الرئيسية / القرآن الكريم / الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

29) الأمثال العربية – محمد رضا المظفة
والحق ان الاسلام قد اهتم كثيرا ببناء المجتمع عن طريق بناء الاسرة حتى يكون المجتمع قويا متماسكا،وكل هذا لا يأتي الا بأحياء البيت لذكر الله تعالى سواء بالقلب ام باللسان او الجوارح، وحتى لا يكون البيت مرتعا للشيطان،لابد من الإبتعاد عن كل المعاصي والاخلاق الذميمة،بل وينبغي الابتعاد عن المكروهات ما استطاع الى ذلك سبيلا،ليبتعد الشيطان عن ذلك البيت وليرى البركة في كل شيء.
37- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِىُّ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ – يَعْنِى أَبَا عَاصِمٍ – عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ صلى الله عليه واله يَقُولُ « إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ. وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ. وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ .
فشبه رسول الله صلى الله عليه واله البيت الذي يذكر فيه الله بالحي،لأن ذكر الله يحيي النفوس ويطمئن القلوب،على عكس الغفلة فإنها تميت القلب وتجعله قاسيا،والقلب القاسي بعيد عن الله تعالى،وقد قال الله تعالى(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) .
38 – حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ وَكِيرِ الْحَدَّادِ لَا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً) .
إن من أهم الامور المؤثرة على شخصية الانسان ،هي البيئة التي يعيش فيها،فهذه البيئة إما أن تقربك من الله تعالى أو تعبدك عنه،فالأصدقاء وزملاء العمل والجيران وغيرهم ممن يحتك بهم الانسان كل يوم لهم الاثر الكبير على إيمان وسلوك الانسان،فلابد للإنسان العاقل أن يحسن اختياره لجليسه ومن يصاحب،وبناء على ذلك شبه الرسول الاعظم صلى الله عليه واله الجليس الصالح بصاحب المسك،حيث ان حامل المسك اما ان يشترى منه او على الاقل سيشم الرائحة الطيبة،وكذلك من يجالس أهل العلم والاخلاق،فلن يستفيد منهم الا الخير والهداية واجتناب الشر. وكذلك الحال بالنسبة الى الجلوس عند كير الحداد فلن يجد من مجالسته الا الضرر اما في الثياب او في البدن،او في أقل تقدير شم الرائحة الخبيثة،فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه واله ان جليس السوء لا يأمن من الضرر على الدين والأخلاق والتأثير عليهما.وقد أحسن من قال:
إذا كنتَ في قومٍ فصاحِب خِيارَهم ** ولا تصحبِ الأردى فتردى مع الرَّدِي
عن المرءِ لا تَسَلْ وسَلْ عن قرينهِ *** فكلُّ قرينٍ بالمقارَن يقتدِي
ووعظ بعضهم إبنه فقال له: إياك واخوان السوء،فإنهم يخونون من رافقهم ويفسدون من صادقهم وقربهم أعدى من الجرب ورفضهم والبعد عنهم من استكمال الدين والادب والمرء يعرف بقرينه والاخوان اثنان: فمحافظ عليك عند البلاء وصديق لك في الرخاء،فإحفظ صديق البلية وتجنب صديق العافية،فإنهم أعدى الاعداء.وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
فما أكثر الاخوان حين تعدّهم ولكنهم في النائبات قليل
39 – عن مجاهد قال: صاحبت عمر من مكة إلى المدينة فما سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إلا هذا الحديث:
(إن مثل المؤمن كمثل النحلة إن صاحبته نفعك وإن شاورته نفعك وإن جالسته نفعك وكل شأنه منافع وكذلك النحلة كل شأنها منافع).
قال ابن الاثير: وجه المشابهة بين المؤمن والنحلة، حذق النحل وفطنته وقلة أذاه وحقارته ومنفعته وقنوعه وسعيه في النهار وتنزهه عن الاقذار وطيب أكله، و أنه لا يأكل من كسب غيره ونحوله، وطاعته لاميره، وللنحل آفات تقطعه عن عمله، منها الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار وكذلك المؤمن له آفات تفتره عن عمله، منها ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام وماء السعة ونار الهوى. وفي مستدرك الدارمي عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: كونوا في الناس كالنحلة في الطير إنه ليس في الطير إلا وهو يستضعفها، ولو تعلم الطير ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها، وخالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم وزائلوهم بأعمالكم وقلوبكم فان للمرء ما اكتسب وهو يوم القيامة مع من أحب .
