الرئيسية / الاسلام والحياة / الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

41) الأمثال العربية – محمد رضا المظفة

وكما ينقل ابن أبي الحديد: أنّ الشعبي كان يحدّث الناس ويقول: كان في صدر عمر ضب (أي بغض وحقد) علا لابن أبي بكر، ولما أنكر عليه بعض من سمع هذا منه، قال له الشعبي: كيف تصنع بالفلتة التي وقى الله شرّها، أيقول عدوّ في عدوّه أكثر من ذلك؟ .
على كل كان الإمام عليّ صلوات الله عليه يعرّض بخلافة أبي بكر التي عُبّر عنها أنها فلتة قائلاً: لم تكن بيعتكم إياي فلتة، وليس أمري وأمركم واحداً .
* إنتقاده صلوات الله عليه لعمر: فمن انتقاداته صلوات الله عليه له ما ورد في الخطبة الشقشقية حيث قال صلوات الله عليه: فصيّرها في حوزة خشناء يغلظ كلامها ويخشن مسها، ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحّم، فمُني الناس لعمر الله بخبط وشماس وتلوّن واعتراض، فصبرت على طول المدّة وشدّة المحنة، حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم، فيا لله وللشورى، متى اعترض الريب فيّ مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر .
* إنتقاده صلوات الله عليه لعثمان: حيث كان صلوات الله عليه يعترض عليه في مواضع متعدّدة حتى أنّ عثمان قال له في إحدى المرات: إنك لكثير الخلاف علينا .
ووصفه في خطبة الشقشقية قائلاً: إلى أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع إلى أن انتكث فتله، وأجهز عليه عمله وكبت به بطنته .

