الرئيسية / الاسلام والحياة / أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في كتب أهل السنّة

أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في كتب أهل السنّة

أئمة أهل البيت (ع) في كتب أهل السنّة / الصفحات: ١٨١ – ٢٠٠

عند ضم هذهِ الروايات مع سابقاتها إلى الآيات القرآنية، والأحاديث العامة، التي وردت في حق أهل البيت؛ فإنها لا تدع أي مجال للشك في أن الله اختار هذهِ الصفوة المباركة؛ ليكونوا خلفاء لرسوله الأكرم، وأمناء على رسالته المباركة، ونجزم يقيناً بأن كلّ باحثٍ لو أنصف البحث، لا نفتحت له آفاق الحقيقة، ولرأى نورها يشعّ بولاية علي وأولاده الطاهرين، والتوفيق من عند الله العظيم.

هذا وفضائل الإمام الحسن (عليه السلام) عديدة شهيرة نكتفي منها بما ذكرناه ونختم هذا القسم بما صحّ عن الصحابي عبد الله بن عمرو بأنّ الحسن (عليه السلام) أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء، فعن رجاء بن ربيعة قال: «كنتُ جالساً بالمدينة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلّم في حلقةٍ فيها أبو سعيد، وعبد الله بن عمرو فمرّ الحسن بن علي فسلّم فردّ عليه القوم وسكت عبد الله بن عمرو ثم أتبعه وقال وعليك السلام ورحمة الله ثم قال: هذا أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء والله ما كلّمته منذ ليالي صفين، فقال أبو سعيد ألا تنطلق إليه فتعتذر إليه قال نعم، قال فقام فدخل أبو سعيد فاستأذن فأذن له ثم استأذن لعبد الله بن عمرو فدخل، فقال أبو سعيد لعبد الله بن عمرو حدّثنا بالذي حدثتنا به حيث مرّ الحسن، فقال نعم أنا أُحدثكم إنّه أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء قال: فقال له الحسن: إذا علمت أني أحبّ أهل الأرض إلى أهل السماء فلِمَ قاتلتنا أو كثّرت يوم صفين، قال أما إني والله ما كثّرتُ سواداً ولا ضربتُ معهم بسيف ولكني حضرتُ مع أبي أو كلمة نحوها، قال: أما علمت أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله، قال بلى ولكني

١٨١

كنتُ أسرد الصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم فشكاني أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال يا رسول الله إنّ عبد الله بن عمرو يصوم النهار ويقوم الليل، قال صم وافطر ونم فأني أنا أصلي وأنام وأصوم وأفطر، قال لي يا عبد الله أطع أباك، فخرج يوم صفين وخرجتُ معه».

قال الهيثمي في «مجمع الزوائد»: «رواه البزّار ورجاله رجال الصحيح غير هاشم بن البريد وهو ثقة»(١).

وقد نقلنا الخبر بطوله؛ ليتأمل به القارئ الكريم، فإنّ فيه دلالات عديدة لا تخفى على اللبيب.

 

القسم الثالث
فضائل الإمام الحسين الخاصة

وقد ملأت الخافقين وهي أشهر من أنْ تذكر، نورد جملة مختصرة منها تيمّناً وتبرّكاً علماً أنه تقدم بعض ذلك في الفضائل المشتركة أيضاً.

 

الفضيلة الأولى:

في أنّه سيد شباب أهل الجنّة:

قال ابن كثير في «البداية والنهاية»: قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع عن ربيع بن سعد عن أبي سابط(٢)، قال: «دخل حسين بن علي المسجد فقال جابر بن عبد الله: من أحبّ أنْ ينظر إلى سيـّد شباب أهل الجنّة فلينظر إلى هذا، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلّم»(٣).

(١) مجمع الزوائد: ٩/١٧٧، دار الكتب العلمية، بيروت.

(٢) في «السير» و «مسند أبي يعلى»: «عبد الرحمن بن سابط» وليس «أبا سابط».

(٣) البداية والنهاية: ٨/٢٢٥، مؤسسة التاريخ العربي.

