الرئيسية / تقاريـــر / «الحشد الشعبي» لما بعد «داعش» – سالم مشكور

«الحشد الشعبي» لما بعد «داعش» – سالم مشكور

إذا كان كل سوءٍ، ينطوي في بعض إفرازاته أو تداعياته على جوانب إيجابية، فإن من “إيجابيات” دخول “داعش” الى العراق واقترابها من بغداد هو ظهور الحشد الشعبي بعد فتوى الجهاد الكفائي للمرجع السيستاني. كل الثورات التي تغيّر نظام الحكم تغييرا جذريا، تحتاج الى تشكيل قوة تحرس النظام الجديد، من خطر قوى النظام السابق التي تحاول جاهدة الاطاحة بالنظام الجديد أو على الاقل عرقلة عمله ونجاحه بالقول بأنه لم يأت بالخير الى البلاد.
حدث أكثر من هذا في العراق، فقد انخرطت عناصر من النظام القديم في عمل مسلح ضد النظام الجديد منذ إقامته بعد التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ فيما تولى آخرون عملية التخريب السياسي من داخل النظام من خلال التوغل فيه. لم يسقط النظام القديم بثورة ولا بانقلاب عسكري وإنما باجتياح عسكري أميركي كان الطريق الوحيد الذي استطاع تخليص أكثر العراقيين من الدكتاتورية، لكن النتيجة كانت واحدة: الاطاحة بالنظام القديم الدكتاتوري القمعي الطائفي الشوفيني الوحشي، واقامة نظام مختلف تماما حمل عنوان الديمقراطية والفيدرالية والحريات والتداول السلمي للسلطة. لكن أحدا لم يفكر بإنشاء حرس لحماية هذا النظام، مما دفع الساحة الى إفراز قوى مسلحة خارج إطار الدولة قامت بالرد على القوى الساعية الى الاطاحة أو إرباك النظام الجديد. كان لذلك إفرازاته السلبية التي عقدت من المشهد. في إيران التي سقط نظامها الملكي عام ١٩٧٩ بثورة شعبية، بادرت قيادة تلك الثورة، فور نجاحها، الى تأسيس قوتي حماية للنظام الجديد هما “حرس الثورة الاسلامية” و”لجان الثورة الاسلامية”.
وعندما شن صدام حربه على إيران، نظر الايرانيون الى تلك الحرب بأنها تخاض نيابة عن قوى خارجية هدفها الاطاحة بالنظام الجديد، فكانت هاتان القوتان هما طليعة القوات المحاربة في الجبهات مع إضافة قوة ثالثة هي قوات التعبئة الشعبية “البسيج”، فكان لأدائها، في الجبهات، وفي الداخل، الفضل في صد الهجوم وحماية النظام.كان العراق بحاجة الى مثل هذه القوة العقائدية التي تؤمن بالنظام الجديد وتحميه بقوة. ربما السبب هو أن التغيير جاء خارجيا،

ولم تكن هناك قيادة موحدة منسجمة بإمكانها اتخاذ هكذا خطوة. الأهم من كل هذا هو الانقسام السياسي الحاد بين فريقين من القوى السياسية، ونظام المحاصصة والشراكة الذي أدخل أناسا لا يؤمنون بالنظام الجديد ويسعون جاهدين الى إضعافه على الاقل. تشكيل مثل هذه القوة الحامية للنظام الجديد كان لابد ان يجري ضمن معيار المحاصصة والشراكة القسرية، وبالتالي فان هذه القوة لن تكون منسجمة وموحدة في هدفها مما يفقدها دورها المنشود.
الواقع الذي أفرزه دخول “داعش”، وتحديدا عند وصوله الى الرمادي، وفرّ فرصة لولادة قوات حشد شعبي لا تقتصر على اللون الشيعي وحسب، بل تتعداه الى المكون السني الذي بلغت أوساط عديدة منه مرحلة الصحوة والادراك بأن ما يجري هو تلاعب بهم وبمصيرهم. هكذا قوة – مهما سيكون اسمها- متنوعة الانتماء، ومنسجمة في الهدف والمصير يمكنها ان تبقى قوة دفاع عن العملية السياسية، حتى في مرحلة ما بعد “داعش”.

شاهد أيضاً

اسلامي يعلن عن انشاء 5 محطات جديدة للطاقة النووية في البلاد

أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد اسلامي عن إنشاء 5 محطات طاقة نووية جديدة ...