الرئيسية / بحوث اسلامية / أوائل المقالات في المذاهب والمختارات – للشيخ المفيد

أوائل المقالات في المذاهب والمختارات – للشيخ المفيد

أوائل المقالات في المذاهب والمختارات / الصفحات: ١٠١ – ١٢٠

وعلة سكونها أنها في المركز، وهو مذهب أبي القاسم وأكثر القدماء والمنجمين، وقد خالف فيه الجبائي وابنه وجماعة غيرهما من أهل الآراء والمذاهب من المقلدة والمتكلمين. 

٩٧ – القول في الخلا والملا

وأقول: إن العالم مملو من الجواهر (١) وإنه لا خلا فيه ولو كان فيه خلا لما صح فرق بين المجتمع والمتفرق من الجواهر والأجسام، وهو مذهب أبي القاسم خاصة من البغداديين ومذهب أكثر القدماء من المتكلمين ويخالف فيه الجبائي وابنه وجماعة من متكلمي الحشوية وأهل الجبر والتشبيه.

 

٩٨ – القول في المكان

وأقول: إن المكان، ما أحاط بالشئ من جميع جهاته وإنه (٢) لا يصح تحرك الجواهر إلا في الأماكن وهو مذهب أبي القاسم وغيره من البغداديين وجماعة من قدماء المتكلمين، ويخالف فيه الجبائي وابنه وبنو نوبخت والمنتمون إلى الكلام من أهل الجبر والتشبيه.

 

٩٩ – القول في الوقت والزمان

وأقول: إن الوقت هو ما جعله الموقت وقتا للشئ وليس بحادث

 

١ – الجواهر والأجسام ب.٢ – فلأنه.

 

١٠١
مخصوص، والزمان اسم يقع على حركات (١) الفلك فلذلك لم يكن الفلك (٢) محتاجا في وجوده إلى وقت ولا زمان وعلى هذا القول ساير الموحدين. 

١٠٠ – القول في الطباع

وأقول: إن الطباع معان تحل الجواهر يتهيأ (٣) بها المحل للانفعال كالبصر و ما فيه من الطبيعة التي بها يتهيأ لحلول الحس فيه والادراك، وكالسمع والأنف السليم واللهوات، وكوجوده في النار التي تحرق به ومن أجله (٤) أمكن بها الاحراق، والأمر في ذلك وما أشبهه واضح الظهور والبيان.

فصل – وأقول: إن ما يتولد بالطبع فإنما هو لمسببه بالفعل في المطبوع، و إنه لا فعل على الحقيقة لشئ من الطباع، وهذا مذهب أبي القاسم الكعبي و هو خلاف مذهب المعتزلة في الطباع وخلاف الفلاسفة الملحدين أيضا فيما ذهبوا إليه من أفعال الطباع، وأباه الجبائي وابنه وأهل الحشو وأصحاب المخلوق والاجبار (٥).

 

 

١ – حركة ز.٢ – الفعل ألف.

٣ – بهيئاتها ألف و ب و ج.

٤ – في نسخة ألف و ب ود (ما أمكن) ولا ريب في فساد المعنى لو جعلنا ما نافية فهي إما مصدرية أو موصولة أو زائدة على فرض وجودها.

٥ – الأخبار ألف و ب.

 

١٠٢

١٠١ – القول في تركب الأجسام من الطبائع
واستحالتها (١) إلى العناصر والاسطقسات

وقد ذهب كثير من الموحدين إلى أن الأجسام كلها مركبة من الطبايع الأربع وهي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة، واحتجوا في ذلك بانحلال كل جسم إليها وبما يشاهدونه من استحالتها كاستحالة الماء بخارا والبخار ماء والموات حيوانا والحيوان مواتا، وبوجود النارية والمائية والهوائية والترابية في كل جسم، وأنه لا ينفك جسم من الأجسام من ذلك، ولا يعقل على خلافه، ولا ينحل إلا إليه. وهذا ظاهر مكشوف ولست أجد لدفعه حجة اعتمدها ولا أراه (٢) مفسدا لشئ من التوحيد والعدل والوعد والوعيد أو النبوات أو الشرائع فاطرحه لذلك، بل هو مؤيد للدين مؤكد لأدلة الله تعالى على ربوبيته وحكمته وتوحيده. وممن دان به من رؤساء المتكلمين النظام، وذهب إليه البلخي ومن اتبعه في المقال.