١٨٢

١٨٣

وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد»(١)، وأحمد في «المسند»(٢)، وابن ماجة في «السنن»(٣)، والحاكم في «المستدرك»(٤)، وغيرهم، علماً أنّ للرواية تتمة، يأتي التعرض لها في الفضائل الآتية، قال الترمذي: «هذا حديث حَسَن»(٥).

قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» ووافقه الذهبي(٦)، قال البوصيري في «مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة»: «هذا إسناد حسن رجاله ثقات»(٧).

قال الهيثمي في «مجمع الزوائد»: «إسناده حَسَن»(٨).

ومن المستبعد أن النبي (صلى الله عليه وآله) يريد بهذا الحديث الرابطة النسبية بينه وبين الحسين (عليه السلام)، خصوصاً عند النظر إلى الشطر الثاني، «وأنا من حسين» فلابد أن يكون الرسول (صلى الله عليه وآله)، ناظراً إلى أمرٍ أدق وأعمق من ذلك، ولعله يشير إلى وحدة المنهج، والهدف، والروح الرسالية، التي يحملها الحسين (عليه السلام) في سبيل إرساء رسالة الله، والحفاظ على أصولها، والتي تهدف إلى إصلاح الإنسان،

(١) الأدب المفرد: ٨٥، مؤسسة الكتب الثقافية.

(٢) مسند أحمد: ٤/١٧٢، دار صادر.

(٣) سنن ابن ماجة: ١/٨٥، مكتبة المعارف.

(٤) المستدرك على الصحيحين: ٣/١٧٧، دار المعرفة.

(٥) سنن الترمذي: ٥/٣٢٤، دار الفكر.

(٦) المستدرك على الصحيحين وبذيله «تلخيص المستدرك»: ٣/١٧٧، دار المعرفة.

(٧) مصباح الزجاجة المطبوع بحاشية السنن: ١/٨٥، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع.

(٨) مجمع الزوائد: ٩/١٨١، دار الكتب العلمية، بيروت.

١٨٤

وتخليصه من مستنقعات الجهل والظلام، والرقي به نحو سلّم الكمال.

 

الفضيلة الثالثة:

في دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) لمحبّ الحسين (عليه السلام):

فقد ورد عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «أحبّ الله من أحبّ حسيناً» وهذا المقطع هو إحدى تتمات الحديث السابق فلا داعي لذكر تخريجاته أو تصحيحاته؛ فإنّ عين ما تقدم في الفضيلة الثانية من تخريج وتصحيح يأتي هنا أيضاً.

ونشير هنا إلى أن دعاء النبي لمحبّ الحسين (عليه السلام) بهذهِ الألفاظ الشريفة يبين بوضوح عظمة الحسين (عليه السلام) ودرجته الرفيعة عند الله، سبحانه وتعالى، ومنها يتضح حال مبغضه ومعاديه، بل وكذا حال محبي أعدائه، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}.

 

الفضيلة الرابعة:

في أنّه سبط من الأسباط:

وهو قول النبي (صلى الله عليه وآله): «حسين سبط من الأسباط» وهو تتمة الحديث المتقدم في الفضيلة الثانية والثالثة، فإن الحديث كما جاء في سنن الترمذي: «حسينٌ مني وأنا من حُسين، أحبّ الله من أحبّ حسيناً، حسين سبط من الأسباط» فعين ما تقدم في الفضيلة الثانية، من تخريجات وتصحيحات يأتي هنا أيضاً.

لكن نشير إلى أنّه في بعض المصادر ورد: «الحسن والحسين سبطان من الأسباط»(١).

وقال الهيثمي معقّباً: «رواه الترمذي باختصار ذكر الحسن، ورواه الطبراني

(١) التاريخ الكبير للبخاري: ٨/٤١٥، المكتبة الإسلامية، ديار بكر، والمعجم الكبير للطبراني: ٣/٣٢، نشر مكتبة ابن تيمية، القاهرة.

١٨٥

وإسناده حَسَن»(١).