الفصل السادس
الامثال في العصر الجاهلي

الامثال هي خلاصة تجارب الشعوب،فمن خلالها يمكن الترعف على ثقافة الشعوب،سواء من الناحية الاجتماعية او الادبية او الاخلاقية،فالامثال تعبر عن واقع تلك الشعوب،في عبارات موجزة وبليغة،ويمكن ان الامثال لأي أمة من الامم هي صوتها القوي وضميرها الحي وعقلها الواعي فجميع الشعوب صاغت الكثير من الامثال التي كات تمثل الوقع الذي يعيشه ذلك الشعب.إذن العقل البشري بما وهبه الله من قدرة على التفكير استطاع ان يصوغ تلك الامثال التي اصبحت فيما بعد موروث ثقافي ينقله كل جيل الى الجيل الذي يليه،والعقل العربي كغيره من العقول البشرية التي تأثرت بما يحيط بها من ثقافة وحضارة،سواء على المستوى المحلي او المستوى العالمي والعرب في العصر الجاهلي كانت لهم امثالهم،التي كانت تعكس عقلية الانسان العربي قبل الاسلام،وقبل الكلام عن الامثال العربية قبل الاسلام،لابد ان نتناول العقل بشيء من الشرح حيث انطلق منه هذه الامثال،فالقرآن واحاديث النبي صلى الله عليه واله اهتمت كثيرا بمسألة العقل.
العقل: مأخوذ من عقل يعقل عقلا ومعقولا وعقل فهو عاقل من عقلاء وعقال والجمع عقول.
يقال عقل الدواء بطنه: أي امسكه،أي امسكه بعد استطلاقه .
والعاقل الذي يحبس نفسه ويردها عن هواها،وقد أخذ من قولهم قد اعتقل لسانه اذا حبس ومنع عن الكلام.
العقل: العلم،او العلم بصفات الاشياء من حسنها وقبيحها وكمالها ونقصانها،أو العلم بخير الخيرين وشر الشرين أو مطلق الامور او القوة بما يكون التمييز بين القبيح والحسن والمعاني المجتمعة في الذهن يكون بمقدمات يستتب بها الاغراض ولامصالح ولهيئة محمودة للإنسان في حركاته وكلامه .
والعقل جوهر مضيء خلقه الله عزوجل في الدماغ وجعل نوره في القلب يدرك به المعلومات بالوسائط والمحسوسات بالمشاهدة.
ويقال للعقل بأنه تلك القوة المتجهزة لقبول العلم،ويقال للعلم الذي يستفيده الانسان بتلك القوة عقل .
والجدير بالذكر ان القران الكريم لم يذكر العقل بشكل مجرد وانما جاء في القران مرادفات للعقل خاصة الفعل المضارع المسند الى واو الجماعة.
وجاء في تفسير المنار في قوله تعالى (والدار الآخرة خير للذين يتقون افلا تعقلون) أي والدار الآخرة وما أعده الله فيها للذين يتقون الرذائل والمعاصي خير من الحطام الفاني من عرض الدنيا بالرشوة والسحت وغير ذلك أفلا تعقلون ذلك،وهو ظاهر جلي لا يخفى على عقل لم يطمسه الطمع الباطل في الحطام العاجل فترجحون الخير على الشر والنعيم الدائم على المتاع الحقير الزائل .
ولا شك ان رسول الله صلى الله عليه واله تحدث عن العقل في مناسبات كثيرة ومنها ما ورد عنه صلى لله عليه واله عندما ذكروا له ان رجلا يعمل كذا وكذا من امور الخير والعبادة فسأل صلى الله عليه وآله كيف عقله فقالوا يارسول الله نحن نذكر عبادته وانت تسأل عن عقله؟ فقال صلى الله عليه وآله(ان الاحمق يصيب بحمقه اعظم من فجور الفاجر، و انما يرتفع العباد غدا فى الدرجات ، و ينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم) .
كما تناول أهل البيت عليهم السلام أهمية العقل كما روي عن الامام الكاظم عليه السلام في وصيته لهشام،حيث قال:
يا هشام! لكل شيء دليل،ودليل العقل التفكر، ودليل التفكر الصمت، ولكل شيء مطية، ومطية العقل التواضع، وكفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه (يا هشام! لو كان في يدك جوزة وقال الناس في يدك لؤلؤة ما كان ينفعك وأنت تعلم أنها جوزة، ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس: إنها جوزة ما ضرك وأنت تعلم أنها لؤلؤة). يا هشام! ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة (لله)، وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا، وأعقلهم أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة. (يا هشام! ما من عبد إلا وملك آخذ بناصيته، فلا يتواضع إلا رفعه الله ولا يتعاظم إلا وضعه الله) يا هشام! إن لله على الناس حجتين، حجة ظاهرة، وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، وأما الباطنة فالعقول. يا هشام! إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره، ولا يغلب الحرام صبره .
فالعقل الذي من الله تعالى به على الانسان قادر على صياغة الامثال،وهي على عدة انواع:
1- الامثال الناجمة عن حادث :
وهي تلك الامثال التي تقال بعد انتهاء حادث ما كقولهم: وافق شنّ طبقة.وتعود قصته الى رجل اسمه شنّ ووجد ضالته إسمها طبقة فتزوجها.
2 – الامثال الناجمة عن تشبيه :
وهي التي تستقي مادتها من اتخاذ شخص ما او شيء ما او حدث معين مثالا يحتذى به كقولهم(اجود من حاتم) .
ويمكن لنا أن نستعرض مجموعة من الامثال العربية في العصر الجاهلي،فنستفيد منها الدروس والحكم،لأن الحكمة ضالة المؤمن أو أخذ الحكمة ولو من افواه المجانين،فليس المهم ان نعرف سبب قول هذا المثل او ذاك بل لابد من اخذ العبرة التي يمكم ان تنفعنا في واقع الحال.فالعاقل يمكن ان يستعمل الامثال،لتدعيم موقفه في كثير من قضايا الحياة،والمعروف ان العاقل لا ينطق الا عن حكم مفيدة.هذا من جهة ومن جهة اخرى فإن ارسال المثل ليس أمرا ميسرا في كل لحظة،فهو نتاج تراكمات قد تجد فسحة لها في لحظة ما فتنفجر كالينبوع الدافق الذي لا يكون وليد هنيهات او سويعات،وهذا الاختزان بمثابة التنقيح غير المرئي يمارسه اللاوعي على المثل فيعوضه ذلك التشذيب الذي كان يلجأ اليه الكاتب بشكل مقصود وواع إبان انتشار النثر الفني بشكل واسع في العصر الاموي وما بعده،ثم ان العرب لم تكن تكترث للنثر العادي لانه حديثهم اليومي،وكان الشعر نجم القطب عندهم به يهتدي الملاّحون جميعا،فلابد لأي نثر ان يكون مميزا بشيء ما لكي يشق طريقه الى النور،وهنا نلاحظ شكلين من التمايز في الامثال:إما أن المثل يتسم ببلاغة واضحة،وفي هذا الحال نعتبره من جوامع الكلم،واما ان يسير بين الناس بدافع من مضمونه .
ولقد تميزت قريشا عن غيرها من العرب في الفصاحة فكانت أجود العرب إنتقاء للألفاظ وافصحهم لغة،وأن اللغة الفصحى هي عينها لغة قريش وهي التي نزل بها القران الكريم.
يقول الفارابي:ان قريش أجود العرب إنتقاء للأفصح من الالفاظ واسهلها على اللسان عند النطق واحسنها مسموعا وابينها إبانة عما في النفس .
ويقول ابن فارس(أجمع علماؤنا … ان قريشاَ افصح العرب ألسنة وصفاهم لغة،وذلك ان الله عزوجل أختارهم من جميع العرب واصطفاهم واختار منهم نبي الرحمة محمداَ صلى لله عليه وآله…وكانت قريش مع فصاحتها وحسن لغتها ورقّة السنتها،اذا اتتهم الوفود من العرب تخيروا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم وأصفى كلامهم فإجتمع ما تخيروا من تلك اللغات الى نحائزهم وسلائقهم التي طبعوا عليها فصاروا بذلك أفصح العرب) .
ويقول ابن خلدون: كانت لغة قريش افصح اللغات العربية وأصرحها لبعدها عن بلاد العجم من جميع جهاتهم .

 

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...