الرئيسية / القرآن الكريم / مع الطب في القرآن الكريم – الدكتور محمد علي البار 5

مع الطب في القرآن الكريم – الدكتور محمد علي البار 5

الصلب والترائب جاء في القران الكريم: (فلينظر الانسان مم خلق (5) خلق من ماء دافق (6) يخرج من بين الصلب والترائب) [الطارق: 6 – 7 – 8] آية كريمة حيرت العلماء والمفسرين، ولا بد لفهمها من أن يتعرف القارئ – ولو على سبيل الاختصار – على الناحية التشريحية للجهاز التناسلي: إن النطاف تتكون عند الرجل في أنابيب الخصية، ثم تنتقل بعد كمال تكوينها ونضجها بالحبل المنوي، إلى الحويصلين المنويين ومنهما إلى القناتين الدافقتين، فالإحليل ثم يخرج المني آخر الامر من الإحليل إلى خارج الجسم.
– الصلب يشمل: العمود الفقري الظهري والعمود الفقري القطني، وعظم العجز ويشتمل من الناحية العصبية على المركز التناسلي الآمر بالانتعاظ ودفق المني، وتهيئة مستلزمات العمل الجنسي. كما أن الجهاز التناسلي تعصبه ضفائر عصبية عديدة ناشئة من الصلب، منها الضفيرة الشمسية، والضفيرة الخثلية والضفيرة الحويضية، وتشتبك في هذه الضفائر الجملتان الودية ونظيرة الودية المسؤولتان عن انقباض الأوعية وتوسعها، ومن الانتعاظ والاسترخاء وما يتعلق بتمام العمل الجنسي. وإذا أردنا أن نحدد ناحية الصلب المسؤولة عن هذا التعصيب قلنا إنها تحاذي الظهرية الثانية عشرة والقطنية الأولى والثانية، والقطع العجزية الثانية والثالثة والرابعة.
– أما الترائب فقد ذكر لها المفسرون معاني كثيرة، فقد قالوا: إنها عظام الصدر، والترقوتان، واليدان، والرجلان، وما بين الرجلين، والجيد والعنق وغير ذلك، وما دام في الامر سعة فإننا نأخذ من هذه المعاني ما يتفق مع الحقيقة العلمية، وسنعتمد على التفسير القائل بأن الترائب هنا هي عظام أصول الأرجل أو العظام الكائنة ما بين الرجلين (1).
(١) ورد في تفسير ابن كثير ج ٤ ص ٤٩٨ عن الضحاك الترائب بين الثديين والرجلين والعينين.
(٣٢)

لنعد إلى الآية القرآنية: (خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب). الماء الدافق هو ماء الرجل، أي المني يخرج من بين صلب الرجل وترائبه (أي أصول الأرجل) أصبح معنى الآية واضحا لان معظم الأمكنة والممرات التي يخرج منها السائل المنوي، والتي ذكرناها سابقا تقع من الناحية التشريحية بين الصلب والرائب، فالحويصلان المنويان يقعان خلف غدة الموثة ” البروستات والتي يشكل إفرازها قسما من السائل المنوي ” وكلها تقع بين الصلب والترائب، ويجب أن نذكر هنا أن هناك عدة آراء ونظريات حول وظيفة الحويصلين المنويين: فمنهم من يقول: بأن الحويصلين المنويين مستودعان لتخزين النطاف.
بالإضافة إلى وظيفتهما الافرازية، بينما النظرات الحديثة تقول: بأنه لا يمكن اعتبار الحويصلين المنويين مخزنا للنطاف، والمهم أنهما غدتين مفرزتين تشكلان قسما من السائل المنوي، وإفرازهما ذو لون أصفر غني بالفركتوز، كما أن لهما دورا إيجابيا في عملية قذف السائل المنوي للخارج على شكل دفقات بسبب تقلص العضلات الموجودة بهما (1) ولا يبقى أي إشكال في أن الآية الكريمة أشارت على وجه الاعجاز والموعظة، يوم لم يكن تشريح ولا مجهر إلى موضع تدفق المني من الانسان قبل أن يخرج إلى ظاهر الجسم، وإذا التفتنا إلى الناحية العصبية في بحثنا هذا، ومالها من أهمية، وجدنا أن الوصف الوارد في الآية الكريمة يمكن أن ينطبق عليها فتنسجم الصورة العصبية مع الصورة التشريحية الماضية تمام الانسجام، ويمكن إيضاح هذا المعنى على الوجه التالي: إنك حين تقول: ” خرج الامر من بين زيد وعمرو ” تريد بذلك أنهما اشتركا وتعاونا على إخراجه. وقوله تبارك وتعالى:
(يخرج من بين الصلب والترائب) يفيد بأن الصلب والترائب تعاونا كجانبين على إخراج المني من مستقره ليؤدي وظيفته وبهذا المعنى يصح أن نقول: (إن خرج من بين صلب الرجل كمركز عصبي تناسلي آمر، وترائبه كمناطق للضفائر العصبية المأمورة بالتنفيذ) حيث يتم بهذا التناسق بين الآمر والمأمور خروج المني إلى
(1) موجز علم النسج الخاص للدكتور كنعان الجابي.
(٣٣)

القناتين الدافقتين، وهذا ثابت من الناحية العلمية، وموضح لدور الجملة العصبية ولابد من تعاون الجانبين لتدفق المني فإن تعطل أحدهما توقف العمل الجنسي الغريزي (1).
هذا ما تبين حول الآية فإن أخطأنا فمن أنفسنا، وإن أصبنا فمن الله وله الحمد والمنة، والله أعلم بمراده وأسراره كتابه.
(1) بحث للدكتور حسن هويدي – حضارة الاسلام – السنة العشرون العدد الأول.
(٣٤)

شاهد أيضاً

أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في كتب أهل السنّة

أئمة أهل البيت (ع) في كتب أهل السنّة / الصفحات: ٢٨١ – ٣٠٠ المجد فاختار ...