وأما معنى السبط في الحديث، فقد جاء في «لسان العرب»: «وفي الحديث أيضاً: الحسين سبط من الأسباط، أي أمة من الأمم في الخير، فهو واقع على الأمة والأمة واقعة عليه»(٢). أي هو بمنزلة الأمة في الخير، وقال شارح «التاج الجامع للأصول» في كتابه «غاية المأمول، شرح التاج الجامع للأصول»: «والمراد هنا أن الحسين رضي الله عنه في أخلاقه وأعماله الصالحة في دنياه كأمة صالحة، كقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، ويبعث الحسين في الآخرة له شأن وجاه عظيم، كأمة ذات شأن عظيم»(٣)، ونفس هذا الكلام يأتي في الإمام الحسن (عليه السلام) لما قدمناه من أنّ بعض المصادر نقلت «الحسن والحسين سبطان من الأسباط».

 

الفضيلة الخامسة:

في محبة النبي (صلى الله عليه وآله) للحسين (عليه السلام):

أخرج الحاكم بسنده إلى أبي هريرة، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو حامل الحسين بن علي، وهو يقول اللهم إني أحبّه فأحبّه»(٤).

قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد روى بإسناد في الحسن مثله وكلاهما محفوظان»، ووافقه الذهبي(٥).

(١) مجمع الزوائد: ٩/١٨١، دار الكتب العلمية، بيروت.

(٢) لسان العرب: ٧/٣١٠، دار إحياء التراث العربي.

(٣) غاية المأمول شرح التاج الجامع للأصول، المطبوع بحاشية التاج الجامع للأصول: ٣/٣٥٩، دار الكتب العلمية، بيروت.

(٤) المستدرك على الصحيحين: ٣/١٧٧، دار المعرفة.

(٥) المستدرك على الصحيحين وبهامشه «تلخيص المستدرك» للذهبي: ٣/١٧٧، دار المعرفة.

١٨٦

وفي «المستدرك» أيضاً عن أبي هريرة، قال: «ما رأيت الحسين بن علي إلاّ فاضت عيني دموعاً وذاك أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله خرج يوماً فوجدني في المسجد فأخذ بيدي واتكأ عليّ فانطلقت معه حتى جاء سوق بني قينقاع، قال: وما كلّمني فطاف ونظر ثم رجع ورجعت معه فجلس في المسجد واحتبى وقال لي: أدعو لي لكاع فأتى حسين يشتد حتى وقع في حجره ثم أدخل يده في لحية رسول الله صلى الله عليه وآله، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله يفتح فم الحسين فيدخل فاه في فيه ويقول: اللهم إني أحبُّه فأحبّه».

قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي(١). وتقدم في الفضائل المشتركة ما يدلّ على ذلك أيضاً.

هذا وفضائل الحسين عديدة شهيرة نكتفي بما ذكرناه، ونحاول في ختام هذا الفصل، وحيث إننا في صدد ذكر سيد شباب أهل الجنّة، أنْ ننقل نموذجاً من الأخبار الصحيحة من كتب أهل السنّة حول شهادة الحسين (عليه السلام) وتعظيمه والبراءة من قاتليه وأعدائه وحرمة قبره الشريف، فإليكم ذلك: بعنوان:

 

أخبار وروايات تتعلق بعاشوراء:

 

الخبر الأول:

في أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان أشعث أغبر لقتل الحسين (عليه السلام):

أخرج أحمد في «المسند» بسندهِ إلى عمّار بن أبي عمّار عن ابن عباس قال: «رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلّم في المنام بنصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فيها دم يلتقطه أو يتتبع فيها شيئاً، قال: قلتُ يا رسول الله ما هذا؟

(١) المصدر نفسه: ٣/١٧٨.

١٨٧

قال دم الحسين وأصحابه لم أزل أتتبعه(١) منذ اليوم قال عمّار: فحفظنا ذلك اليوم فوجدناه قتل في ذلك اليوم»(٢).

