الجهاد

المقدمة

بِسْمِ اللهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ

عن أمير المؤمنين عليه السلام:

 

“إنّ الجهاد بابٌ من أبوابِ الجنّةِ فتحه الله لخاصّة أوليائه”1.

 

إنّ قيمة الأمور تُعرف بآثارها، فبمقدار أهميّة الآثار وإيجابيّتها تتحدّد أهميّة الأمر وإيجابيّته، وتتحدّد بالتالي نظرتنا إلى هذا الأمر وانسجامنا معه وشوقنا إليه.

 

فما هو الجهاد وما هي آثاره علينا كأفراد؟

 

قد نتذكّر من الجهاد صورة القتل وما يستتبع ذلك من فقد الأحبّة وثكل الأرامل وحنين اليتامى، هذا عدا عن الخسارة المادِّيّة الّتي ستكون من لوازمه أيضاً…

 

فهل هذه الصورة القاتمة هي صورة الجهاد حقّاً؟

 

يُجيب الله تعالى في كتابه العزيز:

 

﴿كُتِب عليْكُمُ الْقِتالُ وهُو كُرْهٌ لكُمْ وعسى أنْ تكْرهُوا شيْئاً وهُو خيْرٌ لكُمْ وعسى أنْ تُحِبُّوا شيْئاً وهُو شرٌّ لكُمْ واللهُ يعْلمُ وأنْتُمْ لا تعْلمُون﴾2.

 

فهذه النظرة القاتمة إلى الجهاد هي نظرة دنيويّة فيها الكثير من الخداع

1- نهج البلاغة، السيّد الرضيّ، الخطبة: 27.

2- سورة البقرة، الآية: 216.

 

والتزوير شأن الدنيا بشكل عامّ الّتي تنقلب فيها الحقائق، ويُزيِّن فيها الشيطان الأعمال السيِّئة ويُشوِّه صورة الأعمال الحسنة.

 

قال تعالى:

 

﴿زُيِّن لِلّذِين كفرُوا الْحياةُ الدُّنْيا ويسْخرُون مِن الّذِين آمنُوا والّذِين اتّقوْا فوْقهُمْ يوْم الْقِيامةِ واللهُ يرْزُقُ منْ يشاءُ بِغيْرِ حِسابٍ﴾3.

 

فما هي حقيقة الجهاد إذاً؟

 

حقيقته ما ذكره أمير المؤمنين عليه السلام في الرواية السابقة:

 

“بابٌ من أبوابِ الجنّة فتحهُ الله لخاصّةِ أوليائهِ”.

فالجهاد بحقيقته ليس إلّا باباً من أبواب الجنّة، تلك الجنّة الّتي تهوي أفئدة المؤمنين إليها، يتمنّاها عشّاق الله تعالى، ويقتحمون مصاعب الدنيا ويتعرّضون لابتلاءاتها صابرين محتسبين يُصبِّرهم أمل الفوز بالآخرة ويُقوِّي عزيمتهم حنينهم للجنّة. هذه الجنّة الّتي كانت هدف عشّاق الله والّتي لولا الأجل الّذي كتبه الله لهم لم تستقرّ أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقاً إليها. لقد فتحت أبوابها ليدخلها العاشقون. وهذا الباب المفتوح هو الجهاد نفسه. فيا له من نعمة ويا له من بشرى يفرح بها المؤمنون ويستبشر بها العاشقون…

 

ولكنّ هذا الباب لم يُفتح ليدخل الناس كلُّهم، ولا ليدخله الأوفر حظّاً أو من تُساعده الظروف والصدفة، هو باب لا يدخله إلّا خاصّة الله وأوليائه “فتحه الله لخاصّة أوليائه”.

 

3- سورة البقرة، الآية: 212.

 

فهنيئاً للمجاهدين الّذين كانوا من خاصّة أولياء الله، ويا لعظمة الجهاد الّذي عبّد الطريق إلى الجنّة وكان باباً من أبوابها المفتوحة.

 

يشير الخامنئيّ دام ظله إلى نعمة الانتماء إلى القوّات المسلّحة وحمل المسؤوليّة فيها وأنّه خدمة لدين الله تعالى ولعباده وأتباع دينه.

 

يقول دام ظله:

 

“أيُّها الأخوة الأعزّاء، عليكم أن تعتبروا حمل المسؤوليّة في القوّات العسكريّة هبة إلهيّة وتوفيقاً عظيماً، وذلك أن يُوفّق الإنسان ليكون في خدمة دين الله وأتباع دينه، حيث يستفيد أيضاً ليوظِّف إمكاناته واستعداداته في أفضل طريقة. عليكم أن تعلموا أنّ هذا توفيق إلهيّ يستوجب شكره ويجب أن تُحافظوا عليه”.