 

١٠٢ – القول في الإرادة وإيجابها

وأقول: إن الإرادة التي هي قصد لإيجاد أحد الضدين الخاطرين ببال المريد موجبة لمرادها، وإنه محال وجودها وارتفاع المراد بعدها بلا فصل إلا أن

 

١ – جملات (إلى العناصر والاسطقسات وقد ذهب كثير من الموحدين إلى أن الأجسام كلها مركبة من الطبايع الأربع وهي) سقطت من ب.٢ – مسندا ألف و ب ود.

 

١٠٣
يمنع من ذلك من جهة فعل (١) غير المريد، وهذا مذهب جعفر بن حرب و جماعة من متكلمي البغداديين وهو مذهب البلخي وعلى خلافه الجبائي وابنه والبصريين من المعتزلة والحشوية وأهل الاجبار. 

١٠٣ – القول في التولد

وأقول: إن من أفعال القادر ما يقع متولدا بأسباب يفعلها على الابتداء من غير توليد لها كالضارب لغيره فضربه متولد عن اعتماداته (٢) وحركاته وإيلامه للمضروب متولد عن ضربه إياه، وكالرامي لغرضه وغيره من الأجسام، وكالمعتمد بلسانه في لهواته فيولد بذلك أصواتا وكلاما وما أشبه ذلك.

فالمبتدأ من الأحوال لا يكون متولدا. والمسبب عن المبتدأ نحو ما ذكرناه يكون متولدا عن فعل صاحب السبب. وهذا مذهب أهل العدل كافة سوى النظام و من وافقه في نفي التولد من أهل القدر والإجبار.

 

١٠٤ – القول في الفرق بين الموجب والمتولد

وأقول: إن كل متولد فهو موجب وليس كل موجب فهو متولد، والفرق بينهما إن الموجب الذي ليس بمتولد هو ما ولى الإرادة بلا فصل بينهما من فعل المريد، والموجب المتولد هو ما ولي الذي يلي الإرادة من الأفعال، وهذا مذهب

 

١ – العبارة هنا مشوشة في النسخ الصحيح ما في المتن أو إحدى العبارتين الأولى (إلا أن يمنع من ذلك فعل غير المريد) الثانية (إلا أن يمنع من فعل المريد غير المريد).٢ – اعتماد آلة ج.

 

١٠٤
اختصرته أنا لقولي في المحدث الفعل الذي تسميه الفلاسفة النفس، والأصل فيه مذهب البلخي ومن ذهب إلى الجمع بين إيجاب الإرادة والتولد من متكلمي بغداد. 

١٠٥ – القول في أنواع المولدات والمتولدات من الأفعال

وأقول: إن الاعتمادات والحركات والمماسات والمتباينات والنظر والاعتقادات والعلوم واللذات والآلام جميع ذلك يولد أمثاله وخلافه وليس واحد مما ذكرناه بالتوليد أخص من غيره مما سميناه.

وأقول، إن الفاعل قد يولد في غيره علما بأشياء إذا فعل به أسباب تلك العلوم كالذي يصيح بالساهي فيفعل به علما بالصيحة متولدا عن الصيحة به بدلالة أنه لا يصح امتناعه من العلم بذلك مع سماع ما بدهه من الصياح، وكالضارب لغيره المولد بضربه ألما فيه فإنه يولد فيه علما بالألم والضرب لاستحالة فقد علمه بالألم في حاله، وقد يولد الانسان في غيره غما وسرورا و حزنا وخوفا بما يورده عليه مما لا يمتنع معه من الغم والمسرة والجزع والخوف، و لا يصح امتناعه منه على كل حال وأشباه ذلك مما يطول بذكره الكلام. وهذا مذهب كثير من بغدادية المعتزلة وإليه ذهب أبو القاسم البلخي وخالف في كثير منه الجبائي وابنه وأنكر جملته النظام والمجبرة.