وأخرجه عبد بن حميد في «منتخب مسند عبد بن حميد»(٣)، والطبراني في «المعجم الكبير»(٤)، والحاكم في «المستدرك»(٥)، وغيرهم.

قال ابن كثير الدمشقي بعد أن نقل الخبر عن «المسند»: «إسناده قوي»(٦).

قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»(٧).

قال الهيثمي بعد نقل الخبر: «رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح»(٨).

قال أحمد محمّد شاكر محقق كتاب «المسند»: «إسناده صحيح»(٩).

 

الخبر الثاني:

في نوح الجن على الحسين بن علي (عليه السلام):

أخرج الطبراني بسنده إلى أمّ سلمة قالت: «سمعتُ الجن تنوح على

(١) وفي بعض المصادر «التقطه» بل كذا في «مسند أحمد» في موضع آخر، انظر «المسند»: ١/٢٨٣، وانظر «المستدرك»: ٤/٣٩٨.

(٢) مسند أحمد: ١/٢٤٢ و٢٨٣، دار صادر.

(٣) منتخب مسند عبد بن حميد: ٢٣٥، مكتبة، النهضة العربية.

(٤) المعجم الكبير: (٣/١١٠) و(١٢/١٤٣)، نشر مكتبة ابن تيمية، القاهرة.

(٥) المستدرك على الصحيحين: ٤/٣٩٨، دار المعرفة.

(٦) البداية والنهاية: ٨/٢١٨، مؤسسة التاريخ العربي.

(٧) المستدرك على الصحيحين: ٤/٣٩٨، دار المعرفة.

(٨) مجمع الزوائد: ٩/١٩٤، دار الكتب العلمية، بيروت.

(٩) مسند أحمد: ٢/٥٥١، حديث (٢١٦٥)، و٣/١٥٥، حديث (٢٥٥٣)، دار الحديث، القاهرة.

١٨٨

الحسين بن علي رضي الله عنه»(١).

وأخرجه الضحاك في «الآحاد والمثاني»(٢)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»(٣)، ورواه ابن كثير في «البداية والنهاية» وقال: «وهذا صحيح»(٤).

ورواه الهيثمي في «مجمع الزوائد» وقال: «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح»(٥).

وأخرج الطبراني بسندهِ إلى ميمونه قالت: «سمعتُ الجن تنوح على الحسين»(٦).

قال الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح»(٧).

 

الخبر الثالث:

في طمس عيني رجل تهجّم على الحسين (عليه السلام):

أخرج الطبراني بسنده إلى قرّة بن خالد، قال: سمعتُ أبا رجاء العطاردي يقول: لا تسبـّوا علياً ولا أهل هذا البيت فإنّ جاراً لنا من بلهجيم قال: ألم تروا إلى هذا الفاسق الحسين بن علي قتله الله، فرماه الله بكوكبين في عينيه فطمس الله بصره»(٨).

(١) المعجم الكبير: ٣/١٢١ و١٢٢، نشر مكتبة ابن تيمية، القاهرة.

(٢) الآحاد والمثاني: ١/ ٣٠٨، دار الدراية.

(٣) تاريخ مدينة دمشق: ١٤/٢٣٩، ٢٤٠، دار الفكر.

(٤) البداية والنهاية: ٦/٢٥٩، مؤسسة التاريخ العربي.

(٥) مجمع الزوائد: ٩/١٩٩، دار الكتب العلمية.

(٦) المعجم الكبير: ٣/١٢٢، نشر مكتبة ابن تيمية، القاهرة.

(٧) مجمع الزوائد: ٩/١٩٩، دار الكتب العلمية.

(٨) المعجم الكبير: ٣/١١٢، مكتبة ابن تيمية، القاهرة.

١٨٩

وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»(١)، ورواه المزّي في «تهذيب الكمال»(٢)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء»(٣)، وغيرهم.

قال الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح»(٤).

 

الخبر الرابع:

في أنه ما رفع حجر في الشام وبيت المقدس يوم قتل الحسين إلا وجد تحته دم عبيط:

أخرج الطبراني بسنده إلى ابن شهاب الزهري قال: «ما رفع بالشام حجر يوم قتل الحسين بن علي إلا عن دم، رضي الله عنه»(٥).

