الرئيسية / شخصيات اسلامية / الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)

الصحيح من سيرة الإمام علي (عليه السلام)- ج01 / الصفحات: ٢٠١ – ٢٢٠

سيردون ذلك عليه..

ثانياً: روي عن الإمام الصادق “عليه السلام” أنه قال: “يعتبر عقل الرجل في ثلاث: في طول لحيته، وفي نقش خاتمه، وفي كنيته”(١).

وزعموا: أن هشام بن عبد الملك قال ما هو قريب من هذا(٢) ولم يكن الإمام الصادق ينسب علياً “عليهما السلام” إلى الحمق بلا ريب.. أو أن فيه ما يعتبر دلالة على ذلك.

ثالثاً: إن علياً “عليه السلام” لا يفعل إلا ما هو راجح ومحبوب لله تعالى. وتطويل اللحية مذموم شرعاً، فقد روي عن أبي عبد الله “عليه السلام” أنه قال: ما زاد من اللحية عن القبضة ففي النار(٣).

١- الخصال (ط مركز النشر الإسلامي) ص١٠٣ ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج٢ ص١١٣ و (ط دار الإسلامية) ج١ ص٤٢١ وجامع أحاديث الشيعة ج١٦ ص٦٠٧ ومكارم الأخلاق ص٦٨ ومستدرك سفينة البحار ج٩ ص٢٤٤ وبحار الأنوار ج١ ص١٠٧ وج٧٣ ص١١٣ وج٧٦ ص١١٣ عنه، وعن مكارم الأخلاق. وراجع: تذكرة الموضوعات للفتني ص٣٠ وكشف الخفاء للعجلوني ج٢ ص٤٧ عن النبي “صلى الله عليه وآله”.

٢- عيون الأخبار لابن قتيبة ج٢ ص٣٩ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٨ ص١٦٠.

٣- بحار الأنوار ج٧٣ ص١١٣ عن مكارم الأخلاق، والحدائق الناضرة ج٥ ص٥٥٩ والكافي ج٦ ص٤٨٧ ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج٢ ص١١٣ و (ط دار الإسلامية) ج١ ص٤٢٠ وجامع أحـاديـث الشيعة ج١٦ = = ص٦٠٧ ومستدرك سفينة البحار ج٥ ص٤٢٠ وج٩ ص٢٤٢ وموسوعة أحاديث أهل البيت “عليهم السلام” للنجفي ج١٠ ص٢٥.

٢٠١

رابعاً: لو صح ما زعموه، لم يفت معاوية والأمويين أن يعيبوه به.. ولكن ذلك لم يحصل. بل حصل ما يدل على بطلان هذه الترهات. كما سيمر عن قريب.

ما هي الحقيقة؟!:

ونستطيع أن نقول:

إن الصحيح: هو أنه “عليه السلام” كان كثير شعر اللحية(١)، أو فقل: كان كث اللحية(٢).

وهذا غاية ما حاول معاوية أن يأخذه عليه “عليه السلام”، وقد فشل

١- ذخائر العقبى (ط القاهرة سنة ١٣٥٦هـ) ص٥٧ ونزهة المجالس (ط سنة ١٣١٠ هـ) ج٢ ص١٦٤ والإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” للهمداني ص٥٤٧ و ٥٥١ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٨ ص٦٦٥ وج١٨ ص٢٤١ و ٢٤٣ وتهذيب الكمال للمزي ج٢٠ ص٤٨٩.

٢- كشف الغمة للإربلي ج١ ص٧٦ وفي (ط أخرى) ج١ ص١٤٨ والفصول المهمة لابن الصباغ ج١ ص٥٩٨ وبحار الأنوار ج٣٥ ص٥ وحلية الأبرار للسيد هاشم البحراني ج٢ ص٣٩٥ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج١٨ ص٢٤٢ ومستدرك سفينة البحار ج٦ ص٥٥.

٢٠٢

في ذلك أيضاً، فقد قال معاوية لعقيل: إن كثاثة لحية أخيك شغلته عنك.

