٩٧ – القول في الخلا والملا
وأقول: إن العالم مملو من الجواهر (١) وإنه لا خلا فيه ولو كان فيه خلا لما صح فرق بين المجتمع والمتفرق من الجواهر والأجسام، وهو مذهب أبي القاسم خاصة من البغداديين ومذهب أكثر القدماء من المتكلمين ويخالف فيه الجبائي وابنه وجماعة من متكلمي الحشوية وأهل الجبر والتشبيه.
٩٨ – القول في المكان
وأقول: إن المكان، ما أحاط بالشئ من جميع جهاته وإنه (٢) لا يصح تحرك الجواهر إلا في الأماكن وهو مذهب أبي القاسم وغيره من البغداديين وجماعة من قدماء المتكلمين، ويخالف فيه الجبائي وابنه وبنو نوبخت والمنتمون إلى الكلام من أهل الجبر والتشبيه.
٩٩ – القول في الوقت والزمان
وأقول: إن الوقت هو ما جعله الموقت وقتا للشئ وليس بحادث
١٠٠ – القول في الطباع
وأقول: إن الطباع معان تحل الجواهر يتهيأ (٣) بها المحل للانفعال كالبصر و ما فيه من الطبيعة التي بها يتهيأ لحلول الحس فيه والادراك، وكالسمع والأنف السليم واللهوات، وكوجوده في النار التي تحرق به ومن أجله (٤) أمكن بها الاحراق، والأمر في ذلك وما أشبهه واضح الظهور والبيان.
فصل – وأقول: إن ما يتولد بالطبع فإنما هو لمسببه بالفعل في المطبوع، و إنه لا فعل على الحقيقة لشئ من الطباع، وهذا مذهب أبي القاسم الكعبي و هو خلاف مذهب المعتزلة في الطباع وخلاف الفلاسفة الملحدين أيضا فيما ذهبوا إليه من أفعال الطباع، وأباه الجبائي وابنه وأهل الحشو وأصحاب المخلوق والاجبار (٥).
٣ – بهيئاتها ألف و ب و ج.
٤ – في نسخة ألف و ب ود (ما أمكن) ولا ريب في فساد المعنى لو جعلنا ما نافية فهي إما مصدرية أو موصولة أو زائدة على فرض وجودها.
٥ – الأخبار ألف و ب.
١٠١ – القول في تركب الأجسام من الطبائع
واستحالتها (١) إلى العناصر والاسطقسات
وقد ذهب كثير من الموحدين إلى أن الأجسام كلها مركبة من الطبايع الأربع وهي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة، واحتجوا في ذلك بانحلال كل جسم إليها وبما يشاهدونه من استحالتها كاستحالة الماء بخارا والبخار ماء والموات حيوانا والحيوان مواتا، وبوجود النارية والمائية والهوائية والترابية في كل جسم، وأنه لا ينفك جسم من الأجسام من ذلك، ولا يعقل على خلافه، ولا ينحل إلا إليه. وهذا ظاهر مكشوف ولست أجد لدفعه حجة اعتمدها ولا أراه (٢) مفسدا لشئ من التوحيد والعدل والوعد والوعيد أو النبوات أو الشرائع فاطرحه لذلك، بل هو مؤيد للدين مؤكد لأدلة الله تعالى على ربوبيته وحكمته وتوحيده. وممن دان به من رؤساء المتكلمين النظام، وذهب إليه البلخي ومن اتبعه في المقال.
١٠٢ – القول في الإرادة وإيجابها
وأقول: إن الإرادة التي هي قصد لإيجاد أحد الضدين الخاطرين ببال المريد موجبة لمرادها، وإنه محال وجودها وارتفاع المراد بعدها بلا فصل إلا أن
١٠٣ – القول في التولد
وأقول: إن من أفعال القادر ما يقع متولدا بأسباب يفعلها على الابتداء من غير توليد لها كالضارب لغيره فضربه متولد عن اعتماداته (٢) وحركاته وإيلامه للمضروب متولد عن ضربه إياه، وكالرامي لغرضه وغيره من الأجسام، وكالمعتمد بلسانه في لهواته فيولد بذلك أصواتا وكلاما وما أشبه ذلك.
فالمبتدأ من الأحوال لا يكون متولدا. والمسبب عن المبتدأ نحو ما ذكرناه يكون متولدا عن فعل صاحب السبب. وهذا مذهب أهل العدل كافة سوى النظام و من وافقه في نفي التولد من أهل القدر والإجبار.
