كراهية المباشرة في أوقات معينة :
يكره للزوج أن يباشر ويجامع زوجته في الأوقات التالية (١) .
١ ـ ليلة الهلال باستثناء هلال شهر رمضان .
٢ ـ ليلة النصف من الشهر ، وليالي المحاق .
٣ ـ يوم الكسوف وليلة الخسوف .
٤ ـ وقت الزلازل والرياح السود والصفر .
٥ ـ ما بين طلوع الفجر والشمس .
٦ ـ ما بين غروب الشمس ومغيب الشفق ، وما بعد الظهر .
٧ ـ ليلة الأضحىٰ ، وليلة النصف من شعبان .
٨ ـ بين الأذان والاقامة .
كراهية المباشرة في أحوال معينة :
يكره للزوج مجامعة زوجته عرياناً ، وقائماً ، ومستقبل القبلة ومستدبرها ، وفي وجه الشمس إلّا أن يرخي ستراً .
ويكره له أن يجامع زوجته قبل الاغتسال من احتلام له .
ويكره له أن يتكلم أثناء الجماع باستثناء الكلام بذكر الله تعالىٰ (٢) .
ويكره للرجل أن يجامع زوجته متخيلاً امرأة اُخرى ، قال رسول
_______________
١) الوسيلة إلىٰ نيل الفضيلة : ٣١٣ . وجامع المقاصد ١٢ : ٢٢ . وجواهر الكلام ٢٩ : ٦١ .
٢) الوسيلة إلىٰ نيل الفضيلة : ٣١٤ . وجواهر الكلام ٢٩ : ٦٠ .
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك ، فإني أخشىٰ أن قضي بينكما ولد أن يكون مخنثاً ، مؤنثاً ، مخبلاً » (١) .
مستحبات المباشرة :
يستحبّ للرجل غضّ البصر « ولا ينظرنَّ أحد في فرج امرأته ، وليغضّ بصره عند الجماع ، فإنّ النظر إلىٰ الفرج يورث العمىٰ في الولد » (٢) ، ويستحب له أن يذكر الله تعالىٰ ، وأن يسأله أن يرزقه ذكراً سوياً ، كما يستحب الغسل أو الوضوء بعد الجماع قبل أن يجامع مرة أُخرىٰ (٣) .
وتستحب المداعبة والملاعبة (٤) ؛ لأنّ ذلك يعمّق الود والحب ، وينقل الجماع من صورته البهيمية إلىٰ صورة إنسانية تتناسب مع طبائع الإنسان وعواطفه واحساساته .
المحرّم في المباشرة :
يحرم علىٰ الرجل الدخول بزوجته الصغيرة التي لم تبلغ تسع سنين ، قال الإمام محمد الباقر عليهالسلام : « لا يدخل بالجارية حتىٰ يأتي لها تسع سنين أو عشر سنين » (٥) .
فإن دخل بها وأفضاها حرم عليه جماعها أبداً ، ووجب عليه دفع
_______________
١) مكارم الاخلاق : ٢٠٩ . وجواهر الكلام ٢٩ : ٦١ .
٢) مكارم الأخلاق : ٢٠٩ .
٣) الوسيلة إلىٰ نيل الفضيلة : ٣١٤ .
٤) مكارم الاخلاق : ٢١٢ .
٥) تهذيب الاحكام ٧ : ٣٩١ .
الأرش والانفاق عليها مدة حياتها (١) .
ويحرم جماعها وهي حائض (٢) .
أحكام الجنابة :
يحرم علىٰ المجنب قراءة سور العزائم ، وهي السور التي فيها آيات السجدة الواجبة .
ويحرم دخول المساجد ، ووضع شيء فيها .
ويحرم مس كتابة المصحف ، ومس كل كتابة من أسماء الله تعالىٰ . ويكره قراءة ما زاد علىٰ السبع آيات من القرآن ، ويكره للمجنب الأكل والشرب إلّا بعد الوضوء، أو بعد غسل اليدين والتمضمض وغسل الوجه (٣) .