فقال له عقيل: إن الله عز وجل ذكر لحية أخي ولحيتك في القرآن، وكان معاوية كوسجاً.

فقال: ويحك يا عقيل! ما أجرأك على الله!! يا عقيل، ما في القرآن ذكر لحيتي، ولا لحية أخيك.

قال عقيل: إن أخرجتهما فما لي؟!

فأمر له بشيء.

فقال عقيل: قال تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَ نَكِداً}(١)”(٢).

علي (عليه السلام) كثير الشعر:

وقد وصف أبو رجاء العطاردي علياً “عليه السلام”، فقال: “كثير الشعر، كأنما اجتاب (أي لبس) إهاب شاة”(٣).

وعن أبي رجاء العطاردي أيضاً: “رأيت علياً مسمناً، أصلع الشعر،

١- الآية ٥٨ من سورة الأعراف.

٢- كفاية الطالب ص٤٠٢.

٣- تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص١٩ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٦ وأنساب الأشراف للبلاذري ص١١٨ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٣ ص٦٢٣ والآحاد والمثاني للضحاك ج١ ص١٣٨.

٢٠٣

كأن بجانبه إهاب شاة”(١).

وفي نص آخر: أنه “عليه السلام” “كان كثير شعر الصدر والكتفين، كأنما اجتاب إهاب شاة”(٢).

وقال محمد بن طلحة الشافعي وغيره: “كثير الشعر”(٣).

وقالوا: عريض المسربة(٤). وهو ذو بطن كثير الشعر(٥).

ويتجلى خبثهم أيضاً في نفس هذه الخصوصية، من جهتين:

١- المعجم الكبير للطبراني ج١ ص٩٥ ومجمع الزوائد للهيثمي ج٩ ص١٠٠

٢- تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٢٠ وراجع: البداية والنهاية ج٧ ص٢٥٠.

٣- مطالب السؤول لمحمد بن طلحة الشافعي ص٧٠ و (ط إيران) ص١٢، والإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” لأحمد الرحماني الهمداني ص٥٤٩ والإكمال في أسماء الرجال ص١٢٨ والفصول المهمة لابن الصباغ ج١ ص٥٩٧ وينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي ج٣ ص١٤٦ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج١٨ ص٢٤٣ وج٣٢ ص٥ وج٣٣ ص٢١٧ ونور الأبصار ص٧٧.

٤- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج٥ ص١٧٨ ومناقب أهل البيت “عليه السلام” للمولى حيدر الشيرواني ص٣٣ وصفين للمنقري ص٢٣٣ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص٨٩.

٥- الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” للهمداني ص٥٤٩ والإكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي ص١٢٨ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٣١ ص٥٦٣ وج٣٢ ص٢٠.

٢٠٤

أولاهما: أنهم قد صوروا علياً “عليه السلام” بصورة موحشة ومخيفة، وقاسية، ذكرنا بعضاً منها في صفحات سابقة، ولم يتركوا للناس أن يتخيلوه وفق ما تستسيغه أذواقهم وأفهامهم، فصرحوا لهم: بأنه يشبه الشاة فيما اكتنف جسمه من شعر، كما ظهر من العبارات الآنفة الذكر.

الثانية: أنهم اختاروا هذه الأوصاف لتؤكد ما يسعون إلى تأكيده من نسبة الحمق إليه صلوات الله وسلامه عليه، فقد قال ابن الجوزي: “والشعر على الكتفين والعنق يدل على الحمق والجرأة، وعلى الصدر والبطن يدل على قلة الفطنة الخ..”(١).

العمش.. والخفش:

وقال أبو رجاء العطاردي في صفة علي “عليه السلام”: “في عينيه خفش”(٢).

وعن زهير بن معاوية، ونسب إلى الإمام الباقر “عليه السلام” أيضاً: أن علياً “عليه السلام” كان “ثقيل العينين عظيمهما”(٣).

١- أخبار الحمقى والمغفلين (ط مكتبة العزالي) ص٢٩.

٢- تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٢٠.