١٠٤ – القول في الفرق بين الموجب والمتولد
وأقول: إن كل متولد فهو موجب وليس كل موجب فهو متولد، والفرق بينهما إن الموجب الذي ليس بمتولد هو ما ولى الإرادة بلا فصل بينهما من فعل المريد، والموجب المتولد هو ما ولي الذي يلي الإرادة من الأفعال، وهذا مذهب
١٠٥ – القول في أنواع المولدات والمتولدات من الأفعال
وأقول: إن الاعتمادات والحركات والمماسات والمتباينات والنظر والاعتقادات والعلوم واللذات والآلام جميع ذلك يولد أمثاله وخلافه وليس واحد مما ذكرناه بالتوليد أخص من غيره مما سميناه.
وأقول، إن الفاعل قد يولد في غيره علما بأشياء إذا فعل به أسباب تلك العلوم كالذي يصيح بالساهي فيفعل به علما بالصيحة متولدا عن الصيحة به بدلالة أنه لا يصح امتناعه من العلم بذلك مع سماع ما بدهه من الصياح، وكالضارب لغيره المولد بضربه ألما فيه فإنه يولد فيه علما بالألم والضرب لاستحالة فقد علمه بالألم في حاله، وقد يولد الانسان في غيره غما وسرورا و حزنا وخوفا بما يورده عليه مما لا يمتنع معه من الغم والمسرة والجزع والخوف، و لا يصح امتناعه منه على كل حال وأشباه ذلك مما يطول بذكره الكلام. وهذا مذهب كثير من بغدادية المعتزلة وإليه ذهب أبو القاسم البلخي وخالف في كثير منه الجبائي وابنه وأنكر جملته النظام والمجبرة.
٣ – اعتماد آلة ج.
١٠٦ – القول في أن الأمر بالسبب هل هو أمر بالمسبب أم لا؟
وأقول: إن الأمر بالسبب أمر بالمسبب ما لم يمنع (١) الأمر من المسبب أو يعلم أن صاحب السبب سيمنع من المسبب. فأما الأمر بالمسبب فهو مقتض (٢) للأمر بالسبب لا محالة بل هو أمر به في المعنى (٣) وإن لم يكن كذلك في اللفظ، ولست أعرف بين من أثبت التولد في هذا الباب خلافا.
١٠٧ – القول في أفعال الله تعالى وهل فيها متولدات أم لا؟
وأقول: إن في كثير من أفعال الله تعالى مسببات، وأمتنع من إطلاق لفظ الوصف عليها بأنها متولدات وإن كانت في المعنى كذلك لأنني أتبع فيما أطلقه في صفات الله تعالى وصفات أفعاله الشرع (٤) ولا ابتدع. وقد أطلق المسلمون على كثير من أفعال الله تعالى أنها أسباب ومسببات، ولم أجدهم يطلقون عليها لفظ المتولد، ومن أطلقه منهم فلم يتبع فيه حجة في القول، ولا لجأ فيه إلى كتاب ولا سنة ولا إجماع، وهذا مذهب اختص به لما ذكرت من الاستدلال ولدلائل آخر ليس هنا موضع ذكرها.
فأما قولي في الأسباب فهو مذهب جماعة من البغداديين ومذهب أبي القاسم على قرب وأبي علي، وإنما خالف فيه أبو هاشم بن أبي علي خاصة
٣ – بالمعنى ألف و ب.
٤ – كلمة الشرع سقطت عن أكثر النسخ والعبارة تصح بدونها ومعها أصح.
١٠٨ – القول في الشهوة
وأقول: إن الشهوة عبارة عن معنيين: أحدهما الطبع المختص بالحيوان الداعي له إلى ما يلائمه من جهة (١) اللذات. والمعنى الآخر ميل الطبع إلى الأعيان على التفصيل من جملة اللذات. فأما الأول فهو من فعل الله – سبحانه وتعالى – لا محالة ولا شك فيه ولا ارتياب، لأن الحيوان لا يملكه ولا له فيه اختيار. وأما الثاني فهو من فعل الحيوان بدلائل يطول بشرحها الكلام، وهذا مذهب جمهور البغداديين، والبصريون باتحاد (٢) الموجود أو الممنوع من وجوده و ذلك محال، وكذلك النهي إذ هو نقيض الأمر وهذا مذهب كافة أهل العدل إلا من لا يعبأ به منهم والمجبرة على خلافهم فيه.
