أجل غير مسمى، دون تهمة أو محاكمة. وهو يستخدمها على نطاق واسع وتعسفي بما يسمح له بتجريم العمل الاجتماعي والسياسي الفلسطيني، وإجهاض المقاومة الفلسطينية للعنف الاستعماري المستمر من خلال تصوير هؤلاء الفلسطينيين كخطرٍ على “أمن” إسرائيل و”نظامها العام.”

استخدمت إسرائيل الاعتقال الإداري منذ الأيام الأولى من نشأتها الاستيطانية، وما انفك المعتقلون إداريًا يطالبون بإيقاف هذه الممارسة، مُبرزين الأذى الذي تُلحقه بهم وبأسرهم. وفي 1 كانون الثاني/يناير 2022، أعلن المعتقلون الإداريون المحتجزون في السجون الإسرائيلية، البالغ عددهم آنذاك نحو 500، مقاطعَتهم الجماعية للمحاكم العسكرية ودعوا محاميهم إلى عدم حضور جلسات المحكمة أو الانخراط في الإجراءات القضائية المتعلقة باحتجازهم. وكانت هذه المقاطعة، التي انتهت في 27 حزيران/يونيو 2022،1 استمرارًا للنضال الفلسطيني المستمر لعقود ضد سياسات الاعتقال الإسرائيلية والذي يشمل أيضًا الإضرابات عن الطعام، ورفض سياسات مصلحة السجون، وضروبًا من الإنتاج الثقافي من داخل الأَسر.

تُبيِّن هذه الورقة السياساتية سياقَ الاعتقال الإداري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، تاريخَه وخلفيتَه القانونية، وتشرحُ كيف ترتبط سياسته بإطار العمل العام في المحاكم العسكرية الإسرائيلية وتجريمها النشاطَ الفلسطيني. وتتناول المقاطعةَ الأخيرة التي نفذها المعتقلون ضد المحاكم العسكرية كردٍ واحد مما في جعبتهم من ردود على انتهاكات إسرائيل المنهجية لحقوقهم. وفي حين أن المقاطعة التي استمرت لأشهر لم تسفر عن إنهاء ممارسة الاعتقال الإداري، إلا أنها أكدت الحاجة إلى تحركٍ موحد من المعتقلين والناشطين والمحامين والقيادة السياسية الفلسطينية والمجتمع المدني المحلي والدولي ومنظمات حقوق الإنسان لبلوغ هذا الهدف.

الاعتقال الإداري الإسرائيلي في سياقه التاريخي والقانوني

في جميع أنحاء العالم، تلجأ الحكومات إلى اعتقال الأفراد إداريًا إذا اعتبرتهم “خطرًا أمنيًا،” وتبرر احتجازهم بأنه احترازي يهدف إلى إجهاض تهديدات محتملة قبل وقوعها. ويُجيز القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان للدول استخدامَ هذا الإجراء بموجب قوانين صارمةٍ ومحددة وظروف استثنائية، أي إن الاعتقال الإداري يُعدّ إجراءً متطرفًا يجب أن يخضع لأحكام قانونية صارمة وآليات رقابة.

توحي عمليات المراجعة القضائية بوجود رقابة قضائية بينما تسمح لإسرائيل في الواقع بتجاوز الاجراءات القانونية التي يمكن من خلالها للمعتقلين ومحاميهم بالترافع حقًا.

وعلى سبيل المثال، تسمح المادتان 42 و78 من اتفاقية جنيف الرابعة (1949) – التي صادقت عليها إسرائيل في 1951 – باستخدام الإجراءات الإدارية، بما فيها الاعتقال الإداري، فقط إذا لم يكن هناك مفرٌ منها للحفاظ على “أمن” الدولة. وبالمثل، فإن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية – الذي صادقت عليه دولة الاحتلال في عام 1991 – يُجيز الاعتقال الإداري في ظروف استثنائية فقط.