٣- شرح الأخبار ج٢ ص٤٢٧ وفرحة الغري للسيد ابن طاووس ص٨٠ وحلية الأبرار للسيد هاشم البحراني ج٢ ص٣٩٣ وبحار الأنوار ج٣٥ ص٤ وج٤٢ ص٢٢١ وخلاصة عبقات الأنوار ج١ ص٨٣ ومستدرك سفينة البحار ج٦ ص٥٥ والإمام علي بن أبي طالب “عليه السـلام” لأحمـد الرحمـاني الهمـداني = = ص٥٥٣ والآحاد والمثاني للضحاك ج١ ص١٣٥ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٧ وتاريخ بغداد ج١ ص١٤٥ وفي (ط أخرى) ج١ ص١٣٥ وتاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص١٣ و ٢٤ و ٢٥ وتهذيب الكمال للمزي ج٢٠ ص٤٨٠ وأنساب الأشراف للبلاذري ص١٢٦ و ٤٩٣ والمنتخب من ذيل المذيل للطبري ص١٨ وتاريخ الأمم والملوك ج٤ ص١١٧ وفي (ط أخرى) ج٥ ص١٥٣ والكامل في التاريخ لابن الأثير ج٣ ص٣٩٦ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٣ ص٦٢٤ والوافي بالوفيات للصفدي ج٢١ ص١٨١ والإمامة والسياسة (تحقيق الزيني) ج١ ص١٣٨ و (تحقيق الشيري) ج١ ص١٨٠ والمناقب للخوارزمي ص٤٥ والدر النظيم لابن حاتم العاملي ص٢٤٥ وكشف الغمة للإربلي ج١ ص٧٤ وفي (ط أخرى) ص١٤٦ عن ابن مندة، ومعارج الوصول للزرندي الشافعي ص٥٨ والفصول المهمة لابن الصباغ ج٢ ص١٩٩ وفي (ط أخرى) ج١ ص٥٩٧ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص٨٧ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج١٨ ص٢٤٤ وج٢٦ ص٥١١ وج٣٠ ص١٤٩ وج٣٢ ص٢٠ ونور الأبصار ص٧٧ وكفاية الطالب ص٤٠٢.

٢٠٥

وعن الواقدي: أنه “عليه السلام” كان “غليظ العينين”(١).

١- مجمع الزوائد للهيثمي ج٩ ص١٠١ والمعجم الكبير للطبراني ج١ ص٩٤ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج١٨ ص٢٤١ والمعارف لابن قتيبة ص٢١٠ وأنساب الأشراف للبلاذري ص١٢٦.

٢٠٦

وزعموا: أنه هو نفسه يقول في حديث إنذار العشيرة الأقربين: بأنه كان أصغر الحاضرين سناً، وأحمشهم ساقاً، وأرمصهم عيناً(١).

١- الإرشاد للشيخ المفيد ج١ ص٥٠ ومناقب الإمام أمير المؤمنين “عليه السلام” للكوفي ج١ ص٣٧١ و ٣٧٤ و ٣٧٦ والأمالي للشيخ الطوسي ص٥٨٣ والخرائج والجرائح للراوندي ج١ ص٩٣ والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص٩ و ٤٨ وبحار الأنوار ج١٨ ص٤٥ و ١٩٢ وج٣٨ ص٢٢٤ ومناقب أهل البيت “عليهم السلام” للمولى حيدر الشيرواني ص١٠٢ و ١٠٥ والغدير ج١ ص٢٠٧ وج٢ ص٢٧٨ ـ ٢٨٩ والإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” لأحمد الرحماني الهمداني ص٧٤ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٣ ص٢١٠ وكنز العمال ج١٣ ص١٣٣ وتفسير فرات الكوفي ص٣٠١ و ٣٠٢ وشواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج١ ص٤٨٦ والدرجات الرفيعة ص٥٩ ومناقب علي بن أبي طالب “عليه السلام” وما نزل من القرآن في علي “عليه السلام” لأبي بكر أحمد بن موسى ابن مردويه الأصفهاني ص٢٩٠ وتاريخ الأمم والملوك ج٢ ص٦٣ والكامل في التاريخ لابن الأثير ج٢ ص٦٣ وكشف الغمة للإربلي ج١ ص٦٣ وفي (ط أخرى) ص١٢٨ وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي “عليه السلام” لابن الدمشقي ج١ ص٨٠ وغاية المرام للسيد هاشم البحراني ج١ ص٢٤١ وج٢ ص٢٢٩ وج٣ ص٢٧٨ و ٢٨٠ والمناشدة والإحتجاج بحديث الغدير للأميني ص٨٨ و ٨٩ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج١٤ ص٤٢٤ وج١٥ ص١٤٨ و ٢٠٨ وج٢٠ ص١٢٢ وج٢٢ ص٨٨ وج٣٠ ص١١٩.