 

مركز نون للتأليف والترجمة

 

                                               الدور والأهداف

 

 

                                  * معرفة الهدف
                                 * الهدف الشخصي
                                 * الهدف الإجتماعي

معرفة الهدف‏

 

إنّ معرفة الأهداف ووضعها نصب أعيننا من الأمور المُهِمّة والضروريّة لنجاح العمل، فالعمل الّذي لا يملك هدفاً هو عمل ضائع غير منسّق، والفشل فيه أكثر من النجاح.

 

﴿أفمنْ يمْشِي مُكِبّاً على وجْهِهِ أهْدى أمّنْ يمْشِي سوِيّاً على صِراطٍ مُسْتقِيمٍ﴾1 .

 

يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:

 

“أوج عظمتكم المعنويّة الملفتة هو في هذه الناحية الخفيّة، حيث كنتم تعون ماذا تفعلون وتعرفون لأيِّ شي‏ء تُقاتلون..”.

 

ويُشير الخامنئيّ دام ظله إلى أنّ معرفة الهدف لا تتوقّف عند معرفة الهدف الاستراتيجي العامّ، بل تتعدّى ذلك إلى معرفة الأهداف العمليّة والمرحليّة.

 

يقول دام ظله:

 

“قوّات الحرس يجب أن تعرف دورها وموقعها، وتكون على بصيرة وتتمتّع بالوعي السياسيِّ والاطِّلاع على الزمان والمكان..”.

 

ومعرفة الدور تعني معرفة الأهداف والوسائل أيضاً. وللأمّة نسيج من التكاليف المتكاملة فلا بُدّ من تحديد موقع العمل الجهاديِّ ضمن هذا النسيج حتّى يحصل التكامل ويتمّ سدُّ الفراغات الّتي لا يُمكن سدُّها من خلال الأعمال الأخرى…

 

1- سورة الملك، الآية: 22.

 

يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:

 

“إنّ معرفة دور وموقعيّة القوّة العسكريّة ودائرة عملها والمهمّات الموكلة إليها مسألة مهمّة، وذلك لكي لا يحصل التعدِّي أو الإهمال أو تداخل الوظائف والمهمّات، فلا يعود ذلك بفائدة على أحد”.

 

الهدف‏

 

إنّ الجهاد في الحقيقة يتضمّن مشروعين: مشروع للفرد ومشروع للأمّة والمجتمع.

 

فهناك أهداف على المستوى الفرديِّ والشخصيِّ وأخرى على المستوى الاجتماعيِّ.

 

الهدف الشخصيُّ‏

 

قد تتعدّد الأهداف الشخصيّة وتختلف من شخص إلى آخر، فأبواب طاعة الله تعالى كثيرة ولكن هناك هدفان أساسان يجب أن يشترك فيهما كلُّ المجاهدين. وكلُّ الأهداف الأخرى ـ في الحقيقة ـ ترجع إلى هذين الأمرين، وهما:

 

1- رضى الله تعالى

 

وهو الهدف الأسمى والأساس الّذي تتمحور حوله كلُّ حركة يقوم بها الإنسان المؤمن أو سكون يلتزم به. والجبهة هي من الأمكنة الخاصّة الّتي تتميّز بجوِّ الصفاء والروحانيّة والقرب من الله تعالى.

 

يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:

 

“ميدان الجبهة هو ميدان التعبُّد، وفيه لا يوجد دخالة لأيِّ عامل

 

 

آخر حتّى العقل. وإذا كنّا ملتفتين إلى هذه المسألة وجعلنا التقوى هدفنا والتحرُّك لمرضاة الربِّ غايتنا ستتحقّق عندها كلُّ غاياتنا”.

 

وإذا كان الجهاد طريقاً لتحقيق رضى الله تعالى، وباباً للتقرُّب منه، فأيُّ نعمة وأيُّ توفيق إذا توفّق أحدنا للدخول إلى هذا الميدان – ميدان الجهاد – الّذي عبّر عنه أمير المؤمنين عليه السلام قائلاً:

 

“أمّا بعدُ فإنّ الجهاد بابٌ من أبوابِ الجنّة فتحهُ الله لخاصّة أوليائهِ، وهو لباسُ التقوى ودرعُ اللهِ الحصينة وجُنّته الوثيقة…”2 .

 

من هنا نجد الخامنئيّ دام ظله يقول:

 

“أيُّها الإخوة الأعزّاء عليكم أن تعتبروا حمل المسؤوليّة في القوّات العسكريّة هبة إلهيّة وتوفيقاً عظيماً، وذلك أن يُوفّق الإنسان ليكون في خدمة دين الله وأتباع دينه، حيث يستفيد أيضاً ليوظِّف إمكاناته واستعداداته في أفضل طريقة. عليكم أن تعلموا أنّ هذا توفيق إلهيّ يستوجب شكره ويجب أن تُحافظوا عليه”.