قال الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح»(٦).

وأخرج الطبراني أيضاً بسنده إلى الزهري قال: «قال لي عبد الملك بن مروان أي واحد أنت إنْ أخبرتني أي علامة كانت يوم قتل الحسين بن علي قال: قلتُ: لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلا وجد تحتها دم عبيط، فقال عبد الملك: إنّي وإياك في هذا الحديث لقرينان»(٧).

قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات»(٨).

(١) تاريخ مدينة دمشق: ١٤/٢٣٢، دار الفكر.

(٢) تهذيب الكمال: ٦/٤٣٦، مؤسسة الرسالة.

(٣) سير أعلام النبلاء: ٣/٣١٣، مؤسسة الرسالة.

(٤) مجمع الزوائد: ٩/١٩٦، دار الكتب العلمية.

(٥) المعجم الكبير: ٣/١١٣، مكتبة ابن تيمية، القاهرة.

(٦) مجمع الزوائد: ٩/١٩٦، دار الكتب العلمية.

(٧) المعجم الكبير: ٣/١١٩، مكتبة ابن تيمية، القاهرة.

(٨) مجمع الزوائد: ٩/١٩٦، دار الكتب العلمية.

١٩٠

 

الخبر الخامس:

في قداسة وعظمة قبر الحسين (عليه السلام):

أخرج الطبراني بسنده عن الأعمش قال: «خرى رجل من بني أسد على قبر حسين بن علي رضي الله عنه، قال: فأصاب أهل ذلك البيت خبل وجنون وجذام ومرض وفقر»(١).

وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»(٢)، ورواه الذهبي في «سير أعلام النبلاء»(٣).

قال الهيثمي: «رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح»(٤).

هذا، وروايات هذا الباب كثيرة جداً، نكتفي بما أشرنا إليه من الإيجاز ونحيل القارئ إلى مطالعة كتاب «سيرتنا وسنتنا» للشيخ الأميني صاحب الغدير، حيث جمع كمّاً هائلاً من الروايات الصحيحة في كتب أهل السنة عن هذا الموضوع.

وبهذا نختم هذا الفصل الموجز عن الإمامين الحسنين وننقل الكلام إلى الإمام الرابع علي بن الحسين عليهما السلام وهو موضوع الفصل الثالث.

(١) المعجم الكبير: ٣/١٢٠، مكتبة ابن تيمية، القاهرة.

(٢) تاريخ مدينة دمشق: ١٤/٢٤٤، دار الفكر.

(٣) سير أعلام النبلاء: ٣/٣١٧، مؤسسة الرسالة.

(٤) مجمع الزوائد: ٩/١٩٧، دار الكتب العلمية.

١٩١

الفصل الثالث

الرابع من أئمة أهل البـيت
زين العابدين
علي بن الحـسين عليه السلام

١٩٢

١٩٣

 

نافذة إلى معرفة الإمام

سليل النبوّة، وفرع دوحة المجد، وغصن شجرة الإسلام الأصيلة، وأحد كواكب البيت العلوي الطاهر، وعَلَماً من أعلام الهداية، ذلك هو الإمام علي بن الحسين، زين العابدين (عليه السلام).

كان وما زال مثلاً أعلى يقتدى به، ومشعلاً وضّاء ينير الطريق بنور هديه وإشعاع معرفته.

جمع الفضائل، وحاز المكارم، وتألّق نجمه في عنان السماء يفيض على الوجود نور الإيمان، ووهج الحق، ويرسو بمَن ركب سفينته نحو شاطئ الأمن والأمان.

كان في ركب الخلود وقافلة المجد، قافلة أسراء آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، فكسّر قيود أسره، بصرخات محمّد (صلى الله عليه وآله) صرخات الحق والعدالة.

تلك الصرخات الخالدة التي هزّت عروش بني أمية، وأيقظت نيام الأمة وأصحت كل ضمير حي.