وتتحقق الجنابة بالجماع بقذف أو دون قذف ، وبالقذف بغير جماع .
أحكام الحيض :
يحرم علىٰ الحائض قراءة سور العزائم ، ومس كتابة القرآن وأسماء الله تعالىٰ ، ودخول المساجد ووضع شيء فيها .
ويبطل صوم الحائض ، ويجب عليها قضاء الصوم الذي فاتها في زمن حيضها ، ولا يجب عليها قضاء الصلاة ، إلّا إذا حاضت بعد دخول الوقت ،
_______________
١) الوسيلة إلىٰ نيل الفضيلة : ٣١٣ . وجامع المقاصد ١٢ : ٣٣٠ ـ ٣٣٢ .
٢) جامع المقاصد ١ : ٣١٩ .
٣) جامع المقاصد ١ : ٢٦٥ ـ ٢٦٩ . والوسيلة إلىٰ نيل الفضيلة : ٥٥ .
فيجب عليها قضاء تلك الصلاة فقط ، إن لم تكن قد أدّتها في وقتها ، ولا يصح للزوج طلاق الحائض (١) .
الحمل :
أقل الحمل ستة أشهر ، وأكثره تسعة أشهر ، والريب ثلاثة أشهر ، فتصير الغاية في أكثر الحمل سنة كاملة (٢) ، والسنة الكاملة انفردت بها الإمامية (٣) .
والفائدة في تحديد أكثر الحمل أنّ الرجل إذا طلق زوجته فأتت بولد بعد الطلاق لأكثر من ذلك الحدّ لم يلحق به ، وتحديد الحمل يعتمد علىٰ النصوص والتوقيف والاجماع ، وطرق علمية ، ولا يثبت عن طريق الظن (٤) .
ويحرم علىٰ الزوج نفي الحمل منه ، وإن كان يعزل عن زوجته ، لاحتمال سبق المني من غير انتباه ، أو احتمال بقاء شيء من المني في المجرىٰ وحصول اللقاح به عند العود إلىٰ الايلاج (٥) .
ولا يجوز للمرأة اسقاط الجنين وإن كان من حرام ، إلّا إذا خافت الضرر علىٰ نفسها مع استمرار وجوده ، فانه يجوز لها إسقاطه ، في وقت لم تلجه
_______________
١) الوسيلة إلىٰ نيل الفضيلة : ٥٨ ـ ٥٩ . وجامع المقاصد ١ : ٣١٧ ـ ٣١٩ .
٢) الكافي في الفقه : ٣١٤ .
٣) الانتصار : ٣٤٥ .
٤) الانتصار : ٣٤٦ .
٥) منهاج الصالحين ، المعاملات ، القسم الثاني : ١١٢ ـ ١١٣ .
الروح ، أمّا بعد ولوج الروح فيه فلا يجوز لها إسقاطه مهما كان السبب (١) .
ويستحب إطعام المرأة الحامل بعض المواد الغذائية لتأثيرها علىٰ صحتها وصحة جنينها ، لأنّ الأمراض الجسدية والتشوهات في الخلقة ناجمة في أكثر الأحيان عن سوء التغذية ، وهنالك أغذية مخصوصة لها تأثير علىٰ الصفات النفسية والروحية للجنين ، ومن الأغذية التي يستحبّ اطعامها للحامل .
١ ـ السفرجل : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « كلوا السفرجل ، فإنّه يجلو البصر ، وينبت المودة في القلب ، وأطعموه حبالاكم ، فإنّه يحسّن أولادكم » (٢) .
٢ ـ اللبان : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اطعموا نساءكم الحوامل اللبان ، فإنّه يزيد في عقل الصبي » (٣) .
٣ ـ التمر : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اطعموا المرأة في شهرها الذي تلد فيه التمر ، فإن ولدها يكون حليماً تقياً » (٤) .
