٢٩ – القول في ابتداء الخلق في الجنة
وأقول: إنه لم يكن جائزا ابتداء الخلق في الجنة على وجه التنعيم من غير تكليف، لأنه لو كان (١) يكون اقتطاعا (٢) لمن علم الله تعالى منه أنه إن كلفه أطاع على النعيم المستحق على الأعمال الذي هو أعلى وأجل وأسنى من التفضل بالتنعيم، والله – سبحانه – أكرم من أن يقتطع (٣) أحدا عن نفع حسن أو يقتصر (٤) به على فضل غيره أفضل منه له وأصلح في التدبير، لأن ذلك لا يقع إلا من جاهل يحسن (٥) ذلك أو محتاج إلى منعه أو بخيل (٦)، والله تعالى عن هذه الصفات علوا كبيرا. وهذا مذهب جمهور الإمامية. وقد جاءت به آثار عن الأئمة – عليهم السلام – والبغداديون من المعتزلة يوافقون فيه، والبصريون منهم يخالفون الجماعة عليه (٧)، ويوافقهم في هذا الخلاف المجبرة والمشبهة.
٣ – يقطع ألف و ب.
٤ – تقصير ألف أو يبقيه د.
٥ – يحسن بتشديد السين أي يراه حسنا وفي نسخة د لا يحسن أي لا يعلم قبحه.
٦ – يبخل ألف.
٧ – كلمة عليه غير موجودة في ألف.
٣٠ – القول في المعرفة
وأقول: إن المعرفة بالله تعالى اكتساب، وكذلك المعرفة بأنبيائه – عليهم السلام – وكل غائب، وإنه لا يجوز الاضطرار إلى معرفة شئ مما ذكرناه، وهو مذهب كثير من الإمامية والبغداديين من المعتزلة خاصة، ويخالف فيه البصريون من المعتزلة والمجبرة والحشوية من أصحاب الحديث.
٣١ – القول في أن الله لا يعذب إلا على ذنب أو على فعل قبيح
وأقول: إن الله – جل جلاله – عدل كريم لا يعذب أحدا إلا على ذنب اكتسبه أو جرم اجترمه أو قبيح (١) نهاه عنه فارتكبه، وهذا مذهب سائر أهل التوحيد (٢) سوى الجهم بن صفوان و عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي. فأما الجهم بن صفوان فإنه كان يزعم أن الله يعذب من اضطره إلى المعصية ولم يجعل له قدرة عليها ولا على تركها من الطاعة، وأما عبد السلام الجبائي فإنه كان يزعم أن العبد قد يخلو من فعل الخير والقبيح معا ويخرج عن الفعل والترك جميعا فيعذبه الله – سبحانه – على إن لم يفعل الواجب وإن لم يكن بخروجه منهما فعل شيئا أو فعل به شئ، وهذا قول لم يسبقه إليه أحد من أهل التوحيد وهو في القبح كمذهب جهم وفي بعض الوجوه أعظم قبحا منه (٣).
٣ – فحشا ألف و ب و ح.
٣٢ – القول في عصمة الأنبياء – عليهم السلام –
أقول: إن جميع أنبياء الله – صلوات الله عليهم – معصومون من الكبائر قبل النبوة وبعدها وما يستخف (١) فاعله من الصغائر كلها، وأما ما كان من صغير لا يستخف (٢) فاعله فجائز وقوعه منهم قبل النبوة وعلى غير تعمد وممتنع منهم بعدها على كل حال، وهذا مذهب جمهور الإمامية، والمعتزلة بأسرها تخالف فيه.
٣٣ – القول في عصمة نبينا محمد (٣) – صلى الله عليه وآله –
وأقول: إن نبينا محمدا – صلى الله عليه وآله وسلم – ممن لم يعص الله – عز وجل – منذ خلقه الله – عز وجل – إلى أن قبضه ولا تعمد له خلافا ولا أذنب ذنبا على التعمد ولا النسيان، وبذلك نطق القرآن وتواتر الخبر عن آل محمد – عليهم السلام -، وهو مذهب جمهور الإمامية، والمعتزلة بأسرها على خلافه.
