بسم الله الرحمن الرحيم دعاء..
إلى الحبيب المصطفى وآله الكرام أتم صلاة وأطيب سلام..
وإلى أمي، وأبي ” رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ” وإلى من علمني بالحق حرفا رب آته أحسن الجزاء ضعفا..
وإلى كل أخ جمعته معي ذكريات خاطبتها في هذا الكتاب..
” رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين “.
لماذا هذا الكتاب ليس هو كتابا مذهبيا يراد منه تعميق الخلاف بين المسلمين. فما أحوجنا اليوم إلى كلمة تلم شملنا، وتؤلف بين قلوبنا، وما أحرانا باجتياز الحواجز التي ركزت بيننا.
ثم ما أشوقنا إلى لغة الحوار السليم التي تعيننا على ذلك، إذن لبلغنا المنى ولاستوت مراكبنا، واجتمعت كلمتنا على ما تركه لنا نبينا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فلا نضل بعده، ولا نفترق، أو نسلك سبلا شتى..
وإذا كانت هناك أسباب ودواع لما حصل بيننا من خلاف، فما أجمل أن نقف عليها بكل حياد، وتعقل مدركين أن المهم في الأمر هو ظهور النهج الإسلامي الأصيل الحنيف، وليس غلبة هذا الاتجاه، أو ذاك.. وأن اتفاقنا على الحق الصريح هو الذي سيضمن اجتماعنا.
وأما تعصب كل منا إلى فرقته – ليس إلا لأنه ورثها عن آبائه. ونشأ عليها، وتشربت بها عروقه – فلا يزيدنا إلا تباعدا عن بعضنا، وابتعادا عن المحجة البيضاء. والشريعة المحمدية السمحاء.
وهذا الكتاب هو تجربة شخصية على هذا الطريق.
تجربة فيها كل ما في التجارب الكبيرة من مشاكل وصعوبات، وفيها ما في أخواتها عندما تكلل بالنجاح.
وقد لا تكون التجارب في ميدان العقيدة عزيزة، فربما خاضها الكثيرون من أبناء كل
ثم ما أشوقنا إلى لغة الحوار السليم التي تعيننا على ذلك، إذن لبلغنا المنى ولاستوت مراكبنا، واجتمعت كلمتنا على ما تركه لنا نبينا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فلا نضل بعده، ولا نفترق، أو نسلك سبلا شتى..
وإذا كانت هناك أسباب ودواع لما حصل بيننا من خلاف، فما أجمل أن نقف عليها بكل حياد، وتعقل مدركين أن المهم في الأمر هو ظهور النهج الإسلامي الأصيل الحنيف، وليس غلبة هذا الاتجاه، أو ذاك.. وأن اتفاقنا على الحق الصريح هو الذي سيضمن اجتماعنا.
وأما تعصب كل منا إلى فرقته – ليس إلا لأنه ورثها عن آبائه. ونشأ عليها، وتشربت بها عروقه – فلا يزيدنا إلا تباعدا عن بعضنا، وابتعادا عن المحجة البيضاء. والشريعة المحمدية السمحاء.
وهذا الكتاب هو تجربة شخصية على هذا الطريق.
تجربة فيها كل ما في التجارب الكبيرة من مشاكل وصعوبات، وفيها ما في أخواتها عندما تكلل بالنجاح.
وقد لا تكون التجارب في ميدان العقيدة عزيزة، فربما خاضها الكثيرون من أبناء كل
(١١)
جيل، ولكن انتصار اليقين والحق المجرد على العاطفة هو العزيز في تلك التجارب.
ولست من الذين يرون أن هزيمة اليقين أمام العاطفة هو من أثر العصبية وحدها، فربما يكون ذلك ولكن ربما تكون هذه العاطفة وفاء للذكريات الجميلة التي لا يشك صاحبها في صفائها، وربما يجتمع الأمران معا.
والوفاء لذاته ممدوح، بعكس العصبية..
فكثيرا ما يقف المرء على حقيقة كان يعتقد بخلافها، ولكن لعقيدته هذه في قلبه قدسية أحيانا، فينبعث عن هذه القدسية سؤال يقول: أحقا أن هذا المفهوم الذي عشت أقدسه لا أصل له، وأن الصواب في المفهوم الآخر الذي يأباه قلبي وتنفر منه نفسي؟!
