هوية التشيع / الصفحات: ٨١ – ١٠٠
هوية التشيع العرقية وآراء الباحثين فيهافي صدر هذا العنوان لا بد من سؤال عن معنى مضمون العروبة الذي يميزها عما عداها وأول ما يتبادر للذهن أن العربي هو الذي يولد من أبوين عربيين وبعبارة اُخرى هو المتحدر من دم عربي، وهذا الفرض غير متحقق لأننا لا يمكننا الحصول على دم خالص مائة بالمائة من الشوائب والإِختلاط ولأنّ الدماء إنسانية الإِنتماء كلها تعود لمصدر واحد وهي مختلطة اختلاطاً يصعب معه فرزها عن غيرها، ثم بعد ذلك لأنّه ليس من المتصور أنّ الدماء تتأثر بالعقيدة والفكر والمشاعر، فأي معنى للعروبة مع هذه الفرض، وانطلاقاً من هذا فإنّ كل رأي يقوم على فرض وجود دم عربي خالص هو فرض غير علمي ولا يمكن الركون إليه.
ومع التنزل والتسليم بصحة هذه المقولة وهذا الفرض فقد ذكرنا فيما مر أنّ الشيعة الذين بدأ بهم التشيع وقام على أيديهم هم من القبائل العربية وذكرنا الطبقة الاُولى منهم ولا نريد أن نثقل على القارئ فنذكر له الطبقتين الثانية والثالثة فبوسع كل قارئ الرجوع إلى كتب التراجم ليرى أنّهم في جمهورهم من العرب.
وإذا كان افتراض أن هناك دماً خالصاً غير متأثر بغيره أمراً خيالياً نعود الى السؤال عن معنى العروبة، وسنجد الجواب إنّ العروبة هي المزيج المتكوّن من الفكر والمشاعر واللغة والتربة، وانتزاع العروبة من هذه المصادر هو المسلك الصحيح فهي التي تحدد الهوية ومعظم من كتب في تحديد هوية الإِنسان أكدوا على
مقومات الهوية العرقية
١ ـ البيئة الجغرافية:
إنّ مهد التشيع الأول هو الجزيرة العربية لأنّ شيعة عليٍّ عليه السلام الأوائل هم من الاصحابة ومن جزيرة العرب كما ذكرنا ذلك من قبل، ومع افتراض وجود شخص أو شخصين مثل سلمان الفارسي وأبي رافع القبطي فإنّ نشأة هؤلاء وإقامتهم لفترة طويلة بالحجاز ومن الحجاز انتشر التشيع إلى الأقطار الاُخرى كالعراق وسوريا ومصر والشام وإفريقيا والهند والخليج وأوربا وأمريكا والصين وروسيا وغيرها من سائر أقطار العالم على امتداد السنين. وسنرى في آخر هذا الفصل أقوال الباحثين في ذلك ونصوصهم على أنّ مهد الشيعة الأول هو الجزيرة العربية.
٢ ـ اللغة:
يعتبر العلماء أنّ اللغة هي العامل الأساسي في تحديد انتماء كل شخص إلى قومية من القوميات لأنّ اللغة قسم من المشاعر بل تذهب البحوث الحديثة إلى انّها الجزء المهموس من الفكر وذلك لتقسيمهم للفكر إلى قسمين صامت ومهموس(٢). وبحكم كون الشيعة من أهل الحجاز فلغتهم كانت العربية وشيعة عليٍّ كما هو واضح من الشريحة التي قدمناها من فصحاء العرب وأبطال البيان.
(٣) كنز العرفان ٢/٧٢.
(٤) الأحوال الشخصية لمحمد أبو زهرة ص٢٧ ط مصر الأولى.