وأما ما يتعلق به أهل الخلاف من قول الله تعالى: (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) وأشباه ذلك في القرآن ويعتمدونه في الحجة على خلاف ما ذكرناه فإنه تأويل (٤) بضد ما توهموه، والبرهان يعضده على البيان، وقد نطق
٣ – محمد خاصة ألف و ب.
٤ – تأول ألف وعلى التقديرين فهو من باب استعمال المصدر بمعنى المفعول أي المأول أو المتأول أو يكون تأول مضارعا مجهولا.
٣٤ – القول في جهة (٢) إعجاز القرآن
وأقول: إن جهة ذلك هو الصرف من الله تعالى لأهل الفصاحة واللسان عن المعارضة للنبي (ص) بمثله في النظام عند تحديه لهم (٣)، وجعل انصرافهم عن الإتيان بمثله وإن كان في مقدورهم دليلا على نبوته (ص)، واللطف من الله تعالى مستمر في الصرف عنه إلى آخر الزمان، وهذا من أوضح برهان في الاعجاز وأعجب بيان وهو مذهب النظام وخالف فيه جمهور أهل الاعتزال.
٣٥ – القول في النبوة، أهي تفضل (٤) أو استحقاق؟
وأقول: إن تعليق النبوة تفضل (٥) من الله تعالى على من اختصه بكرامته (٦) لعلمه بحميد عاقبته واجتماع الخلال الموجبة في الحكمة بنبوته في التفضيل على من سواه. فأما التعظيم على القيام بالنبوة والتبجيل وفرض الطاعة
٣ – لهم به ب.
٤ – بفضل ألف و ب.
٥ – بفضل ألف و ب.
٦ – بكرامته بحمد عاقبته ألف.
٣٦ – القول في الإمامة، أهي تفضل (٦) من الله – عز وجل – أم استحقاق؟
وأقول: إن تكليف الإمامة في معنى التفضل به على الإمام كالنبوة على ما قدمت من المقال والتعظيم المفترض (٧) له والتبجيل والطاعة مستحق بعزمه على القيام بما كلفه من الأعمال وعلى أعماله الواقعة منه أيضا حالا بعد حال (٨)، و هذا مذهب الجمهور من الإمامية على ما ذكرت في النبوة (٩)، وقد خالف فيه منهم من قدمت ذكره ومعي فيه جمهور المعتزلة وسائر أصحاب الحديث.
٣ – جملة (وجميع فقهائنا وأهل النقل منها وإنما خالف فيه أصحاب التناسخ المعتزين إلى الإمامية) سقطت عن نسخة هـ.
٤ – التفضيل ألف ود.
٥ – كلمة هذا ليست في ألف.
٦ – بفضل ألف.
٧ – المعترى ألف المعتزلة هـ.
٨ – بعد إجمال ألف.
٩ – من النبوة د و هـ.
٣٧ – القول في عصمة الأئمة – عليهم السلام –
وأقول: إن الأئمة القائمين مقام الأنبياء (ص) في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشرائع وتأديب الأنام (١) معصومون كعصمة الأنبياء، وإنهم لا يجوز منهم صغيرة إلا ما قدمت ذكر جوازه على الأنبياء، وإنه لا يجوز منهم سهو (٢) في شئ في الدين ولا ينسون شيئا من الأحكام، وعلى هذا (٣) مذهب سائر الإمامية إلا من شذ منهم وتعلق بظاهر روايات لها تأويلات على خلاف ظنه الفاسد من هذا الباب، والمعتزلة بأسرها تخالف في ذلك و تجوز (٤) من الأئمة وقوع الكبائر والردة عن الاسلام.
٣٨ – القول في ولاة (٥) الأئمة – عليهم السلام – وعصمتهم وارتفاعها،
وهل ولايتهم بالنص أو الاختيار؟
وأقول: إنه ليس بواجب عصمة ولاة الأئمة (ع) وواجب (٦) علمهم بجميع ما يتولونه وفضلهم فيه على رعاياهم لاستحالة رئاسة المفضول على الفاضل فيما هو رئيس عليه فيه، وليس بواجب في ولايتهم النص على أعيانهم، وجائز أن يجعل الله اختيارهم إلى الأئمة المعصومين (ع)، وهذا
٣ – كلمة هذا ليست في ألف و ب و هـ.