هذه هي العصبية، وكم صدت فحولا عن مواصلة الطريق نحو الحقيقة الثابتة..
إن العصبية تمنح كثيرا من المفاهيم هالة قدسية، لكنها سراب لا حقيقة لها.. وأصعب شئ على من يقدس أمرا أن يقال له: إن الذي تقدسه سراب!!
وثمة نوع آخر من العاطفة يشد المرء إلى الوراء..
إنه الوفاء للذكريات.. فلم لا وقد أمضى أيام شبابه وهو في ذروة الحماس الديني، مع ثلة من إخوانه المؤمنين، تزدان مجالسهم بالذكر والبحث الصادق النقي الذي لا تشوبه شائبة من رياء أو مكابرة؟
إنه ليعشق تلك الذكريات عشقا لا تتخلله سهام الطعن، فإذا ما واجهته الحقيقة بغير ما كان يرى ثار شوقه إلى تلك الذكريات وتأجج عشقه لها، فينبعث من بين الشوق والعشق سؤال يمض الفؤاد: أحقا كانت مجالسنا تلك قد تخللها شئ من الأوهام؟!
إنه لا يريد أن يشك في ذلك الماضي الجميل!!
وهذا هو الوفاء للذكريات..
ولقد كنت للعصبية عدوا حيثما واجهتني، غلبتها أو غلبتني، أما الذكريات فقد آخيتها وأحسنت صحبتها حتى النهاية، وقد جعلتها في فقرات من هذا الكتاب بمثابة صديق لي أحاوره فيستجيب لي ولو همسا.
وقد أعانني على ذلك كونها ذكريات واضحة لم تختلط في ذهني.. وكونها زاخرة
ولست من الذين يرون أن هزيمة اليقين أمام العاطفة هو من أثر العصبية وحدها، فربما يكون ذلك ولكن ربما تكون هذه العاطفة وفاء للذكريات الجميلة التي لا يشك صاحبها في صفائها، وربما يجتمع الأمران معا.
والوفاء لذاته ممدوح، بعكس العصبية..
فكثيرا ما يقف المرء على حقيقة كان يعتقد بخلافها، ولكن لعقيدته هذه في قلبه قدسية أحيانا، فينبعث عن هذه القدسية سؤال يقول: أحقا أن هذا المفهوم الذي عشت أقدسه لا أصل له، وأن الصواب في المفهوم الآخر الذي يأباه قلبي وتنفر منه نفسي؟!
هذه هي العصبية، وكم صدت فحولا عن مواصلة الطريق نحو الحقيقة الثابتة..
إن العصبية تمنح كثيرا من المفاهيم هالة قدسية، لكنها سراب لا حقيقة لها.. وأصعب شئ على من يقدس أمرا أن يقال له: إن الذي تقدسه سراب!!
وثمة نوع آخر من العاطفة يشد المرء إلى الوراء..
إنه الوفاء للذكريات.. فلم لا وقد أمضى أيام شبابه وهو في ذروة الحماس الديني، مع ثلة من إخوانه المؤمنين، تزدان مجالسهم بالذكر والبحث الصادق النقي الذي لا تشوبه شائبة من رياء أو مكابرة؟
إنه ليعشق تلك الذكريات عشقا لا تتخلله سهام الطعن، فإذا ما واجهته الحقيقة بغير ما كان يرى ثار شوقه إلى تلك الذكريات وتأجج عشقه لها، فينبعث من بين الشوق والعشق سؤال يمض الفؤاد: أحقا كانت مجالسنا تلك قد تخللها شئ من الأوهام؟!
إنه لا يريد أن يشك في ذلك الماضي الجميل!!
وهذا هو الوفاء للذكريات..
ولقد كنت للعصبية عدوا حيثما واجهتني، غلبتها أو غلبتني، أما الذكريات فقد آخيتها وأحسنت صحبتها حتى النهاية، وقد جعلتها في فقرات من هذا الكتاب بمثابة صديق لي أحاوره فيستجيب لي ولو همسا.
وقد أعانني على ذلك كونها ذكريات واضحة لم تختلط في ذهني.. وكونها زاخرة
(١٢)
بعلامات استفهام كانت تثيرها العقول في ساعات انطلاقاتها، فتخترق بحريتها أسوار القداسة، ثم تترك السؤال حائرا، وقلما وجدت له جوابا مقنعا وشافيا..