 

 

١ – مسندا ألف و ب ود.٢ – العبارة هنا مشوشة في النسخ والصحيح ما في المتن أو إحدى العبارتين الأولى (إلا أن يمنع من ذلك فعل غير المريد) الثانية (إلا أن يمنع من فعل المريد غير المريد).

٣ – اعتماد آلة ج.

 

١٠٥

١٠٦ – القول في أن الأمر بالسبب هل هو أمر بالمسبب أم لا؟

وأقول: إن الأمر بالسبب أمر بالمسبب ما لم يمنع (١) الأمر من المسبب أو يعلم أن صاحب السبب سيمنع من المسبب. فأما الأمر بالمسبب فهو مقتض (٢) للأمر بالسبب لا محالة بل هو أمر به في المعنى (٣) وإن لم يكن كذلك في اللفظ، ولست أعرف بين من أثبت التولد في هذا الباب خلافا.

 

١٠٧ – القول في أفعال الله تعالى وهل فيها متولدات أم لا؟

وأقول: إن في كثير من أفعال الله تعالى مسببات، وأمتنع من إطلاق لفظ الوصف عليها بأنها متولدات وإن كانت في المعنى كذلك لأنني أتبع فيما أطلقه في صفات الله تعالى وصفات أفعاله الشرع (٤) ولا ابتدع. وقد أطلق المسلمون على كثير من أفعال الله تعالى أنها أسباب ومسببات، ولم أجدهم يطلقون عليها لفظ المتولد، ومن أطلقه منهم فلم يتبع فيه حجة في القول، ولا لجأ فيه إلى كتاب ولا سنة ولا إجماع، وهذا مذهب اختص به لما ذكرت من الاستدلال ولدلائل آخر ليس هنا موضع ذكرها.

فأما قولي في الأسباب فهو مذهب جماعة من البغداديين ومذهب أبي القاسم على قرب وأبي علي، وإنما خالف فيه أبو هاشم بن أبي علي خاصة

 

١ – ما لم يعلم ألف.٢ – المقتضى د.

٣ – بالمعنى ألف و ب.

٤ – كلمة الشرع سقطت عن أكثر النسخ والعبارة تصح بدونها ومعها أصح.

 

١٠٦
من بين أهل العدل. وقد قال الله – عز وجل – مما يشهد بصحته: (وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون). وقال: (ألم تر أن الله له أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا) وآي في القرآن تدل على هذا المعنى كثيرة. 

١٠٨ – القول في الشهوة

وأقول: إن الشهوة عبارة عن معنيين: أحدهما الطبع المختص بالحيوان الداعي له إلى ما يلائمه من جهة (١) اللذات. والمعنى الآخر ميل الطبع إلى الأعيان على التفصيل من جملة اللذات. فأما الأول فهو من فعل الله – سبحانه وتعالى – لا محالة ولا شك فيه ولا ارتياب، لأن الحيوان لا يملكه ولا له فيه اختيار. وأما الثاني فهو من فعل الحيوان بدلائل يطول بشرحها الكلام، وهذا مذهب جمهور البغداديين، والبصريون باتحاد (٢) الموجود أو الممنوع من وجوده و ذلك محال، وكذلك النهي إذ هو نقيض الأمر وهذا مذهب كافة أهل العدل إلا من لا يعبأ به منهم والمجبرة على خلافهم فيه.

 

١٠٩ – القول في البدل

وأقول: إن الكفر قد كان يجوز أن يكون في وقت الإيمان بدلا منه، و

 

١ – جملة.٢ – إيجاد د.

 

١٠٧
الإيمان قد كان يجوز أن يكون بدلا من الكفر في وقته، ولا أقول في حال الإيمان إن الكفر يجوز كونه فيه بدلا منه ولا الإيمان يجوز وجوده في حال الكفر بدلا منه، وذلك أن جواز الشئ هو تصحيحه وصحة إمكانه وارتفاع استحالته، والكفر مضاد للإيمان ووجود الضد محيل لجواز وجود ضده كما يحيل وجوده، فإذا قال القائل: (إن الكافر يجوز منه الإيمان الذي هو بدل من الكفر) تضمن ذلك جواز اجتماع الضدين، وإذا قال (قد كان يجوز) بتقدم لفظ (كان) على (يجوز) (١) لم يتضمن ذلك محالا.فأما القول بأنه يجوز من الكافر الإيمان في مستقبل (٢) أوقات الكفر، و يجوز من المؤمن الكفر كذلك وليس (٣) بمنكر لارتفاع التضاد والإحالة، وليس هذا القول هو الخلاف بيننا وبين المجبرة وإنما خلافهم لنا في الأول وعليه أهل العدل كما إن أهل الاجبار بأسرهم على خلافهم فيه.