٢٠٧

وفي نص ابن عساكر: أعمش العينين(١).

وقد نسبوا إلى السيدة الزهراء “عليها السلام” أنها وصفته بذلك أيضاً، وحاشاها(٢).

وزعموا: أن في عينيه “عليه السلام” اطرغشاشاً(٣)، أي ليناً في العين، كالذي أبلّ وبرئ (اندمل وبرأ) من مرضه للتو(٤).

ووصفوه أيضاً: بأنه أعيمش(٥).

١- تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٤٨ وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج٣ ص٣٦٤ والبداية والنهاية ج٣ ص٥٣ والسيرة النبوية لابن كثير ج١ ص٤٦٠ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج١٥ ص١٤٥ وج٢٠ ص١٢٣ و ١٢٤ و ٣٣٩ و ٣٨٢ ومناقب الإمام أمير المؤمنين “عليه السلام” للكوفي ج١ ص٢٥٩ والآحاد والمثاني ج١ ص١٤٢.

٢- مناقب الإمام أمير المؤمنين “عليه السلام” للكوفي ج١ ص٢٥٩ والآحاد والمثاني للضحاك ج١ ص١٤٢ والمعجم الكبير للطبراني ج١ ص٩٤ ومجمع الزوائد للهيثمي ج٩ ص١٠٢ والمصنف للصنعاني ج٥ ص٤٩٠ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٤ ص١٥٤ وج١٥ ص٣٣٠ وج٣١ ص٢٧٠.

٣- مقاتل الطالبيين ص٢٧ و (ط مطبعة الحيدرية سنة ١٣٨٥هـ) ص١٦ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص٨٨.

٤- راجع: تاج العروس للزبيدي ج٩ ص١٣٣ والصحاح للجوهري ج٣ ص١٠٠٩.

٥- المعجـم الكبـير للطبراني ج١ ص٩٤ ومجمع الـزوائـد للهيثمـي ج٩ ص١٠٢ = = والمصنف للصنعاني ج٥ ص٤٩٠ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٤ ص١٥٤ وج١٥ ص٣٣٠ وج٣١ ص٢٧٠.

٢٠٨

ونقول:

الخفش: ضعف في الإبصار يظهر في النور الشديد(١).

وفسر الخفش: بصغر العين، وبضعف البصر خلقةً.

وقيل: هو فساد في الجفون بلا وجع، واحمرار تضيق له العيون من غير وجع ولا قرح.

وقيل: هو الإبصار بالليل دون النهار، وفي يوم غيم، دون صحو(٢).

والرمص: وسخ يجمع في مجرى الدمع(٣).

والعمش: ضعف بصر العين، مع سيلان دمعها في أكثر الأوقات(٤).

١- المعجم الوسيط ص٢٤٦.

٢- أقرب الموارد ج١ ص٢٨٨ والقاموس المحيط للفيروز آبادي ج٢ ص٢٧٣ وتاج العروس ج٩ ص١١٠ وراجع: كتاب العين للفراهيدي ج٤ ص١٧٢.

٣- الصحاح في اللغة ج٣ ص١٠٤٢ وكتاب المكاسب للشيخ الأنصاري ج٢ ص٢٦٠ ومستدرك سفينة البحار ج٤ ص١٩٤.

