الرئيسية / مقالات / لأكون مع الصادقين – د. محمد التيجاني

لأكون مع الصادقين – د. محمد التيجاني

الدكتور محمد التيجاني السماوي بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين التوبة ” 119 ” لأكون مع الصادق

بسم الله الرحمن الرحيم * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) * (التوبة: 119)

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، المتفضل علينا بالهداية والعناية والتمكين، والمنعم على عبادة بكل خير وسعادة ليكونوا صالحين، من توكل عليه كفاه وحفظه من كيد الشياطين، ومن تنكب عن صراطه فهو من المخذولين.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، ناصر المستضعفين والمظلومين، وحبيب المساكين الذين آمنوا بالله رغبة فيما أعده سبحانه لعباده الصادقين..
وعلى آله الطيبين الطاهرين، الذين أعلا الله مقامهم على سائر المخلوقين، ليكونوا قدوة العافين، ومنار الهدى وسفينة النجاة التي من تخلف عنها كان من الهالكين..
.. ثم الرضا والرضوان على أصحابه الميامين الذين بايعوه وناصروه ولم يكونوا من الناكثين، وثبتوا بعده على العهد وما بدلوا وما انقلبوا وكانوا من الشاكرين.. وعلى من تبعهم بإحسان وسار على هديهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين.
(٥)

رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقه قولي.
رب وافتح بصيرة كل من يقرأ كتابي على الحقيقة التي تهدي بها عبادك المخلصين.
أما بعد، فقد لقي كتابي ” ثم اهتديت ” قبولا حسنا لدى القراء الأعزاء الذين أبدوا بعض الملاحظات الهامة حول موضوعات متفرقة في الكتاب المذكور وطلبوا المزيد من التوضيح في المسائل التي اختلف في فهمها كثير من المسلمين سنة وشيعة، ومن أجل رفع اللبس والغموض عن ذلك لمن أراد التحقيق والوقوف على جلية الأمر فقد ألفت هذا الكتاب بنفس الأسلوب الذي اتبعته هناك، ليسهل على الباحث المنصف الوصول إلى الحقيقة من أقرب سلبها، كما وصلت إليها من خلال البحث والمقارنة، وقد أسميته – على بركة الله – ” مع الصادقين ” اقتباسا من قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) *.
ومن من المسلمين يرفض أو يزهد في أن يكون مع أولئك الصادقين؟!
هذا ما اقتنعت به شخصيا، وما أحاول توضيحه لغيري ما استطعت إلى ذلك سبيلا، دون فرض لرأيي بل ومع احترامي لرأي غيري، فالله وحده الهادي وهو الذي يتولى الصالحين..
وقد اعترض البعض على عنوان الكتاب السابق ” ثم اهتديت ” لانطوائه على غموض قد يبعث على التأمل والتساؤل حول ما إذا كان الآخرون على ضلالة، وما مدلول تلك الضلالة إن قصد هذا المعنى؟ وعلى هذا الاعتراض أجيب موضحا:
أولا: جاء في القرآن الكريم لفظ الضلالة بمعنى النسيان، قال تعالى:
* (قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى) * (1). وقال عز وجل:
* (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) * (2). كما ورد القرآن الكريم

(١) طه ٥٢.
(٢) البقرة ٢٨٢.
(٦)

لفظ الضلالة تعبيرا عن حالة التحقيق والبحث والتفتيش، قال تعالى مخاطبا رسوله الكريم: * (ووجدك ضالا فهدى) * (1) أي وجدك تبحث عن الحقيقة فهداك إليها، المعروف من سيرته صلى الله عليه وآله وسلم أنه قبل نزول الوحي عليه كان يهجر قومه في مكة ليختلي في غار حراء الليالي العديدة باحثا عن الحقيقة.
ومن هذا المعني أيضا قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
” الحكمة ضالة المؤمن أين ما وجدها أخذها “.
فعنوان كتابي الأول يتضمن هذا المعنى..
ثانيا: وعلى فرض أن العنوان يتضمن معنى الضلالة التي تقابل الهداية فيما نقصده على المستوى الفكري من إصابة المنهج الإسلامي الصحيح الذي يضعنا على الصراط المستقيم، كما عقب بعض القراء بذلك، فليكن كذلك، وهو الواقع الذي يتهيب مواجهته البعض بروح رياضية بناءة، ونفس موضوعي خلاق.. ينسجم في الفهم مع قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:
” تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا “.
فالحديث واضح وصريح في الإشارة إلى ضلال من لم يتمسك بهما معا (الكتاب والعترة).
وعلى كل حال فأنا مقتنع بأنني اهتديت بفضل الله سبحانه وتعالى إلى التمسك بكتاب الله وعترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فالحمد الله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسل ربنا بالحق.
فكتابي الأول والثاني يحملان عناوين من القرآن الكريم وهو أصدق الكلام وأحسنه، وكل ما جمعته في الكتابين – إن الحق لم يكن الحق فهو أقرب ما يكون إليه –

(١) الضحى ٧.
(٧)

شاهد أيضاً

قضاء حقوق المؤمنين

فما جاء من الاخبار في الحث على القيام بحقوق المؤمنين لبعضهم بعضا: 1 – قول ...