 

١١٠ – القول في خلق ما لا عبرة به ولا صلاح فيه

وأقول: إن خلق ما لا عبرة به لأحد من المكلفين ولا صلاح فيه لأحد من المخلوقين عبث لا يجوز على الله تعالى، وهذا مذهب أهل العدل، وقد ذهب إلى خلافه جميع أهل الجبر، واشتبه على كثير من الناس فيه خلق ما في قعور البحار وقلل الجبال وبواطن الحيوان مما لا يحسه أحد من البشر، فذهب عليهم وجه الانتفاع به وانسد عليهم طريق الاعتبار بمشاهدته فخالفوا أهل الحق فيما

 

١ – الجواز د وز.٢ – المستقبل د و هـ.

٣ – فليس ب.

 

١٠٨
ذكرناه، وليس الأمر في هذا الباب على ما توهموه، وذلك أن البشر وإن لم يحسوا كثيرا مما وصفوه فإن الجن والملائكة يحسونه فيعتبرون به وما لا يقع عليه من جميع ذلك حس ذي حاسة فهو نفع (١) لبعض ما يعتبر به (٢) من الحيوان أو مستحيل (٣) من طبائع ما لا بد من وجوده في ألطاف العباد، وليس علينا في صحة هذه القضية أكثر من إقامة الدلالة على أن الله تعالى الغني الكريم الحكيم لا يخلق شيئا لنفسه، وإنما خلق ما يخترعه لغيره ولو (٤) خلا ما خلقه من منفعة غيره مع قيام البرهان على أن صانعه – جلت عظمته – لا ينتفع به لكان عبثا لا معنى له، والله يجل عن فعل العبث علوا كبيرا. 

١١١ – القول في الألم واللذة إذا استويا في اللطف والصلاح

وأقول: إنه لو استوى فعل الألم بالحيوان واللذة له في ألطاف المكلفين و مصالحهم الدينية لما جاز من الحكيم سبحانه أن يفعل الألم دون اللذة إذ لا داعي كان يكون إلى فعله حينئذ إلا العوض (٥) عليه، والقديم سبحانه قادر على مثل العوض تفضلا، وكان الأولى في جوده (٦) ورأفته أن يفعل اللذة لشرفها على الألم ولا يفعل الألم وقد ساوى ما هو أشرف منه في المصلحة. وهذا مذهب

 

١ – يقع ألف.٢ – يعتريه ألف.

٣ – يستحيل.

٤ – ويوحده ما خلقه ألف.

٥ – المعوض د.

٦ – في وجوده ألف.

 

١٠٩
كثير من أهل العدل وقد خالف منهم فيه فريق والمجبرة بأسرهم على خلافه. 

١١٢ – القول في علم الله تعالى أن العبد يؤمن إن أبقاه بعد كفره،
أو يتوب إن أبقاه من فسقه، أيجوز أن يخترمه دون ذلك أم لا؟

وأقول: إن ذلك غير جايز فيمن لم ينقض توبته ويرجع في كفر بعد تركه، وجايز بعد الامهال فيمن انظر فعاد إلى العصيان، لأنه لو وجب ذلك دائما أبدا لخرج عن الحكمة إلى العبث ولم يكن (١) للتكليف أجر، وهذا مذهب أبي القاسم الكعبي وجماعة كثيرة من أصحاب الأصلح، ويخالف فيه البصريون من المعتزلة ومانعوا اللطف منهم وساير المجبرة.

