الرئيسية / القرآن الكريم / آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره

آراء المستشرقين حول القرآن الكريم وتفسيره

٦ ـ إنشاء المكتبات العلمية :

اعتنى المستشرقون بهذا الجانب من النشاط تدعيما لحركة الاستشراق وتسهيلا لمهمتهم.

وقد جمعوا في هذه المكتبات ملايين الكتب تتعلق بكافة أنواع العلوم

__________________

(١) ذكر هذه المؤتمرات الثلاث ، د. صابر طعيمة في كتابه أخطار الغزو الفكري ص ٧٦ ـ ٧٨.

(٢) أجنحة المكر الثلاثة ص ١٣٢ ـ ١٣٥.

٦٤

الإسلامية والشرقية من بينها المخطوطات النفيسة التي استولوا عليها خلال فترات احتلالهم للمنطقة الإسلامية ومن أهم هذه المكتبات :

مكتبة باريس الوطنية في فرنسا ، ومكتبة المتحف البريطاني في لندن ، ومكتبة الاسكوريال بأسبانيا ، والتي تحتوي على عدد كبير من المخطوطات العربية والإسلامية من بقايا المكتبة الأندلسية بغرناطة. ومكتبة فيينا الوطنية والتي تحوي على مئات المخطوطات النفيسة ومكتبة جستربتي في دبلن في إيرلندا وفيها مجموعة كبيرة من المخطوطات العربية والإسلامية ، ومكتبة ليدن بهولندا والتي تضم مخطوطات نفيسة قضى المستشرقون الهولنديون قرونا متواصلة في جمعها. وهناك مكتبة برلين الوطنية في ألمانيا ، ومكتبة جامعة ميونخ ، وجامعة هايدلبرج إلى غير ذلك من المكتبات العامة ومئات المكتبات الخاصة بمختلف الجامعات.

وهناك نوع آخر من المكتبات الخاصة التي كانت ملكا للمستشرقين وقف بعضها على المكتبات العامة ، ولجميع دور النشر الشرقية فهارس لمجموعاتها (١).

وقد حوت هذه المكتبات من المخطوطات على (٢٥٠) ألف مجلد في مطلع القرن التاسع عشر (٢). ولا شك أنها زادت كثيرا عن هذا الرقم بعد ذلك.

٧ ـ إنشاء المتاحف الشرقية :

ومن أجل تحقيق هذا الأمر اعتنى المستشرقون بالسياحة كوسيلة لجمع المعلومات والصور الفوتوغرافية (٣) القديمة والآثار الشرقية ، والمخطوطات القديمة ، وأدوات التراث. وقد اعتنوا بهذا الجانب كثيرا ليكونوا معالم تاريخية لتطور المنطقة ولمحاولة ربط الإسلام بجذور يونانية أو رومانية أو فينيقية أو آشورية ، وغير ذلك ، وكذلك لإثبات الجذور اليهودية أو النصرانية في المنطقة.

وقد دفعوا في هذه الآثار الشيء الكثير ليصلوا بها لأغراض وأهداف خبيثة

__________________

(١) المستشرقون ومشكلات الحضارة ص ٣١. د. عفاف صبره.

(٢) وحي الله ـ ص ١٧. د. حسن عتر.

(٣) المستشرقون والمبشرون ـ إبراهيم خليل ص ٨٨ ، والمستشرقون ومشكلات الحضارة ص ٣٢.

٦٥

وأثاروا من ورائها نزاعات وفتنا في المنطقة ، وكذلك ليصفوا المجتمع بأوصاف من خيالهم السابح في الأوهام انطلاقا من رواسب دفينة في نفوسهم والمؤسف أن هذه الكتب تكتب عادة بأسلوب تهكمي قصصي يغذي خيال الشعوب الغربية الأوربية والأمريكية ويلبي رغباتهم ولهذه الكتب أثر سيئ في تصوير المسلمين تصويرا غير حقيقي كالتخلف والهمجية وغير ذلك. ثم ينتهز المستشرقون هذا اللون من الكتابة فيدونون ـ باسم البحث العلمي ـ كتبا في علم الأجناس ونفسية «فسيولوجية» الشعوب التي فيها ، مصورين أن الإسلام مختلف حسب هذه الأجناس فهناك إسلام الهند ، وإسلام تركيا ، وإسلام البربر ، وإسلام العرب .. إلخ وكل إسلام يختلف عن الآخر باختلاف أهله .. كل هذا ليتسلطوا على رقاب المسلمين بإشاعة الفرقة في نفوسهم (١) والذي يزور متاحف الغرب (٢) يجدها قد حوت من كل لون من ألوان التراث سواء كانت كتبا أو أواني أو سلاحا أو ملابس .. إلخ لتحقق لهم أغراضهم المتنوعة.