٣ ـ عروبة الخليفة:
ومما يتصل بموضوع اللغة إنّه بالنظر لأهمية اللغة العربية في موقعها من الشريعة الذي يتضح من اختيار السماء لها لتكون الظرف الحامل للفكر الإِسلامي ولما كرم الله تعالى به هذه اللغة في كتابه إذ يقول في الآية الثانية من سورة يوسف:
(وكذلك أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون) ويقول في الآية السابعة والثلاثين من سورة الرعد (وكذلك أنزلناه حكماً عربياً) الأمر الذي أجمع معه مفسروا القرآن الكريم على أنّ القرآن حكمة عربية ومحاوراته على نسق محاورات العرب وأساليبهم، وإذا شئت قلت إنّه أخذ مشاعر العرب وخواصهم الحضارية عندما اختار لغتهم ولم يختص أو يتأطر بهم لأن رسالة الإِسلام عالمية ولكنّ الله تعالى جعل اللغة العربية هي القناة التي ينقل الدين القويم عن طريقها للناس. ولأجل ضمان حفظ خواص الرسالة ذهب كثير من الفرق الإِسلامية إلى ضرورة كون الخليفة عربياً. لا لسبب آخر قد يفهم منه معنى عنصري فرسالات السماء منزهة عن ذلك وقد انشطرت الفرق الإِسلامية في اشتراط عروبة الخليفة إلى شطرين: وكان الشيعة من الشطر الذي يؤكد على عروبة الخليفة لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: «الأمة من قريش»(١) في حين ذهب كثير من المسلمين غير الشيعة إلى عدم اشتراط هذا الشرط. ويبدو أنّ هذا المعنى يبتدئ من الخليفة الثاني نفسه حيث قال:
لو أدركني أحد رجلين فجعلت هذا الأمر إليه لوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة وأبو عبيدة الجراح ولو كان سالم حياً ما جعلتها شورى(٢).
وواضح من ذكره لسالم أنّ الخليفة لا يشترط عروبة الخليفة والا لنص على العرب فقط وقد ذهب لذلك أيضاً مشاهير المعتزلة مثل ضرار بن عمر وثمامة بن أشرس والجاحظ وكثير غير هؤلاء(٣).
(٣) ضحى الإِسلام ١/٦٢.
٤ ـ التاريخ والمصالح المشتركة:
إنّ تاريخ الشيعة الذين عددنا أسماءهم جزء من تاريخ الجزيرة العربية بكل أبعاد هذا التاريخ ومقوّماته. وكذلك المصالح المشتركة المادي منها والمعنوي وكذلك النهج الشعبي في التفكير والعادات والسلوك. ولذلك لما جاء الإِسلام أخذ يجاهد لتخليص المسلمين من بعض عاداتهم وأنماط سلوكهم التي كانت تؤلف قدراً مشتركاً بين سكان الجزيرة العربية وبالنظر لكون هذا المعنى مما لا ينبغي الإِطالة فيه لأنّه بحكم البديهيات نكتفي بما ذكرناه ومن هذه الحقائق التي قدمناها تتضح الهوية العرقية للتشيع فهو عربي بانتمائه ومهده ولغته وآرائه ولأجل هذا ذكر الباحثون الموضوعيون أنّ التشيع عربي بكل خواصه وأقصد بالباحثين هنا المتأخرين منهم وذلك لأنّ هذه المسألة لم تكن تشغل بال خصوم الشيعة في العصور الاُولى وإنّما نشأت مؤخراً لأسباب كثيرة أهمها تحول الفرس إلى شيعة ابتداءاً من القرن العاشر أما التاريخ الذي يسبق القرن العاشر فالشيعة من الفرس كانوا فيه فئةً قليلة وسوف بأتينا هذا المعنى مفصلاً. وحينما تحول الفرس إلى شيعة ظهرت لهم مثالب وعيوب لم تكن موجودة يوم أن كانوا من السنة ولا اُريد أن أتعجل بك النتائج فهي آتية إن شاء الله.
١ ـ الدكتور أحمد أمين:
يقول الدكتر أحمد أمين في نص ذكرناه سابقاً واشتشهدنا بمقطع منه ونذكره هنا لارتباطه بالموضوع: والذي أرى كما يدلنا التاريخ أنَّ التشيع لعليٍّ بدأ قبل دخول الفرس في الإِسلام ولكن بمعنى ساذج وهو أنّ علياً أولى من غيره ومن وجهتين كفايته الشخصية وقرابته للنبي صلى الله عليه وآله وسلّم ولكن هذا التشيع أخذ صبغة جديدة بدخول العناصر الاخرى في الإِسلام من يهودية ونصرانية ومجوسية وحيث أنّ أكبر عنصر دخل في الإِسلام الفرس فلهم أكبر الأثر بالتشيع، ورأيه هنا واضح أنّ أوائل الشيعة ليسوا بفرس وإن ناقض نفسه بمكان آخر(١).