 

١١٣ – القول في الألم للمصلحة دون العوض

وأقول: إن العوض على الألم لمن يستصلح به غيره مستحق على الله تعالى في العدل وإن كان واجبا في وجوده لمن يجوز أن يفعله به من المؤمنين.

فأما ما يستصلح به غير المؤمنين من الآلام فلا بد من التعويض له عليه وإلا كان ظلما، ولهذا قلت: (إن إيلام الكافر لا يستحق عليه عوضا لأنه لا يقع إلا عقابا له واستصلاحا له في نفسه وإن جاز أن يصلح به غيره). وهذا مذهب من نفى الاحباط من أهل العدل والإرجاء وعلى خلافه البغداديون من المعتزلة و البصريون وساير المجبرة. وقد جمعت فيه بين أصول يختص بي جمعها دون

 

١ – ولو لم يكن للمكلف أجر ألف و. 

١١٠
من وافقني في العدل والإرجاء بما كشف لي (١) النظر عن صحته ولم يوحشني من خالف فيه إذ بالحجة لي أتم أنس ولا وحشة من حق والحمد لله. 

١١٤ – القول في تعويض البهائم واقتصاص بعضها من بعض

وأقول: إنه واجب في جود الله تعالى وكرمه تعويض البهائم على ما أصابها من الآلام في دار الدنيا سواء كان ذلك الألم من فعله – جل اسمه – أم من فعل غيره لأنه إنما خلقها (٢) لمنفعتها فلو حرمها العوض على ألمها لكان قد خلقها لمضرتها، والله يجل عن خلق شئ لمضرته وإيلامه لغير نفع يوصله إليه، لأن ذلك لا يقع إلا من سفيه ظالم، والله سبحانه عدل كريم حكيم عالم.

فأما الاقتصاص منها فغير جايز لأنها غير مكلفة ولا مأمورة ولا عالمة (٣) بقبح القبيح، والقصاص ضرب من العقوبة وليس بحكيم (٤) من عاقب غير مكلف ولا منته (٥) عن فعل القبيح. ولو جاز الاقتصاص من بعضها لبعض لجاز عقابها على جناياتها على بعض ولوجب ثوابها على إحسانها إلى ما أحسنت إليه من بعض وذلك كله محال. وهذا مذهب كثير من أهل العدل وقد خالف فيه بعضهم و جماعة ممن سواهم.

 

 

١ – في النظر د.٢ – جعلها ب.

٣ – علة القبح ألف.

٤ – بحكم ج نسخه ب ل د.

٥ – منهى د وألف وب.

 

١١١

١١٥ – القول في نعيم أهل الجنة أهو تفضل أو ثواب؟

وأقول: إن نعيم أهل الجنة على ضربين: فضرب منه تفضل محض لا يتضمن شيئا من الثواب، والضرب الآخر تفضل من جهة وثواب من أخرى. وليس في نعيم أهل الجنة ثواب وليس بتفضل على شئ من الوجوه، فأما التفضل منه المحض فهو ما يتنعم به الأطفال والبله والبهائم، إذ ليس لهؤلاء أعمال كلفوها، فوجب من الحكمة إثابتهم عليها. وأما الضرب الآخر (١) فهو تنعيم المكلفين وإنما كان تفضلا عليهم لأنهم لو منعوها ما كانوا مظلومين (٢)، إذ ما سلف لله تعالى عندهم من نعمه وفضله وإحسانه يوجب (٣) عليهم أداء شكره وطاعته وترك معصيته، فلو لم يثبهم بعد العمل ولا ينعمهم (٤) لما كان لهم ظالما فلذلك كان ثوابه لهم تفضلا. وأما كونه ثوابا فلأن أعمالهم أوجبت في جود (٥) الله تعالى وكرمه تنعمهم وأعقبتهم الثواب وأثمرته لهم فصار ثوابا من هذه الجهة وإن كان تفضلا من جهة ما ذكرناه، وهذا مذهب كثير من أهل العدل من المعتزلة والشيعة، ويخالف فيه البصريون من المعتزلة والجهمية ومن اتبعهم من المجبرة.

 

 

١ – الثاني ألف.٢ – مكلفين ج.

٣ – فوجب ألف.

٤ – نعمهم ألف و ب و ج وز.

٥ – وجود د.