١٠٩ – القول في البدل
وأقول: إن الكفر قد كان يجوز أن يكون في وقت الإيمان بدلا منه، و
١١٠ – القول في خلق ما لا عبرة به ولا صلاح فيه
وأقول: إن خلق ما لا عبرة به لأحد من المكلفين ولا صلاح فيه لأحد من المخلوقين عبث لا يجوز على الله تعالى، وهذا مذهب أهل العدل، وقد ذهب إلى خلافه جميع أهل الجبر، واشتبه على كثير من الناس فيه خلق ما في قعور البحار وقلل الجبال وبواطن الحيوان مما لا يحسه أحد من البشر، فذهب عليهم وجه الانتفاع به وانسد عليهم طريق الاعتبار بمشاهدته فخالفوا أهل الحق فيما
٣ – فليس ب.
١١١ – القول في الألم واللذة إذا استويا في اللطف والصلاح
وأقول: إنه لو استوى فعل الألم بالحيوان واللذة له في ألطاف المكلفين و مصالحهم الدينية لما جاز من الحكيم سبحانه أن يفعل الألم دون اللذة إذ لا داعي كان يكون إلى فعله حينئذ إلا العوض (٥) عليه، والقديم سبحانه قادر على مثل العوض تفضلا، وكان الأولى في جوده (٦) ورأفته أن يفعل اللذة لشرفها على الألم ولا يفعل الألم وقد ساوى ما هو أشرف منه في المصلحة. وهذا مذهب
٣ – يستحيل.
٤ – ويوحده ما خلقه ألف.
٥ – المعوض د.
٦ – في وجوده ألف.
١١٢ – القول في علم الله تعالى أن العبد يؤمن إن أبقاه بعد كفره،
أو يتوب إن أبقاه من فسقه، أيجوز أن يخترمه دون ذلك أم لا؟
وأقول: إن ذلك غير جايز فيمن لم ينقض توبته ويرجع في كفر بعد تركه، وجايز بعد الامهال فيمن انظر فعاد إلى العصيان، لأنه لو وجب ذلك دائما أبدا لخرج عن الحكمة إلى العبث ولم يكن (١) للتكليف أجر، وهذا مذهب أبي القاسم الكعبي وجماعة كثيرة من أصحاب الأصلح، ويخالف فيه البصريون من المعتزلة ومانعوا اللطف منهم وساير المجبرة.
١١٣ – القول في الألم للمصلحة دون العوض
وأقول: إن العوض على الألم لمن يستصلح به غيره مستحق على الله تعالى في العدل وإن كان واجبا في وجوده لمن يجوز أن يفعله به من المؤمنين.
فأما ما يستصلح به غير المؤمنين من الآلام فلا بد من التعويض له عليه وإلا كان ظلما، ولهذا قلت: (إن إيلام الكافر لا يستحق عليه عوضا لأنه لا يقع إلا عقابا له واستصلاحا له في نفسه وإن جاز أن يصلح به غيره). وهذا مذهب من نفى الاحباط من أهل العدل والإرجاء وعلى خلافه البغداديون من المعتزلة و البصريون وساير المجبرة. وقد جمعت فيه بين أصول يختص بي جمعها دون
١١٤ – القول في تعويض البهائم واقتصاص بعضها من بعض
وأقول: إنه واجب في جود الله تعالى وكرمه تعويض البهائم على ما أصابها من الآلام في دار الدنيا سواء كان ذلك الألم من فعله – جل اسمه – أم من فعل غيره لأنه إنما خلقها (٢) لمنفعتها فلو حرمها العوض على ألمها لكان قد خلقها لمضرتها، والله يجل عن خلق شئ لمضرته وإيلامه لغير نفع يوصله إليه، لأن ذلك لا يقع إلا من سفيه ظالم، والله سبحانه عدل كريم حكيم عالم.
فأما الاقتصاص منها فغير جايز لأنها غير مكلفة ولا مأمورة ولا عالمة (٣) بقبح القبيح، والقصاص ضرب من العقوبة وليس بحكيم (٤) من عاقب غير مكلف ولا منته (٥) عن فعل القبيح. ولو جاز الاقتصاص من بعضها لبعض لجاز عقابها على جناياتها على بعض ولوجب ثوابها على إحسانها إلى ما أحسنت إليه من بعض وذلك كله محال. وهذا مذهب كثير من أهل العدل وقد خالف فيه بعضهم و جماعة ممن سواهم.
