المقارنة بين الأبناء
إن مقارنة الوالدين بين الأبناء يُعتبرُ أمراً مزعجاً لهم ، فكما أن الزوجة تنـزعج حين يطلب الزوج منها أن تكون مثل الجارة ماهرة في إعداد الحلوى ، كما يزعجها أيضا تعنيفه لها رافضاً منها أن تكون مثل الجارة مهملة في ترتيب البيت .
إضافة إلى الآثار الأخرى من انكماشها وعدم ارتياحها من الطرف الآخر المقارن معها .
فنفسية الطفل كذلك مثل الكبير ، فكما أن المقارنة تزعج الأم وكذلك الأب ، فهي تزعجه أيضاً ، فتصيبُه حالةٌ من التوتر مقابل أخيه المقارن معه .
لذا ينبغي على الوالدين عدم استعمال المقارنة بين الأبناء بالمديح أو الذم ، مثل أن تقول الأم لصغيرها : لماذا لا تكون مثل أخيك الذي يحافظ على ملابسه دوماً ، أو تقول : لا تبكِ وتكون مزعجاً مثل أخيك .
كيف نعالج الغيرة عند الأبناء ؟
إن معرفةَ الداءِ نصفُ الدواءِ ، كما يقول الحكماء ، ولذا فمعرفة أسباب الغيرة تنفعنا كثيراً في العلاج حين نتوقى العوامل المسببة للمرض .
إضافة إلى أن أَهَمَّ علاجٍ للغيرة يتركزُ في إشباع حاجتهم للحُبُّ والحنان مع الاهتمام بوجودهم وهي نفس الأسباب التي تدفعهم للعناد وعدم طاعة الوالدين .
فالغيرة والعناد قرينان حينما يبرز الآخر ، ففي بادئ الأمر يكون الطفل معانداً لأسباب مرّت ، فإذا لم يتم علاجه ، يتفاقم الأمر عليه ويُصاب بمرض الغيرة فلا ينسى الوالدان أن يسمعاه كلمات الحُبُّ والإطراء والتقدير والمديح والاهتمام بوجوده .
وقد تُثيرُ الأمُّ الحديثةُ العهدِ بالولادة سؤالاً حول إمكانية توزيع الاهتمام على كل الأبناء في وقت يأخذ الرضيع كل اهتمام الأم ووقتها ؟
والجواب أن الطريقة الصحيحية لمثل هذه الأم – التي حين تهتم برضيعها يقف الأكبر ينظر متألماً من الزائر الجديد الذي عزله عن والديه – أن تعالج الموضوع كما يلي :
1 ـ إشعار الطفل بأنه كبير :
إن الأم وهي ترضع صغيرها بإمكانها أن تتحدث مع الكبير قائلة : كم أتمنى أن يكبر أخوك ويصبح مثلك يأكل وحده وله أسنان يمضغ بها ، ويمشي مثلك و… حتى أرتاح من رضاعته وتغيير فوطته ، ولكنه مسكين لا يتمكن من تناول الطعام أو السيطرة على معدته .
وتقول لطفلها الأكبر حين يبكي الرضيع وتهرع إليه : نعم جئنا إليك فلا داعي للبكاء ، إن أخاك سوف يعلمك أن تقول أني جوعان بدل الصراخ والضجيج .
وبهذه الكلمات وغيرها من التصرفات يمكن إشعاره بأنه كبير ، والصغير يحتاج إلى هذه الرعاية .
كما يحسن بالأم أن لا تُحِطَّ من قدرِ ولدها الأكبر بأن تقولَ له : لا تبك مثل أخيك الصغي ، أو لا تجلس في حضني مثل الصغار ، أو لا تشرب من زجاجة الحليب العائدة لأخيك الصغير .
2 ـ إعطاؤه جملة من الامتيازات :
لا بُدّ من الحرص على إعطاء الولد الأكبر جملةً من الامتيازات حتى يشعر حقيقة بأنه كبير .
وأن الاهتمام بالصغير هو لعجزه وعدم مقدرته ، ويمكن عد الأمور التالية من جملة هذه الامتيازات :
مثلاً أن تَخُصُّهُ بقطعة من الحلوى وتقول له : هذه لك لأنك كبير ، ولا تعطيها لأخيك لأنه صغير ، وهذه اللعبة الجميلة لك لأنك كبير ، أما هذه الصغيرة فهي للصغير .
وكذلك يجب الحذر من إعطائه لعبة بعنوان أنها هدية له من أخيه الوليد ، لأن هذا التصرف يوحي له بالعجز عن تقديم هدية لأخيه مثلما فعل الأصغر منه ، وتزيد غيرته منه .
3 ـ رفضُ إيذاءِهِ وقبولُ مشاعرِهِ :
لا بُدّ للأم أن تمنع بِحَزمٍ محاولة الطفل الكبير إيذاءَ أخيه الصغير بأن يرفع يده ليهوى بها عليه بأن تُمسِكَ يديه أو تُمسِكَ الحاجة التي يحملُها لضربه ، ومع ذلك تمسكه وتحضنه بعطف وتحمله بعيداً عن أخيه .
لأن الطفل بالحقيقة لا يريد إيذاء أخيه ، ولكن سوء تعامل الوالدين واهتمامهم بالرضيع دونه دَفَعَهُ إلى هذا الفعل .
لذا ينبغي على الأم أن تمنع الأذى وتقبل مشاعره الغاضبة عنده لأنه لا يملك القدرة على التحكم بها .
4 ـ الشجار بين الإخوة :
أما الخصام بين الإخوة فيمكن علاجه كالتالي :
يجدر بالوالدين عدم التدخل في الخلافات بين الأبناء ، مادام التدخل لا فائدةً مَرجُوَّةً منه بسبب الغيرة التي هي وقود النـزاع بين الإخوة ، والتي تحتاج إلى علاج كما أسلفنا .
هذا إن كانت الخلافات لا تتعدى الإيذاء الشديد ، وأما إذا كان أحدهما ضعيفاً يتعرض للضرب الشديد دون مقاومة ، فالأفضل في مثل هذه الحالة إيقاف النـزاع .
وعندها يجدر بهم أن لا يستمعا إلى أي أحد من أطراف النـزاع ، ولا الوقوف مع المظلوم أو العطف عليه ، لأن الاستماع وإبداء الرأي وإبراز العواطف لأحد دون آخر يزيد في الغيرة .
كما يجدر بالوالدين عدم إجبار طفلهم الذي انفرد باللعب أن يشارك إخوته الذين يريدون اللعب معه أو بلعبته ، لأن إجباره أيضاً يولِّدُ عنده حالة الشجار فيما بينهم .