٤- أقرب الموارد ج١ ص٨٣١ والمعجم الوسيط ص٦٢٨ والصحاح للجوهري ج٣ ص١٠١٢ ولسان العرب ج٦ ص٣٢٠ والقاموس المحيط للفيروزآبادي ج٢ ص٢٨٠ ومجمع البحرين ج٣ ص٢٥٢ وتاج العروس للزبيدي ج٩ ص١٤٨ ومختلف الشيعة للعلامة الحلي ج٩ ص٤٥٧ وكتـاب المكاسـب للشيخ الأنصاري = = ج٢ ص٢٦١ وروضة الطالبين للنووي ج٧ ص١٣٤ وحاشية رد المحتار لابن عابدين ج١ ص٣٢٩ ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج٢ ص١١٣ وبحار الأنوار ج٦١ ص٣٢٧ ومستدرك سفينة البحار ج٧ ص٤٣٢ وتحفة الأحوذي ج٩ ص١٣٠ وطرائف المقال ج٢ ص٢٠٧ والكنى والألقاب ج٢ ص٤٧.

٢٠٩

وبعد ما تقدم نشير إلى ما يلي:

١ ـ إنه لا معنى للحديث عن العمش بمعنى اجتماع الوسخ في مجرى الدمع، فإن علياً “عليه السلام” لم يكن ممن يتهاون بنظافة وجهه، وإبعاد الوسخ عن مجاري الدمع في عينيه..

٢ ـ إنه لا معنى لتفسير الخفش هنا بصغر العين، بعد تصريح الرواية بأنه “عليه السلام” كان عظيم العينيين.

٣ ـ صرحت الروايات التي تحكي لنا ما جرى في خيبر: أنه بعد فرار أبي بكر وعمر بالراية يومئذٍ، وكان علي “عليه السلام” في خيبر يشتكي عينيه، دعاه رسول الله “صلى الله عليه وآله”، فأخذ يمسح عينيه، ودعا له.

قال علي “عليه السلام”: فوالذي بعثه بالحق ما اشتكيتها بعد. ثم أعطاه الراية ففتح الله على يديه(١).

١- راجع: تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص١١٨ وبحار الأنوار ج٤١ ص٢٨٢ وإمتاع الأسماع للمقريزي ج١١ ص٢٨٨ وإعلام الورى ج١ ص٣٦٥ وفتح الباري ج٧ ص٣٦٦.

٢١٠

وعن عمران بن حصين: “وما اشتكاها بعد”(١).

ويؤيد ذلك: ما ورد في نص آخر، مروي بأسانيد عديدة عن علي “عليه السلام”: ما رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول الله “صلى الله عليه وآله” وجهي، وتفل في عينيَّ يوم خيبر، حين أعطاني الراية(٢).

وذلك كله يؤكد: أن عيني علي “عليه السلام” كانتا سليمتين من الرمد ببركة دعاء رسول الله “صلى الله عليه وآله” ومسحه عليهما، كما أنهما سليمتان دائماً من أية عاهة.. فما معنى ادِّعاء العمش، والخفش فيهما إلا حب انتقاص أخي رسول الله “صلى الله عليه وآله” وصفيه، وحبيبه؟!..

٤ ـ أما ما نسب إلى السيدة الزهراء “عليها السلام”، فلماذا لا يقال: إنها “عليها السلام” كانت تحكي للنبي “صلى الله عليه وآله” تلك الأباطيل والإشاعات المغرضة التي كانت تتناهى إلى مسامعها على ألسنة الشانئين

١- راجع: تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص١٠٣ وتهذيب الكمال للمزي ج٢١ ص٤٥٤ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٣٠ ص٢٠١ و ٢٠٢.

٢- تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص١٠٩ و ١١٠ و ١٢٣ و ٩٦ وفي هوامشه عن مسند أحمد بن حنبل ج١ ص١٦٩ رقم ٥٧٩. وبحار الأنوار ج٣٤ ص٣٣٢ و ٣٦٣ وكنز الفوائد للكراجكي ص٢٦٦ والعمدة لابن البطريق ص١٥٣ ومستدرك سفينة البحار ج٤ ص١٩٢ ومجمع الزوائد ج٩ ص١٢٢ وفتح الباري ج٧ ص٣٦٦ وعمدة القاري ج١٧ ص٢٤٤ ومسند أبي داود الطيالسي ص٢٦ ومسند أبي يعلى ج١ ص٤٤٥.