٣ – علة القبح ألف.
٤ – بحكم ج نسخه ب ل د.
٥ – منهى د وألف وب.
١١٥ – القول في نعيم أهل الجنة أهو تفضل أو ثواب؟
وأقول: إن نعيم أهل الجنة على ضربين: فضرب منه تفضل محض لا يتضمن شيئا من الثواب، والضرب الآخر تفضل من جهة وثواب من أخرى. وليس في نعيم أهل الجنة ثواب وليس بتفضل على شئ من الوجوه، فأما التفضل منه المحض فهو ما يتنعم به الأطفال والبله والبهائم، إذ ليس لهؤلاء أعمال كلفوها، فوجب من الحكمة إثابتهم عليها. وأما الضرب الآخر (١) فهو تنعيم المكلفين وإنما كان تفضلا عليهم لأنهم لو منعوها ما كانوا مظلومين (٢)، إذ ما سلف لله تعالى عندهم من نعمه وفضله وإحسانه يوجب (٣) عليهم أداء شكره وطاعته وترك معصيته، فلو لم يثبهم بعد العمل ولا ينعمهم (٤) لما كان لهم ظالما فلذلك كان ثوابه لهم تفضلا. وأما كونه ثوابا فلأن أعمالهم أوجبت في جود (٥) الله تعالى وكرمه تنعمهم وأعقبتهم الثواب وأثمرته لهم فصار ثوابا من هذه الجهة وإن كان تفضلا من جهة ما ذكرناه، وهذا مذهب كثير من أهل العدل من المعتزلة والشيعة، ويخالف فيه البصريون من المعتزلة والجهمية ومن اتبعهم من المجبرة.
٣ – فوجب ألف.
٤ – نعمهم ألف و ب و ج وز.
٥ – وجود د.
١١٦ – القول في ثواب الدنيا وعقابها وتعجيل المجازاة فيها
وأقول: إن الله تعالى – جل اسمه – يثيب بعض خلقه على طاعتهم في الدنيا ببعض مستحقهم من الثواب، ولا يصح أن يوفيهم أجورهم فيها لما يجب من إدامة جزاء المطيعين، وقد يعاقب بعض خلقه في الدنيا على معاصيهم فيها ببعض مستحقهم على خلافهم له وبجميعه أيضا، لأنه ليس كل معصية له يستحق عليها عذابا دائما كما ذكرنا في الطاعات، وقد قال الله. تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب). وقال: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال و بنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا)، فوعدهم بضروب من الخيرات في الدنيا على الأعمال الصالحات. وقال في بعض من عصاه: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيمة أعمى). وقال في آخرين منهم: (لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى)، (لهم عذاب في الحياة الدنيا لعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق). وجاء الخبر مستفيضا عن النبي (ص) أنه قال: (حمى يوم كفارة ذنوب سنة)، وقال: ( صلة الرحم منسأة في الأجل (. وهذا مذهب جماعة من أهل العدل وتفصيله على ما ذكرت في تعجيل بعض الثواب وكل العقاب وبعضه مذهب جمهور الشيعة وكثير من المرجئة.
١١٧ – القول في الاختيار للشئ وهل هو إرادة له؟
وأقول: إن الإرادة للشئ هو اختياره، واختياره هو إرادته وإيثاره. وقد
١١٨ – القول في الإرادة التي هي تقرب؟
وأقول: (١)، إن الإرادة التي هي تقرب كغيرها من الإرادات المتقدمة للأفعال، وليس يصح مجامعتها للفعل لأنه لا يخرج إلى الوجود إلا وهو تقرب، ومحال تعلق الإرادة بالموجود أو الإرادة له بأن يكون تقربا وقد حصل كذلك، وأما كونها هي تقربا فلأن مرادها كذلك وحكم الإرادة في الحسن و القبح والقرب والبعد حكم المراد. وهذا مذهب أكثر أهل العدل والبصريون من المعتزلة يخالفونه وكذلك أهل الاجبار.