ولما شبه الرسول الاعظم صلى الله عليه واله المؤمن بالنحلة،إنما اراد أن يتحلى بثقافة هذا الخلق الضعيف في سموه وعلو همته والتعامل مع الامور بجدية،ويظهر فيها كيف ان النحل يجيد توظيف الطاقات لنفسه،وهو امر لازم مهم لتطور الامم والافراد على حد سواء،ولن يتسنى للإنسان الرقي الا بذلك.لإنه في عالم النحل قد وزعت الوظائف والمسؤوليات بشكل دقيق لا يقبل الغلط ولا الخلط.فلو كان هناك فردا عاطلا سينفى من مملكة النحل بلا تأخير لانه سيكون عائقا امام البقية،وما احوجنا الى مثل هذه المملكة التي لا تعرف التعب ولا الكلل والملل.كي تسير في خط ومسير تكاملي نحو معرفة الله والنفس والعالم وبالتالي الفوز بالجنة ورضوان الله الاكبر حيث ان الغاية القصوى للانسان هي معرفة الخالق والنفس وقدراتها والعالم الذي تؤثر فيه.
ومن هنا جاء لقب أمير النحل للإمام علي (ع) وأمير النحل هنا المراد به أمير المؤمنين لأن مثل المؤمنين مثل النحل. وأما لقب يعسوب الدين أو يعسوب المؤمنين المتمثل بقول الرسول صلى الله عليه واله وسلم : (( عَليٌّ يَعسُوبُ المُومِنِينَ )) .
وجاء في مجمع البحرين : اليعسوب أمير النحل وكبيرهم وسيدهم تضرب به الأمثال لأنه إذا خرج الأمير كوره تبعه النحل باجمعه، ومعنى الحديث:يلوذون بى كما تلوذ النحل بيعسوبها وهو مقدمها وسيدها.
ومن الخصوصيات التي وصف بها النحل ومملكته،ما يلي :
ان ملك النحل ليس له حق اللدغ لأحد
ان الملك يتصف بالعدل والنصاف بين أعضاء مملكته
ملك النحل لا يسمح لتمطف ولا لعدو ان ينتهك حرمة البيت
مكلة النحل ترعى صغارها وتهتم بهم اهتماما لا حدود له
ان اتخاذ القرارات في مملكة النحل،هو عباة عن عملية تحكمها ارقى درجات الشورى
النحل دائما ما يتنزه عن النجاسات والاقذار
النحل الا يأكل الا طيبا
النحل لا يأكل من كسب غيره
النحل لا يأكل لا قدر حاجته
النحل لا يشرب الا من الماء العذب الصافي ويجد في طلبه مهما بعد النحل هو اصغر المخلوقات حجما وأضعفها بنية إلا انه الاكثر عطاءاً وتأثيراً.
بيت النحل تنطبق عليه ارقى المواصفات الهندسية في العمران والبنيان يعرف عن النحل قلة أذاه يعرف عن النحل النظافة الكاملة التامة
النحل يسعى في النهار سعيا لا حدود له .
النحل يوفر الجد والوقت على بعضه البعض،فإذا وقعت نحلة على زهرة وامتصت رحيقها فإنها تترك علامة على انها قد مصت رحيقها حتى توفر الجهد والعناء على الاخرين من بني جنسها.
إن هذه الحشرة في مثل هذا الصفات لجديرة بتمثيل المؤمن بها.وكما قال رسول الله صلى الله عليه واله(كل الذباب في النار الا النحل).وقد ورد هذا التمثيل ليحمل في طياته بشارة المصطفى صلى الله عليه واله للمؤمنين الذين تشبهوا بشيء من هذه الطبائع الحميدة والخصال الجميلة،ليتقي بها من النار ولينعم بصحبة النبيين والصديقين والشهداء في آخر المطاف وحسن أولئك رفيقاً.
40- عنه (صلى الله عليه وآله): مثل المؤمن مثل السنبلة تستقيم مرة وتحمر مرة، ومثل الكافر مثل الأرزة لا تزال مستقيمة حتى تخر ولا تشعر .
ظاهر هذا الحديث أن المؤمن لا يخلو من بلاء يصيبه فهو يميله تارة كذك وتارة كذا لا يطيق البلاء ولا يفارقه فمن ثم يميل يمنة ويسرى والمنافق حاله واحدة من دوام الصحة في نفسه واهله ويفعل الله ذلك بالمؤمن ليصرفه اليه في كل حال فكلما سكنت نفسه الى شيرء اماله عنه ليدعوه بلسانه وجنانه لأنه يحب صوته فإختلاف الأحوال تميل بالمؤمن الى الله تعالى والمنافق وان اختلفت عليه الاحوال لا يرده ذلك الى ربه لانه اعماه وختم على قلبه فنفسه كالخشب المسندة لا تميل الى شيء وقبله كالحجر بل أشد ليس فيه رطوبة الايمان كالأرز لا تهتز حتى تحصد بمنجل الموت،ومقصود الحديث ان يحذر المؤمن دوام السلامة خشية الاستدراج فيشتغل بالشكر ويستبشر بالمراض والرزايا .

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...