٢١١

والحاقدين، من أجل أن يطلق النبي أوسمة الشرف والكرامة اللائقة بحق علي “عليه السلام”؟!.

ويدل على ذلك: أنها كانت ترى علياً “عليه السلام”، وتعرف أوصافه وتشاهد بأم عينها، كذب هاتيك المزاعم.

٥ ـ وفي غير هذه الصورة نلاحظ ما يلي:

ألف: إن فاطمة “عليها السلام” لا يمكن أن تعترض على أمر رضيه لها رسول الله “صلى الله عليه وآله”، وأخبرها أن الله تبارك وتعالى هو الذي اختار علياً “عليه السلام” زوجاً لها..

ب: إننا على يقين من أنها “عليها السلام” لم تكن تفكر بهذه الأمور الدنيوية التافهة، وأن المعايير التي تستفيد منها في تقييم الناس هي معايير الطهر والخلوص، والإيمان والتقوى، والأخلاق والقيم.

٢١٢

الفصل السادس:

الأنـزع.. البطين..

٢١٣

٢١٤

أصلع أم أنزع؟!:

وقد وصفوا علياً “عليه السلام” أيضاً بـ “الأصلع”(١)، وزعم

١- راجع على سبيل المثال: تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص١٩ و ١٢ و ٢٥ و ٢٠ و ٢١ و ٢٢ و ٥٧١ ومطالب السؤول (ط إيران) ص١٢ وكشف الغمة ج١ ص١٤٨ وفضائل أمير المؤمنين علي “عليه السلام” لأحمد بن حنبل ص٨٧ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٥ و ٢٧ وكفاية الطالب ص٤٠٢ وتاريخ بغداد ج١ ص١٣٥ ج٩ ص٤٦٧ ونور الأبصار ص٧٧ وتاريخ الأمم والملوك ج٥ ص١٥٣ وأسد الغابة ج٤ ص٣٩ وأنساب الأشراف للبلاذري ص١١٦ و ١٤٢ وشرح الأخبار ج٢ ص٤٢٧ وسبل الهدى والرشاد ج١١ ص٢٨٨ والكامل في التاريخ ج٣ ص٤٩٦ والمعجم الكبير ج١ ص٩٤ و ٩٥ وتاريـخ ابن معين الدوري ج١ ص٢٩٠ ومجمع الزوائد ج٩ ص١٠٠ و ١٠٢ ومقاتل الطالبيين ص٢٧ و (ط المكتبة الحيدرية) ص١٦ ومناقب آل أبي طالب ج٣ ص٣٠٧ وبحار الأنوار ج٣٥ ص٦١ والدر النظيم ص٤١٢ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٣ ص٦٢٣ وكنز العمال ج٥ ص٧٧٤.

٢١٥

الشعبي، وأبو إسحاق: أنهما رأيا علياً، وكان أصلع(١).

ونسب وصفه “عليه السلام” بالأصلع إلى الإمام الباقر “عليه السلام” أيضاً(٢).

ويقول بعضهم: إنه “أصلع، ليس في رأسه شعر إلا من خلفه”(٣).

١- تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٢٠ و ٢١ و ٢٢ و ١١ وفضائل أمير المؤمنين لأحمد بن حنبل ص٨٧ وخلاصة عبقات الأنوار ج١ ص٨٢ والمصنف لابن أبي شيبة ج٦ ص٥٦ والآحاد والمثاني للضحاك ج١ ص١٣٧ و ١٣٨ والتمهيد لابن عبد البر ج٢١ ص٨٤ ونظم درر السمطين للزرندي ص٨١ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٥ وأنساب الأشراف للبلاذري ص١١٦ والمناقب للخوارزمي ص٤٥.

