تصوم جوارحه أيضا.
وطلب التوفيق من الله والتوسل بالأئمة الطاهرين (ع) وحضرة الزهراء (ع)، إعانة الصائمين على أداء الصوم الأخلاقي إضافة إلى الصوم الشرعي.
في شهر رمضان المبارك إذا تلاعب أحد بنظره ولم يحفظ عينه وسمعه ولسانه وكذلك باقي أعضائه، فقد يكون أنجز صومه الشرعي، ولكنه لا يوفق لبلوغ درجة التقوى ولا الدعاء المستجاب ولا تكامل السلوك.
3 – الصوم العرفاني:
القسم الثالث من الصوم والذي يعتبر شاقا هو صوم العارفين، فبالإضافة إلى صوم البطن والجوارح والأعضاء فكذلك يجب أن يصوم القلب. ولكن مم يصوم القلب؟
أن يصوم من خواطر السوء ومن الصفات الرذيلة.
يعني على الرغم من وجود الرذيلة في القلب لكنه يحول دون تأججها، فلا يتأجج الحسد ولا يتأجج البخل ولا يتأجج سوء الظن ولا يتأجج التكبر.
يعني أن القلب يصوم عن الالتفات لغير الله، فالعارف عندما يصوم لا يوجد في قلبه غير الله.
إن هذا النوع من الصوم ليس لنا، ولكن الذي يوفق في صومه الشرعي وصومه الأخلاقي يستطيع الوصول إلى هذا المقام آخر شهر رمضان المبارك.
إذا أصر الإنسان – وخاصة الشباب – أن يصل إلى مقام خلوص القلب وصفائه وأن لا يتحكم بقلبه غير الله، فإنه يستطيع ذلك.
الصوم في شهر رمضان وجب لهذه الغاية، وجب لكي يتقدم الإنسان خطوة خطوة، في اليوم الأول والثاني والعاشر والخامس عشر وليالي القدر وبعد ليالي القدر، فإذا دقق النظر يرى أنه إضافة إلى أن إرادة البطن والجوارح قد أصبحت بيده، فقد تلاشت خواطر السوء أيضا.
وكذلك فإن الرذائل رغم عدم اقتلاعها من جذورها لكنها أصبحت تحت سيطرته.
الأصنام تحطمت الواحد تلو الآخر، فتملك الله قلبه، وأنار الله قلبه، وبلغ مرتبة صفاء القلب.
فكان آخر شهر رمضان كما وصف القرآن الكريم:
(لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) (7).
يجب على الصائم في شهر رمضان أن يخطو نحو الأمام مستفيدا من نور الولاية ومستفيدا من نور الصوم، لكي تصوم بطنه وجوارحه عسى أن يأخذ الله بيده فيصل آخر شهر رمضان
(٣)
محل الرقي وموضع الكمال وهذا ممكن، وكثير هم الذين استطاعوا أن يطووا الخمسين عاما بساعة واحدة، بل بلحظة واحدة.
الفضائل والرذائل الأخلاقية قررت في هذا العام أن أتطرق إلى الفضائل والرذائل الأخلاقية على أن أبين في يوم إحدى الفضائل الأخلاقية مصحوبة بكيفية اكتسابها وتجذيرها في القلب.
واستعرض في اليوم الآخر إحدى الرذائل الأخلاقية مصحوبة بأسلوب معالجتها مع ذكر الروايات المتعلقة بذلك.
وأبدأ هذا اليوم بعون الله ولطف بقية الله بذكر الفضيلة الأولى:
التفكر والتأمل في الآيات الإلهية إن من أولى الفضائل هي التفكر والتأمل في آيات الله، ومقدار ما فيها من الثواب كما جاء في بعض الروايات:
(تفكر ساعة خير من عبادة سنة) (8).
يعني أن الإنسان يستغرق في التفكير لحظة متسائلا من أين جاء؟ ولماذا جاء؟
وإلى أين يذهب؟ ملتفتا إلى أنه في محضر الله ومحضر النبي والأئمة الطاهرين (ع) ومحضر صاحب الزمان (ع) وأخيرا فإن الاستغراق في التفكير مع النفس ولو ساعة واحدة حول الدنيا والآخرة والتفكير في أمر النفس وحال الإنسان يعادل ثواب عبادة سنة كاملة.
يعني ثواب قيام شخص في المسجد ليله ونهاره وصيامه سنة بتمامها يعادل تفكر ساعة في شهر رمضان المبارك أو غير شهر رمضان.
قال أستاذنا الكبير حضرة الإمام الخميني – رضوان الله تعالى عليه – في كتابه الأربعين:
(تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة، من عبادة سبعين سنة) ومن المعلوم أن ذكر السنة والستين سنة وغيرها من باب المثال وذلك يعني مقدار الثواب المقابل لساعة التفكر لا يعلمه أحد غير الله.
مضافا إلى أن السعادة مرهونة بالتفكر والالتفات، فإذا كان بوسع هذا الإنسان إن يستغل الفضاء فإن القرآن أشار على إمكان استثمار جميع السماوات وإنما يكون ذلك بالفكر والالتفات.
(ألم تروا ان الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض) (9).
يعني أيها الإنسان ليس بوسعك فقط استغلال السماوات، بل تستطيع استغلال جميع العالم الموجود.
وفي
(٤)