نظام قانوني معقد

يعود تاريخ استخدام الاعتقال الإداري في فلسطين إلى عهد الانتداب البريطاني، عندما تبنت الحكومة الاستعمارية نظام الدفاع (الطوارئ) لعام 1945، وفرضت بموجبه الأحكام العرفية في فلسطين. وسمحَ النظام للحكومة الاستعمارية بإنشاء محاكم عسكرية حسب الاقتضاء. وتبنى النظام الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي عند نشأته في 1948 نظام الطوارئ، وسنَّ قوانين مختلفة على مر السنين للسماح بالاحتجاز المطول للفلسطينيين بذريعة الحفاظ على “الأمن” و”النظام العام”.

يتجسد الطابع التعسفي للاحتجاز الإداري في غياب آليات الرقابة القضائية الفعالة. بل إن المعتقلين الإداريين، حسب شهاداتهم عمومًا، لا يُطلقُ سراحهم إلا بعد موافقة الشاباك، أي جهاز الأمن الإسرائيلي. وبخلاف الزعم الذي تدَّعيه المحاكم الإسرائيلية بأن أوامر الاعتقال تُراجَعُ قضائيًا، يشير المعتقلون الإداريون ومحاموهم دومًا إلى الدور المهيمن الذي يمارسه الشاباك في تحديد فترات الاحتجاز. وهكذا فإن عمليات المراجعة القضائية توحي بوجود رقابة قضائية بينما تسمح لإسرائيل في الواقع بتجاوز الاجراءات القانونية التي يمكن من خلالها للمعتقلين ومحاميهم بالترافع حقًا – رغم أن المحاكم العسكرية الإسرائيلية تفترض دائمًا بأن الفلسطيني “مذنب” وعليه أن يمثلَ أمام المحكمة ويصدر بحقه حكم.

يتجلى ذلك أيضًا في الحالات العديدة للفلسطينيين الذين يوضعون رهن الاعتقال الإداري حين لا تتمكن السلطات الإسرائيلية من توجيه تهم إليهم في المحاكم العسكرية. وعلى سبيل المثال، اعتقل بشير خيري ذي الثمانين عامًا، في تشرين الأول/أكتوبر 2021، وعُرض على محكمة عوفر العسكرية. وبعد أكثر من شهر، وبسبب عدم قدرة المحكمة العسكرية على توجيه الاتهام إليه، أصدر المدعي العسكري الإسرائيلي أمر اعتقال إداري لمدة ستة أشهر بحقه، وجرى تجديده لفترة إضافية منذ ذلك الحين.

الاعتقال الإداري في الواقع العملي

يُبرر النظام الإسرائيلي الاعتقالَ الإداري بأنه ضروري لأغراض “أمنية”. غير أن إسرائيل، في الواقع العملي، لا تراعي الضوابط التي يفرضها القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان على هذه الممارسة. وإنما تسعى من ورائه إلى إجهاض النشاط المدني والسياسي الفلسطيني، وقمع المقاومة، وبث الخوف في نفوس الفلسطينيين. أي إن إسرائيل لا تستخدم الاعتقال الإداري كإجراء “وقائي” في ظروف “استثنائية،” وإنما كسياسة جوهرية تلحق ضررًا مستديمًا بالمعتقلين الفلسطينيين وعائلاتهم والمؤسسات المدنية والسياسية الفلسطينية عمومًا.

بل إن إسرائيل تستخدم الاعتقال الإداري كضربٍ من ضروب الحرب النفسية، حيث تزج بالمعتقلين وعائلاتهم في حالة دائمة من الانتظار. وبما أن أوامر الاعتقال الإداري تقبل التجديد إلى أجل غير مسمى، فإن المعتقلين لا يعلمون أبدًا متى سيُطلَقُ سراحُهم. وفي كثير من الحالات، تُجدَّدُ الاعتقالات قبل ساعات فقط من انتهاء مدة سريان الأوامر. وهذا الواقع يحاكي، حسب أحد المعتقلين، أسطورة سيزيف الإغريقية التي كُتبَ على بطلها المغضوب عليه أن يحمل صخرةً إلى قمة جبلٍ عالٍ، وما إن يبلغها حتى تتدرج الصخرة إلى الأسفل، ليُضطر إلى البدء تارةً أخرى.

شاهد أيضاً

الردّ الإيراني: قراءة في النتائج الجيوسياسية إقليميًا ودوليًا

الردّ الإيراني: قراءة في النتائج الجيوسياسية إقليميًا ودوليًا  حيان نيوف بعد ثلاثة عشر يومًا على ...