 

١١٢

١١٦ – القول في ثواب الدنيا وعقابها وتعجيل المجازاة فيها

وأقول: إن الله تعالى – جل اسمه – يثيب بعض خلقه على طاعتهم في الدنيا ببعض مستحقهم من الثواب، ولا يصح أن يوفيهم أجورهم فيها لما يجب من إدامة جزاء المطيعين، وقد يعاقب بعض خلقه في الدنيا على معاصيهم فيها ببعض مستحقهم على خلافهم له وبجميعه أيضا، لأنه ليس كل معصية له يستحق عليها عذابا دائما كما ذكرنا في الطاعات، وقد قال الله. تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب). وقال: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال و بنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا)، فوعدهم بضروب من الخيرات في الدنيا على الأعمال الصالحات. وقال في بعض من عصاه: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيمة أعمى). وقال في آخرين منهم: (لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى)، (لهم عذاب في الحياة الدنيا لعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق). وجاء الخبر مستفيضا عن النبي (ص) أنه قال: (حمى يوم كفارة ذنوب سنة)، وقال: ( صلة الرحم منسأة في الأجل (. وهذا مذهب جماعة من أهل العدل وتفصيله على ما ذكرت في تعجيل بعض الثواب وكل العقاب وبعضه مذهب جمهور الشيعة وكثير من المرجئة.

 

١١٧ – القول في الاختيار للشئ وهل هو إرادة له؟

وأقول: إن الإرادة للشئ هو اختياره، واختياره هو إرادته وإيثاره. وقد

١١٣
يعبر بهذه اللفظة عن المعنى الذي يكون قصدا لأحد الضدين، ويعبر بها أيضا عن وقوع الفعل على علم به وغير حمل عليه، ويعبر بلفظ (مختار) عن القادر خاصة ويراد بذلك أنه متمكن من الفعل وضده دون أن يراد به القصد و العزم. وهذا مذهب جماعة من المعتزلة البغداديين وكثير من الشيعة ويخالف فيه البصريون من المعتزلة وأهل الجبر كافة. 

١١٨ – القول في الإرادة التي هي تقرب؟

وأقول: (١)، إن الإرادة التي هي تقرب كغيرها من الإرادات المتقدمة للأفعال، وليس يصح مجامعتها للفعل لأنه لا يخرج إلى الوجود إلا وهو تقرب، ومحال تعلق الإرادة بالموجود أو الإرادة له بأن يكون تقربا وقد حصل كذلك، وأما كونها هي تقربا فلأن مرادها كذلك وحكم الإرادة في الحسن و القبح والقرب والبعد حكم المراد. وهذا مذهب أكثر أهل العدل والبصريون من المعتزلة يخالفونه وكذلك أهل الاجبار.

 

١١٩ – القول في الإرادة هل هي مرادة بنفسها أم بإرادة غيرها
أم ليس يحتاج إلى إرادة؟

وأقول: إن الإرادة لا تحتاج إلى إرادة لأنها لو احتاجت إلى ذلك لما خرجت إلى الوجود إلا بخروج ما لا أول له من الإرادات وهذا محال بين الفساد. و ليس يصح أن تراد بنفسها لأن من شأن الإرادة أن يتقدم مرادها فلو وجب أو جاز

 

١ – جملة (وأقول إن الإرادة) سقطت من نسخة ألف. 

١١٤
كتاب أوائل المقالات للشيخ المفيد (ص ١١٥ – ص ١٣٣)

١١٥
ليست رغبة (١) في فعل الكافرين من القتل بالمؤمنين لأن ذلك فسق وضلال، و الله تعالى يجل عن ترغيب عباده في أفعال الكافرين من القتل وأعمال (٢) الظالمين.وإنما يطلق لفظ الرغبة في الشهادة على المتعارف من إطلاق لفظ الرغبة في الثواب، وهو فعل الله تعالى فيمن وجب (٣) له بأعماله الصالحات، وقد يرغب أيضا الانسان إلى الله تعالى في التوفيق لفعل بعض مقدوراته، فتعلق (٤) الرغبة بذكر نفس فعله دون التوفيق كما يقول الحاج: (اللهم ارزقني العود إلى بيتك الحرام) والعود فعله وإنما يسأل التوفيق لذلك والمعونة عليه، ويقول:

(اللهم ارزقني الجهاد وأرزقني صوم شهر رمضان) وإنما مراده من ذلك المعونة على الجهاد والصيام، وهذا مذهب أهل العدل كافة وإنما خالف فيه أهل القدر والاجبار.

