الشهيد والشهادة – عطاءات الشهيد
23 يونيو,2024
الشهداء صناع الحياة
92 زيارة
كل أولئك الذين خدموا البشرية بشكل من الأشكال، لهم حق على بني الإنسان، سواء أسدوا خدماتهم عن طريق العلم أم الفكر أم الفلسفة أم الاختراع والاكتشاف، ولكن يبقى الشهيد متميزاً بين هؤلاء جميعاً! ومن هنا فإن ما يكنّه أبناء البشر من تعاطف وانشداد تجاه الشهداء، يتميز عما يكنّونه تجاه سائر خدمة البشرية.
فلماذا هذا التميز؟
الدليل واضح: كل المجموعات التي أسدت خدمات إلى البشرية مدينة للشهداء، فالعالم في علمه، والفيلسوف في فلسفته، والمخترع في اختراعه، ومعلم الأخلاق في تعاليمه… كلهم محتاجون إلى أجواء
12- م.س، نقله عن بحار الأنوار، المجلسي، ج100، ص12.
حرّة مساعدة، كي يقدّموا خدماتهم، والشهيد بتضحياته، يوفِّر هذه الأجواء، لأن الشهيد كالشمعة التي تحترق وتفنى، لتضيء الطريق للاخرين.
ولولا هذه الشموع لما استطاعت المسيرة البشرية أن تواصل طريقها، ولما استطاع أبناء البشر في ظلمات الاستعباد والاستبداد أن يمارسوا نشاطاتهم، ويقدِّموا خدماتهم الإنسانية.
فعطاءات الشهيد وخدماته هي التي أنبتت وأثمرت عطاءات الآخرين.
فبدون حريّة كيف يعطي الاخرون؟ والحريَّة من عطاءات الشهيد.
وبدون عزّة كيف ينتج ويتقدّم الآخرون؟ والعزّة من عطاءات الشهيد.
وبدون أمن وطمأنينة كيف يبدع الآخرون؟ والأمن والطمأنينة من عطاءات الشهيد.
يقول القائد دام ظله:
“… إن عزّة إيران اليوم وكل التقدم الذي حققناه وما نراه من أمن واستقلال إنما هو انجاز عظيم أهداه الشهداء وآباؤهم وأمهاتهم وعقيلاتهم الصابرين…”.
“يوم الشهداء فرصة ثمينة ينبغي اغتنامها للتعبير عن مشاعر الشكر للأرواح الطاهرة التي تحررت من أبدانها ومن جميع الانشداد إلى المغريات المادية في سبيل أن توفر لبني الإنسان الحرية وأسباب النجاة، ولتلك النفوس النبيلة التي سقطت على الأرض مضرَّجة بدمائها لينقى وجه الأرض من الظلم والعدوان والهمجية. سلام منّا عليهم وعلى جميع
شهداء طريق اللَّه الذي أضاءوا سبيل الحياة الإنسانية وغدوا مشعلاً للهداية الإلهية”، “إن عزة واستقلال البلاد الحالية، وحركتها صوب الازدهار والكمال، ينبغي أن نعتبرها بكل ما فيها، رهناً بدماء الشهداء”.
“… أيها الأخوة والأخوات أنتم تعلمون أن العظمة والاقتدار المعنوي للنظام الإسلامي والأمة الإسلامية اليوم في العالم وفي أعين القوى العظمى الشيطانية، ناشىء من نفس الشهادة والعمل الذي أقدم عليه الشهداء، اعلموا يا أبناء الشهداء أن آباءكم كانوا هم السبب في إيجاد هذه العظمة للإسلام في أعين الطواغيت في العالم، ففي يوم من الأيام لم يكن من يبالي أصلاً بالإسلام وبالمجتمع الإسلامي، ولم يكن للشهيد ذكر ولم يكن معتبراً في الفكر، بينما اليوم صار واضحاً أن الإسلام قد هزَّ عروش الشياطين في أرجاء العالم كافة.
… اليوم بفضل نفس الشهادة وببركة دماء شهداء هذه الأمة أصبحت الأمة مرفوعة الرأس وعزيزة، وعلى الأمم أن تجد رفعتها وعزتها من هذا الطريق. القوى الاستكبارية لا تعترف بحق الحياة وحرية الرأي بالنسبة للأوطان والأمم التي من أمثالنا البلدان الإسلامية والبلدان المستضعفة حتى حق
الاستفادة من منابع ثروتهم مرفوض عندها. فلا يصح التعاطي مع هذه القوى الشيطانية على أساس الضعف والمذلة، لأنهم لا يرحمون الضعيف.
