الرئيسية / تقاريـــر / الشيعة وفلسطين – عبد الستار الجابري – الحلقة السابعة عشر

الشيعة وفلسطين – عبد الستار الجابري – الحلقة السابعة عشر

الشيعة وفلسطين
عبد الستار الجابري
الحلقة السابعة عشر– الموقف الشيعي الرسمي من طوفان الاقصى2
ايران والقضية الفلسطينية
تمكن الانجليز بعد احتلال الهند من النفوذ في البلدان الاسلامية عن طريق التجارة ثم الاتفاقيات لضمان امن التجارة العالمية، وبعد القضاء على النفوذ البرتغالي والهولندي في المنطقة وانفراد بريطانيا في النفوذ فيها من الهند وحتى ايران ثم جزيرة العرب وافريقيا مضافاً الى احتلال استراليا، كانت ايران من بين الدول التي كان للانجليز فيها نفوذ كبير، خاصة في اخريات ايام الدولة القاجارية، ومما يجدر الاشارة اليه ان الدولة الايرانية ضعفت من الناحية السياسية والعسكرية بعد احتلال الانجليز للهند وتقلص نفوذها بعد انهيار الدولة الصفوية بحيث لم يعد لها نشاط مهم الا على اراضيها، وبعد اتساع الهيمنة الغربية على العالم الذي رافقه ضعف شديد في الدولة العثمانية اصحبت تلك الدول التي كانت امبراطوريات عظمى على الصعيد العالمي في يوم ما دولاً تتلاعب بها اوربا والدول الصليبية.

بعد الحرب العالمية الثانية وسقوط الدولة القاجارية في ايران برعاية بريطانية وصل الى عرش ايران رضا بهلوي، وقارب ذلك انهيار الدولة العثمانية ووصل اتاتورك الى السلطة بمباركة غربية ايضاً، اثبت الرجلان نزعتهما الغربية، بحيث شنا حملة كبيرة ضد الاسلام وقيمه وتعاليمه وحاربا الحجاب وتبنيا الجنوح الى الغرب في كل شيء، وفي الوقت الذي اعلن اتاتورك الانسلاخ عن الاسلام، قاربه بلهوي في تصرفاته وان لم يجسر على الاعلان عن ذلك، واصبح كلا من النظام البهلوي والنظام الاتاتوركي جناحاً للنهج الغربي في شرق العالم الاسلامي، وما ان قامت الدول الصليبية باتخاذ قرارها بإيجاد الكيان الصهيوني في قلب العالم الاسلامي، حتى سارع كلا من بهلوي واتاتورك الى الاعتراف به واقامة علاقات دبلوماسية معه وفتح سفارة للكيان الصهيوني في طهران وانقره.

واستمر الارتماء في الحضن الغربي في اقصى درجاته حتى سعت حكومتا الدولتين لسلخ المجتمع عن انتمائه الاسلامي واستبدلتا ذلك بالتركيز على التاريخ القومي ونقل الثقافة الغربية الى المجتمع وانجزا الكثير من المشاريع التي تسير في هذا المنحى، ولم يعد لهما أي اهتمام بقضايا المسلمين المصيرية، وعلى الرغم من خوض المجتمعات العربية حروباً ضد الكيان الصهيوني في 1948 و1967و1973 لم يكن لاي من البلدين دور ايجابي تجاه قضية فلسطين، بل كانت العلاقات شديدة الوثاقة بين حكومات هذين البلدين والكيان الصهيوني.