٤ – ويجوزون ألف ود و هـ.
٥ – ولاية.
٦ – والواجب عليهم بجميع ما يولوه.
٣٩ – القول في أحكام الأئمة (ع)
وأقول: إن للإمام أن يحكم بعلمه كما يحكم بظاهر الشهادات ومتى عرف من المشهود عليه ضد ما تضمنته الشهادة أبطل بذلك (١) شهادة من شهد عليه وحكم فيه بما أعلمه الله تعالى، وقد يجوز عندي أن تغيب عنه بواطن الأمور فيحكم فيها بالظواهر وإن كانت على خلاف لحقيقة عند الله تعالى، و يجوز أن يدله الله تعالى على الفرق بين الصادقين من الشهود وبين الكاذبين فلا يغيب عنه حقيقة الحال. والأمور في هذا الباب متعلقة بالألطاف والمصالح التي لا يعلمها على كل حال إلا الله – عز وجل -.
ولأهل الإمامة في هذه المقالة ثلاثة أقوال:
فمنهم من يزعم أن أحكام الأئمة (ع) على الظواهر دون ما يعلمونه على كل حال.
ومنهم من يزعم أن أحكامهم إنما هي على البواطن دون الظواهر التي يجوز فيها الخلاف.
ومنهم من يذهب إلى ما اخترته أنا من المقال ولم أر لبني نوبخت – رحمهم الله – فيه ما اقطع على إضافته إليهم على يقين بغير ارتياب.
٤٠ – القول في معرفة الأئمة (ع) بجميع الصنايع وساير اللغات
وأقول: إنه ليس يمتنع ذلك منهم ولا واجب من جهة العقل والقياس و قد جاءت أخبار عمن يجب تصديقه بأن أئمة آل محمد (ص) قد كانوا يعلمون ذلك، فإن ثبت وجب القطع به من جهتها على الثبات. ولي في القطع به منها نظر، والله الموفق للصواب، وعلى قولي هذا جماعة من الإمامية، وقد خالف فيه بنو نوبخت – رحمهم الله – وأوجبوا ذلك عقلا وقياسا وافقهم فيه المفوضة كافة وسائر الغلاة.
٤١ – القول في علم الأئمة (ع) بالضمائر والكائنات وإطلاق القول عليهم
بعلم الغيب وكون ذلك لهم (١) في الصفات
وأقول: إن الأئمة من آل محمد (ص) قد كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد ويعرفون ما يكون قبل كونه، وليس ذلك بواجب في صفاتهم ولا شرطا في إمامتهم، وإنما أكرمهم الله تعالى به وأعلمهم إياه للطف في طاعتهم و التمسك بإمامتهم، وليس ذلك بواجب عقلا ولكنه وجب لهم من جهة السماع. فأما إطلاق القول عليهم بأنهم يعلمون الغيب فهو منكر بين الفساد، لأن الوصف بذلك إنما يستحقه من علم الأشياء بنفسه لا بعلم مستفاد، وهذا لا يكون إلا الله – عز وجل -، وعلى قولي هذا جماعة أهل الإمامة إلا من شذ عنهم من المفوضة ومن انتمى إليهم من الغلاة.
٤٢ – القول في الإيحاء إلى الأئمة وظهور الإعلام عليهم والمعجزات
وأقول: إن العقل (١) لا يمنع من نزول الوحي إليهم وإن كانوا أئمة غير أنبياء، فقد أوحى الله – عز وجل – إلى أم موسى: (أن ارضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) فعرفت صحة ذلك بالوحي وعملت عليه ولم تكن نبيا ولا رسولا ولا إماما، ولكنها كانت من عباد الله الصالحين. وإنما منعت من نزول الوحي عليهم والإيحاء بالأشياء إليهم للاجماع على المنع من ذلك (٢) والاتفاق على أنه من يزعم أن أحدا بعد نبينا (ص) يوحى إليه فقد أخطأ وكفر، ولحصول العلم بذلك من دين النبي (ص)، كما أن العقل لم يمنع من بعثة نبي بعد نبينا (ص) ونسخ شرعه (٣) كما نسخ ما قبله من شرائع الأنبياء، وإنما منع ذلك الإجماع والعلم بأنه خلاف دين النبي (ص) من جهة اليقين وما يقارب الاضطرار. والامامية جميعا على ما ذكرت ليس بينها فيه على ما وصفت (٤) خلاف.