 

2- الشهادة

 

إنّ الشهادة كانت أمنية الصلحاء وجائزة يرغب بها كلُّ مجاهد بعد طول عنائه وجهاده في سبيل الله تعالى.

 

بل نجد الأئمّة المعصومين‏ عليهم السلام ينتظرون لحظة الشهادة ويعتبرونها كرامة من الله تعالى، فهذا الإمام زين العابدين عليه السلام يقول مخاطباً ابن زياد:

 

“أبالقتل تُهدِّدني يا ابن زياد؟ أما علمت أنّ القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة؟”3 .

 

2- نهج البلاغة، الخطبة 27.

3- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 45، ص 118.

 

هذا هو النهج الإسلاميُّ الصحيح الّذي يؤكّد على حبِّ الشهادة. وقد نزلت آيات من القرآن الكريم في ذلك. فالنصر والظفر هو أمنية المجاهد، كما أنّ الشهادة هي أمنية له أيضاً.

 

يقول تعالى في كتابه الحكيم:

 

﴿قُلْ هلْ تربّصُون بِنا إِلّا إِحْدى الْحُسْنييْنِ …﴾4 .

 

حقّاً إنّها لكرامة أن تُختم حياة الإنسان بالشهادة في سبيل الله.

 

يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:

 

“يجب أن يكون كلُّ واحد منكم عنصراً فعّالاً، يعمل على أساس أن تكون خاتمة حياته الشهادة… واللهِ لا ينبغي أن يكون غير الشهادة نهاية لحياتكم.. ويجب علينا أن نأخذ هذا العنصر بعين الاعتبار”.

 

الهدف الاجتماعيّ‏

 

لا تقف أهداف الجهاد عند الأفراد والحالة الفرديّة، فالجهاد هو حركة اجتماعيّة وله آثاره العامّة وأهدافه الّتي تتجاوز مصالح الفرد لتشمل المجتمع وتُحقِّق مصالحه، ويمكن اختصار مصالح المجتمع ضمن الأهداف التالية:

 

1- القيام لله تعالى

 

يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:

 

“سمعتم بآذانكم المعنويّة النداء القرآني السماويّ:

 

﴿قُلْ إِنّما أعِظُكُمْ بِواحِدةٍ أنْ تقُومُوا لِلهِ …﴾5 .

 

4- سورة التوبة، الآية: 52.

5- سورة سبأ، الآية: 46.

 

 

القيام لله يعني القيام للحفاظ على حدود الله سبحانه وتعالى وأحكامه، والمحافظة على الدِّين ونهجه الصحيح في المجتمع”.

 

ويقول دام ظله:

 

“غالباً ما ذكّرت الأخوة في حرس الثورة وغيرهم بوجوب إطاعة حدود الله تعالى وعدم السماح بتأثير رضى الآخرين أو سخطهم على تطبيقها، فلربّما يستاء الآخرون من تطبيق هذه الحدود, لأنّها تُهدِّد مصالحهم ومنافعهم، فالواجب إذاً والأساس هو تطبيق هذه الحدود ومراعاتها حتّى لو عارضت رغباتكم الشخصيّة ومصالحكم… الحقُّ الإلهيُّ مقدّم على كلِّ رغبة وميل ورضى نفسيٍّ”.

 

2- الاستقلال والدفاع عن البلاد

 

إنّ الاستقلال له أهمِّيّته الخاصّة في ظلّ أطماع المستعمرين الّذين يُحاولون السيطرة والتسلُّط على كلِّ ما هو للآخرين.

 

من هنا كانت كلُّ حضارة وكلُّ مجتمع يحتاج لقوّة تمنع طمع الطامعين وتضمن عدم تعدِّيهم وتجاوزهم. هذه القوّة تُشكِّلها القوّات المسلّحة المقتدرة. ومع غياب مثل هذه القوّة سيكون من غير الممكن المحافظة على الاستقلال، وهذا ما يُشير إليه الخامنئيّ دام ظله حيث يقول:

 

“لا يُمكن لثقافة أو حضارة معيّنة أن تُساهم في عمليّة البناء وضمان استقلالها مع غياب قوّات مسلّحة ومقتدرة”.

 

ويقول دام ظله:

 

“إنّ ضياع مآثر كرامة واستقلال بعض الدول والشعوب سببه جهل في المسؤوليّة وخنوع القوّات المسلّحة، رغم وجود طاقات علميّة واقتصاديّة عالية”.

