ليالي بيشاور – 27
22 فبراير,2018
الاسلام والحياة, صوتي ومرئي متنوع
1,052 زيارة
” الشرك الخفي “:
أما القسم الثاني من الشرك ، فهو الخفي ، ويتحقق في نية الرياء والسمعة في العبادات .
فقد ورد في الخبر : إن من صلى أو صام أو حج ، وهو يريد بذلك أن يمدحه الناس فقد أشرك في عمله(20).
وفي الخبر المروي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) أنه قال : لو أن عبدا عمل عملا يطلب به رحمة(21) الله والدار الآخرة ثم أدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركا(22).
وروي عن النبي (ص) أنه قال : اتقوا الشرك الأصغر . فقالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول الله ؟
قال : الرياء والسمعة(23).
وروى عن النبي (ص) أنه قال : إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفي ، فإن الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء(24)، ثم قال (ص) : من صلى أو صام أو تصدق أو حج للرياء فقد أشرك بالله .
فالواجب في الصلاة وغيرها من العبادات أن تكون النية فيها خاصة لوجه الله وقربة إلى الله وحده ، بأن يتوجه الإنسان في حين عمله العبادي إلى ربه عز وجل ، ويتكلم معه وحده ، ويركز ذهنه ، ويوجه قلبه إلى الذات الموصوفة بالصفات التي ذكرناها ، وذلك هو الله لا إله إلا هو .
وأكتفي بهذا المقدار ، وأظن بأن الحق قد انكشف للحاضرين المحترمين ، بالخصوص المشايخ العلماء في المجلس ، فأرجو أن لا ينسبوا الشرك إلى الشيعة بعد هذا ، ولا يموهوا الحقيقة على العوام .
تبسم الشيخ عبدالسلام ضاحكا وقال : وهل بقي عندكم شيء في هذا المضمار ، فاكتفيتم بهذا المقدار ؟! فالرجاء إن بقي عندكم شيء في الموضوع فبينوه للحاضرين .
قلت : هناك قسم آخر جعلوه من أقسام الشرك ، ولكنه مغفور ، وهو :
الشرك في الأسباب:
وهو الذي يتحقق في أكثر الناس من غير التفات ، فانهم يتخذون الوسائط والأسباب للوصول إلى أغراضهم وتحقيق آمالهم ، أو إنهم يخشون بعض الناس ويخافون من بعض الأسباب في الإحالة دون حوائجهم وآمالهم ، فهذا نوع من الشرك ، ولكنه معفو عنه .
والمقصود من الشرك بالأسباب : أن الإنسان يعتقد بأن الأسباب المؤثرة في الأشياء والأمور الجارية ، مثلا : يعتقد أن الشمس مؤثرة في نمو النباتات ، فإذا كان اعتقاده أن هذا الأثر من الشمس بالذات من غير إرادة الله تعالى فهو شرك .
وإذا كان يعتقد أن الأثر يصدر من الله القادر القاهر فهو المؤثر والشمس سبب في ذلك ، فهو ليس بشرك ، بل هو حقيقة التوحيد ، وهو من نوع التفكر في آيات الله وقدرته سبحانه .
وهكذا بالنسبة إلى كل الأسباب والمسببات ، فالتاجر في تجارته ، والزارع في زراعته ، والصانع في صناعته ، والطبيب في طبابته ، وغيرهم ، إذا كان ينظر إلى أدوات مهنته ، أسباب صنعته وآثارها ، نظرا استقلاليا ، وأن الآثار الصادرة من تلك الأسباب والأدوات تصدر بالاستقلال من غير إرادة الله تعالى ، فهو شرك ، وإن كان ينظر إلى الأسباب والأدوات نظرا آليا فيعتقد أنها آلات ، والله تعالى هو الذي جعل فيها تلك الآثار ، فلا مؤثر في الوجود إلا الله ، فهو ليس شركا بل التوحيد بعينه .
حوارات هادفة ليالي بيشاور 2018-02-22