٢- راجع: بحار الأنوار ج٣٥ ص٢ وج٤٢ ص٢٢٠ ونظم درر السمطين ص٨١ وأسد الغابة لابن الأثير ج٤ ص٣٩ وجواهر المطالب ج١ ص٣٦ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٧ وتاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٢٤ و ٢٥ وفرحة الغري لابن طاووس ص٨٠ ومستدرك سفينة البحار ج٦ ص٥٥ والإستيعاب ج٣ ص١١١٠ والمنتخب من ذيل المذيل للطبري ص١٨ وتاريخ الأمم والملوك ج٤ ص١١٧ والدر النظيم ص٢٤٤.

٣- ذخائر العقبى (ط القاهرة) ص٥٧ وجواهر المطالب ج١ ص٣٥ وصفين ص٢٣٣ ومناقب أهل البيت “عليهم السلام” للشيرواني ص٣٢ والإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” للهمداني ص٥٥١ والإستيعاب ج٣ ص١١٢٣ وتهذيب الكمال للمزي ج٢٠ ص٤٨٩ والجـوهـرة في نسب الإمـام علي وآلـه للـبري ص١٢٤ = = وأعيان الشيعة ج١ ص٣٢٧ وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي “عليه السلام” لابن الدمشقي ج١ ص٣٦ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٨ ص٦٦٥ وج١٨ ص٢٤٢ و ٢٤٣ وج٣٠ ص١٤٦ وج٣٢ ص٥.

٢١٦

وعن أبي رجاء العطاري: أنه “عليه السلام” أصلع شديد الصلع(١).

ونسبوا إلى ابن مسعود قوله لأبي الطفيل: “ألم تر إلى رأسه كالطست، وإنما حوله كالحفاف”(٢).

وعبارات أخرى تدخل في هذا السياق.

ونقول:

إن ذلك غير صحيح، بل يقصد منه تقديم صورة بشعة تشمئز منها النفوس، وتمجها الأذواق، رغبة في تنفير الناس منه وعنه..

والصحيح: أنه “عليه السلام” كان أنزع(٣).

وسيأتي: أن الرواية فسرت المراد بالأنزع: بأنه الأنزع من الشرك..

والأنزع مأخوذ من النزعة. وهي موضع انحسار الشعر من جانبي

١- تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٢٠ وأسد الغابة ج٤ ص٣٩ وسبل الهدى والرشاد ج١١ ص٢٨٨.

٢- المعجم الكبير ج١ ص٩٥ ومجمع الزوائد ج٩ ص١٠١ والآحاد والمثاني ج١ ص١٣٧.

٣- راجع: تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٢١ والمعرفة والتاريخ للفسوي ج٢ ص٦٢١ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٣ ص٦٢٤.

٢١٧

الجبهة، والنزعاء من الجباه، التي أقبلت ناصيتها، وارتفع أعلى شعر صدغيها.

ونزع نزعاً: انحسر شعره عن جانبي جبهته، فهو أنزع، وهي نزعاء(١).

ويدل على أنه كان أنزع، ولم يصل الأمر إلى حد الصلع، ما يلي:

أولاً: ما رواه عبد الله بن أحمد قال: حدثنا نصر بن علي، قال: حدثنا عبد الله بن داود، عن مدرك أبي الحجاج، قال:

رأيت علياً “عليه السلام” له وفرة. وأتي بصبي فنزل (لعل الصحيح: فَبَرّك) عليه، ومسح على رأسه.

زاد ابن عساكر قوله: وكان أحسن الناس وجهاً(٢).

والوفرة هي: الشعر المجتمع على الرأس، أو ما جاوز شحمة الأذن(٣).

١- المعجم الوسيط ص٩١٤ و ٩١٣ وأقرب الموارد ج٢ ص١٢٩٠ وذيل أقرب الموارد ص٣٩٩ وكتاب العين للفراهيدي ج١ ص٣٥٩ وراجع: معجم مقاييس اللغة ج٥ ص٤١٥ والقاموس المحيط للفيروزآبادي ج٣ ص٨٨ وتاج العروس ج١١ ص٤٧٥.

٢- فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لأحمد بن حنبل ص٩٠ وتاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٢٥ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص٩٠.