ووضع أهل البيت عليهمالسلام جدولاً متكاملاً في أنواع الأغذية المفيدة في صحة جسم الحامل وصحّة حملها ، فيستحبُّ توفيرها للحامل ، كما ورد في كتاب الأطعمة والأشربة من الكافي ومكارم الأخلاق ، كالرّمان ، والتين ، والعنب ، والزبيب ، والبقول ، والسلق ، واللحم ، والهريسة ،
_______________
١) منهاج الصالحين ، المعاملات ، القسم الثاني : ١١٥ ـ ١١٦ .
٢) مكارم الاخلاق : ١٧٢ .
٣) مكارم الاخلاق : ١٩٤ .
٤) مكارم الاخلاق : ١٦٩ .
والخضروات .
ويحرم علىٰ الحامل تناول الأطعمة والأشربة المضرّة بصحتها وصحة الحمل .
ويجب علىٰ الزوج النفقة ابتداءً ، ويكون الوجوب أشدّ وآكد في فترة الحمل ، ولا يسقط وجوب النفقة وإن كانت الحامل مطلقة ، عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : « إذا طلّق الرجل المرأة وهي حبلىٰ ، أنفق عليها حتىٰ تضع حملها ، فإذا وضعته أعطاها أجرها … » (١) .
وينبغي حسن المعاملة مع المرأة في جميع الأحوال ، وهو أولىٰ في فترة الحمل ، فهي بحاجة إلىٰ مراعاة حالتها النفسية لانعكاسها علىٰ الجنين ، كما يقول الإمام زين العابدين عليهالسلام : « … فإنّ لها حق الرحمة والمؤانسة وموضع السكون إليها قضاء اللذة » (٢) .
فالأفضل من قبل الزوج تجسيداً لحق الرحمة والمؤانسة الرفق بها وإسماعها الكلمات الجميلة ، وتكريمها ، والتعامل معها كانسانة أكرمها الإسلام ، وإشاعة جو السرور والبشاشة والمودة واللطف في المنزل ، وادخال الفرحة علىٰ قلبها ، والصبر علىٰ أخطائها ومساوئها التي لا تؤثر علىٰ نهجها الاسلامي ، وتجنّب كلّ ما يؤدي إلىٰ الاضرار بصحتها النفسية ، كالتعبيس في وجهها ، أو ضربها ، أو هجرها ، أو التقصير في حقوقها (٣) .
_______________
١) الكافي ٦ : ١٠٣ .
٢) تحف العقول / الحراني : ١٨٨ ، المطبعة الحيدرية ، النجف ، ١٣٨٠ هـ ، ط ٥ .
٣) راجع ارشاد القلوب : ١٧٥ ، ومكارم الاخلاق : ٢٤٥ ، والكافي ٥ : ٥١١ ، والمحجة البيضاء ٣ :
الولادة :
هي المرحلة التالية لمرحلة الحمل مباشرة ، ويجب علىٰ المرأة في أول المخاض أن تخلو مع النساء ، ولا يجوز لأحدٍ من الرجال الدخول عليها أثناء المخاض مع الاختيار (١) .
ويجوز عند الضرورة أن يقوم الرجل باجراء عملية الولادة لها إن عجزت النساء عن ذلك (٢) .
ويستحب علىٰ القابلة أن تأخذ الوليد وتمسح عنه الدم ، وتحنّكه بماء الفرات ، أو بماء عذب إن لم تجد ماء الفرات ، ويستحبّ لها أن تحنّكه بالعسل المخلوط مع الماء ، أو التحنيك بتربة الإمام الحسين عليهالسلام (٣) .
ويستحب علىٰ الوالدين أن يسمعا الوليد اسم الله تعالىٰ بالأذان في أذنه اليمنىٰ ، والاقامة في أُذنه اليسرىٰ (٤) .
عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من وُلِدَ له مولود فليؤذّن في أُذنه اليمنىٰ بأذان الصلاة ، وليقم في اليسرىٰ فإنّها عصمة من الشيطان الرجيم » (٥) .