نعم، استطاع إمامنا زين العابدين أنْ يُسقط كل أوراق التستّر الأموي؛ ليُبدي سوءة الجبابرة المتلبـّسين بلباس الدين، ويفضح مخططاتهم، وألاعيبهم أمام الملأ الإسلامي.

فحصحص الحق، وزهق الباطل وعاد الدم يدبُّ في جسد الأمة لتشمّ رائحة الحياة من جديد بعد أنْ كانت يائسة منها.

وهكذا استطاع إمامنا زين العابدين أنْ يُعرّف الناس بمغزى وحقيقة ثورة الإمام الحسين ويضع أولى لَبِنات النصر الإلهي الذي أسّس أساسه الدّم الحسيني الخالد.

١٩٤

وبعد الثورة الخالدة، وأيام مريرة في قيود الأسر. اتجه إمامنا (عليه السلام) إلى توعية الأمة، وتهذيبها ونشر فضائل الأخلاق فيها، وكان سبّاقاً في الطاعة وفعل المعروف قبل القول؛ لتكون دروسه العملية أبلغ في النفوس تأثيراً، فعُرِف بزين العابدين لكثرة عبادته، وشهد له كل مَنْ عاصره بأنّه كان أورع وأفضل وأفقه أهل المدينة.

وقد طبعت السجلاّت في صحائفها مزيداً من الكلمات في تبجيل الإمام وتعظيمه، وامتلأت الكتب في نقل مناقبه ومحاسنه، ونحاول في هذا الفصل أنْ ننقل شطراً من كلمات علماء وأعلام أهل السنّة في حق الإمام عليه السلام، وقبل الدخول في ذلك، نعرض إلمامة قصيرة عن حياته (عليه السلام) فنقول:

ـ هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.

ـ أمّهُ: شاه زنان(١)، بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى، ويقال إن اسمها شهربانوا، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) ولّى حُريث بن جابر الحنفي جانباً من المشرق، فبعث إليه بنتي يزدجرد بن شهريار بن كسرى؛ فنحل ابنه الحسين (عليه السلام) شاه زنان منهما فأولدها زين العابدين (عليه السلام)، ونحل الأخرى محمد بن أبي بكر فولدت له القاسم بن محمد بن أبي بكر فهما ابنا خالة(٢). وجاء في الخبر أنّ علياً (عليه السلام) قال لولده الحسين (عليه السلام): «أحسِن إلى شهربانويه فإنّها مرضيّة، فستلد لك خير أهل الأرض بعدك»(٣).

(١) كلمة فارسية معرّبها: ملكة النساء.

(٢) الإرشاد للمفيد: ٢/١٣٧، مؤسسة آل البيت.

(٣) عيون المعجزات: ٧٠ ـ ٧١.

١٩٥

١٩٦

 

الإمام في كلمات علماء وأعلام أهل السنّة:

اتضح للقارئ من خلال الفصلين الأوّلَين أنّ الرسول الأكرم، (صلى الله عليه وآله) نصّ على خلافة أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وصدرت منه روايات صحّحها الفريقان، في مدحهم والثناء عليهم، ولأجل عدم التكرار ارتأينا أن نقتصر في فصلنا هذا، وما بعده من الفصول الآتية على ذكر كلمات علماء وأعلام أهل السنة في أئمة أهل البيت (عليهم السلام)؛ ليتبين للقارئ إجماع الأمة على كون هذهِ الذريّة الطاهرة من آل بيت النبي هم مدرسة من العطاء وأهل للاتباع.

نورد في فصلنا هذا بعضاً من كلمات علماء وأعلام أهل السنّة في تعظيم الإمام زين العابدين ومدحه والثناء عليه. فإليك ذلك:

 

١ ـ سعيد بن المسيَّب (ت: ٩٣ أو ٩٤ أو ١٠٠هـ):

قال في حق الإمام زين العابدين (عليه السلام): «لم يكن في أهل البيت مثله»(١). وقال أيضاً: «ما رأيت رجلاً أورع من علي بن الحسين»(٢).