فأما ظهور المعجزات عليهم والإعلام فإنه من الممكن الذي ليس بواجب عقلا ولا ممتنع قياسا، وقد جاءت بكونه منهم – عليهم السلام – الأخبار على التظاهر والانتشار فقطعت عليه من جهة السمع وصحيح الآثار، ومعي في هذا الباب جمهور أهل الإمامة وبنو نوبخت تخالف فيه وتأباه، وكثير من المنتمين
٣ – شرعنا ألف.
٤ – جملة (على ما وصفت) سقطت من نسخة ألف.
٤٣ – القول في ظهور المعجزات على المنصوبين (١) من الخاصة
والسفراء والأبواب (٢)
وأقول: إن ذلك جائز لا يمنع منه عقل ولا سنة ولا كتاب، وهو مذهب جماعة من مشايخ الإمامية وإليه يذهب ابن الأخشيد من المعتزلة وأصحاب الحديث في الصالحين والأبرار. وبنو نوبخت من الإمامية يمنعون ذلك و يوافقون المعتزلة في الخلاف علينا فيه، ويجامعهم على ذلك الزيدية والخوارج المارقة عن الاسلام.
٤٤ – القول في سماع الأئمة (ع) كلام الملائكة الكرام
وإن كانوا لا يرون منهم الأشخاص
وأقول: بجواز هذا من جهة العقل، وإنه ليس بممتنع (٣) في الصديقين من الشيعة المعصومين من الضلال، وقد جاءت بصحته وكونه للأئمة (ع) (٤) ومن
٣ – يمتنع ألف.
٤ – كونه للأنبياء والأئمة ج وكونه الأئمة ومن اسميت ألف والصحيح سميت كما في المتن تبعا لنسخة د.
٤٥ – القول في صدق منامات الرسل والأنبياء والأئمة – عليهم السلام –
وارتفاع الشبهات عنهم والأحلام
وأقول: إن منامات الرسل والأنبياء والأئمة – عليهم السلام – صادقة لا تكذب، وإن الله تعالى عصمهم عن الأحلام، وبذلك جاءت الأخبار عنهم (ع) على الظهور والانتشار، وعلى هذا القول جماعة فقهاء الإمامية و أصحاب النقل منهم، وأما متكلموهم فلا (٢) أعرف لهم نفيا ولا إثباتا ولا مسألة فيه ولا جوابا. والمعتزلة بأسرها تخالفنا فيه.
٤٦ – القول في المفاضلة بين الأئمة والأنبياء – عليهم السلام –
قد قطع قوم من أهل الإمامة بفضل الأئمة (ع) من آل محمد (ص) على سائر من تقدم من الرسل والأنبياء سوى نبينا محمد (ص)، وأوجب فريق منهم لهم الفضل على جميع الأنبياء سوى أولي العزم منهم – عليهم السلام – وأبى القولين (٣) فريق منهم آخر وقطعوا بفضل الأنبياء كلهم على سائر الأئمة (ع)، و
٣ – وإلى القولين ألف.
٤٧ – القول في تكليف الملائكة
وأقول: إن الملائكة مكلفون وموعودون ومتوعدون. قال الله تبارك و تعالى: (ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين). وأقول، إنهم معصومون مما يوجب لهم العقاب بالنار، وعلى هذا القول جمهور الإمامية وسائر المعتزلة وأكثر المرجئة وجماعة من أصحاب الحديث. وقد أنكر قوم من الإمامية أن تكون الملائكة مكلفين، وزعموا أنهم إلى الأعمال مضطرون ووافقهم على ذلك جماعة من أصحاب الحديث.