 

 

فمجرّد وجود طاقات علميّة واقتصاديّة عالية لا يُعتبر ضماناً لاستقلال الدول والشعوب، بل القوّات المسلّحة وحضورها الدائم وقيامها بواجباتها في الميادين اللازمة هي الّتي تضمن الاستقلال وتضمن بقاء وتفعيل الطاقات العلميّة والاقتصاديّة.

 

ومهمّة الدفاع تُمثِّل الحكمة من وجود هذه القوّات.

 

يقول دام ظله:

 

“الحكمة من وجود هذه القوّات هي الدفاع عن الحدود المادِّيّة والمعنويّة للبلاد وواجبها هو الدفاع عن استقلال وهويّة الشعب”.

 

3- إزالة الظلم

 

إنّ المؤمن المجاهد ليس أنانيّاً يعيش همومه الخاصّة ولا يبالي بكلِّ ما حوله، بل هو إنسان رساليٌّ يحمل همّ الإنسانيّة كلِّها، يعرف معنى الظلم ومعنى أن يكون الإنسان مظلوماً، ويعرف حاجة المظلوم ليدٍ تُساعده، أيِّ يد يُمكنها أن تُساعده، من هنا فهو لا يعرف الحدود الجغرافيّة ولا القوميّات ولا التكتُّلات العرقيّة، بل هو يحمل همّ نصرة المظلوم وتحقيق العدل، وهذا يشمل كلّ أرض وطأتها قدم إنسان مظلوم.

 

يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:

 

“الإسلام يقول لنا: إنّ مواجهة الظالم ونصرة المظلوم لا تعرف الحدود الجغرافيّة”.

 

4- استنهاض الشعوب

 

عندما تعيش المجتمعات نوعاً من حالة الإحباط واليأس والاسترخاء والتراجع عن مواجهة الأعداء، فإنّ العدوّ سيتمكّن من السيطرة على مُقدّرات

 

 

هذه المجتمعات وسيفرض هيمنته وتسلُّطه عليها وستكون ذليلة أمامه مهما كانت تمتلك من طاقات ومن نقاط قُوّة في مواجهته، لذلك وقبل كلِّ شي‏ء لا بُدّ من تأمين إرادة المواجهة والحضور في الميادين اللازمة.

 

وعندما تصل الشعوب إلى مثل هذه الحالة من الإحباط والتحييد، فلا بُدّ من إعادتها إلى الميدان من خلال تقديم القدوة المجاهدة بشكلها المشرق والصحيح، لتستثير كوامن الجهاد في ضمير الأمّة وتُعيدها إلى ساحة الحضور.

 

ولا بُدّ من إثبات القدرة والإمساك بزمام المبادرة لتعود الأمّة إلى الثقة بنفسها، وهذا ما يُعبّر عنه بالعمل الجهاديّ لاستنهاض الشعوب.

 

يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله:

 

“وليعلم الجميع أنّ مثل هذا الطريق إذا سلكه شعب وقطف بإذن الله نتائجه فسوف تستلهم بقيّة الشعوب منه الدروس والعبر وتحذو حذوه”.

 

 

إقرأ المزيد ,,

 

مشهد مصور عن حقائق من الميدان في غزة _ طوفان الاقصى

إقرأ المزيد ,,

الإمام الخامنئي: طوفان الأقصى تمكنت من تعطيل السياسات الأميركية في المنطقة

إقرأ المزيد

 لنصرة غزة قاطق المنتجات الاسرائيلية

 فلسطيني رقص على الدبكة خلال الاشتباكات يُذكر بـ “رقصة الحرية” للهنود الحمر

 

.

رابط الدعوة تليجرام:https://t.me/+uwGXVnZtxHtlNzJk

رابط الدعوة واتساب: https://chat.whatsapp.com/GHlusXbN812DtXhvNZZ2BU

رابط الدعوة ايتا :الولاية الاخبارية
سايت اخباري متنوع يختص بأخبار المسلمين حول العالم .
https://eitaa.com/wilayah

#طوفان_الأقصى
#חרבות_הברזל
#أوهن_من_بيت_العنكبوت
#יותר_חלשה_מקורי_עכביש
#حـان_وقـت_رحيـلكـم
#הגיע_הזמן_שתעזוב#نتن _ياهو_جزار_غزة

 

 

شاهد أيضاً

الابحاث العرفانية –  السيّد محمّد الحُسين‌ الحسينيّ الطهرانيّ

الابحاث العرفانية –  السيّد محمّد الحُسين‌ الحسينيّ الطهرانيّ کتاب الشمس الساطعة منهج‌ المرحوم‌ القاضي‌ قدّس‌ ...