ورأيت أثناء رحلتي أن الوفاء للذكريات لا ينبغي أن يكون عاطفيا، فربما ينعكس أثره فلا يكون عندئذ وفاء.. وإنما المطلوب من الوفاء أن يكون وفاء علميا إن صح التعبير.
من هنا وجدت لزاما علي أن أسجل تجربتي بكل أمانة، لتكون بين الأيدي تجربة جاهزة تختزل الكثير من عناء هذا الطريق الطويل، وتقدم حلولا للكثير من تلك الأسئلة الحائرة..
فوضعت هذا الكتاب..
قد حاولت أن أحفظ فيه أشواط رحلتي مرتبة كما كانت في الواقع، بعيدا عن التكلف..
إثارات أولية، ثم عودة إلى نقاط البدء، فحوار بين حقيقة تهدي إليها الإثارة وموقف مسبق إزاء هذه الحقيقة.. وقد اتخذ هذا الحوار ثلاثة أشكال:
– حوار مع قطب من الأقطاب الذين تبنوا ذلك الموقف ودافعوا عنه، وقد قدمت لهذا دائما بذكر اسم الرجل وكتابه.
– حوار مع الذكريات، فإذا حاورتها سميتها (صديقي)، أو تكلمت بضمير الخطاب.
– حوار مع حدث ثابت من الأحداث، أو مفهوم من المفاهيم.
فتكشف عن كل ذلك أن ثم نسيجا غليظا نسجه التاريخ حول كثير من الحقائق، وهالة مصطنعة أضفاها على كثير من الرجال والمفاهيم، وليس لذلك أساس في الدين ولا واقع في التاريخ.
ووضعت ذلك في فصول اكتفيت فيها بالقليل من شواهد التاريخ، وأغضيت عن كثير منها خشية الإطالة مرة، ولكراهة الغوص في أغوار بعض الأحداث المؤلمة أكثر من القدر الكافي مرة أخرى.
وقد قدمت له بمقدمتين:
الأولى: حول طبيعة الانتماء المذهبي، وأثره في قضية الوحدة بين المسلمين.
ورأيت أثناء رحلتي أن الوفاء للذكريات لا ينبغي أن يكون عاطفيا، فربما ينعكس أثره فلا يكون عندئذ وفاء.. وإنما المطلوب من الوفاء أن يكون وفاء علميا إن صح التعبير.
من هنا وجدت لزاما علي أن أسجل تجربتي بكل أمانة، لتكون بين الأيدي تجربة جاهزة تختزل الكثير من عناء هذا الطريق الطويل، وتقدم حلولا للكثير من تلك الأسئلة الحائرة..
فوضعت هذا الكتاب..
قد حاولت أن أحفظ فيه أشواط رحلتي مرتبة كما كانت في الواقع، بعيدا عن التكلف..
إثارات أولية، ثم عودة إلى نقاط البدء، فحوار بين حقيقة تهدي إليها الإثارة وموقف مسبق إزاء هذه الحقيقة.. وقد اتخذ هذا الحوار ثلاثة أشكال:
– حوار مع قطب من الأقطاب الذين تبنوا ذلك الموقف ودافعوا عنه، وقد قدمت لهذا دائما بذكر اسم الرجل وكتابه.
– حوار مع الذكريات، فإذا حاورتها سميتها (صديقي)، أو تكلمت بضمير الخطاب.
– حوار مع حدث ثابت من الأحداث، أو مفهوم من المفاهيم.
فتكشف عن كل ذلك أن ثم نسيجا غليظا نسجه التاريخ حول كثير من الحقائق، وهالة مصطنعة أضفاها على كثير من الرجال والمفاهيم، وليس لذلك أساس في الدين ولا واقع في التاريخ.
ووضعت ذلك في فصول اكتفيت فيها بالقليل من شواهد التاريخ، وأغضيت عن كثير منها خشية الإطالة مرة، ولكراهة الغوص في أغوار بعض الأحداث المؤلمة أكثر من القدر الكافي مرة أخرى.
وقد قدمت له بمقدمتين:
الأولى: حول طبيعة الانتماء المذهبي، وأثره في قضية الوحدة بين المسلمين.
(١٣)