يجب على كل أمة أن تقوّي نفسها وتجد القوة الحقيقية، وهذا لا يكون إلا بالاعتقاد والعمل حتى ولو وصل الأمر إلى الجهاد والشهادة.
فهذا هو العمل الذي قام به شعبنا وشهداؤنا، وأجبروا العالم المستكبر على القبول بواقع الإسلام والجمهورية الإسلامية…”.
وفي حديث آخر له، يقول القائد دام ظله، حول عطاءات الشهادة والشهيد:
“وإذا نظرنا إليها (إلى الشهادة) من زاوية ثالثة نراها على قدر عظيم من الأهمية بحيث كلما دنا منها الإنسان لمس عظمتها أكثر فأكثر كالجبل الشاهق الذي يراه الإنسان عن بعد مجرد جبل ولكنه كلما اقترب منه تعذّر عليه الإحاطة به فكرياً. ولهذه الظاهرة تأثير في مناحي التقدّم الهائل لكل شعب. فأي شعب استند إلى مبدأ الشهادة، وعرفها وتعلّم منها، يبقى على الدوام شامخاً لا يُهزم.
تستخدم القوى الكبرى عادة أساليب الإغراء والتهديد، والرشوة، والضغوط الإعلامية والعسكرية وما شاكلها في سبيل فرض أفكارها وإرادتها على
الشعوب وعلى الحكومات وعلى الدول وعلى النخبة فيها.
ولكن من ذا الذي ينهار أمام هذه الضغوط؟ ينهار أمامها كل منخدع بمغريات الدنيا وكل مغرور بزخرفها وزبرجها. لأن أمثال هؤلاء الناس يخشون الموت عادة، وهؤلاء هم الذين يتسنى للقوى الكبرى تسخيرهم لإرادتها. فإذا كانوا على رأس السلطة في بلدانهم، يجلبون على شعوبهم الويل والدمار، وإذا كانوا في أوساط الشعب، يخذلون حكوماتهم عند الشدائد.
هؤلاء الناس متعلقة أفئدتهم بمظاهر الدنيا البراقة الخادعة، ويجهلون باطنها وما فيه من أسباب السعادة والعزة والفلاح… هم نقطة الضعف في حياة الشعوب. وهنا تكمن نقطة ضعف البشرية.
فإذا كان هناك شعب يؤمن بمبدأ الشهادة يعني أن مسألة الشهادة في سبيل اللَّه محلولة بالنسبة له، لا بمعنى أن يطلبوا من الناس أن يذهبوا كلهم نحو القتل ويقتلون، بل بمعنى أنه إذا استلزمت الضرورة، وإذا اقتضت عزّة وتاريخ ومصلحة ذلك الشعب أن ينفر بعض أبنائه ويضحوا بأنفسهم، تكون هناك ثلَّة مستعدة للتضحية، فهو لا يواجه أيّة مشكلة في هذا السبيل.
فالشعب الذي يكون هكذا أو منجباً للشهداء، والشعب
الذي يؤهل أبناءه شباباً ورجالاً ونساءاً للقتل في سبيل اللَّه، هل يخضع للتهديد؟ وهل يرتشي؟ وهل يستسلم للجبابرة؟ وهل يداهن الاستكبار؟ كلا وألف كلا.
وإذا نظرتم ما لهذه الدولة اليوم من عزة وعظمة فهي بفضل دماء أعزّتكم، ولا تجدون أحداً في الحكومة أو من المسؤولين أو من أي فئات الشعب يرتضي أدنى مساس يصيب عزة هذا الشعب، وهم يقفون جميعاً كالطود.
ولن يجني الاستكبار من وراء ضغوطه سوى الخيبة. وهذا ما ثبت على مدى عشرين سنة، منذ مطلع الثورة وحتى اليوم.
حيث مارس الاستكبار خلالها الضغوط كتألّب الدول المجاورة ضدنا وشن الحرب علينا، ومحاصرتنا اقتصادياً، وإثارة الدعايات ضدنا وكيل التهم لنا، والسعي لزرع الاختلاف والانشقاق بين أبناء شعبنا، وتجريد الناس من معتقداتهم، لقد اندحر الاستكبار في كل هذه الهجمات الغادرة وسيندحر في ما يأتي منها لأن هذا الشعب أصبح بفضل دماء الشهداء شعباً شهماً ومنجباً للشهداء، لاحظوا مدى تأثير الشهادة في سيادة وسعادة الشعوب. إن وجود أمثال هؤلاء الرجال والنساء والشباب هو الذي يضمن للشعوب سعادتها في الدنيا والآخرة”.
2024-06-23