تلطفه (عليه السلام) بنا يشهد بذلك قوله (عليه السلام) في التوقيع المروي:
– في الاحتجاج: (1) إنه أنهي إلي ارتياب جماعة منكم في الدين، وما دخلهم من الشك والحيرة، في ولاة أمرهم فغمنا ذلك لكم لا لنا وساءنا فيكم لا فينا لأن الله معنا فلا فاقة بنا إلى غيره، والحق معنا فلن يوحشنا من قعد عنا، ونحن صنائع ربنا والخلق بعد صنائعنا.
ويدل على المقصود أيضا، ما في بصائر الدرجات:
– بإسناده (2) عن زيد الشحام، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال: يا زيد، جدد عبادة، وأحدث توبة، قال نعيت إلي نفسي جعلت فداك؟ قال: فقال لي: يا زيد ما عندنا خير لك وأنت من شيعتنا، قال: وقلت: وكيف لي أن أكون من شيعتكم؟ قال: فقال (عليه السلام) لي: أنت من شيعتنا، إلينا الصراط والميزان وحساب شيعتنا والله لأنا أرحم بكم منكم بأنفسكم، الخبر.
تحمله (عليه السلام) الأذى منا – ففي توقيع آخر مروي (3) فيه أيضا: قد آذانا جهلاء الشيعة وحمقاؤهم ومن دينه جناح البعوضة، الخ.
ترك حقه (عليه السلام) لنا في الدنيا والآخرة أما في الدنيا، فقد سبق في إباحة ما في أيدينا، وأما في الآخرة:
– فقد روي في البحار (4) في المجلد الثالث، عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: إذا كان يوم القيامة جعل الله حساب شيعتنا علينا فما كان بينهم وبين الله استوهبه محمد (صلى الله عليه وآله) وما كان فيما بينهم وبين الناس من المظالم أداه محمد (صلى الله عليه وآله) عنهم، وما كان فيما بيننا وبينهم وهبناه لهم، حتى يدخلوا الجنة بغير حساب.
١ – الاحتجاج: ٢ / ٢٧٨ توقيعات الناحية المقدسة.
٢ – الإحتجاج: ٢ / ٢٦٥ ذيل ١٥.
٣ – الإحتجاج: ٢ / ٢٨٩ توقيعات الناحية المقدسة.
٤ – بحار الأنوار: ٧ / 274 باب 11 ح 48.
(٥٤)
تشييع أمواتنا – يدل عليه ما روي في البحار (2) من كتاب المناقب، أنه اجتمعت عصابة الشيعة بنيسابور، واختاروا محمد بن علي النيسابوري فدفعوا إليه ثلاثين ألف دينار وخمسين ألف درهم، وشقة من الثياب، وأتت شطيطة بدرهم صحيح وشقة خام من غزل يدها تساوي أربعة دراهم، فقالت: إن الله لا يستحيي من الحق قال فثنيت درهمها، وجاءوا بجزء فيه مسائل ملء سبعين ورقة في كل ورقة مسألة، وباقي الورق بياض ليكتب الجواب تحتها، وقد حزمت كل ورقتين بثلاث حزم، وختم عليها بثلاث خواتيم على كل حزام خاتم وقالوا:
ادفع إلى الإمام ليلة، وخذ منه في غد فإن وجدت الجزء صحيح الخواتيم: فاكسر منها خمسة وانظر هل أجاب عن المسائل، فإن لم تنكسر الخواتيم فهو الإمام المستحق للمال، فادفع إليه، وإلا فرد إلينا أموالنا.
فدخل على الأفطح عبد الله بن جعفر، وجربه، وخرج عنه قائلا (ربي اهدني إلى سواء الصراط)، قال: فبينما أنا واقف إذا أنا بغلام يقول: أجب من تريد فأتى بي دار موسى بن جعفر (عليه السلام)، فلما رآني قال: لم تقنط يا أبا جعفر ولم تفزع إلى اليهود والنصارى؟ إلي فأنا حجة الله ووليه، ألم يعرفك أبو حمزة على باب مسجد جدي؟ وقد أجبتك عما في الجزء من المسائل بجميع ما تحتاج إليه منذ أمس فجئني به وبدرهم شطيطة الذي وزنه درهم ودانقان الذي في الكيس الذي فيه أربعمائة درهم للوازواري، والشقة التي في رزمة الأخوين البلخيين، قال فطار عقلي من مقاله، وأتيت بما أمرني، ووضعت ذلك قبله، فأخذ درهم شطيطة وإزارها ثم استقبلني، وقال: إن الله لا يستحيي من الحق يا أبا جعفر، أبلغ شطيطة سلامي وأعطها هذه الصرة، وكانت أربعين درهما.
ثم قال وأهديت لها شقة من أكفاني من قطن قريتنا صيدا، قرية فاطمة عليها السلام وغزل أختي حليمة ابنة أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام).
٢ – بحار الأنوار: ٤٨ / 73 ح 100.