٤٨ – القول في المفاضلة بين الأئمة (ع) والملائكة
أما الرسل من الملائكة والأنبياء – عليهم السلام – فقولي فيهم مع أئمة آل محمد (ص) كقولي في الأنبياء من البشر (١) والرسل (ع)، وأما باقي الملائكة (٢) فإنهم وإن بلغوا بالملكية فضلا فالأئمة من آل محمد (ص) أفضل منهم وأعظم ثوابا عند الله عز وجل بأدلة ليس موضعها هذا الكتاب.
٤٩ – القول في احتمال الرسل والأنبياء والأئمة الآلام
وأحوالهم بعد الممات
وأقول: إن رسل الله تعالى من البشر وأنبياءه والأئمة من خلفائه محدثون مصنوعون تلحقهم الآلام، وتحدث لهم اللذات، وتنمي أجسامهم بالأغذية، و تنقص على مرور الزمان، ويحل بهم الموت ويجوز عليهم الفناء، وعلى هذا القول إجماع أهل التوحيد. وقد خالفنا فيه المنتمون إلى التفويض وطبقات الغلاة، وأما أحوالهم بعد الوفاة فإنهم ينقلون من تحت التراب فيسكنون بأجسامهم وأرواحهم جنة الله تعالى، فيكونون فيها أحياء يتنعمون إلى يوم (١) الممات، يستبشرون بمن يلحق بهم من صالحي أممهم وشيعتهم، ويلقونه بالكرامات وينتظرون من يرد عليهم من أمثال السابقين من ذوي (٢) الديانات، و إن رسول الله (ص) والأئمة من عترته خاصة لا يخفى عليهم بعد الوفاة أحوال شيعتهم في دار الدنيا بإعلام الله تعالى لهم ذلك حالا بعد حال، ويسمعون كلام المناجي لهم في مشاهدهم المكرمة العظام بلطيفة من لطائف الله تعالى بينهم (٣) بها من جمهور العباد (٤)، وتبلغهم المناجاة من بعد (٥) كما جاءت به الرواية (٦)، وهذا مذهب فقهاء الإمامية كافة وحملة الآثار منهم، ولست أعرف
٣ – ينبئهم.
٤ – من جهة جمهور ألف و ب ود.
٥ – من بعيد ز والصحيح ما في المتن بضم الباء وسكون العين (بعد) وإن صح بعيد أيضا.
٦ – به الكافة.
٥٠ – القول في رؤية المحتضرين رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع)
عند الوفاة
هذا باب قد أجمع عليه أهل الإمامة، وتواتر الخبر به عن الصادقين من
٣ – بلغته سلامه على ب و ج و هـ و ز.
٤ – واردة نصا ألف.
٥ – وكتب أوردوها ألف.
٥١ – القول في رؤية المحتضر الملائكة
والقول عندي في ذلك كالقول في رؤيته لرسول الله وأمير المؤمنين (ع)، و جائز أن يراهم ببصره بأن يزيد الله تعالى في شعاعه (١) ما يدرك به أجسامهم الشفافة الرقيقة، ولا يجوز مثل ذلك في رسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع) لاختلاف بين أجسامهما وأجسام الملائكة في التركيبات، وهذا مذهب جماعة من متكلمي الإمامية ومن المعتزلة البلخي وجماعة من أهل بغداد.
٥٢ – القول في أحوال المكلفين من رعايا الأئمة (ع) بعد الوفاة
أقول: إنهم أربع طبقات: طبقة يحييهم الله ويسكنهم مع أوليائهم في الجنان، وطبقة يحيون ويلحقون بأئمتهم في محل الهوان، وطبقة أقف فيهم و أجوز حياتهم وأجوز كونهم على حال الأموات، وطبقة لا يحيون بعد الموت حتى النشور والمآب.