٢ ـ محمّد بن مسلم الزهري (ت: ١٢٣هـ أو ١٢٤هـ):

نقل عنه أصحاب التراجم والسّير عدة أقوال في مدح الإمام، وتعظيمه نورد بعضاً منها(٣):

(١) نقله ابن كثير في «البداية والنهاية»: ١/١٢٢، مؤسسة التاريخ العربي.

(٢) أورده الذهبي في «تاريخ الإسلام»: حوادث وفيات (٨١ ـ ١٠٠هـ)، ص ٤٣٤، دار الكتاب العربي.

ونقل قريباً منه السيوطي في «طبقات الحفّاظ»: ٣٧، دار الكتب العلمية.

(٣) انظر مثلاً «تاريخ الإسلام» للذهبي: حوادث وفيات (٨١ ـ ١٠٠هـ) ترجمة رقم ٣٥٢، و «سير أعلام النبلاء» له أيضاً: ٤/٣٨٦ ـ ٤٠١، مؤسسة الرسالة، و «تهذيب التهذيب» لابن حجر: ٦٦٩ ـ ٦٧٢، دار الفكر، مضافاً للمصادر الآتية في هامش كل قول.

١٩٧

١ ـ «ما رأيتُ قرشيّاً أورع منه، ولا أفضل»(١).

٢ ـ «لم أدرك من أهل البيت أفضل من علي بن حسين،… وكان أفضل أهل بيته وأحسنهم طاعة»(٢).

٣ ـ «ما رأيت هاشمياً قط أفضل من علي بن حسين، وهو أبو الحسينيين كلهم»(٣).

٤ ـ «لم أدرك بالمدينة أفضل منه»(٤).

٥ ـ «ما رأيتُ قرشياً أفضل منه وما أريتُ أفقه منه»(٥).

 

٣ ـ زيد بن أسلم (ت: ١٣٦هـ):

قال في حق الإمام زين العابدين (عليه السلام): «لم يكن في أهل البيت مثله»(٦). و «ما رأيتُ فيهم مثل علي بن الحسين قط»(٧). وقال: «ما رأيت مثل علي بن الحسين فهم حافظ»(٨).

٤ ـ سلمة بن دينار، أبو حازم الأعرج (ت: ١٣٥ أو ١٤٠هـ):

قال عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): «ما رأيت هاشمياً أفضل من علي بن

(١) البداية والنهاية: ٩/ ١٢٢، مؤسسة التاريخ العربي.

(٢) مختصر تاريخ دمشق: ١٧/ ٢٣٤ و٢٣٥، دار الفكر.

(٣) المصدر نفسه: ١٧/ ٢٣٤ و٢٣٥.

(٤) تهذيب الاسماء واللغات: ١/٣١٤، دار الفكر.

(٥) خلاصة تذهيب تهذيب الكمال: ٢٣٧، دار البشائر المصوّرة على الطبعة البولاقية في القاهرة.

(٦) نقله ابن كثير في «البداية والنهاية»: ٩/١٢٢، مؤسسة التاريخ العربي.

(٧) نقله الذهبي في «تاريخ الإسلام»: حوادث وفيات (٨١ ـ ١٠٠هـ)، ص ٤٣٣، دار الكتاب العربي.

(٨) نقله أبو إسحاق الشيرازي في «طبقات الفقهاء»: ٤٧، دار القلم، بيروت.

١٩٨

الحسين»(١).

وقال أيضاً: «ما رأيت هاشمياً أفقه من علي بن الحسين»(٢).

 

٥ ـ يحيى بن سعيد الأنصاري (ت: ١٤٣هـ):

قال عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): «هو أفضل هاشمي رأيته بالمدينة»(٣). «وكان أفضلُ هاشمي أدركته»(٤).

٦ ـ الإمام مالك بن أنس (ت: ١٧٩هـ):

قال عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): «إنّ علي بن الحسين كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة إلى أن مات… وكان يسمّى زين العابدين لعبادته»(٥).