 

١٢١ – القول في النصر والخذلان

وأقول: إن النصر من الله تعالى يكون على ضربين: أحدهما إقامة الحجة وإيضاح البرهان على قول المحق، وذلك أوكد الألطاف في الدعاء إلى اتباع المحق، وهو النصر الحقيقي قال الله تعالى: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة

 

١ – الرغبة د و هـ.٢ – أعمال الضالين ألف عطف على افعال الكافرين.

٣ – أوجب ألف.

٤ – فتتعلق ألف.

 

١١٦
الدنيا ويوم يقوم الاشهاد). وقال – جل اسمه -: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز). فالغلبة هيهنا بالحجة خاصة وما يكون من الانتصار في العاقبة لوجود كثير (١) من رسله قد قهرهم الظالمون وسفك دمائهم المبطلون. و الضرب الثاني تثبيت نفوس المؤمنين في الحروب وعند لقاء الخصوم وإنزال السكينة عليهم، وتوهين أمر أعدائهم، وإلقاء الرعب في قلوبهم، وإلزام الخوف والجزع أنفسهم، ومنه الإمداد بالملائكة وغيرهم من الناصرين بما يبعثهم إليه من ألطافه وأسباب توفيقاته على ما اقتضته العقول ودل عليه الكتاب المسطور.والخذلان أيضا على ضربين: كل واحد منهما نقيض ضده من النصر و على خلافه في الحكمة. وهذا مذهب أهل العدل كافة من الشيعة والمعتزلة و المرجئة والخوارج والزيدية، والمجبرة بأجمعهم على خلافه لأنهم يزعمون أن النصر هو قوة المنصور والخذلان هو استطاعة العاصي المخذول، وإن كان لهم بعد ذلك فيها تفصيل.

 

١٢٢ – القول في الطبع والختم

وأقول: إن الطبع من الله تعالى على القلوب والختم بمعنى واحد وهو الشهادة عليها بأنها لا تعي الذكر مختارة ولا تعتمد على الهدى مؤثرة لذلك غير مضطرة، وذلك معروف (٢) في اللسان، ألا ترى إلى قولهم: (ختمت على فلان

 

١ – كثرة ألف و ب.٢ – وذلك معرفة في اللسان ألا ترى إلى قلوبهم ختمت ألف وفي بعض النسخ زيادة جملة (قطعت بذلك) هنا وهي زيادة مفسدة للمعنى.

 

١١٧
بأنه لا يفلح) يريدون بذلك قطعت (١) بذلك شهادة عليه وأخبرت به عنه وأن الطبع على الشئ إنما هو علامة للطابع عليه. وإذا كانت الشهادة من الله تعالى على الشئ علامة لعباده جاز أن يسمى طبعا وختما. وهذا مستمر على أصول أهل العدل، ومذاهب المجبرة بخلافه. 

١٢٣ – القول في الولاية والعداوة

وأقول: إن ولاية العبد لله بخلاف ولاية الله سبحانه له وعداوته له بخلاف عداوته إياه. فأما ولاية العبد لله – عز وجل – فهي الانطواء على طاعته والاعتقاد بوجوب شكره وترك معصيته وذلك عندي لا يصح إلا بعد المعرفة به. وأما ولاية الله تعالى لعبده (٢) فهو إيجابه لثوابه ورضاه لفعله، وأما (٣) عداوة العبد لله سبحانه فهي كفره به وجحده لنعمه وإحسانه وارتكاب معاصيه على العناد لأمره والاستخفا لنهيه، وليس يكون منه شئ من ذلك إلا مع الجهل به. وأما عداوة الله تعالى للعبد فهي إيجاب دوام العقاب له و إسقاط استحقاق الثواب على شئ من أفعاله والحكم بلعنته والبراءة منه ومن أفعاله.