فأما الطبقة المنعمة فهم المستبصرون في المعارف المتمحصون للطاعات، وأما المعذبة (٢) فهم المعاندون للحق المسرفون في اقتراف السيئات، وأما المشكوك في حياتهم وبقائهم مع الأموات فهم الفاسقون من أهل المعرفة والصلاة الذين اقترفوا الآثام على التحريم لها للشهوة دون العناد والاستحلال، وسوفوا التوبة منها فاخترموا دون ذلك فهؤلاء جائز من الله – عز وجل اسمه – رفع الموت عنهم لتعذيبهم في البرزخ على ما اكتسبوه من الأجرام وتطهيرهم بذلك منها قبل
٥٣ – القول في نزول الملكين على أصحاب القبور
ومساءلتهما عن الاعتقاد
وأقول: إن ذلك صحيح وعليه إجماع الشيعة وأصحاب الحديث، و تفسير مجمله أن الله تعالى ينزل على من يريد تنعيمه بعد الموت ملكين اسمهما (مبشر) و (بشير) فيسألان عن ربه – جلت عظمته – وعن نبيه ووليه فيجيبهما بالحق الذي فارق الدنيا على اعتقاده والصواب، ويكون الغرض في مساءلتهما استخراج العلامة بما يستحقه من النعيم فيجدانها (٣) منه في الجواب.
وينزل – جل جلاله – على من يريد تعذيبه في البرزخ ملكين اسماهما (ناكر) و (نكير) فيوكلهما بعذابه، ويكون الغرض من مساءلتهما له استخراج علامة استحقاقه من العذاب بما يظهر من جوابه من التلجلج عن الحق أو الخبر عن سوء
٣ – فيرداها ألف و ب.
٥٤ – القول في تنعيم (١) أصحاب القبور وتعذيبهم، وعلى أي شئ
يكون الثواب لهم والعقاب، ومن أي وجه يصل إليهم ذلك،
وكيف تكون صورهم في تلك الأحوال؟
وأقول: إن الله تعالى يجعل لهم أجساما كأجسامهم في دار الدنيا ينعم مؤمنيهم فيها ويعذب كفارهم فيها وفساقهم فيها، دون أجسامهم التي في القبور يشاهدها الناظرون تتفرق وتندرس وتبلى على مرور الأوقات وينالهم ذلك في غير أماكنهم من القبور، وهذا يستمر على مذهبي في النفس ومعنى الانسان المكلف عندي هو الشئ المحدث القائم بنفسه الخارج عن صفات الجواهر والأعراض، ومعي به روايات عن الصادقين من آل محمد (ص)، و لست أعرف لمتكلم من الإمامية قبلي فيه مذهبا فأحكيه، ولا أعلم بيني وبين فقهاء الإمامية وأصحاب الحديث فيه اختلافا.
٥٥ – القول في الرجعة
وأقول: إن الله – تعالى – يرد قوما من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي
٥٦ – القول في الحساب وولاته والصراط والميزان
وأقول: إن الحساب هو موافقة العبد على ما أمر به في دار الدنيا وإنه يختص بأصحاب المعاصي من أهل الإيمان، وأما الكفار فحسابهم جزاؤهم
٣ – كلمة (ظلمه) سقطت من نسخة ب.
٤ – كلمة (القرآن) سقطت من ألف و ب.
(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) يعني الأئمة (ع) على ما جاء في التفسير الذي لا شك في صحته ولا ارتياب.
وأقول: إن الصراط جسر بين الجنة والنار تثبت عليه أقدام المؤمنين وتزل عنه أقدام الكفار إلى النار، وبذلك جاءت أيضا الأخبار. وأما الميزان فهو التعديل بين الأعمال والمستحق عليها، والمعدلون في الحكم إذ ذاك هم ولاة الحساب من أئمة آل محمد (ص)، وعلى هذا القول إجماع نقلة الحديث من أهل الإمامة، وأما متكلموهم (١) من قبل فلم أسمع لهم في شئ منه كلاما.
٥٧ – القول في الشفاعة
وأقول: إن رسول الله (ص) يشفع يوم القيامة في مذنبي أمته من الشيعة خاصة فيشفعه الله – عز وجل – ويشفع أمير المؤمنين (ع) في عصاه شيعته فيشفعه الله – عز وجل – وتشفع الأئمة (ع) في مثل ما ذكرناه من شيعتهم فيشفعهم و يشفع المؤمن البر لصديقه المؤمن المذنب فتنفعه شفاعته ويشفعه الله، وعلى هذا القول إجماع الإمامية إلا من شذ منهم، وقد نطق به القرآن وتظاهرت به