كان نجاح الثورة الاسلامية في ايران على يد الفقيه العظيم اية الله العظمى السيد روح الله الموسوي الخميني انتقالة في واقع السياسية الايرانية، فقبل تأسيس الجمهورية الاسلامية كانت ايران مدعومة بصورة كبيرة من بريطانيا ثم من امريكا لما يشكله موقعها الجغرافي من اهمية من الناحية الاقتصادية والسياسية والامنية، حيث كان قوة ايران وارتماءها في الحضن الغربي عامل مهم في ايقاف التمدد القيصري الروسي ومن بعده اضعاف المد الشيوعي تجاه مصادر النفط والمياه الدافئة، وقد كان لهذا الموقع المهم اثره في الدعم الغربي لإيران اذ كانت تمثل ركيزة مهمة في سياسة الغرب لتأمين النفوذ والمصالح، ولتحتفظ بفاصل كبير يحجزها عن روسيا، وقد اعتاد الغربيون على الاحتفاظ بارض تفصلهم عن روسيا فمن جهة شرق اوربا كانت الدولة العثمانية ومن بعدها تركيا، وهذا يفسر لنا عدم احتلال تركيا من قبل القوات الحلفاء في الحرب العالمية الاولى، وكذا لم يقم الحلفاء باحتلال ايران، بل انهم في الوقت الذي تمددت روسيا القيصرية في شمال ايران تحركت الجيوش الانجليزية في جنوبها بحيث اصبحت ايران مقسمة بين الروس والانجليز في ايام سلطنة رضا بهلوي، ثم انسحب الجيشان وبقيت ايران البلاد التي تفصل بين القوات الروسية والبريطانية.

ان موقع الفصل بين القوات الروسية والبريطانية ثم الامريكية وكون ايران ركيزة في حفظ المصالح الغربية في منطقة النفط التي في طرفي الخليج جعل من ايران موضع اهتمام خاص جداً من قبل الغرب، بحيث كانت الدولة الاقوى بين دول الشرق الاوسط، كما حظيت تركيا برعاية غربية خاصة حتى انها اصبحت عضواً في حلف شمال الاطلسي، وحضيت مصر الراعية للمصالح الغربية في شمال افريقيا باهتمام خاص من قبل الغرب.

كل هذه المعادلات تغيرت بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران، فبإعلان ايران جمهورية اسلامية، واعلانها انها لا شرقية ولا غربية، واغلاقها للسفارة الاسرائيلية في طهران وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني وطرد الدبلوماسيين الصهاينة واعلان السيد الخميني قدس سره ان امريكا الشيطان الاكبر، هذا المجموع ادى الى تغير المعادلة في المنطقة تغيراً تاماً.

مع خروج ايران عن حضيرة الولاء للغرب كان لابد من اقامة البديل واستيعاب الحالة الجديدة التي باتت تهدد للمصالح الغربية في المنطقة، فدفعوا صدام حسين لاعلان الحرب ضد ايران في 2 اب 1980 أي بعد سنة من انتصار الثورة في ايران، وحولوا السعودية الى محور للحراك المعادي لايران والضامن للمصالح الغربية بدلاً من الحليف القديم، وتوسعوا في دعم الكيان الصهيوني ودعمه بالتقنيات المهمة ومنها التقنية النووية.

ادرك الساسة الايرانيون الجدد منذ البداية ان اسرائيل تمثل بالنسبة لهم خطراً وجودياً، لذا حددوا موقفهم من اسرائيل في اوائل ايام انتصار الثورة حيث جاء في كلمات السيد الخميني قدس سره ان اسرائيل يجب ان تزول من الوجود، وقد اثبت الواقع العملي بعد اربعين سنة على انتصار الثورة وثلاثين سنة على رحيل مؤسسها عمق نظرته وواقعيتها وسبرها لواقع المخطط الذي يراد تنفيذه في المنطقة، فبعد ان اعلن بلفور وعده باقامة وطن قومي لليهود في 1916 وترجم على ارض الواقع سنة 1935 واعلن عن قيام اسرائيل سنة 1948 واعترف بها كدولة بصورة رسمية في عصبة الامم، فانها بعد حرب 1967 كانت تنادي باسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات، وبعد احداث 11 ايلول اصبحت الدعوة الى الشرق الاوسط الجديد الذي اعلن عنه ترامب في المتلقى الذي اقيم في البحرين بعد ان مهدوا له بالدعوة الى الديانة الابراهيمية واقامة اغلب دول العالم علاقات دبلوماسية من الكيان الصهيوني ثم تبعتها الحكومات العربية حيث فتحت سفارات للكيان الصهيوني في مصر والمغرب وقطر والامارات وعمان والبحرين والاردن، ولا يزال التطبيع في العلاقات بين الكيان الصهيوني والدول العربية الاخرى قائماً.