 

 

١ – ظاهر العبارة أن المجبرة تنكر المعنى الذي ذكرنا للطبع والختم بأن الله تعالى يشهد لها بأنها لا تؤمن أو لا تعي الذكر ولكن مراد الشيخ إنهم يخالفوننا في القيد الأخير الذي ذكره وهو قوله (مختارة وقوله مؤثرة لذلك غبر مضطرة) فإنهم مضافا إلى اعترافهم بالطبع والختم في مقام الأخبار يدعون الطبع والختم التكوينيين المستلزمين لسلب الاختيار من العبد أيضا.٢ – بعيده ز.

٣ – كلمة وأما سقطت عن بعض النسخ.

 

١١٨
وأقول مع هذا: إن الولاية من الله تعالى للمؤمن قد تكون في حال إيمانه والعداوة منه للكافر تكون أيضا في حال كفره وضلاله، وهذا مذهب يستقيم على أصول أهل العدل والإرجاء، وقد ذهب إلى بعضه (١) المعتزلة خاصة، و للمجبرة في بعضه (٢) وفاق ومجموعه لمن جمع بين القولين بالعدل ومذهب أصحاب الموافاة من الراجية. فأما القول بأن الله سبحانه قد يعادي من تصح موالاته له من بعد ويوالي من يصح أن يعاديه فقد سلف قولنا فيه في باب الموافاة. 

١٢٤ – القول في التقية

وأقول: إن التقية جائزة في الدين عند الخوف على النفس، وقد تجوز في حال دون حال للخوف على المال ولضروب من الاستصلاح، وأقول إنها قد تجب أحيانا وتكون فرضا، وتجوز أحيانا من غير وجوب، وتكون في وقت أفضل من تركها ويكون تركها أفضل وإن كان فاعلها معذورا ومعفوا عنه متفضلا عليه بترك اللوم عليها.

فصل (٣) – وأقول، إنها جائزة في الأقوال كلها عند الضرورة وربما وجبت فيها لضرب من اللطف والاستصلاح، وليس يجوز من الأفعال في قتل المؤمنين ولا فيما يعلم أو يغلب إنه استفساد في الدين. وهذا مذهب يخرج عن أصول

 

١ – نقضة ألف.٢ – نقضه ألف و ب.

٣ – كلمة فصل سقطت عن ب ومكانه بياض.

 

١١٩
أهل العدل وأهل الإمامة خاصة دون المعتزلة والزيدية والخوارج والعامة المتسمية بأصحاب الحديث. 

١٢٥ – القول في الاسم والمسمى

وأقول: إن الاسم غير المسمى كما تقدم من القول في الصفة وأنها في الحقيقة غير الموصوف وهذا مذهب يشترك فيه الشيعة والمعتزلة جميعا و يخالفهم في معناه العامة والمجبرة من أهل التشبيه.

 

١٢٦ – القول في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وأقول: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان فرض على الكفاية بشرط الحاجة إليه لقيام الحجة على من لا علم لديه إلا بذكره، أو حصول العلم بالمصلحة به، أو غلبة الظن بذلك فأما بسط اليد فيه فهو متعلق بالسلطان و إيجابه على من يندبه له وإذنه فيه، ولن يجوز تغيير (١) هذا الشرط المذكور. و هذا مذهب متفرع على القول بالعدل والإمامة دون ما عداهما.

 

١٢٧ – القول فيمن قضى فرضا بمال حرام هل يسقط بذلك عنه أم لا؟

وأقول: (إن فرائض الله تعالى غير مجزية لمن ارتكب نهيه في حدودها لأنها إنما تكون مؤداة (٢) بامتثال أمره فيها على الوجه الذي يستحق الثواب

 

١ – بغير ز.٢ – مرادة ألف و ج ود.

https://t.me/+uwGXVnZtxHtlNzJk

شاهد أيضاً

فيديو.. إسقاط الطائرة الأمريكية MQ9 في أجواء صعدة  

فيديو.. إسقاط الطائرة الأمريكية MQ9 في أجواء صعدة     نشر الإعلام الحربي اليمني مشاهد ...