٢ ـ الدكتور علي حسين الخربوطلي قال:
وهناك فريق من العرب تشيع لعليٍّ بعد أن آلت الخلافة إلى أبي بكر ويروى جولد تسيهر أنّ الحركة الشيعية نشأت في أرض عربية بحتة فقد مال لاعتناق التشيع قبائل عربية تشبعت بالآراء الثيوقراطية وبشرعية حق عليٍّ بالخلافة فأقبلت على تعاليمه في لهفة وحماسة أهل العراق من الفرس، ورأوا أنّ الإِمامة ليست من المصالح التي تفوض إلى نظر الاُمة ويُعين القائم بها تعييناً باختيار جماعة المسلمين وانتخابهم بل هي ركن الدين وقاعدة الإِسلام فيجب تعيين الإِمام ويكون معصوماً وأنّ علياً هو الذي عيّنه الرسول(٢).
٣ ـ المستشرق فلهوزن قال:
أما آراء الشيعة تلائم الإِيرانيين فهذا مما لا شك فيه، وأما كون هذه
٤ ـ المستشرق آدم متز قال:
إنّ مذهب الشيعة لا كما يعتقد البعض ردّ فعل من جانب الروح الإِيرانية تخالف الإِسلام فقد كانت جزيرة العرب شيعية كلها عدى المدن الكبرى كمكة وتهامة وصنعاء. وكان للشيعة غلبة في بعض المدن مثل عمان وهجر وصعدة وفي بلاد خوزستان التي تلي العراق فكان نصف أهلها على مذهب الشيعة، أما إيران فكانت سنية عدى قم وكان أهل أصفهان يغالون في معاوية حتى اعتقد بعضهم أنّه نبي مرسل(٢).
٥ ـ المستشرق جولد تسيهر قال:
إنّ من الخطأ القول إنّ التشيع في مَنشئِه ومراحل نموِّه يمثل الأثر التعديلي الذي أحدثته أفكار الاُمم الإِيرانية في الإِسلام بعد أن اعتنقته وخضعت لسلطانه عن طريق الفتح والدعاية وهذا الوهم الشائع مبني على سوء فهم الحوادث التاريخية فالحركة العلوية نشأت في أرض عربية بحتة(٣).
٦ ـ المستشرق نولدكه قال:
ظلت بلاد فارس في أجزاء كبيرة منها تدين بالمذهب السني واستمر ذلك حتى سنة ١٥٠٠م عندما أعلن التشيع مذهباً رسمياً فيها بقيام الدولة الصفوية(٤).
بعد استعراض هذه المقتطفات من أقوال الباحثين التي تؤكد عروبة التشيع
(٣) العقيدة والشريعة ص٢٠٤.
(٤) دراسات في الفرق والعقائد ص٣٢٦.
الفصل الرابع
أئمة الشّيعة مَنْ هُمْ ؟
إنّ أئمة الشيعة الإِثني عشر ابتداءً من الإِمام عليٍّ عليه السلام حتى الإِمام الثاني عشر محمد بن الحسن عليه السلام الذين تعتبرهم الشيعة بأنّهم الإِمتداد الطبيعي للنبوة هم سادة العرب ومن صميمهم وبيت هاشم كما هو المعروف أشرف البيوتات العربية فلا حاجة للإِفاضة بذلك.يأتي بعد ذلك الرواد الأوائل من حملة علوم أهل البيت وبيوتات وأسر الشيعة الذين حملوا التشيع وبشروا به فإنّهم من صميم العرب وذلك ابتداءً من أقطاب مدرسة الإِمام الصادق عليه السلام مثل أبان بن تغلب بن رباح الكندي، وبيت آل أعين، وبيت آل حيان التغلبي، وآل عطية، وبني دراج وغيرهم(١) ثم الطبقة التي تلي هؤلاء كالشيخ المفيد محمد بن النعمان، والشريف المرتضى علم الهدى عليّ بن أبي الحسين، والعلامة الحلي جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهر، وعبد العزيز بن نحرير البراج وجمال الدين أحمد بن موسى بن طاووس واُسرة آل طاووس، ومحمد بن أحمد بن إدريس العجلي، ونجم الدين جعفر بن الحسن الهذلي المعروف بالمحقق وجمال الدين المقداد بن عبدالله السيوري، والشهيد الأول محمد بن مكي والشهيد الثاني زين الدين العاملي وغيرهم فإنّ كل هؤلاء من صميم العرب.