وروى عنه عبد الله بن وهب(٦) أنه قال: «لم يكن في أهل بيت رسول الله

(١) نقله الذهبي في «تاريخ الإسلام»: حوادث وفيات (٨١ ـ ١٠٠هـ)، ص ٤٣٣، دار الكتاب العربي، وابن العماد الحنبلي في «شذرات الذهب»: ١/١٩٤، دار الكتب العلمية.

(٢) نقله المزّي في «تهذيب الكمال»: ٢٠/٣٩٣، مؤسسة الرسالة.

(٣) نقل قوله النووي في «تهذيب الأسماء واللغات»: ١/٣١٤، دار الفكر.

(٤) نقل قوله ابن كثير في «البداية والنهاية» ٩/١٢٢، مؤسسة التاريخ العربي، والذهبي في «تاريخ الإسلام»: حوادث وفيات (٨١ ـ ١٠٠هـ)، ص ٤٣٥، دار الكتاب العربي، وأورده ابن حجر في «تهذيب التهذيب»: ٥/٦٧٠، دار الفكر.

(٥) رواه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»: ٤١/ ٣٧٨، دار الفكر، وأرسله الذهبي في «العبر في خبر من غبر»: ١/١١١ إرسال المسلّمات، واللفظ أعلاه للذهبي.

(٦) قال عنه ابن حجر في «تقريب التهذيب»: «عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي مولاهم أبو محمد المصري، الفقيه، ثقة حافظ عابد»، «تقريب التهذيب»: ١/٣٢٠، دار الفكر، وترجمه في «تهذيب التهذيب»: ٤/٥٣٠، ونقل فيها قول علي بن الحسين بن الجنيد: سمعت أبا مصعب يعظّم ابن وهب، قال: ومسائل ابن وهب عن مالك صحيحة، ونقل قول هارون بن عبد الله الزهري: كان الناس في المدينة يختلفون في الشيء عن مالك فينتظرون قدوم ابن وهب حتى يسألوه عنه.

١٩٩

مثل علي بن الحسين»(١).

 

٧ ـ حماد بن زيد (ت: ١٧٩هـ):

قال عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): «كان أفضل هاشمي أدركته»(٢).

٨ ـ سفيان بن عُيَيْنة (ت: ١٩٨هـ):

قال في حق الإمام زين العابدين (عليه السلام): «ما رأينا قط قرشياً أفضل منه»(٣).

٩ ـ الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت: ٢٠٤ هـ):

قال عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): «هو أفقه أهل المدينة»(٤).

١٠ ـ محمد بن سعد الزهري (ت: ٢٣٠هـ):

قال عن الإمام زين العابدين (عليه السلام): «كان ثقةً مأموناً، كثير الحديث، عالياً، رفيعاً، ورعاً»(٥).

(١) انظر «البداية والنهاية» لابن كثير: ٩/١٢٢، مؤسسة التاريخ العربي، ونسب القول إلى مالك بلا رواية عنه، و «سير أعلام النبلاء» للذهبي: ٤/٣٨٩، مؤسسة الرسالة، و «تهذيب التهذيب» لابن حجر: ٥/٦٧٠، دار الفكر، واللفظ لابن حجر.

(٢) نقل قوله النووي في «تهذيب الأسماء واللغات»: ١/٣١٤، دار الفكر.

(٣) نقل قوله المنّاوي في «الكواكب الدريّة»: ١٣٩، مطبعة وورسة تجليد الأنوار، مصر، وابن الصبّان في «إسعاف الراغبين»: ٢٣٧، مطبوع على هامش نور الأبصار، طبعة دار الفكر المصوّرة على الطبعة المصرية لسنة ١٩٤٨م.

(٤) نقل قوله الجاحظ في «رسائله»: ١٠٦، جمع ونشر حسن السندوبي، المطبعة الرحمانية بمصر، توزيع المكتبة التجارية الكبرى.

(٥) أورده الذهبي في «سير أعلام النبلاء»: ٤/٣٨٧، مؤسسة الرسالة، وابن حجر في «تهذيب التهذيب»: ٥/٦٧٠، دار الفكر.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...