١١٩ – القول في الإرادة هل هي مرادة بنفسها أم بإرادة غيرها
أم ليس يحتاج إلى إرادة؟
وأقول: إن الإرادة لا تحتاج إلى إرادة لأنها لو احتاجت إلى ذلك لما خرجت إلى الوجود إلا بخروج ما لا أول له من الإرادات وهذا محال بين الفساد. و ليس يصح أن تراد بنفسها لأن من شأن الإرادة أن يتقدم مرادها فلو وجب أو جاز
(اللهم ارزقني الجهاد وأرزقني صوم شهر رمضان) وإنما مراده من ذلك المعونة على الجهاد والصيام، وهذا مذهب أهل العدل كافة وإنما خالف فيه أهل القدر والاجبار.
١٢١ – القول في النصر والخذلان
وأقول: إن النصر من الله تعالى يكون على ضربين: أحدهما إقامة الحجة وإيضاح البرهان على قول المحق، وذلك أوكد الألطاف في الدعاء إلى اتباع المحق، وهو النصر الحقيقي قال الله تعالى: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة
٣ – أوجب ألف.
٤ – فتتعلق ألف.
١٢٢ – القول في الطبع والختم
وأقول: إن الطبع من الله تعالى على القلوب والختم بمعنى واحد وهو الشهادة عليها بأنها لا تعي الذكر مختارة ولا تعتمد على الهدى مؤثرة لذلك غير مضطرة، وذلك معروف (٢) في اللسان، ألا ترى إلى قولهم: (ختمت على فلان
١٢٣ – القول في الولاية والعداوة
وأقول: إن ولاية العبد لله بخلاف ولاية الله سبحانه له وعداوته له بخلاف عداوته إياه. فأما ولاية العبد لله – عز وجل – فهي الانطواء على طاعته والاعتقاد بوجوب شكره وترك معصيته وذلك عندي لا يصح إلا بعد المعرفة به. وأما ولاية الله تعالى لعبده (٢) فهو إيجابه لثوابه ورضاه لفعله، وأما (٣) عداوة العبد لله سبحانه فهي كفره به وجحده لنعمه وإحسانه وارتكاب معاصيه على العناد لأمره والاستخفا لنهيه، وليس يكون منه شئ من ذلك إلا مع الجهل به. وأما عداوة الله تعالى للعبد فهي إيجاب دوام العقاب له و إسقاط استحقاق الثواب على شئ من أفعاله والحكم بلعنته والبراءة منه ومن أفعاله.
٣ – كلمة وأما سقطت عن بعض النسخ.
١٢٤ – القول في التقية
وأقول: إن التقية جائزة في الدين عند الخوف على النفس، وقد تجوز في حال دون حال للخوف على المال ولضروب من الاستصلاح، وأقول إنها قد تجب أحيانا وتكون فرضا، وتجوز أحيانا من غير وجوب، وتكون في وقت أفضل من تركها ويكون تركها أفضل وإن كان فاعلها معذورا ومعفوا عنه متفضلا عليه بترك اللوم عليها.
فصل (٣) – وأقول، إنها جائزة في الأقوال كلها عند الضرورة وربما وجبت فيها لضرب من اللطف والاستصلاح، وليس يجوز من الأفعال في قتل المؤمنين ولا فيما يعلم أو يغلب إنه استفساد في الدين. وهذا مذهب يخرج عن أصول
٣ – كلمة فصل سقطت عن ب ومكانه بياض.
١٢٥ – القول في الاسم والمسمى
وأقول: إن الاسم غير المسمى كما تقدم من القول في الصفة وأنها في الحقيقة غير الموصوف وهذا مذهب يشترك فيه الشيعة والمعتزلة جميعا و يخالفهم في معناه العامة والمجبرة من أهل التشبيه.
١٢٦ – القول في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وأقول: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان فرض على الكفاية بشرط الحاجة إليه لقيام الحجة على من لا علم لديه إلا بذكره، أو حصول العلم بالمصلحة به، أو غلبة الظن بذلك فأما بسط اليد فيه فهو متعلق بالسلطان و إيجابه على من يندبه له وإذنه فيه، ولن يجوز تغيير (١) هذا الشرط المذكور. و هذا مذهب متفرع على القول بالعدل والإمامة دون ما عداهما.
١٢٧ – القول فيمن قضى فرضا بمال حرام هل يسقط بذلك عنه أم لا؟
وأقول: (إن فرائض الله تعالى غير مجزية لمن ارتكب نهيه في حدودها لأنها إنما تكون مؤداة (٢) بامتثال أمره فيها على الوجه الذي يستحق الثواب