السنّة والفرس
قبل الدخول في صميم هذا الموضوع لنبدأ أولاً بإيران وماهي هوية سكانها العقائدية وبالتحديد أين موقع سكانها من المذهبين السني والشيعي ففي ذلك بعض الأضواء التي لابد منها لإِنارة طريق البحث.
لقد ذكر لنا المؤرخون أنّ فتوحات إيران بكل أجزائها امتدت فغطت فترة الخلافة الإِسلامية إلى نهاية فترة حكم الإِمام عليٍّ عليه السلام وكانت هذه البلدان عندما يتم فتحها قد يتخلف بعض جنود الحملة في تلك المدن وبعض هؤلاء كانوا من الشيعة ومن الذين حملوا معهم مبادئهم وعرفوا بها، وفي فترة حكم زياد بن أبيه للكوفة كانت في جملة تخطيطاته للقضاء على التشيع بالكوفة أن هجّر خمسين ألف من الشيعة وسفّرهم إلى خراسان.
ولا بدّ أنّ هؤلاء توالدوا كما أنّهم بشروا بأفكارهم وعقائدهم فتبعهم على
إيران السنية
١ ـ شمس الدين محمد بن أحمد يقول:
إقليم خراسان للمعتزلة والشيعة والغلبة لأصحاب أبي حنيفة إلا في كورة الشاش فإنّهم شوافع وفيهم قوم على مذهب عبدالله السرخسي، وإقليم الرحاب مذاهبهم مستقيمة إلا أنّ أهل الحديث حنابلة، والغالب بدبيل ـ لعله يريد أردبيل ـ مذهب أبي حنيفة، وبالجبال: أما بالري فمذاهبهم مختلفة والغلبة فيهم للحنفية، وبالري حنابلة كثيرة، وأهل قم شيعة والدينور غلبة لمذهب سفيان الثوري، وإقليم خوزستان مذاهبهم مختلفة، أكثر أهل الأهواز ورامهرمز والدورق حنابلة، ونصف الأهواز شيعة، وبه من أصحاب أبي حنيفة كثير، وبالأهواز مالكيون. إقليم فارس العمل في على أصحاب الحديث، وأصحاب أبي حنيفة، إقليم كرمان المذاهب الغالبة للشافعي، إقليم السند مذاهبهم أكثرها أصحاب الحديث، وأهل الملتان شيعة يحيعلون في الأذان ـ أي يقولون حيَّ على خير العمل ـ ويثنون في الإِقامة ـ أي يقولون الله أكبر مرتين، وأشهد أن لا إله إلا الله مرتين أيضاً وهكذا ـ ولا تخلو القصبات من فقهاء على مذهب أبي حنيفة(١).
٢ ـ ابن بطوطة في رحلته قال بالتلخيص:
لما أعلن خدابنده حفيد هولاكو التشيع حمل الناس على التشيع في مطلع القرن
٣ ـ القاضي عياض في مقدمة ترتيب المدارك قال:
وقد حكى من انتشار مذهب مالك: وأما خراسان وما وراء العراق من بلاد المشرق فدخلها هذا المذهب أولاً بيحيى بن يحيى التميمي وعبدالله بن المبارك، وقتيبة بن سعيد فكان له هناك أئمة على مر الأزمان، وتفشى بقزوين وما والاها من البلاد الجبل، وكان آخر من درس منه بنيسابور أبو إسحق بن القطان وغلب على تلك البلاد مذهبا أبي حنيفة والشافعي(١).