فعلينا جميعا أن ننتبه لهؤلاء المستشرقين ولأغراضهم من هذه السياحات واختيار أماكن معينة في بلادنا لتصويرها.

وقد ذكر «العقيقي» في كتابه كثيرا من هؤلاء الرحالة الذين زاروا المنطقة العربية وكتبوا أوصافا لها تفيد الغربيين في التعرف عليها فزودوا مكتباتهم ، ومتاحفهم بكثير من مؤلفاتهم وبما جمعوه من الخرائط ، والقطع الأثرية ، والمؤلفات القيمة. من هؤلاء الرحالة : «لورفيشودي بارتيما» البحار الإيطالي الذي طاف اليمن عام ١٥٠٨ م وكتب عنها تقريرا ضافيا.

ومنهم البعثة الدانمركية التي قامت بزيارة جنوب بلاد العرب سنة ١٧١٦ حيث قاموا بالتنقيب عن حضاراتها القديمة ، ورجعوا بخرائط ونقوش ، فألفوا

__________________

(١) المستشرقون والمبشرون في العالم العربي والإسلامي ـ إبراهيم خليل ص ٨٨ ـ ٩٠.

(٢) من أشهر المتاحف المتحف البريطاني في بريطانيا ، ومتحف فيكتوريا ، ومتحف أشمولين في أكسفورد ، ومتحف جراتس في النمسا ، ومتحف الفن الإسلامي في برلين والمتحف الوطني في باريس ، وغيرها كثير.

٦٦

بذلك كتبا تصف رحلتهم. ومن هؤلاء : كذلك «جورج والين الفنلندي» الذي طاف مصر والجزيرة العربية وبغداد ، وأصبهان ، وبصرى ، ودمشق ، في حوالي ١٨٤٠ م فاستمر أكثر من ست سنوات فكتب بذلك واصفا رحلته ومؤلفا كتابا في الفروق بين اللهجات العربية بين المتأخرين والمتقدمين وكان ذلك في سنة ١٨٤٥ م ، وغيرهم كثير (١).

٨ ـ إمداد الإرساليات التبشيرية إلى العالم الإسلامي بخبراتهم وجهودهم :

فالمعروف أن المبشرين تسللوا للمنطقة تحت شعارات مختلفة من ذلك بعض الأعمال الإنسانية في الظاهر كالمستشفيات والجمعيات الخيرية والمدارس ودور الأيتام ، ودور الضيافة ، وغيرها. ولكنها في الحقيقة لإلقاء الشبه والافتراءات والأباطيل ضد الإسلام بين أبناء المسلمين لتشكيكهم في دينهم فيسببوا ردتهم عنه.

كما أنه لوحظ أن بعض هذه المؤسسات كانت تختار الأذكياء من أبناء المسلمين فيأخذونهم من مرحلة ابتدائية أو متوسطة لتدريسهم في البلاد الغربية فيتلقون تعاليمهم وأفكارهم وسمومهم ويرجعون لبلادهم ليعملوا وينتجوا لهم أكثر من هؤلاء مجتمعين (٢).

__________________

(١) المستشرقون للعقيقي ٣ / ٣٣٩ ـ وما بعدها.

(٢) أجنحة المكر الثلاثة ص ١٣٣.

٦٧

شاهد أيضاً

الأذان بين الأصالة والتحريف – للسّيّد علي الشهرستاني

الأذان بين الأصالة والتحريف / الصفحات: ٣٤١ – ٣٦٠ مجريات الأحداث، ومنها الوقوف على صحّة ...