كان من بين المبادئ التي تبنتها الثورة الاسلامية في ايران دعم حركات التحرر في العالم، الامر الذي كلف الشعب الايراني والقيادة الايرانية الكثير، وقد اوجد هذا النشاط الثوري تغيراً واضحاً في المنطقة، خاصة بعد ظهور حزب الله في لبنان، والدعم غير المحدود الذي قدمته ايران للمقاومة اللبنانية في حروبها ضد الكيان الصهيوني، ودعمها الكبير لسوريا للوقوف في وجه الكيان الصهيوني ثم الوقوف في وجه المؤامرة الصهيوي عرب امريكية ضد سوريا، وموقفها في دعم العراق حكومة وشعباً في وجه المؤامرة العرب امري صهوينية والتي هدفت الى تدمير النسيج الاجتماعي من خلال جذب المتطرفين من كل اطراف الدنيا وزجهم في العراق للقيام بعمليات ارهابية استهدفت بالدرجة الاساس المكون الشيعي، ومن لم ينجر للدعوات الطائفية من غير ابناء الطائفة الشيعية، حيث كانت العمليات الارهابية تدار من قبل المخابرات الاقليمية والدولية والتي تكللت بغزو داعش للعراق بعد التمهيد له من قبل الحاضنة الطائفية.

العلاقة الايرانية الفلسطينية بعد الثورة
بعد انتصار الثورة حولت ايران السفارة الاسرائيلية في طهران الى مقر للمقاومة الفلسطينية وبعد اعلان الدولة الفلسطينية كانت ايران من اوائل الدول التي اعترفت بها ان لم تكن الدولة الاولى واول دولة فتحت سفارة فلسطينية على اراضيها، وكان الشهيد فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الاسلامي يحظى بدعم كبير من قبل القيادة الايرانية، وعلى الرغم من الدعم العظيم الذي قدمته الجمهورية الاسلامية الايرانية للمقاومة الفلسطينية على الصعيد السياسي والاعلامي والمادي الا ان المقاومة الفلسطينية – منظمة التحرير الفلسطينية وحماس – لم تنفتح انفتاحاً حقيقياً على ايران ومحور المقاومة الذي تقوده الا بعد ان اصبح واضحاً لها ان سيرها خلف الحكومات العربية سينتهي بضياع فلسطين، فغاية ما حققه الفلسطينيون في ظل وثوقهم بالدعم العربي انهم قاتلوا بالحجارة، وبعد ان نفض الفلسطينيون ايديهم من العرب ودخلوا في مرحلة جديدة من العلاقات مع ايران اصبحت المقاومة الفلسطينية تقاتل بالصواريخ بدل الحجارة، لقد كانت الحرب بين حزب الله والكيان الصهيوني سنة 2000 نقطة تحول مهمة في تاريخ المقاومة الفلسطينية اذ بعدها اصبح سلاح حماس والجهاد الاسلامي الصواريخ بدلاً من الحجارة.

 

إقرأ المزيد ,,

 

مشهد مصور عن حقائق من الميدان في غزة _ طوفان الاقصى

إقرأ المزيد ,,

الإمام الخامنئي: طوفان الأقصى تمكنت من تعطيل السياسات الأميركية في المنطقة

إقرأ المزيد

 لنصرة غزة قاطق المنتجات الاسرائيلية

 فلسطيني رقص على الدبكة خلال الاشتباكات يُذكر بـ “رقصة الحرية” للهنود الحمر

 

.

رابط الدعوة تليجرام:https://t.me/+uwGXVnZtxHtlNzJk

رابط الدعوة واتساب: https://chat.whatsapp.com/GHlusXbN812DtXhvNZZ2BU

رابط الدعوة ايتا :الولاية الاخبارية
سايت اخباري متنوع يختص بأخبار المسلمين حول العالم .
https://eitaa.com/wilayah

#طوفان_الأقصى
#חרבות_הברזל
#أوهن_من_بيت_العنكبوت
#יותר_חלשה_מקורי_עכביש
#حـان_وقـت_رحيـلكـم
#הגיע_הזמן_שתעזוב#نتن _ياهو_جزار_غزة

شاهد أيضاً

الشهيد والشهادة – إيثار الشهيد

يقول القائد دام ظله: “… إن للشهداء حركتان وموقفان في منتهى الروعة والعظمة، وكل واحد ...