٤ ـ بروكلمان قال في تاريخ الشعوب:
إنّ الشاه إسماعيل الصفوي بعد انتصاره على الوند توجه نحو تبريز فأعلمه علماء الشيعة التبريزيون أنّ ثلثي سكان المدينة الذين يبلغ عددهم ثلثمائة ألف من السنة(٢) مع لفت النظر إلى أنّ هذه الكمية من السنة في بلد واحد كانت في القرن العاشر وفي بدايته.
٥ ـ المستشرق كيب يقول:
إنّ الفكرة الخاطئة والتي لا زالت منتشرة التي تقول بأنّ بلاد فارس كانت الموطن الأصلي للتشيع لا أصل لها بل الروايات التاريخية تثبت بأنّ الزرادشتيين كانوا أميل عموماً لاعتناق المذهب السنّي(٣).
(٣) دراسات في الفرق والعقائد ص٢٦.
الفصل الخامس
اللغة والمذاهب الإِسلامية
سبق أن ذكرت موقف المذاهب الإِسلامية في موضوع اشتراط عروبة الخليفة من حيث اللزوم وعدمه وكذلك اشتراط اللغة العربية في العبادات والعقود فلا داعي لإِعادة ذلك وإنما اُريد الإِشارة هنا إلى أنّ في السنة من يشترط العربية وفيهم من لا يشترطها في حين يؤكد المذهب الشيعي على اشتراطها وذلك يكون مؤشراً على عروبة التشيع و وضوح انتمائه للعربية شكلاً ومضموناً.
من هم أئمة السنة وأقطابهم؟
لا اُريد أن اُعيد إلى ذهن القارئ أنّ أمثال هذه البحوث إنما هي من باب إشعار الطرف الآخر بأنّه لا يلتزم بما هو لازم ولا اُريد والله يعلم أن انتقض أي إنسان ينتمي لأي قومية كما لا أستطيع في هذه المقتطفات أن أستوعب كل الأقطاب الذين قام بناء الفكر السني عليهم وعلى أقلامهم ومواقفهم وإنّما ساُقدم منهم شريحة كافية للتدليل على المطلوب. إنّ تاريخ الدنيا منذ وجد يصنف الناس إلى صنفين: صنف يقوم مقام الروح في الجسد وآخر يمثل الجسد وصنف يقوم مقام المحرك وآخر يمثل القاطرة التي يسحبها المحرك وسنرى أنّ من يقوم مقام المحرك في الهيكل السني فارسي في الأعم الأغلب، ولنبدأ بمن يسمّى بالمذاهب الأربعة:
أ ـ البخاري
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم صاحب الصحيح الشهير: أعجمي.
ب ـ الترمذي
ابن عيسى بن سورة الضرير تلميذ البخاري كذلك.
ج ـ
محمد بن يزيد بن ماجة مولى ربيعة، أعجمي.
د ـ
أحمد بن علي بن شعيب النسائي نسبة لمدينة نسا بخراسان، أعجمي.
هـ ـ
سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني وهي بلدة بقرب هراة.
ينسب إلى الأزد ولم ينصوا على أنّ النسبة بالأصل أم بالولاء، ويبقى انتماؤه إلى بلد أعجمي.
و ـ مسلم
بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري عربي منصوص على عروبته(١).
شريحة ثالثة:
هذه شريحة ثالثة متوزعة على المذاهب الأربعة في امتداد تاريخها الطويل غير ملتزمة بالتسلسل الزمني اُقدمها لتكون مجرد مؤشر على نسبة ما في المذاهب الأربعة من العلماء الفرس، ولا اُريد الإستقصاء لأنّه يستلزم إضاعة وقت وجهد الأولى صرفهما في مجال آخر.
إن معظم رواة الأحكام والأخبار، ومعظم الفقهاء والمفسرين هم من الفرس، ومنهم على سبيل المثال: مجاهد، وعطاء بن أبي رياح، و عكرمة وسعيد بن جبير. ومجاهد وعكرمة ممن يعتمد عليه البخاري والشافعي ويوثقه ويأخذ بمروياته جملة وتفصيلاً(٢).