ويستحب تسمية الوليد بأحسن الأسماء ، وليس ثمّة اسم أحسن من
_______________
١٩ .
١) المقنعة : ٥٢١ . وجواهر الكلام ٣١ : ٢٥٠ .
٢) المبسوط ٤ : ١٦٠ ـ ١٦١ . وجواهر الكلام ٣١ : ٢٥٠ .
٣) المقنعة : ٥٢١ . وجواهر الكلام ٣١ : ٢٥٢ .
٤) المقنعة : ٥٢١ . وجواهر الكلام ٣١ : ٢٥١ .
٥) الكافي ٦ : ٢٤ .
اسم محمد ، فهو اسم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .
وكان الأئمة من أهل البيت عليهمالسلام يحثون المسلمين علىٰ تسمية أبنائهم وبناتهم بالاسماء التالية : (عبدالرحمن ـ وباقي أسماء العبودية لله ولصفاته ـ محمد ، أحمد ، علي ، حسن ، حسين ، جعفر ، طالب ، فاطمة) (١) .
ويكره التسمية ببعض الأسماء ؛ كالحكم ، وحكيم ، وخالد ، ومالك ، وحارث (٢) .
واستحباب الاسم الحَسَن مقدمة لتحصين الوليد من السخرية والاستهزاء في كبره ، لأنّ الأسماء غير الحسنة تستهجن من قبل المجتمع ، إضافة إلىٰ ذلك فإن الأسماء الحسنة كأسماء الأنبياء والأئمة والأولياء تجعل الطفل مرتبطاً بهم في سلوكه ومواقفه ، وهو في نفس الوقت نوع من التبرك بأفضل أسماء الشخصيات التي لها دور كبير في ارشاد الإنسانية وتقويمها .
ويستحب في اليوم السابع من الولادة أن تثقب أُذن الوليد ، ويحلق شعر رأسه ، ثم يجفّف ويتصدق بزنته ذهباً أو فضة ، ويختن في هذا اليوم ، ويعقّ عنه بشاة سمينة ، يعطىٰ للقابلة منها الرجل بالورك ، ويفرّق باقي اللحم علىٰ الفقراء والمساكين ، ويعقّ عن الذكر بذكر من الغنم ، وعن الاُنثىٰ بأُنثىٰ منها (٣) .
_______________
١) راجع الكافي ٦ : ١٩ .
٢) راجع الكافي ٦ : ٢١ .
٣) المقنعة : ٥٢١ ـ ٥٢٢ . وجواهر الكلام ٣١ : ٢٥٣ وما بعدها .
عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : « يسمّىٰ في اليوم السابع ، ويعقّ عنه ، ويحلق رأسه ، ويتصدّق بوزن شعره فضة ، ويبعث إلىٰ القابلة بالرجل مع الورك ، ويطعم منه ويتصدّق » . (١)
وفي رواية عنه عليهالسلام : « … واحلق رأسه يوم السابع ، وتصدّق بوزن شعره ذهباً أو فضة » (٢) .
ولهذه المستحبات دور كبير في تعميق الأواصر الاجتماعية بالتصدق علىٰ الفقراء واطعام المحتاجين والمساكين ، ولها آثار نفسية حسنة للطفل حينما يترعرع ، ويفهم اعتناء الوالدين به في ولادته ، إضافة إلىٰ الذكرىٰ الحسنة عند من وصلته تلك الصدقة وتلك العقيقة ، حيث يكون عندهم محل احترام وتقدير .
ومن الأذكار المأثورة عند ذبح العقيقة ما ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام : «وجهت وجهي للّذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين ، إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ، اللهمّ منك ولك اللهمّ هذا عن فلان بن فلان » (٣) .
وفي السيرة عقّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الحسن عليهالسلام بيده وقال : « بسم الله عقيقة عن الحسن ، اللهمّ عظمها بعظمه ، ولحمها بلحمه ، ودمها بدمه ، وشعرها بشعره ، اللهمّ اجعلها وقاءً لمحمّد وآله » (٤) .