٣- المعجم الوسيط ص١٠٤٦ ولسان العرب لابن منظور ج٥ ص٢٨٨ وج١٢ ص٥٥١ والقاموس المحيط للفيروزآبادي ج٢ ص١٥٥ وتاج العروس ج٧ = = ص٥٩٥ وراجع: أقرب الموارد ج٢ ص١٤٧٠ ونيل الأوطار ج١ ص١٥٠ وبحار الأنوار ج١٠ ص١٣٢ وأضواء البيان للشنقيطي ج٥ ص١٩١.

٢١٨

ثانياً: قد وصف علي “عليه السلام” بالأجلح(١).

والأجلح: هو من انحسر شعره عن جانبي رأسه(٢).

وقال سبط ابن الجوزي: “ويسمى الأنزع، لأنه كان أنزع من الشرك.

وقيل: لأنه كان أنزع”(٣).

ومما يزيد هذا الأمر قوة: أن نفس رواية أبي إسحاق السبيعي التي تذكر أنه رأى علياً “عليه السلام” أصلع عظيم البطن..(٤).

١- تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٢١ و ٢٢ وج٤٦ ص٢١٥ والمعجم الكبير ج١ ص٩٤ ومجمع الزوائد ج٩ ص١٠٠ ومسند ابن الجعد ص٧٣ ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج٢ ص٤٧٥ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٦ وج٦ ص٣١٤ وتاريخ بغداد ج١٣ ص٢٣٦ وسير أعلام النبلاء للذهبي ج٥ ص٣٩٦ وأنساب الأشراف للبلاذري ص١١٦.

٢- المعجم الوسيط ص١٢٨ وأقرب الموارد ج١ ص١٣٠ ولسان العرب ج٢ ص٤٢٤ وج١٣ ص٤٨٥ والنهاية في غريب الحديث ج١ ص٢٨٤.

٣- تذكرة الخواص ج١ ص١١٨ والإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” للهمداني ص٥٥.

٤- فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب “عليه السلام” لأحمد بن حنبل ص٧٨ وتـاريـخ مدينـة دمشـق ج٤٢ ص١١ و ٢٠ و ٢١ و ٢٢ ومقـاتـل الطالبيـين = = ص١٦ والمصنف لابن أبي شيبة ج٦ ص٥٦ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٥ وتاريخ ابن معين، الدوري ج١ ص٢٩٠ وأنساب الأشراف للبلاذري ص١١٦ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب “عليه السلام” في الكتاب والسنة والتاريخ ج١ ص٨٨.

٢١٩

قد رويت بنحو آخر ليس فيه وصف الأصلع، بل فيه: أنه رآه أجلح، فراجع مصادر الرواية(١).

كما أن وصف الأجلح قد ورد في رواية السيد بن عيسى. وقد احتمل ابن عساكر: أن ابن عيسى قد روى ذلك عن أبي إسحاق السبيعي أيضاً(٢). فراجع.

يضاف إلى ذلك: أن الشعبي الذي يروي أيضاً: أنه رأى علياً “عليه السلام” أصلع(٣).

١- مجمع الزوائد للهيثمي ج٩ ص١٠٠ وخلاصة عبقات الأنوار ج١ ص٨٣ ومسند ابن الجعد ص٧٣ والآحاد والمثاني للضحاك ج١ ص١٣٨ والمعجم الكبير للطبراني ج١ ص٩٤ ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج٢ ص٤٧٥ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٦ وج٦ ص٢٥٤ و ٣١٤ وتاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٢١ و ٢٢ و ٢١٥ وسير أعلام النبلاء للذهبي ج٥ ص٣٩٦ وأنساب الأشراف للبلاذري ص١١٦.

٢- تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٢٢.

٣- راجع: تاريخ مدينة دمشق ج٤٢ ص٢٠ و ٢١ و ٢٢ والآحاد والمثاني للضحاك ج١ ص١٣٧ ونظم درر السمطين ص٨١ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٥.

شاهد أيضاً

طالوت وبنو إسرائيل

طالوت وبنو إسرائيل من سير الأطهار يوسف مزاحم قال تعالى في كتابه العزيز: ( وَلَقَدْ ...