ومنهم الليث بن سعد تلميذ يزيد بن حبيب والذي يعتبر مؤسس المدرسة
ومنهم الحاكم صاحب المستدرك، وعبدالعزيز الماجشون الأصفهاني مولى بني تميم، و عاصم بن عليّ بن عاصم مولى بني تيم ومن شيوخ البخاري، و عبدالحق بن سيف الدين الدهلوي صاحب مقدمة في مصطلح الحديث، وعبد الحكيم القندهاري شارح البخاري في حاشيته، و عبدالحميد الخسر وشاهي صاحب اختصار المذهب في الفقه الشافعي.
و عبدالرحمن رحيم مولى بني أمية ومحدث الشام على مذهب الأوزاعي، و عبدالرحمن العضد الإِيجي صاحب كتاب المواقف، و عبدالرحمن الجامي صاحب فصوص الحكم، وعبد الرحمن الكرماني رئيس الأحناف بخراسان وصاحب شرح التجديد، و شيخي زادة صاحب كتاب مجمع الأنهار عبدالرحمن، و أحمد بن عامر المروزي صاحب كتاب مختصر المزني.
و سهل بن محمد السجستاني صاحب كتاب إعراب القرآن، و محمد بن إدريس أبو حاتم الرازي الذي يعد بمستوى البخاري، وأبو إسحاق الشيرازي صاحب كتاب التشبيه.
وعبدالله بن ذكوان أبو الزناد عالم المدينة بالفرائض والفقه وممن روى عنه مالك والليث؛ و أحمد بن الحسين شهاب الدين الاصبهاني صاحب كتاب غاية الاختصار؛ و يعقوب بن إسحاق النيسابوري صاحب المسند الصحيح المخرج
ولو رمت أن أمشي معك على هذا الخط فسنصل إلى نسب عالية جداً من الناحية الكمية من نسبة العلماء والمؤرخين والمفسرين من الفرس، إنّ الفكر السني بكل أبعاده مدين للفرس ومصبوغ بالفارسية وحتى الإِمام محمد بن عبدالوهاب تربّى ونشأ وتثقف على أيدي الفرس وكانت تربيته وثقافته بين كردستان وهمدان، وأصفهان وقم كما نص على ذلك جماعة(٢). ومن الجدير بالذكر أنّ الألسنة الطويلة والبذيئة والمتسرعة التي تفتري ما تشاء على الفرق الإِسلامية وخصوصاً على الشيعة هي ألسنة فارسية. وساُقدم لك نموذجين من هذا الصنف الذي ليس على ضميره ولسانه رقيب وما قلمه شعور بالمسؤولية.
نموذجان من السنة الفرس
١ ـ الشهرستاني محمد بن عبدالكريم صاحب كتاب الملل والنحل من أهل شهرستان:
وهي بليدة بين نيسابور وخراسان، إنّ هذا الرجل قد كتب عن الفرق الإِسلامية فخلط وخبط خبط عشواء وافترى ونسب اُموراً بدون علم وتثبت حتى شحن كتابه بزاد موبوء، وخلف تركة من الإِفتراء تأخذ منها الأقلام والله تعالى سائله عن ذلك وقبل أن اُقدم لك نماذج من كتاباته أود أن أذكر لك بعض آراء قومه فيه.
أ ـ الإِمام الرازي:
يقول في كتابه مناظرات مع أهل ما وراء النهر المسألة العاشرة متحدثاً عن كتاب الملل والنحل، إنّه كتاب حكى فيه مذاهب أهل العالم بزعمه إلا أنّه غير معتمد عليه لأنّه نقل المذاهب الإِسلامية من الكتاب المسمى بالفرق بين الفرق من تصانيف الأستاذ أبي منصور البغدادي وهذا الاستاذ كان شديد التعصب على المخالفين ولا يكاد ينقل مذهبهم على الوجه الصحيح، ثم أنّ الشهرستاني نقل مذاهب الفرق الإِسلامية من ذلك الكتاب فلهذا السبب وقع فيه الخلل في نقل هذه المذاهب(١).