_______________
١) الكافي ٦ : ٢٩ .
٢) الكافي ٦ : ٢٨ .
٣) الكافي ٦ : ٣١ .
٤) الكافي ٦ : ٣٢ ـ ٣٣ .
وفي استحباب ثقب الأُذن والختان قال الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : « إنّ ثقب أُذن الغلام من السُنّة ، وختانه لسبعة أيام من السُنّة » (١) .
وللختان في اليوم السابع آثار صحية علىٰ الوليد ، قال الإمام الصادق عليهالسلام : « اختنوا أولادكم لسبعة أيام ، فإنّه أطهر وأسرع لنبات اللّحم، وإنّ الأرض لتكره بول الأغلف » (٢) .
والختان في هذا اليوم يؤدي إلىٰ سرعة الشفاء مع قلة الألم .
أحكام النفاس :
أقل مدة للطهر من دم النفاس عشرة أيام (٣) .
وحكم النفساء حكم الحائض في جميع المحرّمات والمكروهات (٤) .
فيحرم عليها : قراءة سور العزائم ، ومسّ كتابة القرآن وأسماء الله تعالىٰ ، ودخول المساجد ووضع شيء فيها .
ويجب عليها منع زوجها من وطئها في الفرج .
ويبطل صومها ، ويجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة ، ولا يصحّ للزوج طلاقها .
_______________
١) الكافي ٦ : ٣٥ .
٢) الكافي ٦ : ٣٤ .
٣) الكافي في الفقه : ٣١٥ . والمسائل الاتفاقية : ١١٥ ـ ١١٦ .
٤) جامع المقاصد ١ : ٣٤٩ . والمسائل الاتفاقية : ١١٨ . والوسيلة إلىٰ نيل الفضيلة : ٦١ .
حكم تبني الوليد :
إذا ولدت امرأة علىٰ فراش الرجل لأكثر من ستة أشهر فصاعداً لزمه قبوله، ويحرم عليه نفيه منه ، وإن ولدت لأقلّ من ذلك وليداً حيّاً سوياً ينبغي نفيه منه ، فإن أقرّ به قُبل منه ، ولم يسعه بعد ذلك الانتفاء منه (١) .
الرضاع :
حليب الاُم هو الغذاء الأمثل للطفل ، فهو (أوفق بمزاجه وأنسب بطبعه) (٢) ، وأفضل من يمنحه الحنان ، فيكون الطفل أقل توتراً وأهنأ بالاً وأسعد حالاً، فيستحب ارضاع الطفل من حليب أُمّه ، قال الإمام علي عليهالسلام : « ما من لبن يرضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أُمّه » (٣) .
وهذا ما يؤكده العلم الحديث وهو يكشف مناسبة حليب الاُم لحاجة الرضيع من حيث مكوناته ، ومن حيث درجة حرارته أيضاً ، فإن مكوناته وحرارته تتغير مع نحو الطفل ، وبحسب ما يتطلبه النمو السليم .
وعلىٰ الرغم من استحباب إرضاع الطفل من حليب أُمّه إلّا أنّه لا يتوجب عليها إرضاعه (٤) ، سُئل الإمام الصادق عليهالسلام عن الرضاع فقال : « لا تجبر الحرّة علىٰ رضاع الولد ، وتجبر أُمّ الولد » (٥) .
_______________
١) الوسيلة إلىٰ نيل الفضيلة : ٣١٧ . وجواهر الكلام ٣١ : ٢٢٤ . ومنهاج الصالحين ـ المعاملات : ١١٢ ـ ١١٣ .
٢) الحدائق الناضرة ٢٥ : ٧١ .
٣) الكافي ٦ : ٤٠ .
٤) الحدائق الناضرة ٢٥ : ٧١ . وجواهر الكلام ٣١ : ٢٧٢ . والصراط القويم : ٢١٤ .
٥) الكافي ٦ : ٤١ .
