بحوث قرآنية في التوحيد والشرك / الصفحات: ١٢١ – ١٤٠
أخرج مسلم في صحيحه انّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)،قال:«إذا مات الاِنسان انقطع عنه عمله إلاّمن ثلاثة:إلاّ من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».(١)
وأخرج مسلم، عن جرير بن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه: من سنَّ في الاِسلام سنّة حسنةفعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أُجورهم شيء، ومن سنَّ في الاِسلام سنّة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء.(٢)
ففي هذا المورد ينتفع الميت بعد موته بعمل الغير لقيامه في ترغيب ذلك الغير وتشويقه إلى فعله، فانّ من سنّ سنة حسنة كأنّه يدعو الغير بعمله هذا إلى الاقتداء به.
إنّما الكلام فيما إذا لم يكن للميت نصيب في العمل، فهل يصل ثواب عمل الغير إليه إذا أهدى صاحب العمل ثوابه إليه ؟
١.أخرج مسلم، عن عائشة انّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: من مات وعليه صيام صام عنه وليه.(١)
٢. وأخرج أيضاً عن ابن عباس، قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: يا رسول اللّه انّ أُمّي ماتت وعليها صوم شهر أفأقضي عنها، قال: نعم، فدين اللّه أحقّ أن يقضى.(٢)
٣. روى سعد بن عبادة، انّه قال لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ أُمّي ماتت و عليها نذر أفيجزي عنها أن أعتق عنها، قال: اعتق عن أُمّك.(٣)
٤. روى أبو هريرة، انّرجلاً قال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ أبي مات وترك مالاً ولم يوص، فهل يكفر عنه ان أتصدق عنه؟ قال: نعم.(٤)
٥. روى سعد بن عبادة، انّه قال: يا رسول اللّه، إنّ أُمّ سعد ماتت، فأي الصّدقة أفضل؟ قال: الماء. قال: فحفر بئراً، وقال: هذه لاَُمّ سعد.(٥)
٣ ـ سنن النسائي:٦/٢٥٣، باب فضل الصدقة على الميت.
٤ ـ صحيح مسلم:٥/٧٣، باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت من كتاب الهبات.
٥ ـ سنن أبي داود:٢/١٣٠ برقم ١٦٨١، باب «في فضل سقي الماء».
وعلى ذلك سارت المذاهب الفقهية الاَربعة حيث يفتون بانتفاع الميت بعمل الحي حتى إذا لم يوص به ولم يكن له في السعي نصيب.
فهذه الروايات والفتاوى تثبت ضابطة كلية وهي وصول ثواب كلّ عمل قربي إلى الميت إذا أُوتي به نيابة عنه سواء أكان من قبيل الصوم والحج أو غيرهما.
وعلى هذا يعلم صحّة عمل المسلمين حيث يقومون بأعمال حسنة صالحة ربما أهدوا ثوابها إلى أحبائهم وأعزتهم الموتى وهو أمر يوافق عليه الكتاب والسنة، فما يقوم به المسلمون لموتاهم من إهداء ثواب الاَعمال الصالحة لهم، أو ما يفعلونه عند قبور الاَنبياء والاَولياء من إطعام الطعام وتسبيل الماء بنية أن يصل ثوابها إليهم إنّما
وقد وقع التبرك ببعض آثاره في عهده وأقرّه ولم ينكر عليه،فدلَّ ذلك دلالة قاطعة على مشروعيته، ولو لم يكن مشروعاً لنهى عنه وحذّر منه.
وكما تدل الاَخبار الصحيحة وإجماع الصحابة على مشروعيته تدل على قوة إيمان المتبركين وشدّة محبتهم وموالاتهم ومتابعتهم للرسول الاَعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) كقول الشاعر:
أمرّ على الديار ديار ليلىأقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حبّ الديار شغفن قلبيولكن حبّ من سكن الديارا(١)
ج. ندب الشرع المقدس إلى التربية والتعليم ومكافحة الاَُميّة ولا شكّ انّ لهذا الاَمر الكلي أشكالاً وألواناً مختلفة تتبدل حسب تبدل الظروف حيث كانت التربية والتعليم في العصور السابقة تتحقق من خلال الكتابة بالقصب والدواة، وجلوس المتعلم للاستماع إلى معلّمه، إلاّانّ ذلك تطور اليوم إلى أساليب جديدة تستخدم فيها الاَجهزة المتطورة كالاذاعة والتلفزة والكومبيوتر