وعدم الوجوب مشروط بوجود الأب وقدرته علىٰ دفع الاُجرة ، أو عدم تبرع الاُمّ ، أو وجود مال للولد ، ووجود مرضعة أُخرىٰ ، وفي حالة عدم توفر هذه الشروط ، يجب علىٰ الاُمّ إرضاعه ، كما يجب عليها الانفاق عليه إذا كان الأب معسراً أو مفقوداً (١) .
وفي الظروف الاستثنائية التي تقف حائلاً دون ارضاع الاُمّ لطفلها بسبب قلّة الحليب ، أو مرض الاُمّ ، أو موتها ، أو رفضها للرضاعة مجاناً ، يستحبّ اختيار المرضعة المناسبة والملائمة ضمن مواصفات معينة ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « اُنظروا من ترضع أولادكم ، فإنّ الولد يشبُّ عليه » (٢) .
ويستحب اختيار المرأة المرضعة التي تتوفر فيها أربع خصال : العاقلة ، المسلمة ، العفيفة ، الوضيئة (٣) .
قال الإمام محمد الباقر عليهالسلام : « استرضع لولدك بلبن الحسان ، وإياك والقباح فإنّ اللبن قد يعدي » (٤) .
وقال عليهالسلام : « عليكم بالوضاء من الظؤرة ، فإنّ اللبن يعدي » (٥) .
ويكره استرضاع الحمقاء ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا تسترضعوا الحمقاء ، فإن الولد يشبُّ عليه » (٦) .
_______________
١) الحدائق الناضرة ٢٥ : ٧٢ . وجواهر الكلام ٣١ : ٢٧٢ .
٢) الكافي ٦ : ٤٤ . وجواهر الكلام ٢٩ : ٣٠٧ .
٣) الوسيلة إلىٰ نيل الفضيلة : ٣١٦ . وجامع المقاصد ١٢ : ٢٠٨ . وجواهر الكلام ٢٩ : ٣٠٦ .
٤) الكافي ٦ : ٤٤ . وجواهر الكلام ٢٩ : ٣٠٦ .
٥) الكافي ٦ : ٤٤ .
٦) مكارم الاخلاق : ٢٣٧ . وجواهر الكلام ٢٩ : ٣٠٦ .
وكذا البغيّة والمجنونة ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « توقّوا علىٰ أولادكم من لبن البغيّة والمجنونة ، فإنّ اللبن يعدي » (١) .
ويجوز استرضاع الكتابيات علىٰ كراهية ، وفي حال عدم وجود مرضعة مسلمة ، وترتفع الكراهة في حال منعهنَّ من شرب الخمر ، قال الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : « إذا أرضعن لكم ، فامنعوهنَّ من شرب الخمر » (٢) .
وكراهية استرضاع تلك الأصناف ناجمة من تأثير اللبن علىٰ الطفل ، ففي حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « … فإنّ اللبن يعدي ، وإنّ الغلام ينزع إلىٰ اللبن » (٣) .
ومن أجل تحسين حليب الطفل ، يستحبُّ اطعام النساء في نفاسهنَّ التمر ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ليكن أول ما تأكل النفساء الرطب » (٤) .
ويفضّل اطعام نوع خاص من التمر وهو البرني، قال الإمام الصادق عليهالسلام : « أطعموا البرني نساءكم في نفاسهنَّ ، تحلم أولادكم » (٥) .
وللاُم حق الارضاع لطفلها إن رضي الأب بغير أُجرة ، ولها حق الامتناع من الرضاعة ، إمّا إذا كانت مطلقة ، فهي أولىٰ برضاعه سواء رضي الأب أم لم يرض ، ولها أُجرة المثل ، فإن طلبت أُجرة زائدة علىٰ ما يرضىٰ به
_______________
١) مكارم الاخلاق : ٢٢٣ . وجواهر الكلام ٢٩ : ٣٠٦ ، ٣٠٨ .
٢) الكافي ٦ : ٤٢ . وجواهر الكلام ٢٩ : ٣٠٧ .
٣) الكافي ٦ : ٤٣ .
٤) الكافي ٦ : ٢٢ .
٥) الكافي ٦ : ٢٢ .
غيرها ، كان للأب حقّ انتزاعه من يدها (١) .
ولا يجوز للأب أن يسلم الطفل إلىٰ مرضعة تذهب به إلىٰ منزلها إلّا برضىٰ الاُمّ (٢) .
ومدة الرضاع هي سنتان ، وأقلّه واحد وعشرون شهراً ، ويجوز الزيادة علىٰ السنتين مقدار شهرين ، والزيادة لا أُجرة فيها (٣) .
ويستحسن في مرحلة الرضاع مناغاة الطفل ، لأنّها تؤثر علىٰ سرعة النطق ، ونموّه اللغوي والعاطفي في المستقبل ، حيث يشعر من خلال المناغاة بوجود الأمن والطمأنينية والهدوء ، ولنا في سُنّة أهل البيت عليهمالسلام خير منار واقتداء ، فكانت سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليهاالسلام تناغي الحسن عليهالسلام في هذه المرحلة وتقول :
أشبه أباك يا حسن |
|
واخلع عن الحق الرّسنْ |
واعبد إلهاً ذا مننْ |
|
ولا توالِ ذا الإحَنْ |
وكانت تناغي الحسين عليهالسلام :
أنت شبيه بأبي |
|
لست شبيهاً بعليّ (٤) |
الفطام :
حددت الشريعة الإسلامية مدة الارضاع التامة بأربع وعشرين شهراً
_______________
١) الوسيلة إلىٰ نيل الفضيلة : ٣١٥ ـ ٣١٦ .
٢) الوسيلة إلىٰ نيل الفضيلة : ٣١٥ ـ ٣١٦ . ومنهاج الصالحين ، المعاملات : ١٢٠ .
٣) الوسيلة إلىٰ نيل الفضيلة : ٣١٥ ـ ٣١٦ . والصراط القويم : ٢١٤ .
٤) بحار الأنوار ٤٣ : ٢٨٦ .
كما جاء في قوله تعالىٰ : ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ … ) (١) .
واقل الرضاع ـ كما تقدّم ـ واحد وعشرون شهراً ، وينبغي علىٰ الوالدين ان أرادا فطام الصبي في هذه المدة أن يتشاورا فيما بينهما ، قال تعالىٰ : ( … فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا .. ) (٢) .
ويجوز تأخير الرضاع إلىٰ شهر أو شهرين بعد مدة التمام وهي أربع وعشرون شهراً ، ويحرم الرضاع بعد ذلك ، لأنّ لبن المرأة يصير من الخبائث ومن فضلات مالا يُؤكل لحمه ، فيحرم علىٰ المكلف شربه ، وكل ما حرّم علىٰ المكلف شربه يحرم إعطاؤه لغير المكلف (٣) .
فيجب علىٰ الاُم أو الأب المستأجر لمرضعة مراعاة وقت الرضاع ووقت الفطام ، بلا افراط ولا تفريط ، فيحسن ارضاع الولد واحداً وعشرين شهراً ولا ينبغي ارضاعه أقل من ذلك (٤) ، قال الامام الصادق عليهالسلام : « الرضاع واحد وعشرون شهراً ، فما نقص فهو جور علىٰ الصبي » (٥) ، ذلك لأنّ الطفل بحاجة إلىٰ اللبن في هذه المدة ، وبحاجة إلىٰ الدفء العاطفي والحنان علىٰ حدٍّ سواء .
_______________
١) سورة البقرة : ٢ / ٢٣٣ .
٢) سورة البقرة : ٢ / ٢٣٣ .
٣) مهذب الاحكام ٢٥ : ٢٧٥ .
٤) منهاج الصالحين ، المعاملات : ١٢٠ .
٥) الكافي ٦ : ٤٠ .